الثورة نت:
2025-05-03@04:42:17 GMT

خاطرة بين يدي العيد

تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT

 

 

احتفل المسلمون بعيد الفطر المبارك في عموم الديار الإسلامية، والثابت أنه في كل الديانات السماوية أو الوضعية هناك أيام فاصلة في حياة الأمم تكون لهم عيدا أو مناسبة فرائحية، وهي في حقيقتها حالة من حالات الانتقال والتبدل، فالثبات طوال عام من الزمان يبعث على الرتابة والملل، والرتابة والملل بدورهما يكونان سببا في الفساد في الأرض، ومثل ذلك تحدث عنه القرآن في جل آياته، بيد أن المشكلة تكمن في سوء الفهم والتأويل وربما في خطأ القراءة للسياقات العامة، فالعقلية التي تتقبل الكليات المنطقية دون تجزئتها، أو تحليل عناصرها لا يمكنها أن تدرك حكمة الله، ولا مقاصد الإسلام والنص المقدس، فالذين يتعاطون مع الدين الإسلامي وفق فهم الفقهاء الذين فهموه وفق سياقات ومعطيات زمنهم الذي كانوا فيه لا يمكن لهم أن يحدثوا متغيرا حضاريا في حياة المسلمين، ولا يمكن لهم أن يسهموا حتى بقطرة في نهر الحضارة المتدفق، فالإسلام ليس قالبا جاهزا ولكنه روح ديناميكية، ورؤية، وتصور، ومفهوم متحرك قادر على التفاعل مع الحضارات والثقافات، وقادر على الابتكار والإبداع، ومقاصده واضحة وجلية لا يمكنها أن تتصادم مع الحياة والعمران والنمو والتقدم والازدهار.


ولذلك فالأمة الإسلامية ليست بحاجة إلى اعتصامات وثورات اجتماعية، بقدر حاجتها الأشد إلى ثورة ثقافية، تعيد الفكرة الإنسانية الشاردة إلى نسقها الطبيعي في المنظومة الفكرية والأخلاقية والروحية الإسلامية، وتعيد الإسلام المغترب عن زمنه الحضاري والإنساني إلى مكان الصدارة، كما يريد الله لا كما يريد أولئك المتشدقون والمتفيقهون بالدين وبالإسلام، والمزايدون به سياسيا واجتماعيا.
ليكن العيد كمحطة دينية، وحالة انتقالية نقف فيه أمام واقعنا للمراجعة وتقييم الذات العربية، والذات المسلمة في عمومها، وليكن هو محطة الانتقال إلى زمن جديد لا يغترب عن واقعه، ولا عن نسقه الحضاري، وليكن فرصة لإعادة الاعتبار للعقل العربي الذي تم محاربته وتكفيره ووضعنا أمامه العراقيل والعقبات حتى لا يتمكن من القيام بدوره في التنوير المعرفي والانتقال الحضاري.
فاليوم – كما هو في الأمس – تتكالب الأمم على العرب وعلى المسلمين كما يتكالب الأكلة على قصعتهم، تضيع الأرض، وتضيع المقدسات ، وتنتهك الحرمات، والكثير من العرب ومن المسلمين في شغل العداوات والشحناء فكهون، ينسجون خيوط العداوات والبغضاء لبعضهم بعضا، وعدوهم ينسل من بين أناملهم فيعيث فسادا في أرضهم وفي مقدساتهم، وينال من شرفهم، هم على أرائك العداوات متكئون دون أن يحركوا ساكنا، أو نسمع لهم من صرخات الألم ركزا .
ما يتميز به اليوم عن الأمس هو التطبيع الذي بدأ الكثير من زعماء العرب والمسلمين ينساقون إليه طوعا أو كرها، بالأمس كان العدو واضحا ومحددا وسهام الجهاد تتجه إليه، وإن داهن من داهن من الفرق والطوائف، إلا أن المسلمين كانوا يرون العدو عدوا، والمحتل محتلا، والغازي غازيا، لكن في يومنا بدأوا بالهويات الثقافية، والحضارية، والتاريخية، والدينية، فاشتغلوا عليها حتى تاه القوم وفقدوا المعنى الديني والثقافي والحضاري والتاريخي، ثم مالوا إلى المفاهيم -وعن طريق أناس من بني جلدتنا يتكلمون بلغتنا ويؤمنون بديننا ظاهرا ويكتمون كفرهم باطنا – فجعلوها بددا وبدون محددات، وبدون ظلال، وأفرغوا كل مفهوم من محتواه حتى كاد القوم يرون في الصهيونية – وفي الغزاة، وفي المحتلين – بدائل محتملة للوطنيين وللأحرار والشرفاء الذين ما زالوا يحفظون البوصلة ويعرفون الاتجاهات في زحمة الضياع والتيه التاريخي الذي لازم العرب منذ سقوط بغداد الأول إلى سقوطها الحديث بيد الغزاة والمحتلين .
الموضوع الأخلاقي والقيمي جانب مهم وحيوي في المنظومة العقائدية الإسلامية واختلال نسقه من الظواهر المدمرة للمقاصد ولصورة الإسلام عند الآخر، ولذلك كم نتمنى أن يكون هذا العيد هو تلك اللحظة الفاصلة في حياة المسلمين والباحثة عن نسقها الحضاري والثقافي الجديد.
لا نتمنى أبدا أن تتكرر الصورة النمطية للحالات الانتقالية منذ عصر المتنبي الذي ترك للعيد سؤالا مفتوحا في كل الأزمنة ” بأي حال عدت يا عيد “، فنحن حتى اللحظة الزمنية الجديدة نجدد السؤال ونشعر بذات الصورة القديمة، ولكننا نتمنى أن نتغاير، ونتطور، ونكون نحن، ونخرج من حالة الاغتراب الحضاري..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

