أبريل 11, 2024آخر تحديث: أبريل 11, 2024

د. أروى محمد الشاعر

يأتي عيد الفطر المبارك بثوبه المعتاد، لكن بطعم مختلف، نقف على عتبات عيد مغايّر يحمل معه طيف لوعةٍ كبرى، نستقبله وقلوبنا تنزف ألمًا وحزنًا على أحوال أهلنا في غزة أرض الأجداد، حيث الزيتون ينحني والأرض تحكي قصص الصمود، يأتي العيد على غزة متنكرًا في ثوب الأسى، ذلك العيد الذي كان يفترض أن يكون موسمًا للفرح، تحول إلى لحظات

من الألم والمعاناة.

في غزة العزة التي تغنت بالقصائد وروتها دموع الأمهات، تلوح محاولات جائرة لإسكات صوت الحق، محاولات إبادة جماعية وتطهير عرقي تسعى لطمس هوية شعب باسل، كشعلة تحاول الريح إطفاءها، ولكنها ما تلبث أن تتقد أكثر. إن أهل غزة بلغة الصبر والصمود يعيدون كتابة قصة الحياة من بين ركام الموت، في كل بقعة من هذه الأرض المقدسة تزهر أغانٍ

من المقاومة، رافضة الاستسلام لليأس، ومن خلال هذه المعاناة، يبزغ فجر التضامن الدولي، معترفًا بالحق والعدالة لشعب فلسطين في بناء مستقبل حيث السلام يعم، وحيث الأطفال يمكنهم أن يلعبوا ويضحكوا دون خوف، في وطن يسوده الأمان والاستقرار.

‏ليكن العيد إذن بداية لعهد جديد، حيث تتوحد الجهود تحت شعار الحق والمقاومة بكل أشكالها، لنقول للعالم بأسره أن الشعب الفلسطيني، برغم الجراح، ينبض بالحياة والأمل والتصميم على استعادة حقوقه المشروعة وحماية تراثه الثقافي والحضاري، شعب ينشد الحرية والعدالة.

إن تضامن الأقلام والفرشاة والكلمات إلى جانب صمود شعبنا الأسطوري يمكن أن يكون سبيلاً لنقل الحقيقة إلى العالم، مؤكداً على أن الثقافة والهوية الفلسطينية لن تُمحى، وأن الحلم بالحرية ودولة فلسطينية مستقلة يظل حيًا ومتجددًا مع كل شروق شمس. فلنجعل من العيد منارة للنضال المستمر نحو مستقبل يعمه العدل والسلام، حيث الاعتراف بالحقوق الفلسطينية ليس مجرد شعار، بل حقيقة يعيشها كل طفل وامرأة ورجل في فلسطين، يليق بتضحيات شعبنا الفلسطيني ونضاله العريق.

أيها العيد، كيف لنا أن نستقبلك وأطفال غزة يرسمون الأمل بألوان الدمع؟ كيف نغني للحياة والأرواح تُنتزع من حضن الوطن؟ أطلال المدارس والمستشفيات، وأنقاض المتاحف والأثار والمساجد والكنائس التاريخية والمراكز الثقافية، شاهدة على محاولة محو ثقافة وحضارة عريقة. لكن الروح الفلسطينية، كالزيتون، تزداد عمقًا في الأرض مع كل محاولة لاقتلاعها في هذا الزمان القاسي.

يا شعب غزة المنكوب البطل، رغم كل الظروف القاسية التي تعيشها من قتل ودمار وتشريد واستهداف الأرواح البريئة من وحوش بشرية همجية لا ترحم، إلا أنك علمتنا دروساً في الصمود والعزة والكرامة، وكيف يمكننا أن ننظر إلى العيد كفرصة للتجديد والأمل، وبداية لمرحلة جديدة نعمل فيها معًا لبناء مستقبل أفضل لأطفالنا ولكل طفل يعيش في ظروف مماثلة، تذكيراً لأنفسنا والعالم بأهمية العمل من أجل عالم أكثر عدالة وإنسانية، فأي عيد هو عيد وأطفال غزة بلا عيد؟ هذا السؤال يجب أن يبقى حاضرًا في وجداننا، ودعوة للعمل الجاد.

العيد يمكن أن يكون أكثر من مجرد مناسبة في ظل هذه الظروف، يمكن أن يأخذ معنى جديدًا يتجاوز الاحتفالات والزينة، ويصبح منطلقًا للتغيير بتوحيد جهودنا من أجل مستقبل يسوده السلام والأمان للجميع بلا استثناء.

