يعتبر عيد الفطر يوما فارقا في حياة الصائمين، بعد أن قضوا شهرا كاملا معتمدين على نظام غذائي خاص، يمتنعون فيه عن الطعام والشراب ساعات طويلة، ثم يتناولون وجبات غنية في أوقات محددة، غالبا ما تكون مختلفة تماما عما اعتادوا عليه بقية العام.

وكثيرا ما يكون الانتقال من النمط الغذائي الرمضاني، إلى نمط العيد بما يضمّه من حلويات متنوعة وولائم دسمة تتخلل اللقاءات العديدة التي تجمع الأهل والأصدقاء، سببا في اضطرابات الهضم وما يرافقها من مشكلات معوية أخرى، يمكن تلافيها بشيء من الاحتياط والحذر.

فكيف يمكن قضاء عيد صحي سعيد، وتجنب الاضطرابات الهضمية التي تنغّصه؟

أسباب اضطراب الجهاز الهضمي

عند قدوم العيد، يتغير النمط الغذائي الذي كان المرء قد اعتاد عليه خلال شهر رمضان، فيعود إلى تناول كميات كبيرة من الطعام والسكريات والموالح والأطعمة الدسمة، كما كانت عليه الحال قبل الصيام، بل ربما أكثر بسبب ما يرافق العيد من زيارات وولائم.

ولهذا، يشير المختص في الأمراض الباطنية الدكتور فراس الطراونة -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذا التغير في النمط الغذائي، يعتبر المسبب الأساسي الذي يقود إلى ما يسمى بارتباك الجهاز الهضمي، أو عسر الهضم، والذي يعبر عنه الجسم على شكل حالات إمساك ومغص وانتفاخ في البطن، وتجشؤ كثير، وإسهالات مزمنة أيضا.

الوقاية من الاضطرابات الهضمية

وللحيلولة دون الوقوع في مشاكل صحية واضطرابات هضمية خلال فترة العيد، يؤكد الدكتور الطراونة على أنه يجب تعويد الجسم بشكل بطيء جدا على التراجع التدريجي، وصولا إلى النمط الغذائي اليومي المعتاد قبل رمضان.

وأشار إلى بعض الخطوات لتحقيق ذلك وتجنب الاضطرابات الهضمية، وهي:

تجنّب تناول كميات كبيرة من الحلويات، لأن هذا من شأنه رفع معدل السكر في الدم وخصوصا لدى مرضى السكري، ورفع معدل الدهون في الدم أيضا، لاحتوائها على الزيوت أو السمن.

محاولة تجنّب الولائم الكبيرة ودعوات الطعام العائلية والاعتذار عنها قدر الإمكان، لأنها غالبا ما تحتوي على أطعمة دسمة، وتدفع المرء لتناول كمية كبيرة من الطعام.

تناول وجبة صغيرة جدا في الصباح، وتأخير الغداء إلى ما يقارب وقت الإفطار في رمضان، وذلك لمحاكاة أيام الصيام والتدرّج في تغيير وقت الأكل وصولا إلى الموعد الجديد.

تجنّب التدخين بشراهة، في فترات قصيرة وكميات كبيرة، لأن شراهة بعض المدخنين إلى الكافيين والنيكوتين سيتسبب بحدوث أعراض غير محمودة، كالصداع وارتفاع ضغط الدم واختلال أملاح الدم وتسارع نبضات القلب، وقد يظهر ذلك في بعض الحالات على شكل آلام مقلقة في الصدر تكون سببا في زيارة قسم الطوارئ.

محاولة العودة إلى نظام النوم الاعتيادي تدريجيا، فأغلب الناس في رمضان يعتادون على السهر الطويل، مما يؤدي لاختلاف الساعة البيولوجية وظهور أعراض التعب العام والقلق وآلام العضلات والإرهاق، ولذلك يجب تعويد الجسم على النوم عددا كافيا من الساعات في أوقات النوم الصحيحة.

ويبين الدكتور الطراونة أن من أهم الأسباب التي تدعو الناس لزيارة أقسام الطوارئ في فترة عيد الفطر: ارتفاع معدل السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم، واختلال أملاح الدم، وآلام الصدر التي تتسبب بها التخمة وكميات الطعام السريعة والكبيرة.

ويضيف أن حالات الإسهال عادة ما يكون سببها العودة بشكل سريع جدا لتناول الأطعمة الجاهزة من المطاعم، والتي قد تكون غير مخزنة بشكل جيد خلال هذه الفترة، مما يسبب النزلات المعوية والتهابات الأمعاء المتكررة، والتي تعتبر من المؤشرات الشائعة في فترة عيد الفطر.