خطيب الحرم يوصي المسلمين بتقوى الله ومُراقبته والإيمان بلقائه

مكة المكرمة – واس

 ‏‎أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، في خطبته التي ألقاها اليوم، بالمسجد الحرام، المسلمين بتقوى الله ومُراقبته والإيمان بلقائه.

 وقال فضيلته: إن نزول البلايا وحُلول المصائِب في ساحةِ العبد، على تنوُّعها، وتعدُّد ضُرُوبها، وما تُعقِبُه من آثار، وما تُحدِثُه من آلامٍ، يتنغَّصُ بها العيشُ، ويتكدَّرُ صفوُ الحياة؛ حقيقةٌ لا يُمكِنُ تغييبُها، ولا مناصَ من الإقرار بها، لأنها سُنَّةٌ من سُنن الله في خلقه، لا يملِكُ أحدٌ لها تبديلًا ولا تحويلًا.

 وأوضح الدكتور أسامة خياط، أن مواقف الناس أمامَها، فأما أهل الجَزَع، ومن ضعُف إيمانُه واضطربَ يقينُه، فيحمِلُه كل أولئك على مُقابلة مُرِّ القضاء ومواجهة القدَر، بجزَعٍ وتبرُّمٍ وتسخُّطٍ، تعظُمُ به مُصيبتُه، ويشتدُّ عليه وقعُها، فيربُو ويتعاظَم، فينوءُ بثِقَلها، ويعجِزُ عن احتمالها، وقد يُسرِفُ على نفسه، فيأتي من الأقوال والأعمال ما يزدادُ به رصيدُه من الإثم عند ربِّه، ويُضاعِفُ نصيبَه من سخَطِه، دون أن يكون لهذه الأقوال والأعمال أدنى تأثيرٍ في تغيير المقدور، أو دفع المكروه.

 ‏‎وأبان فضيلته أن أولي الألباب، يقِفُون أمامَها موقفَ الصبر على البلاء، والرضا ودمع العين، لا يأتون من الأقوال والأعمال إلا ما يُرضِي الربَّ سبحانه، ويُعظِمُ الأجرَ، ويُسكِّنُ النفسَ، ويطمئنُّ به القلبُ، يدعوهم إلى ذلك، ويحُثُّهم عليه، ما يجِدونه في كتاب الله من ذكر الصبر وبيان حُلو ثِماره، وعظيمِ آثاره ، بإيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم: (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون) .

 وأكد فضيلته أن المرءُ بالصبر خيرَ عيشٍ في حياته، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “خير عيشٍ أدركناه في الصبر”.

 وأشار فضيلته إلى أن أمرُ المؤمن كلُّه خير له، لأنه دائرٌ بين مقامَي الصبر والشُّكر، حيث قال صلى الله عليه وسلم-: “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمرَه كلَّه له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابَته سرَّاء شكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَته ضرَّاءُ صبَرَ فكان خيرًا له”.

مقالات مشابهة

  • خطيب الحرم يوصي المسلمين بتقوى الله ومُراقبته والإيمان بلقائه
  • بنيكران يستغرب لذبح أخنوش 60 خروفا في "أكوراي" بينما الملك أعفى المغاربة من ذبح أضحية العيد
  • موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025.. «باقي كام يوم على العيد»
  • الوزير الشيباني: نُثمّن كذلك جهود وزارة الخارجية السورية وفريقها، والدعم الذي قدمه السفراء العرب وممثلو الاتحاد الأوروبي. نقدر أيضاً دعم أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة وتفاعلهم الوطني الصادق
  • وفد من جمعية “ساعد” الخيرية يزور مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري لتعزيز الشراكة المجتمعية
  • رئيس مجلس السيادة يهنئ رئيس جنوب إفريقيا بمناسبة ذكرى العيد الوطني لبلاده
  • الصحافة الإيطالية تنبهر بمتحف البصرة الحضاري: سننقل ما رأيناه لشعبنا
  • بوصوف يدعو إلى نموذج متجدد لتدين المسلمين في أوروبا
  • شخصيات من شمال الشرقية تجسّد مسيرة التنوير والتواصل الحضاري للعمانيين في إفريقيا
  • المركزي يطلق خطة لتعزيز السيولة والدفع الإلكتروني قبيل العيد