إنها مناسبة لنعيد التأكيد على أن فرحة العيد لا يمكن أن تكتمل والجزء الأليم من جسد الأمة يعاني ويكابد.

لتكن هدية العيد هي وحدة أمتنا العربية وتوحيد الصفوف بين كافة التنظيمات الفلسطينية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، والذي هو الطريق الأمثل نحو تعزيز الجبهة الفلسطينية في سعيها لنيل الحقوق المشروعة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة والقدس الشريف عاصمتها الأبدية. إن التكريس المشترك للنضال هو الهدف الأسمى للوصول إلى هذا الحلم المشروع. فالطريق إلى الحرية والاستقلال يتطلب منا جميعاً تجاوز الخلافات وتوحيد الجهود والنوايا.

إن العيد، بروحه المعنوية وقيمه الجامعة، يمكن أن يكون نقطة انطلاق لهذه الوحدة المنشودة، مؤكدين على أن أقوى الهدايا التي يمكن أن نقدمها لأطفالنا هي وحدتنا وإنهاء كل الخلافات بالأمس قبل اليوم في وطن موحّدٍ خالٍ من الفرقة والانقسام لمواجهة الظروف القاسية التي يعيشها أهلنا في غز ة وفي كل أنحاء فلسطين. يجب أن تتحول دعواتنا إلى خطوات ملموسة تسهم في تعزيز صمود أهلنا ودعمهم من خلال التركيز على تعزيز هذه الوحدة والعمل الجماعي لبناء جبهة متماسكة قادرة على مواجهة التحديات والسير قدمًا نحو تحقيق أحلامنا وأهدافنا.

إلى جانب نضال المقاومة يجب علينا الاعتراف بأهمية العمل الثقافي والتعليمي من خلال تعزيز ثقافتنا وهويتنا الفلسطينية بين أجيالنا، كي نحافظ على الرواية الحقيقية لنضالنا ونضمن أن تبقى جذوة الأمل متقدة في قلوب الشباب. إن التعليم هو السبيل لتمكين أجيالنا القادمة من مواصلة الكفاح بذكاء وفعالية، مسلحين بالمعرفة والوعي بحقوقهم وواجباتهم نحو وطنهم وقضيتهم، والعمل على تعزيز الدعم الدولي لقضيتنا، من خلال نشر الوعي بالواقع الفلسطيني وتحدياته والمشاركة في المحافل الدولية التي تلعب دورًا حاسمًا في كسب التأييد والضغط على المجتمع الدولي للاعتراف بحقوقنا المشروعة ودعم إقامة دولتنا المستقلة.

يجب ألا نغفل عن أهمية الصبر والإيمان كركائز أساسية لنضالنا، حيث أن الإيمان بعدالة قضيتنا وبحتمية النصر، مع الصبر على الشدائد والتحديات، سيكونان مصدر قوتنا وإصرارنا على مواصلة الكفاح حتى تحقيق الحرية والاستقلال، في يوم تعم فيه الفرحة كل بيت في فلسطين وتتحقق فيه الأحلام المنشودة.

نعم علينا أن نتذكر دومًا أن العيد ليس فقط مناسبة للفرح، بل هو أيضًا وقت للتأمل في مسؤولياتنا تجاه بعضنا البعض وتجاه وطننا وشعوب أمتنا العربية. يجب أن يكون هو الهدف الذي نسعى إليه جميعًا بلا كلل أو ملل.

الطريق طويل ومليء بالتحديات، لكن الإرادة الجماعية والتضامن الفعال يمكن أن يصنع الفرق. عبر استلهام روح العيد، لنجعل من الأمل والتصميم دعامتين أساسيتين في مسيرتنا. ليكن العيد منطلقًا لتجديد العزيمة وتوحيد الصفوف، متجاوزين الخلافات ومتسلحين بالإيمان بعدالة قضيتنا والتطلع إلى مستقبل أفضل، حيث يمكن للطفولة أن تعيش بعيدًا عن ظلال الحروب والنزاعات، في وطن يحتضن أحلامهم ويوفر لهم الحماية والأمان، وطن يعمه السلام والازدهار لفلسطين وشعبها.

إن ذلك هو الطريق الوحيد لضمان أن كل عيد قادم سيكون فرصة للاحتفال الحقيقي بالحياة والحرية والعدالة لأهلنا في غزة، وفي كل مكان تُطالب فيه القلوب بالسلام .

