عسب العيد، تقليد يمني متوارث، وعادة متأصلة منذ القدم، ورسالة حب ووفاء وصلة للأرحام وإدخال الفرحة في قلوب الأطفال، يترجم مدى أواصر المحبة بين الآباء وأبنائهم وبين أرباب الأسر وأقاربهم بزيارتهم وصلتهم وإعطائهم ما تجود به نفوسهم من هدايا ونقود، وإن كانت بحدها الأدنى، المهم انه يبقى حاضرا ولا يندثر لأنه يدخل الفرح والسعادة على الأبناء والأرحام والأقارب والجيران في مثل هذه المناسبات الدينية الجميلة.

الثورة  / افتكار احمد القاضي

ورغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي تعيشها غالبية الأسر اليمنية جراء انقطاع المرتبات منذ تسع سنوات، إلا أن كثيرا من اليمنيين يحرصون على إحياء هذه العادة الجميلة والمتوارثة، واعتبار العيد فرصة قد تكون وحيدة لدى البعض لزيارة الأرحام والأقارب وإدخال الفرحة في قلوبهم وخصوصا الصغار.
ولهذه العادة أهمية كبيرة لدى الناس في صنعاء والكثير من المحافظات اليمنية، إذ أصبحت طقسًا من طقوس العيد، التي تعبر عن مدى تقدير الأهل لبعضهم بعضًا، كما ترتبط أيضًا بالجانب الديني والقيمي من حيث صلة الأرحام وإظهار الود والتكافل فيما بينهم.
تقول أم أحمد :إن هذه العادة تمثل فرحة كبيرة للأطفال وجسر وصل لتجديد العلاقات وتوطيدها بين نساء ورجال العائلة الواحدة، وتعزيز ترابط العائلات وتماسكها، وتشير إلى أن هذه العادة قديمة، توارثها الأجيال، جيلًا عن جيل.
تقديم العسب للنساء
تنتظر الكثير من النساء هذا اليوم لتجديد أواصر المحبة والتراحم من أهلهن وأيضا لكي يحصلن على أي مبلغ ليستفدن منه في الحصول على شراء حاجيات ومقتنيات خاصة بهن، أما من يعشن ظروفا معيشية صعبة، فيفضلن الاستعانة بما حصلن عليه يوم العيد لتوفير احتياجاتهن.
المعيشية
تقول أم محمد: لا يهمني المبلغ الذي احصل عليه من أهلي بقدر سعادتي بزيارتهم لي وهذا الشيء يجعلني اشعر بالفخر أمام زوجي كما انها تمثل فرحة كبيرة للأطفال وجسر وصل لتجديد العلاقات وتوطيدها بين نساء ورجال العائلة الواحدة وأتمنى ان لا تتلاشى في أجيالنا القادمة.
أم أحمد كذلك ترى أن هذه المناسبة كم هي غالية على قلبها لكنها تشعر بالحزن لأن الذي كان يغدق عليها بعسب العيد قد توفى رحمة الله عليه كما ان أهلها يسكنون في محافظة بعيدين عنها.
وتقول (فقد الأب لا يجعلك تخسر عسب العيد بل تخسر كل شيء جميل في حياتك وقد يكون تواصل من قريب أو ابتسامة زوج وكلمة طيبة قد تنسيك هما وتدخل عليك السعادة وإن لم تحصل على أي مال.
وفي مثل هذا اليوم غالباً ما يتجمع الصغار في جماعات تضمّ سرباً من الأخوة والأخوات من أسر تجمعها قرابة مشتركة، يبدأون الطواف من بيت لآخر، حيث يسلمون ويشربون ويأكلون مما يقدّم عادة، وعند نهاية السلام يمنحهم صاحب البيت أو ربة البيت مبلغاً من النقود.
تجديد التواصل
أم أسامة تقدر ظروف زوجها هي الأخرى تقدس مثل هذه الطقوس التي ترى أنها تجدد العلاقة بين الزوج وزجته والمرأة وأقاربها وهي تقدر أهلها وزوجها في مثل هكذا ظروف قاسية وصعبة لكنها تأخذ في نفسها إهمال زوجها لها وعدم الاهتمام بها في مثل هذه المناسبة التي لا تأتي إلا في العام مرتين فقط.
وتقول (المرأة بطبعها ذات مشاعر مرهفة وحساسة وتترقب وبفارغ الصبر ان يطرق بابها أب أو أخ يعزز من مكانتها وزوج يطرق باب قلبها مبلغاً مادياً ولوبسيط وأضعف الإيمان ولوهدية صغيرة تؤكد انها مازالت في القلب ولم تنس.
تحسر
