د. ندى عصام تكتب : الثقة النارية .. كيف تشعل ثقتك بنفسك؟
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
تُعد الثقة بالنفس إحدى الصفات الأساسية التي تحدد مسار حياتنا وتؤثر على قدرتنا على تحقيق النجاح والتكامل الشخصي، كما إنها الدعامة الأساسية التي تسمح لنا بالتحدي والابتكار وتحقيق ما لم نكن نتوقع تحقيقه وتجاوز حدودنا الذاتية؛ فعندما تكون لدينا ثقة بأنفسنا، نكون قادرين على التصرف بجرأة وثقة في كل جانب من جوانب حياتنا.
وفي تلكما السور سوف تكتشف معي عمق ثقتك بنفسك وكيف يمكن للثقة بالنفس أن تحدث تغييرًا حقيقيًا في حياتك؛ حيث إن الجسر الذي يربطك بالتحقيق الذاتي هو ثقتك بنفسك، إذا كانت لديك ثقة بنفسك، ستتجاوز حدودك الحالية وتتحدى نفسك للتطور والتحسن، وستكون مستعدًا لتجربة أشياء جديدة واستكشاف إمكاناتك المخفية، وهذا ليس من قبيل السرد، بل يمكن لذاتك وثقتك بتحقيق ما كنت تعتقد أنه مستحيل.
إنها رحلة تحقيق الذات التي لا تعرف الحدود، والثقة بالنفس هي المفتاح الذي يفتح أمامك أبواب الإمكانيات اللامحدودة؛ فمن خلال خطوات بسيطة يمكن أن تجعل من هذه المعتقدات نهج يومي يمكنك من صقل ثقتك بنفسك، وهذا الأمر يتطلب أن تتمعن ممارسات ليست بالصعبة؛ إذ يمكنك القيام بها بصورة اعتيادية وتصبح من منهجياتك اليومية.
والبداية تكمن في موعد مع النفس؛ إذ يعد لقاء يومي بينك وبين نفسك سوف يغير من مسار حياتك، لا تدع الفرصة أن تفوتك، فلا تهمل أن تختلي بنفسك وتفكر في موضوعات أو أفكار إيجابية، وتضع لنفسك أهداف وجدول زمني غير مرهق لتحقيق ذلك، ولا أخفيك سرا فأنا يوميا امدح نفسي في كل الامور الطيبة التي قمت بها واعاتب نفسي وليس اعنفها في الأمور التي أخفقت فيها، فتعلم كيف تخاطب نفسك بطريقه تجعل بينك وبين نفسك جسر قوى من الثقة.
والخطوة التالية تضمن أن تتخذ من التحديات سبيلًا نحو ثقتك بنفسك؛ فلا يمكن للثقة بالنفس أن تتطور بدون مواجهة التحديات والصعاب، فعندما تواجه تحديات وتتغلب عليها، تزداد ثقتك بنفسك، كل تحدٍ جديد تتغلب عليه يعزز قوة ثقتك ويثبت لك أنك قادر على التغلب على أي شيء يعترض طريقك؛ لذلك، لا تخشى التحديات، بل قابلها بشجاعة واعتبرها فرصًا لتطوير ثقتك الذاتية.
وهناك خطوة مهمة تتمثل في بناء علاقات شخصية جديدة وأولها مع ذاتك، تمتد ثقتك بنفسك إلى العلاقات الشخصية التي تمتلكها؛ حيث إن الثقة بالنفس تجعلك تتعامل بثقة واحترام مع الآخرين، وتعزز الثقة الذاتية قدرتك على التواصل بفعالية وتعبير آراءك واحتياجاتك بوضوح، كما تساعدك على بناء علاقات صحية ومستقرة، وتكوين صداقات قوية وعمل تعاوني فعّال مع الآخرين.
وايمانك بالله ثم بذاتك يحقق النجاح المهني، وهنا نقر بأن الثقة بالنفس تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق النجاح المهني؛ حيث تمكنك من تحديد أهدافك والعمل بجدية نحو تحقيقها، وتجعلك تضع من الخطط وتستخدم من الآليات والأساليب ما يحقق ما تصبو إليه دون كلل أو ملل، بل تجدد الرغبة لديك بصورة مستمرة وتجعل عينك نحو الهدف.
وضرورة السعي نحو السلام الداخلي؛ بمثابة حلم، وعند تحقيقه يتغير الكثير ونرى الحياة بمفهوم جديد، وهذا الحلم يمكن تحقيقه عندما تكتشف ذاتك وتجدد ثقتك بنفسك، وتكون على إيمان دائم أن الكنز الحقيقي لشخص هوا الثقة بالنفس، وفي النهاية لا تنسى أنه القليل من القول والكثير من الفعل يحقق المستحيل، وإذا أردت أن تكون صاحب قول مسموع يجب عليك أن تكون أولا صاحب فعل حقيقي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الثقة بالنفس ثقتک بنفسک
إقرأ أيضاً:
د. أمل منصور تكتب: كيف نتجاوز شخص لازلنا نحبه ؟
نحن لا نتجاوز لأننا قررنا ذلك، بل لأن الحياة تُرغمنا على أن نكمل حتى ونحن نحمل في داخلنا بقايا مَن لم يكتمل معهم الطريق. فالتجاوز ليس لحظة انفعال أو قرارًا شجاعًا في ساعة وعي، بل هو عملية بطيئة تُشبه انسحاب الضوء من آخر الغرفة، يحدث تدريجيًا حتى نجد أنفسنا في العتمة لكن دون خوف منها كما كنا في البداية.