مرتبط

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: أن یکون یمکن أن من خلال

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تطبق الحصار على الخيام تمهيداً لاقتحامها ومقاومة عنيفة تواجهها

يحاول العدو الإسرائيلي باي طريقة إحداث اختراقات في المنطقة الحدودية، سواء في القطاع الشرقي أو الغربي، وتحديداً في محاور الخيام ودير ميماس والبياضة. الا انه يواجه بمقاومة عنيفة من جانب "حزب الله" وتدور معارك ضارية على اكثر من محور.

وجاء في" الشرق الاوسط": قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام الحدودية ، وأحكمت طوقاً نارياً على المقاتلين الموجودين فيها بالقصف المدفعي والجوي، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني، في محاولة للتوغل إلى وسط المدينة التي لا يزال مقاتلو «حزب الله» يوجدون فيها، ويحاولون التصدي للقوات الإسرائيلية، وذلك بعد 25 يوماً من محاولات السيطرة على المدينة الاستراتيجية.

وقالت مصادر مواكبة للتطورات الميدانية في جنوب لبنان، إن القوات الإسرائيلية تقدمت بالفعل إلى أحياء داخل مدينة الخيام، انطلاقاً من أطرافها الجنوبية والشرقية، ووسعت دائرة التوغل إلى الأطراف الشمالية الشرقية، بغرض إحكام الطوق على المدينة، لكنها شككت في روايات السيطرة على وسط المدينة ومركزها الحيوي، قائلة إن القتال في الأحياء الداخلية "لا يزال مستمراً، بدليل أن القصف المدفعي وقصف المسيرات والغارات الجوية لا تزال تستهدف المدينة".

وقطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد الناري المتوقع من الحقول المواجهة للأطراف الغربية، عبر السيطرة على أطراف برج الملوك وتل النحاس وبساتين الزيتون في القليعة المشفرة على سهل مرجعيون، كما توسعت غرباً باتجاه مجرى الليطاني في محاولة لمنع الإسناد المدفعي والصاروخي للقوات المدافعة عن المدينة.

وقالت المصادر إن القوات الإسرائيلية نفذت شعاعاً نارياً لمسافة سبعة كيلومترات على الأقل حول الخيام، لمنع رمايات الصواريخ المضادة للدروع، وذلك بقصف مدفعي مكثف وغارات جوية وغارات المسيرات، لافتة إلى أن القصف الجوي والمدفعي "يستهدف أيضاً أحياء المدينة". وقالت إن هذا الضغط الناري الهائل، "دفع حزب الله للاعتماد على المسيرات الانتحارية لضرب تجمعات الجيش الإسرائيلي في محاور التوغل وداخل الأحياء، إلى جانب القصف الصاروخي الذي يستهدف محيط المدينة ومداخلها الشرقية والجنوبية والشمال الشرقي".

وكتبت" الاخبار":في محور الخيام، استهدفت طائرات العدو، مجدداً طريق النبطية - مرجعيون عند نهر الخردلي، بعدما استهدفتها قبل يومين وعمل الجيش اللبناني والـ«يونيفل» على إعادة فتحها. كما حافظت قوات العدو على تمركزٍ لها عند مدخل بلدة دير ميماس الشمالي، حيث أقامت ساتراً ترابياً عند المفترق المؤدّي إلى كفركلا وبرج الملوك والقليعة. ورغم تراجع تحرّكات العدو في دير ميماس، بعدما انسحبت جرافة ودبابة، إلا أن دبّابات أخرى بقيت في تموضعاتها بين كروم الزيتون وقرب الدير غربي البلدة. وقصفت مدفعية العدو حافّة البلدات المشرفة على المنطقة، في أرنون وقلعة الشقيف ويحمر، بشكل متواصل، بهدف تأمين تحرّكات الآليات العسكرية من تل النحاس باتجاه دير ميماس، وبالعكس. وبعد رصد ‏تحركات لقوة من جيش الاحتلال تحاول التسلل باتجاه بلدة دير ميماس، اشتبك المقاومون، من مسافة قريبة، مع القوة المُتسللة عند الأطراف الغربية للبلدة، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، وقد عمد العدو إلى سحب الإصابات من منطقة الاشتباك تحت غطاء ناري ودخاني كثيف، علماً أن محور التقدم هذا ليس محوراً رئيسياً بحدّ ذاته، بل الهدف منه هو قطع الدعم عن الخيام ومحيطها، حيث يجري الهجوم الرئيسي.