أم ماجد هي الأخرى تتحسر من جفاء أهلها وانهم لا يعطون هذه المناسبة أي أهمية حيث لا يقومون بزيارتها ويرون ان ذلك شيء عادي على الرغم انهم يقومون بزيارة نساء عائلات زوجاتهم.
وتقول (أولاد أختي وأقاربي لا يقومون بزيارتي بسبب انهم لا يرتاحون لزوجي واشعر بالحزن من أساليبهم وتجاهلهم لي رغم ان أولادي يقومون بزيارة أمهم وتقديم العيدية لها وإكرامها.
تباينات
ويختلف ما يقدمه الرجل للأسرة من عسب باختلاف الأسرة والمكان داخل مدينة صنعاء؛ فهناك من يقدم المال، وآخر يقدم الحلوى والزبيب والمكسرات بمختلف أنواعها، لكن البعض عزف عن تقديم المكسرات، لا سيما أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير ما جعل البعض يقدم العسب للأطفال من جعالة العيد البسيطة أو القليل من المال.
محمد قائد له الكثير من الأقارب والقريبات الأمر الذي يضطره إما للذهاب إلى زيارة قريباته من أجل عسبهن وإما يجلس لانتظار من يأتي لزيارة زوجته.
وللأسف بسبب الظروف الصعبة أصبح محمد لا يستطيع شراء كل جعالة العيد التي ارتفع أسعارها ومنها المكسرات التي ارتفعت بشكل خيالي مما يضطره إلى العزوف عن شرائها.
ويقول محمد (الظروف القاسية والصعبة أدت بالكثير إلى النوم في العيد وهجر قريباتهم في مثل هذه مناسبة بسبب تدني الدخل عند كثير من الأسر.
ظروف صعبة
تدني الدخل عند كثير من الأسر، بسبب الظروف التي تعيشها البلاد منذ ست سنوات، أدّى إلى تخلي كثيرين عن المجيء للبيوت للمعايدة والسلام، وهو ما تسبب بحسرة شديدة لدى كثير من النساء.
أمل علي: تؤكد أن الكثير من أهلها عزف عن زيارتها بسبب الظروف التي تعيشها البلاد منذ ست سنوات، وانقطاع الرواتب مما أدى إلى تخلي كثيرين عن المجيء للبيوت للمعايدة والسلام، وهو ما تسبب بحسرة شديدة لدى كثير من النساء، وحسب، وهذا انعكس سلبًا وأثّر على العلاقات الأسرية، وأصبح اللقاء بين العائلات أقل بكثير.
ويشعر أمين علي بالحسرة، لأنه لم يعد يستطيع تقديم العسب لأهله منذ سنوات، أنه لا يستطيع الذهاب إلى الأهل ويده فارغة؛ كون الأطفال ينتظرونه أن يقدم لهم أي شيء، ويضيف أن النساء قد تقدر ما يمر به من حالة صعبة، لكن الأطفال لا يعلمون شيئًا، وهذا ما جعله يتوقف عن زيارة أهله أيام العيد.
مبلغ زهيد
ويحزن علي محسن، أنه قلل من المبالغ التي كان يقدمها لقريباته وأطفالهن يوم العيد، بسبب ظروفه الصعبة.
ويقول إنه في السابق كان يقدم لكل امرأة من العائلة مبلغ 3000 ريال، لكنه اليوم بالكاد يعطي 500 ريال فقط ومثله فان الكثير من اليمنيين باتوا لا يستطيعون تقديم العسب لأرحامهم من النساء بسبب سوء الأوضاع المعيشية التي يمرون بها، وهذا ما دفعهم إلى إلغاء زيارات العيد للأقارب والأرحام، وأصبح مجيء العيد يمثل عبئاً كبيرًا على كثير من اليمنيين ممن لديهم الكثير من الأقارب، والأرحام، ما يسبب لهم حرجًا ويدفع بهم إلى البقاء في منازلهم والاكتفاء بالتواصل عبر الهاتف للتسليم والتهنئة بالعيد أو تبادل التهاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإرسال رسائل الاعتذارات عن عدم قدرتهم على الزيارة والالتقاء بأرحامهم وأقاربهم.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مجلس بوعياش يقدم تقريره السنوي لسنة 2023 ويرصد أهم الاختلالات

تم، اليوم الثلاثاء بالرباط، تقديم التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تحت عنوان “إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.

