شريف محمد عثمان

عندما تشرق شمس الحادي عشر من أبريل، تشرق معها ذكرى لا تُنسى، ذكرى البشير وهو يسقط تحت وطأة إرادة شعب لا يُقهر، في هذا اليوم، نستحضر ليس فقط ذكرى سقوط الطاغية، بل نستحضر أيضاً العزيمة التي لا تلين والإصرار الذي لا ينضب في قلوب السودانيين/ات.

نعم، سقط البشير، لكن النضال لم ينتهِ. معركتنا مع نظام الإنقاذ معركة مستمرة، معركة تتجدد مع كل فجر، وتتوهج مع كل غروب، معركة الحق ضد الباطل، معركة النور ضد الظلام، معركة الحرية ضد الشمولية والاستبداد.

إننا وإذ نقف اليوم على أعتاب ذكرى تُجسد انتصارنا على الطغيان، فإننا نقف أيضاً لنعلن رفضنا للحرب، تلك الأداة الأخيرة التي يستخدمها بها تنظيم المؤتمر الوطني الإرهابي لتركيع إرادتنا وكسر عزيمتنا، لكننا نرفض الانحناء، ونرفض الانحياز إلى البنادق، نرفض أن نجعل من العنف مساراً لمستقبلنا.

إننا ننحاز لوطن جديد، وطن يحميه جيش واحد مهني وقومي، جيش لا يمتهن السياسة أو الاقتصاد، ولا يعمل إلا في الدفاع عن تراب الوطن وحماية مواطنيه، إننا ننحاز لوطن ديمقراطي، وطن تكون فيه المواطنة أساس الحقوق والواجبات، وطن لا تُسمع فيه طلقات الرصاص، بل تُسمع فيه أصوات أدوات البناء والتنمية، وبذلك فإننا نرفض الحروب والنزاعات، ونسعى لبناء وطن يحصل فيه الجميع على حقوقهم في السلطة والثروة، وطن يُعلي شأن الإنسان ويحترم كرامته. وطن يُعطي الأمل للأجيال القادمة، وطن يُبنى على أسس العدل والمساواة والسلام.

ورغم الاحزانِ والوجع، نقف اليومَ على أرض صلبة، أرض سقيت بدماء الشهداء والشهيدات وروتها دموع وآهات المعذبين والمعذبات، نقف كمنتصرين حزانى، لكننا نقف أيضاً متحدين/ات، متسلحين/ات بإرث ثورة ديسمبر، متمسكين بشعاراتها التي لا تزال تتردد في الأزقة والشوارع: “حرية، سلام، وعدالة”.

إن زوال البشير لم يكن نهاية المطاف، بل كان البداية فقط. بداية عهد جديد، عهد نكتب فيه تاريخنا بأيدينا، عهد نبني فيه وطناً يسع الجميع، وطناً يحتضن تنوعنا ويحترم كرامتنا، وصحيح أن أدوات النظام البائد لا تزال تحوم حولنا، وأنها تقاتلنا لتعيدنا إلى عهد الظلم والقهر. لكننا نعاهد أنفسنا أن نواصل النضال، أن نفكك خلايا الفساد والاستبداد، أن نقف كجدار صلب في وجه كل من يحاول أن يغير طريق ثورتنا نحو المستقبل.

في ذكرى سقوط الطاغية، نرفع أصواتنا عالياً، نعلنها مدوية في وجه العالم: إن السودان لن يعود إلى الوراء، إن السودان يمضي قدماً نحو الحرية والكرامة والعدالة، رغم أنف اعداءه المُسلحين بالموت، إلا ان الثورة رسالة حياة وبها نخاطب المستقبل بروح عظيمة، بروح شعب لا يُقهر، بروح ثورة لن تُهزم.

هذا هو الطريق الذي اخترناه، وهذا هو الوعد الذي نقدمه لأجيالنا القادمة. في ذكرى سقوط الطاغية، نقف صامدين/ات، نقف متحدين/ات، متطلعين/ات إلى مستقبل يسوده العدل والمساواة والسلام، ولنتذكر أن معركتنا ليست معركة حول السلطة، بل هي معركة مبادئ وقيم، قيم المستقبل التي نحملها ضد قيم الماضي التي يحملونها، ولذلك فإننا لن نتراجع، لن نستسلم، ولن نقبل بأقل من وطن يليق بتضحياتنا وأحلامنا. وطن يكون فيه السودانيون أحراراً، متساوين/ات، وفي أمان.

عاش شعبنا حراً آمناً منتصراً

الوسومشريف محمد عثمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: شريف محمد عثمان

إقرأ أيضاً:

اليمن في قلب معركة التحرر: قرار الرد العسكري في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني

يمانيون../
في ظل تصاعد العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، وما يحظى به من دعم أمريكي شامل، دخل اليمن مرحلة جديدة من الفعل المقاوم، مُعلناً موقفاً لا لبس فيه: الدعم العسكري المفتوح للمقاومة الفلسطينية. لم يكن هذا الإعلان وليد لحظة عابرة أو موقفًا انفعاليًا، بل تتويجًا لمسار استراتيجي طويل الأمد، عبّر عنه قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، وأعاده الرئيس مهدي المشاط بوضوح في خطاباته الأخيرة، لتؤكد صنعاء بذلك أنها لم تعد فقط جزءاً من محور المقاومة، بل أحد أعمدته الفاعلة.