ولم تنجح قوات العدو في إحكام سيطرتها على الخيام، ولا تزال مجموعات المقاومة تتصدّى لها في الأحياء الجنوبية والشرقية. وتسيطر قوات الاحتلال على غربي الخيام، أي السهل ومنطقة الشاليهات، كما نفّذت محاولات التفاف جديدة، من جهة نبع إبل السقي، باتجاه الأحياء الشمالية للمدينة، عبر دفع عدد من الجرافات والدبابات انطلاقاً من وطى الخيام. وبذلك، يحاول العدو عزل مدينة الخيام ومحاصرتها، ومنع تعزيز المقاومة فيها، ويراهن على استشهاد المقاومين أو نفاد ذخائرهم، بعدما كان قد ترك لهم ممرات للانسحاب، إلا أن أياً منهم لم ينسحب، ما دفعه إلى إعادة قطع هذه الممرات خوفاً من استغلالها لإدخال تعزيزات. وحتى مساء أمس، كانت مدفعية العدو تواصل استهداف المدينة بالقذائف من عيار 155 والقذائف الفوسفورية، إضافة إلى استهداف تلة الماري المجاورة. كما جدّدت الطائرات الحربية غاراتها على المدينة. ومع تصدّي المقاومين داخل المدينة لمحاولات التوغل، تعمد المقاومة إلى استهداف قوات العدو من خارج المدينة بصليات صاروخية مكثّفة وبأسراب المُسيّرات الانقضاضية.
وفي محور شمع - البياضة، تواصلت المعارك التي تخوضها المقاومة في الجبّين حيث تمّ تدمير دبّابة ميركافا بصاروخٍ موجّه، وفي شيحين ومجدل زون وأطراف شمع وطيرحرفا، للتأثير على محاولات العدو المتكرّرة للسيطرة على البياضة. ومنذ منتصف ليل أول أمس، حاول العدو عدة مرات التقدم إلى البياضة، من جهة غرب طيرحرفا ووادي حامول، حيث تعرّضت قواته في تلة إرمد لاستهدافات مكثّفة. كما صدّ المقاومون محاولة توغّل بين شمع والبياضة، ودمّروا دبابة ميركافا غربي بلدة شمع، ودبابة أخرى عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة. ومساء أمس، هاجم المقاومون تموضعاً لقوات من جيش العدو عند الأطراف الشمالية الشرقية لبلدة البياضة، بالأسلحة الرشّاشة والصاروخية، واستمرّت الاشتباكات عدة ساعات.

وأعلن العدو عن مقتل جنديين وإصابة 12 بينهم حالة حرجة، خلال 24 ساعة، في معارك جنوبي لبنان. كما أعلن مستشفى رامبام في حيفا، استقباله عدة جنود أصيبوا في القتال في لبنان. وواصلت المقاومة استهداف العمق المحتل، حيث استهدفت مرتين، قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمالي مدينة عكا المُحتلّة، بصليات صاروخيّة. وفي إطار ‏سلسلة «عمليّات خيبر»، قصفت للمرّة الأولى موقع مشمار الكرمل للدفاع الجوّي والصاروخي، الذي يبعد عن الحدود اللبنانيّة 40 كلم، جنوب مدينة حيفا، بصليةٍ من الصواريخ النوعية. كما تابعت استهداف المستوطنات الشمالية برشقات صاروخية على امتداد يوم أمس.

مقالات مشابهة

  • مؤسسة دولية: تفشي الفقر والجوع في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي
  • "الشعبية": استمرار حصار مشفى كمال عدوان جزء من حرب الإبادة
  • الجزيرة ترصد المعاناة المعيشية لسكان خان يونس تحت الحصار
  • «الرحماني» تفك الحصار عن البصرة
  • إسرائيل تطبق الحصار على الخيام تمهيداً لاقتحامها ومقاومة عنيفة تواجهها
  • أيام معدودات.. موعد شهر رمضان المبارك 2025
  • السودان تعلن عن استعادة الجيش لمدينة سنجة اليوم
  • “البيئة”: 4 ممكنات رئيسية أسهمت في تعزيز المحتوى المحلي وتحقيق الأمن الغذائي والمائي بالمملكة
  • كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكل مستقبل التجارة الدولية؟
  • دراسة تكشف عن نوع من الفطر قد يبطئ نمو الأورام السرطانية