ويتضمن التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان لسنة 2023، الذي قدمته رئيسة المجلس، آمنة بوعياش، خلال ندوة صحفية، ما مجموعه 332 توصية، موضوعاتية أو عامة، من بينها 122 توصية صادرة عن الآليات الوطنية الثلاث، و41 توصية مهيكلة، وهي توصيات موجهة إلى السلطات العمومية وتتعلق بالممارسة الاتفاقية للمملكة وتفاعلها مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وبالإطار القانوني والمؤسساتي، ومجال السياسات العمومية والبرامج والممارسات.

وتهم هذه التوصيات الدعوة للتسريع بالمصادقة على قوانين أساسية في حقوق الانسان، والتأكيد على ضرورة استكمال اعتماد كل مكونات الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لإرساء فعلي لنظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة تلك المتعلقة بالمعايير الدنيا للضمان الاجتماعي وهي إعانات الشيخوخة وإعانة البطالة والإعاقة وضمانات العمالة وإعانات حوادث الشغل.

ومن الخلاصات الرئيسية التي رصدها التقرير، تزايد عدد الشكايات والطلبات، حيث توصل المجلس وآلياته الوطنية ولجانه الجهوية ب 3318 شكاية، منها 280 شكاية من نساء أو فتيات ضحايا العنف، و 276 شكاية تهم حقوق المهاجرين، وارتفاع وتيرة لجوء الأفراد والمجموعات للتشكي لدى اللجان الجهوية، كآليات انتصاف على المستوى المحلي.

وسجل المجلس تزايد نسبة الشكايات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كمؤشر على حجم التحديات التي يواجهها الأفراد في الولوج إلى الخدمات الأساسية المرتبطة بهذه الحقوق و تزايد الشكايات المتعلقة بالحق في بيئة نظيفة ومستدامة والحق في الماء، وهو ما يمكن تفسيره بالأوضاع الصعبة المرتبطة بحالة الإجهاد المائي غير المسبوق الذي عرفته البلاد منذ سنة 2022 والذي تواصل سنة 2023.

وأشار التقرير إلى اتساع مجالات الشكايات المتعلقة بالمس بالحياة الشخصية، “وهو ما يعكسه تزايد لجوء المواطنين إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره آلية انتصاف غير قضائية”.

ومن جهة أخرى خلص المجلس إلى تواصل دينامية إنشاء الجمعيات غير الحكومية التي قدر عددها نهاية 2023 ب 266 ألفا و610 جمعيات غير حكومية، تتوزع على كل جهات المملكة وتشتغل في كل القضايا. وأوصى المجلس بإطلاق مسلسل للمشاورات بين مختلف الفاعلين المدنيين والمؤسساتيين من أجل مراجعة قانون الجمعيات وتنظيم الحياة الجمعوية، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي تعرفها منظومة الحقوق المتعلقة بحرية الجمعيات.

وأكد على دعم تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في قضايا الاتجار بالبشر بإعداد دليل لتعزيز قدرات أطره على الصعيد الوطني والجهوي لتوحيد منهجية العمل بخصوص التعامل مع قضايا الاتجار بالبشر، وتيسير الرصد والتعرف المبكر على الضحايا المحتملين لهذه الجرائم، حيث بلغ عدد القضايا المعروضة على القضاء سنة 2023 ما مجموعه 110 قضايا.

وتهم أبرز الخلاصات التي تضمنها التقرير أيضا، مواكبة المجلس لدينامية تداول الرأي العام لقضايا مجتمعية مرتبطة بالحقوق والحريات سواء بالفضاء الواقعي أو الافتراضي، والتي تعكس تحولات في تعاطيه لقضايا ضاغطة ومساءلته للمقتضيات القانونية ذات الصلة لحماية الأفراد في ممارستهم حقوقهم وفي سلامتهم الجسدية.