رسائل واضحة من القيادة اليمنية
في كلمته التي ألقاها خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الدفاع الوطني، رسم الرئيس مهدي المشاط ملامح الموقف اليمني بعبارات صريحة، معلنًا أن الدعم لغزة ليس خيارًا سياسيًا ظرفيًا، بل التزامًا دينيًا وأخلاقيًا لا تراجع عنه. توجيهه رسالة مباشرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقوله: “فترتك الرئاسية ليست كافية لتحقيق طموحاتك”، لم يكن مجرد تحدٍ شخصي، بل إعلان نوايا لمرحلة مواجهة ممتدة، خصوصًا مع تأكيده أن القدرات العسكرية اليمنية “لم تتضرر بنسبة 1%” رغم الغارات الأمريكية.

الخيار الجهادي لا مساومة عليه
خطابات السيد عبد الملك الحوثي أتت مكملة لهذا الموقف، مؤسِسة لمنظور استراتيجي جديد يرى في المقاومة السبيل الأوحد لردع العدو الصهيوني. موقفه من العدوان على غزة تجاوز الإدانة اللفظية، ليرتقي إلى قرار عسكري واضح برفع وتيرة الاستهدافات المباشرة لمصالح الصهاينة وحلفائهم، وفرض معادلة “التصعيد بالتصعيد”، ما أكسب المشهد الإقليمي بعدًا غير مسبوق من حيث الانخراط اليمني الميداني.

تحول ميداني: اليمن جبهة فعل لا تضامن فقط
منذ أكتوبر 2023، بدأت القوات المسلحة اليمنية سلسلة من الضربات التي شملت استهداف بوارج أمريكية وسفنًا مرتبطة بالعدو الصهيوني في البحر الأحمر والمحيط الهندي، في خطوة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الصراع العربي-الصهيوني منذ عقود. لم تكن تلك الضربات مجرد رسائل رمزية، بل تحركات عسكرية دقيقة استهدفت شل حركة التجارة الصهيونية وإرباك حضور أمريكا البحري في المنطقة.

العدوان الأمريكي على اليمن: ثمن الموقف المقاوم
جاء الرد الأمريكي على هذا الموقف عبر عدوان صريح استهدف البنية التحتية والموانئ اليمنية، وخاصة ميناء رأس عيسى. ورغم سقوط العشرات من الشهداء والجرحى، إلا أن القيادة اليمنية شددت أن هذا العدوان لن يثنيها، بل سيزيد من تصميمها على مواصلة معركتها التحررية، مؤكدة أن “الدم اليمني المراق على طريق غزة لن يضيع سدى”.

المشهد العربي بين الخذلان والمساومة
السيد الحوثي، في نقده للمواقف العربية، وصف التطبيع مع العدو الصهيوني بالخيانة العظمى، مشيرًا إلى أن بعض الأنظمة تخشى غضب واشنطن أكثر من غضب الله، فيما دعا الشعوب العربية إلى تجاوز أنظمتها، والانخراط في الدعم الشعبي والجهادي للمقاومة، مشددًا أن غزة لا تدافع عن نفسها فقط، بل تدافع عن شرف الأمة.

ختامًا: اليمن جزء من معادلة الردع الجديدة
أثبتت صنعاء أنها لم تعد ساحة محاصرة، بل مركز قرار ومبادرة. فاليمن اليوم يقف بندية مع طهران وبيروت وغزة وبغداد، ضمن مشهد إقليمي يتشكل على وقع صواريخ المقاومة. إنها لحظة كسر التوازن التاريخي الذي ظلّ يميل لصالح العدو الصهيوني لعقود. وموقف اليمن، من قلب المعركة، يقول للعالم: فلسطين ليست وحدها… ومن صنعاء تُرسم خطوط النار وموازين الصراع.

الأخبار اللبنانية

مقالات مشابهة

  • ???? الحقيقة التي يعلمها هذا التائه أن معركة الكيزان ليست مع أشباه الرجال !!
  • أحد أبطال حرب أكتوبر يكشف تفاصيل معركة «تبة الشجرة»
  • أحد أبطال حرب أكتوبر يكشف عن تفاصيل معركة تبة الشجرة
  • 25 أبريل عيد تحرير سيناء.. «من حرب أكتوبر إلى عودة طابا».. أبرز المحطات في معركة استرجاع أرض الفيروز.. هذه أبرز المشروعات التنموية خلال السنوات الأخيرة
  • “أسوشيتد برس”: البحرية الأميركية تواجه أعنف معركة منذ الحرب العالمية الثانية
  • الانتخابات البلدية في موعدها.. ماذا عن معركة بيروت؟!
  • المستقبل يخوض معركة 80 مختاراً في بيروت
  • اليمن في قلب معركة التحرر: قرار الرد العسكري في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • بعد لقاء الاعيسر.. كباشي يؤمن على دور الإعلام في معركة الكرامة
  • رمضان صبحي بين الملاعب والمحاكم.. معركة الطعن تشتعل من جديد