لا يسعف الكلام لقول كل الحقيقة، حتى ولو أثبتنا كل قرائنها؛ فقرائن بعض أنواع الحقيقة: الصمت! … إن سوء الظن آفة من آفات العصر؛ فأينما تولي وجهك فثم ما يدعو إلى الالتباس في الفهم ورؤية الأمور وإدراك الأوضاع، كما هي عليه في الحقيقة، لا كما تمثلناها من خلال ما ننقاد إليه من أحكام متسرعة، ناجمة عن الاستسهال والسطحية الساذجة المكرسة لدى العامة، والتي أضحت تتكون، غالبا، من بعض السيناريوهات الرديئة لبعض الأعمال التلفزية التي تعرض أحداثا وخيمة وشاذة وعنيفة، بتوسل ربط منطقي ضعيف وساذج، الذي لا يخلو من شبهة التلفيق في أحايين كثيرة، كما إنه لا يحترم ذلك التسلسل المنطقي الواقعي لبناء الأحداث وتشكلها، الذي يحافظ على السلامة الذهنية للمتلقي ويسعف في تعزيزها وتنميتها، لا العكس!
ناهيك عن ما يُروّج له في منصات التواصل الاجتماعي من أحاديث وتفسيرات وتأويلات، لا تخلو هي الأخرى من العبث والسطحية في تناول الظواهر المجتمعية، خاصة تلك الخارجة عن حكم العادة.

نفس الشيء، أيضا، يمكن أن يُقال عن ما يدعى بالصحافة الصفراء أو صحافة الفضيحة… تلك الصحافة التي تشغل حيزا أكبر في صحافة وإعلام الميديا، حيث تقوم استراتيجيتها على إثارة وجذب الجمهور عبر خرق أفق انتظاره الأخلاقي واستغلال الاثر الرجعي لذلك – المتمثل أساسا في صدمة المتلقي وثورته على المعروض والمنشور – في العملية الترويجية لموادها الإخبارية؛ إذ تركز على إظهار الأحداث والظواهر المجتمعية الشاذة والتلاعب بها، عبر إعطاءها حجما أكبر من الحجم الذي تشغله في الواقع، مما يشكل إرهابا إدراكيا لدى العامة، خاصة لدى من يعتمد على الخبرات الجاهزة التي يتلقاها عبر الوسائل السهلة والمتداولة للميديا، كي يتسنى له أن يشكل مرجعياته الذاتية، عوضا عن اعتماده على خبرات الواقع المعيش، التي لا تنفصل عن قوة العزيمة والسعي نحو تحقيق الأهداف، في الواقع الحقيقي لا الواقع الافتراضي.

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

حول الأوضاع في السودان ونقد موقف حكومة الأمر الواقع

زهير عثمان حمد
حقيقة الأوضاع وتحذيرات القادة مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، حذر مؤخرًا من مخاطر انهيار السودان التي لن تقتصر على البلد وحده، بل ستمتد تأثيراتها إلى دول الجوار وأبعد من ذلك. رسم عقار صورة قاتمة أمام احتمال نهاية الحرب بتفكك الدولة أو انهيارها، مشيرًا إلى أن السودان، بموقعه الجغرافي وامتداداته الديمغرافية، قد يصبح بوابة لدوامة من الفوضى في المنطقة. وأكد أن الفوضى المحتملة ستعني خلق بؤر توتر تجعل المنطقة أرضًا خصبة للجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى زيادة كبيرة لأنشطة القرصنة البحرية.
نقد موقف حكومة الأمر الواقع ورفضها للتفاوض
أعتبر هذه التصرفات بداية لنوبة بكاء طويلة وهزيمة كاملة لهؤلاء القادة. إن رفضهم للتفاوض من أجل السلام يُعد موقفًا غير مسؤول يساهم في تعميق الأزمة. كان من الممكن لخطة مالك عقار أن تكون بداية لسلام مستدام، ولكن رفض الحكومة الحالية لكل المبادرات يُعقد الأمور ويزيد من معاناة الشعب السوداني.
المراحل الثلاثة لخطة الحل
1. وقف الأعمال العدائية:
o الفصل بين القوات المتحاربة والاتفاق على آليات الانسحاب ومواقع التمركز.
2. الجانب الإنساني:
o التركيز على الاستجابة للحاجات المستعجلة ومواجهة حالات سوء التغذية التي تحدق بملايين السودانيين.
3. دمج القوات:
o بحث مصير دمج القوات، مع التركيز على فرز السودانيين من غيرهم ضمن قوات الدعم السريع، ومناقشة التحديات المتعلقة بالدول التي قدم منها الأجانب.
انتقاد الدور الأجنبي
أنتقد بشدة الدور الأجنبي في صياغة الاتفاقات، وأؤكد أن الحل والتوافق لن ينجح سوى إن كان بين السودانيين أنفسهم. يجب علينا تجنب الأخطاء التي ارتكبت في 44 اتفاقًا سياسيًا عبر تاريخ السودان الحديث، خاصة ما تعلق منها بالدور الأجنبي والإملاءات الخارجية.
الإشارة الرمزية للأدوار الخارجية
أشير إلى أن بعض القادة العسكريين لا يملكون السيطرة على قواتهم، والدليل على ذلك هو التجاوزات التي ترتكبها هذه القوات والتي لا يمكن أن تصدر عن جهات من المفترض أن تكون حريصة على أمن مواطنيها. الكلمة الأخيرة تعود إلى الجهات الداعمة لهذه القوات. وأنتقد دور بعض الأطراف الخارجية في الحرب الحالية، وأوضح أن العديد من دول الجوار مقتنعة بضرورة إنهاء الحرب ولكنها لا تجرؤ على التصريح علنًا بذلك بسبب المصالح الاقتصادية والاستثمارات المتدفقة من تلك الجهات الخارجية.
دعوة للتحول التاريخي
أدعو إلى ضرورة إنجاز تحول تاريخي في السودان ينقله من “سجن مفتوح لإثنيات مختلفة” إلى دولة تفرض احترامها على جميع المواطنين. ويجب أن نتعامل بحذر مع التقارير التي تؤكد انتشار 36 مليون قطعة سلاح في السودان، مما يمثل قنبلة موقوتة قد تهدد مستقبل البلاد في أي لحظة.
أقدم تحذيرًا واضحًا ومفصلًا عن المخاطر التي تواجه السودان وأدعو إلى ضرورة التفاوض والعمل على توفير الظروف المناسبة لإنهاء الحرب. كل شيء متاح أمام القادة، ولا تزال فرصة التفاوض من أجل السلام قائمة قبل الانهيار التام.

 

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • حول الأوضاع في السودان ونقد موقف حكومة الأمر الواقع
  • حول الرواية التاريخيّة.. محاولة في الفهم والتحليل
  • كلمة مختصرة في مشواري التربوي الطويل ،،، بقلم /متعب شجاع العتيبي
  • الرأي العام.. يتصادم مع الحتميات وتشكله الأحداث
  • مختبر افتراضي في تعليم الرياضيات
  • نقابة المحامين: هذا ما حدث عقب اجتماع الهيئة العامة ونحيل الملف للنائب العام
  • صراع الأفكار
  • في الليلة الثانية لميدفست في وجه بحري.. ميرفت أبو عوف: مناقشة المواضيع وتغيير الواقع يكون أسهل من خلال الأفلام
  • الرقابة النووية تطلق العدد الخامس من مجلتها التوعوية تحت عنوان "تمكين المرأة"
  • انتحار البلوجر أم اللول.. هل شنقت نفسها في السجن؟|مصدر أمني يحسم الحقيقة (تفاصيل)