كما استمر المجلس في التعبئة لمتابعة تفعيل ما تبقى من توصيات صادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، وخاصة منها ما يهم برامج حفظ الذاكرة وجبر الضرر الجماعي والفردي، وتنفيذ المقررات التحكيمية لبعض ملفات ضحايا الاختفاء القسري.

   وأشار التقرير إلى إدراج تقرير الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي قامت بزيارة 55 مكانا للحرمان من الحرية، وشملت هذه الزيارات 15 مؤسسة سجنية و26 زيارة للغرف الأمنية المخصصة للحراسة النظرية، منها 8 زيارات لأماكن تابعة للأمن الوطني و19 مكانا تابعا للدرك الملكي، و7 معاقل بالمحاكم، و5 مراكز لحماية الطفولة، ومستشفى واحدا للأمراض العقلية والنفسية. وقامت بإنجاز تقارير عن كل هذه الزيارات ضمنتها ملاحظات وتوصيات.

كما خلص إلى إدماج تقرير الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي توصلت بما مجموعه 83 شكاية خلال سنة 2023؛ فيما بلغ عدد الشكايات التي وردت على الآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة خلال سنة 2023 ما مجموعه 32 شكاية وطلبا.

وأضاف التقرير، أنه تم خلال سنة 2023، اعتماد ثلاثة تقارير من قبل آليات الأمم المتحدة بخصوص وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، وهي تقارير بشأن إعمال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، بالإضافة إلى التقرير الثالث المتعلق بالجولة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل الذي صدرت بشأنه 306 توصيات.

وأكد أن المجلس رحب بالتفاعل الإيجابي للحكومة المغربية مع 232 توصية حظيت بالقبول، منها توصيات تروم تعزيز ممارسة حرية التعبير والرأي والجمعيات والتجمعات. كما شجع الحكومة على إعادة النظر في موقفها المتعلق ببعض التوصيات المرفوضة جزئيا أو كليا مثل إلغاء عقوبة الإعدام في القانون والممارسة وتجريم الاغتصاب الزوجي.

وأبرز التقرير أن المجلس واصل لعب دور ريادي داخل الشبكات الدولية والإقليمية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، حيث يتولى مثلا منصب نائب رئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ويقوم بتنسيق فرق عمل للتحالف العالمي والشبكة الافريقية.

كما واصل المجلس تعزيز علاقاته مع منظومة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الإفريقي، حيث نظم لأول مرة مؤتمرا مهما في مجال حقوق الانسان بعد عودة المغرب للاتحاد الافريقي، والمنتدى الإفريقي للعدالة الانتقالية.

وخلص التقرير إلى أن توطيد دعائم النظام الوطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يتطلب تسريع ورش إصلاح التعليم لضمان الحق في تعليم ذي جودة للجميع وتقوية الرأسمال البشري الوطني، بالإضافة إلى ضرورة مواصلة الإصلاح الجبائي وإعمال كافة مقتضيات القانون الإطار حول الإصلاح الجبائي باعتباره أحد المقومات الأساسية لتمويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز العدالة المجالية.

مقالات مشابهة

  • بسبب حضور أميرة الفاضل والمؤتمر الوطني، الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي تقرر مقاطعة الاجتماع النسوي التشاوري والذي يعقده الاتحاد الافريقي بكمبالا
  • نقيب الإعلاميين يطالب الحكومة بالتواصل المستمر مع المواطنين
  • مجلس بوعياش يقدم تقريره السنوي لسنة 2023 ويرصد أهم الاختلالات
  • رئيس وزراء باكستان يصل إلى طاجيكستان في زيارة رسمية لبحث تعميق التعاون الثنائي
  • الدعم السريع تواصل تقدمها في سنّار بالسودان والقتال يتجدد في أم درمان  
  • السفيرة أبو غزالة: الظروف التي تمر بها الأسرة العربية  تتطلب حلولاً ابتكاريه
  • بنفس الظروف وبملعب مختلف.. استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز اليوم
  • يختار الأرقام بطريقة عشوائية... قاصر يتواصل مع أشخاص ليُمارس أعمالاً منافية للحشمة
  • تصل إلى السجن المشدد.. اعرف عقوبة ارتكاب السرقة وفقا لقانون العقوبات
  • كاتب اقتصادي: الإنفاق على السياحة سيصل إلى حوالي 800 مليار دولار