نحن نظن في البداية أن الأمر بسيط، وأن المسافة والزمن قادران على تهدئة القلب، لكننا نكتشف أن الزمن لا يملك عصا سحرية، وأن المشاعر لا تنطفئ لأنها أتعبتنا. فالتعلق لا يموت بالغياب، بل بالوعي. والوعي هنا ليس إدراكًا بأن الآخر لم يكن مناسبًا، بل إدراك بأننا نستحق سلامًا أعمق من تلك الفوضى التي سمّيناها حبًا.
في محاولتنا للتجاوز، نعيش صراعًا داخليًا بين ما نشعر به وما نعرفه. نعرف أننا يجب أن نبتعد، لكننا لا نزال ننتظر رسالة، أو نراقب صدفة، أو نحفظ طريق الرجوع ولو في الخيال. نحاول أن نبدو أقوياء أمام أنفسنا، لكننا نرتبك عند أول ذكرى. وهنا، بين المعرفة والشعور، تضيع خطواتنا الأولى نحو الشفاء.
نحن لا ننسى فجأة، ولا نستيقظ يومًا وقد انتهى كل شيء. التجاوز يحدث حين نتوقف عن تفسير ما جرى، حين نكفّ عن محاولة فهم ما لا يُفهم. يحدث عندما نكفّ عن سؤال: "ليه؟" ونسأل بدلًا منه: "وماذا بعد؟". لأننا حين نُعيد تدوير الأسئلة القديمة، نبقي الحكاية حيّة حتى بعد موتها.
أحيانًا نخلط بين الوفاء وبين التعلق، نظن أننا حين نتألم نكون أكثر صدقًا، وحين نضحك نكون خونة لذاكرتنا. نحمل وجعنا كأنه علامة إخلاص، لكننا لا ننتبه أن الوفاء الحقيقي ليس في بقاء الألم، بل في حفظ ما علّمنا إياه. نحن لا نُشفى حين نكره من أحببنا، بل حين نغفر لهم ولأنفسنا أننا صدّقنا الوعد أكثر مما يحتمل الواقع.
الوجع لا يرحل لأننا نحاول إبعاده، بل حين نكف عن مطاردته. فكل ما نُقاومه يزداد حضورًا. والتجاوز الحقيقي لا يشبه الانتصار، بل يشبه القبول الهادئ. أن نقبل أن ما أردناه لم يُكتب لنا، وأن بعض العلاقات تنتهي لا لأن أحدًا أخطأ، بل لأن المسار نفسه وصل إلى نهايته. القبول لا يعني اللامبالاة، بل يعني أننا لم نعد نُقاوم الحقيقة.
ونحن في طريق التجاوز نكتشف أن العلاقة لم تكن فقط مع الآخر، بل مع أنفسنا كما كنا بقربه. لذلك، حين يرحل، لا نفقده وحده، بل نفقد النسخة منا التي كانت تحبه. نحتاج أن نعيد بناء هذه النسخة، أن نعرف من نكون بعد الفقد. فالتجاوز ليس نسيان شخص، بل استعادة ذات.
نحن نبدأ في التعافي حين نتوقف عن انتظار العودة، وحين نُدرك أننا نستطيع أن نكمل حتى من دونهم. حين نُعيد ترتيب يومنا بطريقة لا تعتمد على وجودهم في تفاصيله. حين يصبح حضورهم في الذاكرة أخفّ، لا يُوجع، لكنه لا يُغري بالعودة أيضًا.
التجارب المؤلمة لا تُمحى، لكنها تتحول مع الوقت إلى طبقة جديدة من الفهم. نفهم أننا لم نخسرهم فقط، بل تخلّصنا من أوهامٍ كنا نظنها حبًا. نفهم أن الحنين طبيعي، لكنه لا يعني أن نعود. وأن الاشتياق لا يُلزمنا بالرجوع. لأننا في الحقيقة لا نشتاق إليهم بقدر ما نشتاق إلى الشعور الذي كنا نحسه ونحن معهم، وإلى ذواتنا التي كانت تؤمن بأن الحب قادر على كل شيء.
وحين نصل إلى هذه المرحلة من الإدراك، نبدأ نُحب من جديد، لكننا نُحب بطريقة مختلفة. نُحب دون أن نذوب، نمنح دون أن نفقد، نثق دون أن نعتمد. نُدرك أن الحب ليس ساحة اختبار، بل مساحة طمأنينة. وأن العلاقة التي تُرهقنا لا تستحق أن نحارب من أجلها كل هذا الوقت.
نحن نتجاوز حين نختار أنفسنا. حين نقرّر أن الحب لا يجب أن يُقصينا عن توازننا ولا أن يُحيلنا إلى ظلٍّ باهت. نتجاوز حين نعود إلى الكتب، إلى الأصدقاء، إلى تفاصيل الحياة الصغيرة التي نسيناها ونحن نحاول إرضاء علاقة كانت تبتلعنا ببطء. نتجاوز حين نسمح للحياة أن تدخل من جديد، بعد أن أغلقنا أبوابها خوفًا من الذكرى.
وفي النهاية، نحن لا نُشفى لأننا نسينا من أحببنا، بل لأننا عرفنا أن الحب لا يكفي وحده ليستمر شيء. التجاوز لا يُقاس بعدد الأيام التي مضت، بل بعدد المرات التي اخترنا فيها أنفسنا رغم الوجع. نحن نتجاوز عندما يتوقف صوت الماضي عن أن يكون ضجيجًا في داخلنا، ويصبح مجرد صدى بعيد، نسمعه أحيانًا، لكننا لا نلتفت إليه.
هكذا نتجاوز، ببطء، بصدق، وبوعي أن القلب لا يُشفى بالنسيان، بل بالتقبّل. وبإيمانٍ بسيط أن ما خسرناه لم يكن ليُكمل معنا، وأننا ما زلنا نستحق حبًا لا يُعيد الجرح، بل يُرممه.