الدكتور فراس الطراونة: تغير النمط الغذائي في العيد يعتبر سببا أساسيا لاضطرابات الجهاز الهضمي

النظام الصحي في العيد

وعن تنظيم الغذاء من أول أيام العيد، تشير المختصة في التغذية نورة الجعبري، عضوة جمعية أخصائيي التغذية العلاجية الأردنية، إلى أنه يفضل توزيع وجبات أول يوم في العيد إلى ثلاث وجبات رئيسة ووجبتين خفيفتين، على أن تحتوي كل الوجبة على كمية عالية من البروتين، وكمية معتدلة من النشويات، وكمية قليلة من الدهون.

ونصحت -في حديثها للجزيرة نت- بالابتعاد عن الأطعمة المقلية والدسمة، مؤكدة على أهمية تناول وجبة الفطور وعدم إلغائها، وتناول الوجبات في أوقاتها المعتادة.

وأكدت أن توزيع الوجبات على مدار اليوم بكميات قليلة، وتناولها ببطء شديد، واختيار أطعمة صحية غير دسمة؛ سوف يشعر المرء بالراحة طوال اليوم ويجنّبه الكثير من المشكلات الصحية.

وعن فقدان كثيرين السيطرة على أوزانهم في العيد، ترى المختصة في التغذية أنه يمكن الحفاظ على الوزن بعد رمضان عن طريق:

السيطرة على كمية النشويات والدهون التي يتم تناولها.

تناول كمية كبيرة من مصادر الألياف مثل السلطة، وجعل الوجبة غنية بالبروتينات، وتقليل النشويات مثل الخبز والمعكرونة والبطاطا.

التقليل من تناول الحلويات والكعك، واستبدالها بالفواكه.

وتلفت نورة الجعبري إلى أن الأطعمة الصحية التي يفضّل تناولها بعد شهر رمضان، هي الأطعمة المشوية والقليلة الدهون والغنية بالألياف، مؤكدة على ضرورة الإكثار من شرب الماء بحسب حاجة الجسم.

المختصون ينصحون بالتقليل من حلويات العيد واستبدالها بالفاكهة ما أمكن 

الحلويات والقهوة

أما عن تناول الحلويات، فإن من الضروري التقليل منها إلى أدنى حدّ، ومما يساعد على ذلك الاقتصار على نوع واحد فقط من الحلويات والشوكولاتة التي تقدّم زيارات العيد، أو تأجيل تناولها لوقت آخر.

كما أن من المهم -بحسب الجعبري- التقليل من تناول القهوة فقط، والاقتصار على فنجان واحد أو اثنين على الأكثر، وتجنب العصائر والمشروبات الغازية. وبالعموم، يفضل تناول المشروبات من دون سكر، للتقليل من كمية السكر المستهلكة خلال اليوم.

قد تقلل هذه الاحتياطات البسيطة من استمتاعك بزيارات العيد، لكنها ستجنّبك زيارة المستشفى وما يرافقها من اضطرابات وآلام قد تنغّص عليك فرحة العيد.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: کبیرة من فی العید

إقرأ أيضاً:

التوقيت المثالي لتناول الطعام في اليوم.. جرب هذا النظام لإبطاء الشيخوخة

الغذاء عنصر أساسي للحياة، وبالإضافة إلى ماذا نأكل، فإن توقيت تناول الطعام أيضًا يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الصحة وطول العمر، فقد أشار أحد الخبراء إلى وجود وقت مثالي لتناول الطعام، يساعد على تحسين الصحة العامة وإطالة العمر، وقد ظهرت العديد من الدراسات التي تشير إلى وجود علاقة بين توقيت الوجبات وصحة الإنسان.

ما هو الصيام المتقطع؟

الدكتور فالتر لونجو، مدير معهد طول العمر بجامعة جنوب كاليفورنيا، وواحد من أكثر 50 شخصًا تأثيرًا في مجال الرعاية الصحية، يقول إنّ هناك وقتًا مثاليًا لتناول الطعام إذا كنت تريد أن تتمتع بصحة أفضل وتعيش حياة أطول، مشيرًا إلى أنّ الأبحاث أثبتت أنّ تحديد أوقات تناول الطعام لتكون 12 ساعة فقط، يمكن أن يساعدك على البقاء أصغر سنًا، وهو ما يُعرف بالصيام المتقطع، إذ يقول العلماء إن الالتزام بتناول الطعام خلال هذه الفترة وعدم تناول أي شيء خارجها له فوائد صحية، وفقًا لمجلة «تايم» الأمريكية.

