مع قرار إسرائيل سحب غالبية قواتها من غزة بشكل مؤقت، توقع محللون -تحدثوا إلى موقع الجزيرة الإنجليزية- تصعيدا إسرائيليا ضد حزب الله اللبناني، حيث يتبادل الطرفان الهجمات عبر الحدود منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 330 شخصا في لبنان في الهجمات الإسرائيلية، من بينهم 66 مدنيا على الأقل.

وأسفرت هجمات حزب الله عن مقتل 18 شخصا من الجانب الإسرائيلي، 12 جنديا و6 مدنيين.

واضطر مدنيون لمغادرة مساكنهم على جانبي الحدود، حيث فر عشرات الآلاف من جنوب لبنان، في حين قامت الحكومة الإسرائيلية بإجلاء السكان من الشمال.

ومع دخول الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهرها السابع، تتزايد المخاوف من اتساعها إلى لبنان بشكل أكبر، وفقا لتقرير موقع الجزيرة الإنجليزية.

أهداف إسرائيل في الشمال

يشعر عديد من الإسرائيليين أنهم لا يستطيعون العودة بأمان إلى ديارهم في الشمال ما دام أن حزب الله موجود على طول الحدود.

وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة إسرائيلية فبراير/شباط الماضي أن أكثر من 70% من الإسرائيليين يؤيدون الاشتباك العسكري على نطاق واسع مع حزب الله.

وهنا، يشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان -في حديثه لموقع الجزيرة الإنجليزية- إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان واضحا على الفور بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنه سيتجه إلى الجبهة الشمالية، "وبحلول الوقت الذي ينتهي فيه سيغير الشرق الأوسط".

وقال نتنياهو يناير/كانون الثاني الماضي "نحن مصممون على إحداث تغيير جوهري على طول حدودنا مع لبنان وضمان سلامة مواطنينا واستعادة السلام في شمالنا".

ويؤكد المحلل الأمني والعميد المتقاعد في الجيش اللبناني طنوس معوض أن "إسرائيل تخطط لحرب طويلة مع إيران ووكلائها يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتضر بالمنطقة بأسرها".

ومع تمتع حزب الله بوجود قوي في جنوب لبنان، حيث يحظى بدعم شعبي ويجند العديد من مقاتليه، فإن طرده من هناك سيكون صعبا.

ويؤكد خشان أن "حزب الله عالق الآن.. لأنهم لم يكونوا على علم بمدى الفجوة بينهم وبين إسرائيل، والتي من الواضح الآن أنها لا يمكن سدها". ويضيف أن "الهجوم الإسرائيلي عالي التقنية يقتل قادة حزب الله الميدانيين ويهاجمهم دون عقاب".

في المقابل، فإن مسؤولين بحزب الله يشيرون إلى أن الأمور لا تزال تسير على ما يرام. ويقول النائب عن الحزب في البرلمان اللبناني حسن عز الدين إن الحزب استخدم 1% فقط من أسلحته النوعية، مؤكدا أن كل الاشتباكات التي تجري اليوم هي بأسلحة تقليدية عادية طورها الحزب.

ويضيف عز الدين -خلال خطاب ألقاه في الثامن من أبريل/نيسان الجاري- أن الأمور حتى الآن تحت السيطرة.. "العدو يعرف أنه إذا ذهب بعيدا، فإنه سيؤدي إلى حرب واسعة وعالمية".

رقصة بقاء نتنياهو

وتواجه إسرائيل مشاكل داخلية عديدة، إذ يقول المحلل السياسي المقرب من حزب الله قاسم قصير إن "إسرائيل تمر حاليا بأزمة داخلية والوضع العسكري فيها صعب".

ويعتقد عديد من المحللين أن نتنياهو يريد إبقاء بلاده في حالة حرب لتجنب الذهاب إلى السجن بسبب تهم الفساد التي يواجهها.

ووجدت استطلاعات للرأي -نشرت هذا الأسبوع- أن ما يقرب من 3 أرباع الإسرائيليين يريدون استقالته. وتراجعت شعبيته بسبب الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والرفض الشعبي الشامل للتغييرات القانونية التي حاولت حكومته اليمينية المتطرفة فرضها العام الماضي.

ووفقا للمحللين الذين تحدثوا إلى الجزيرة، فإن هناك أمرين واضحين، أولاهما هو رغبة نتنياهو في البقاء في السلطة ستجعله يطيل أمد الحرب لأطول فترة ممكنة، والثاني هو الهجوم ضد حزب الله في لبنان يحظى بدعم شعبي واسع في إسرائيل.

ويقول كريم إميل بيطار، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت، للجزيرة، إن تأييد أكثر من 70% من الإسرائيليين لمهاجمة حزب الله يمكن أن يحرّض نتنياهو على المضي قدما في نوع من الاندفاع المتهور ومهاجمة لبنان وتوسيع نطاق الصراع، خصوصا أن عديدا من الإسرائيليين يرغبون في اغتنام الفرصة لمهاجمة حزب الله و"تقليص أجنحة إيران في المنطقة بأسرها".

قصف أم غزو بري؟

ويعتقد المحللون أن هناك طريقتين للإسرائيليين لتوسيع العمليات ضد حزب الله، إما غزو بري أو توسيع الهجمات الجوية باستخدام الطائرات بدون طيار والطائرات المقاتلة.

وقال معظم المحللين الذين تحدثت إليهم الجزيرة الإنجليزية إنهم لا يرون أن الغزو البري للبنان أمر محتمل، بالنظر إلى تاريخ الصراع الإسرائيلي مع لبنان.