وهذا يعني، على سبيل المثال، أن تتناول جميع وجباتك حتى وجباتك الخفيفة بين الساعة 7 صباحًا و7 مساءً «أو 8 صباحًا و8 مساءً» وما إلى ذلك، ويمكنك فقط تناول الماء والمشروبات الخالية من السعرات الحرارية مثل القهوة السوداء والشاي خارج هذه الوقت المحدد لتناول الطعام.

ويقول الدكتور فالتر لونجو، إنّ هناك أدلة تشير إلى أن الصيام المتقطع قد يؤدي إلى فقدان الوزن (على الأقل في الأمد القريب)، فضلًا عن تحسين عوامل الخطر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب، إلا أنّه قد لا يكون أكثر فعالية من بعض الطرق الأخرى لفقدان الوزن، ولكنه قد يناسب بعض الأشخاص بشكل أفضل، ونظرًا لكونه مجالًا بحثيًا حديثًا نسبيًا، فلا يوجد دليل يذكر على الفوائد طويلة الأمد حتى الآن، كما يحذر من وجود بعض الأشخاص الذين لا ينبغي لهم تجربته، بما في ذلك النساء الحوامل والمصابين بمرض السكري من النوع الأول.

فوائد الصيام المتقطع

ويقول الدكتور لونجو: «إن تناول الطعام لمدة اثنتي عشرة ساعة فقط في اليوم، هو النظام الذي لم أقابل طبيبًا أو أي شخص يجادل فيه أبدًا، ومع ذلك، فإن معظم الناس في أمريكا، وأفترض في المملكة المتحدة، يأكلون لمدة تتراوح بين 14 إلى 15 ساعة في اليوم، وهذا يعني أنهم يصومون لمدة تسع ساعات فقط أو نحو ذلك»، مضيفًا: «كما هو الحال مع جميع الأشياء، بدأ الناس في إساءة استخدامه، والصيام لمدة 16 ساعة يوميًا أو 18 ساعة أو 20 ساعة، ما يسبب العديد من الآثار الجانبية والكثير من المشاكل على المدى الطويل».

وأضاف أنّه بالنسبة لتأثير هذا النمط الغذائي فعليًا على عمليات الشيخوخة، فإنّه بالفعل يمكن أن يجعلنا أصحاء لسنوات أخرى، خاصة أنّ الدراسات على الفئران تشير إلى ذلك: «بدأنا نرى بعض الدراسات التي تشير إلى انخفاض العمر البيولوجي، أما بالنسبة للـ 12 ساعة فلم أر قط أي دراسات سلبية، أو وبائية أو غير ذلك، لذا أود أن أقول إن هذه توصية جيدة جدًا، ويبدو أنّها تعمل على إبطاء الشيخوخة».

ويقول البروفيسور تيم سبيكتور، إنه أجرى دراسة تسمى «زوي بيج إيف»، وطلب فيها من 140 ألف شخص تناول الطعام خلال فترة زمنية مدتها 10 ساعات (والصيام لمدة 14 ساعة) لمدة ثلاثة أسابيع، ووجد أنّ ثلث الأشخاص كان من السهل عليهم فعل ذلك، واستمروا في الواقع بعد الأسابيع الثلاثة، والكثير منهم استمروا لمدة ستة أشهر، وحصل هؤلاء الأشخاص على فوائد حقيقية في الحالة المزاجية والطاقة، حيث فقدوا الوزن وتحسن محيط الخصر، وشعور أقل بالجوع.

مقالات مشابهة

  • كمية الطعام أم توقيت تناوله؟.. ما الأفضل في التحكم بمرض السكري؟
  • التوقيت المثالي لتناول الطعام في اليوم.. جرب هذا النظام لإبطاء الشيخوخة
  • اكتشاف نوع جديد من اضطرابات تخثّر الدم يعقّد التشخيص والعلاج
  • لماذا نستمر في الأكل حتى بعد الشبع؟.. نصائح لتجنب عادة «الأكل العاطفي»
  • كيف تحمي نفسك من الذبحة الصدرية ؟.. نصائح مهمة
  • اليوم العالمي لسرطان الأطفال.. نصائح للآباء والأمهات
  • هل يجوز تأخير الصلاة بسبب الجوع .. اعرف رأي الشرع
  • ما كمية «الكربوهيدرات» الموصّى بها لـ«حماية الدماغ»؟
  • 7 خطوات تخلصك من ضغط الدم.. «الصحة» تقدم روشتة للوقاية منه
  • ذيل الحصان يعالج ارتفاع ضغط الدم