وغزت إسرائيل لبنان في عامي 1978 و1982 عندما حاصرت بيروت الغربية. واحتلت جنوب البلاد من 1985 إلى 2000. كما خاض حزب الله وإسرائيل حربا عام 2006، وهي تجارب لا تزال حية في أذهان الإستراتيجيين الإسرائيليين، حسب محللين.

ويرى بيطار أنه من غير المحتمل حدوث غزو بري. وأضاف أن "حزب الله يعرف تضاريس لبنان بشكل جيد للغاية، الأمر الذي سيُكبّد إسرائيل خسائر كبيرة يمكن أن تُقلّب الرأي العام الإسرائيلي ضد نتنياهو".

ويشير بيطار إلى أن إسرائيل تُفضّل استخدام الهجمات الجوية من طائرات "إف-16" بدلا من الغزو الكامل.

في المقابل، يعتقد خشان أن "إسرائيل قد تحاول شن هجوم بري محدود، لن يصل حتى إلى نهر الليطاني، لتطهير المنطقة الأقرب إلى الحدود من مقاتلي حزب الله، مما يخلق منطقة عازلة".

وقال مصدر متقاعد بالجيش اللبناني للجزيرة الإنجليزية "لن يكون هناك غزو بري.. سيكون هناك المزيد من الهجمات المستهدفة. من المحتمل أن يُقتل المدنيون، لكنه لن يكون غزوا واسع النطاق".

لكن ما يتفق عليه معظم المحللين هو أن إسرائيل ستواصل التوسع المطرد في هجمات الطائرات المسيرّة والضربات الجوية على أهداف حزب الله.

وإجمالا، فإنه من المحتمل أن تتسع المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، لكنه من غير المرجح تحويل بيروت إلى غزة أو إعادة البلاد إلى العصر الحجري، رغم التهديدات الإسرائيلية بذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من الإسرائیلیین حزب الله غزو بری

إقرأ أيضاً:

مسؤولون سابقون يهاجمون نتنياهو: تصرفاته تشبه الأنظمة الظلامية وتهدد ديمقراطية إسرائيل

القدس (CNN)-- قال مسؤولون سابقون كبار في أجهزة الأمن القومي الإسرائيلية في إعلان صحفي تم نشره، الجمعة، إن تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "تشبه الأنظمة الظلامية" و"تشكل تهديدا للنظام الديمقراطي في إسرائيل".

ويشير الإعلان إلى إفادة خطية قدمها هذا الأسبوع رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت)- الذي صوتت حكومة نتنياهو على إقالته، يقول فيها إن نتنياهو طالب "بالولاء الشخصي" وأراد مراقبة المواطنين الإسرائيليين الذين شاركوا بالاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وكتب المسؤولون السابقون: "هذه التصرفات التي قام بها رئيس الوزراء، والتي تتعارض مع الدور القانوني للشين بيت، هي من سمات الأنظمة الظلامية وتمثل تهديدا خطيرا وملموسا للنظام الديمقراطي في إسرائيل. إن سلوك رئيس الوزراء يشكل انتهاكا واضحا لقسمه بالولاء لدولة إسرائيل وقوانينها".

ووصف مكتب رئيس الوزراء إفادة بار تحت القسم بأنها "إفادة كاذبة".

وجرى نشر الإعلان في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أبرز الصحف الإسرائيلية، وشارك فيه رؤساء سابقون للشرطة، ورؤساء سابقون للشين بيت، ومدراء لجهاز الموساد وآخرون. ومن أبرز الأسماء الموجودة في القائمة رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، والرئيسان السابقان للموساد، تامير باردو وداني ياتوم.

وأعرب هؤلاء المسؤولون عن "ثقتهم الكاملة في إفادة" رونين بار، الذي أصبح هدفا لنتنياهو وحكومته اليمينية. وتصاعدت حدة التوتر في أعقاب ما بات يعرف بقضية "قطر غيت" في وقت سابق من هذا العام، والتي طالت 2 من المقربين من نتنياهو.

وقال نتنياهو الشهر الماضي إنه فقد الثقة في رونين بار، رغم أنه كان قد أشاد به في السابق. وفي 21 مارس/آذار الماضي، صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي، بالإجماع على إقالته من منصبه، ليصبح بذلك أول رئيس للشين بيت يتم إقالته من قبل الحكومة على الإطلاق.

مقالات مشابهة

  • باراك: نتنياهو يقود “إسرائيل” نحو الهاوية.. وحربنا في غزة عبثية 
  • عاجل - ترامب يفاجئ نتنياهو: "كونوا طيبين مع غزة.. الناس هناك يتألمون"
  • مسؤولون سابقون يهاجمون نتنياهو: تصرفاته تشبه الأنظمة الظلامية وتهدد ديمقراطية إسرائيل
  • استطلاع يظهر تدني ثقة الإسرائيليين في نتنياهو.. خارطة الأحزاب
  • رفض الجنائية الدولية تعليق أمر اعتقال نتنياهو وغالانت يغضب إسرائيل
  • انقسامات وخلافات داخل إسرائيل تهدد نتنياهو
  • صحف عالمية: نتنياهو دمّر إسرائيل وعهده المظلم يوشك على الانتهاء
  • السيد القائد: اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكاته جسيمة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة
  • قائد الثورة: المجاهدون في غزة صامدين ثابتين والعدو الإسرائيلي يتهيب من المواجهة المباشرة معهم
  • نتنياهو يصر على إبادة غزة "ولو وقفت إسرائيل وحدها"