توماس فريدمان: لا حل أمام إسرائيل سوى وقف إطلاق النار ومغادرة غزة
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
قال الكاتب الصحفي توماس فريدمان إن إسرائيل تقف اليوم عند نقطة إستراتيجية في حربها على غزة، ولكن كل الدلائل تشير إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيختار الطريق الخطأ، ويأخذ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في رحلة خطرة ومقلقة للغاية.
وتابع فريدمان -المقرب من إسرائيل- أن الخيار الأفضل بالنسبة لتل أبيب في نهاية المطاف، مهما كان ذلك مزعجا وخطرا، هو ترك بقية قيادات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في السلطة بغزة.
ولفهم ذلك، يستعرض فريدمان -في عموده بصحيفة نيويورك تايمز- نصيحته السابقة لإسرائيل بأن لا ترتكب خطأ فادحا بالاندفاع المتهور إلى اجتياح غزة كما فعلت أميركا في أفغانستان بدلا من السعي لاستعادة محتجزيها، ونزع الشرعية عن "حماس" وملاحقة قيادتها بطريقة مستهدفة كما فعلت مع من قتلوا رياضييها في ميونخ عام 1972، لا كما فعلت الولايات المتحدة من تدمير في مدينة دريسدن التي حوّلتها إلى كومة من الأنقاض في الحرب العالمية الثانية.
ومع أن الإسرائيليين -كما فهم الكاتب- شعروا بأن لديهم حقا أخلاقيا وإستراتيجيا وضرورة للذهاب إلى غزة وإزالة حماس "مرة واحدة وإلى الأبد"، فإنهم لم يدركوا أن ذلك يحتاج إلى الوقت والشرعية والموارد العسكرية وغيرها من الولايات المتحدة، لأن القضاء على "حماس" لا يمكن أن يتم بسرعة، إن كان من الممكن تحقيقه أصلا.
وكان على إسرائيل -كما شرح فريدمان- أن تخوض هذه الحرب بأقل قدر من الأضرار الجانبية التي تلحق بالمدنيين الفلسطينيين، وأن تصاحبها بأفق سياسي لعلاقة جديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مبني على دولتين قوميتين لشعبين أصليين، لأن ذلك سيمنحها فرصة لتقول للعالم إن هذه لم تكن حربا انتقامية ولا احتلالا، بل حربا للقضاء على "حماس".
وأبدى الكاتب أسفه على أن نتنياهو وجيشه لم يتبعوا هذا المسار، واختاروا المزيج الإستراتيجي الأسوأ عسكريا، أي نهج دريسدن الذي قتل فيه آلاف المدنيين الفلسطينيين، وترك مئات الآلاف من الجرحى والنازحين والمشردين وأدى -بالنسبة للكثيرين في جميع أنحاء العالم- إلى نزع الشرعية عما اعتقدت إسرائيل أنها حرب عادلة.
إستراتيجية مجنونة
وبدلا من ربط إستراتيجية الحرب هذه بمبادرة من شأنها أن تشتري لإسرائيل بعض الوقت والشرعية والموارد لتفكيك "حماس"، رفض نتنياهو تقديم أي أفق سياسي أو إستراتيجية خروج، واستبعد صراحة أي تعاون مع السلطة الفلسطينية بموجب أوامر من المتعصبين اليهود في ائتلافه الحاكم، حسب رأي فريدمان.
وهكذا اتبعت إسرائيل إستراتيجية مجنونة، أدخلتها في حرب لا يمكن كسبها سياسيا، وانتهى بها الأمر إلى عزل الولايات المتحدة، وتعريض مصالحها الإقليمية والعالمية للخطر، وتقويض دعم إسرائيل في الولايات المتحدة، وكسر قاعدة الحزب الديمقراطي للرئيس بايدن.
وتحدث فريدمان عن الخطط الأميركية للتطبيع وكيف أن هجوم "حماس" جاء من أجل تقويضها، وقال إن إسرائيل يجب أن تسارع إلى إنهاء الحرب في غزة، وإيجاد حكومة جاهزة للشروع في مسار حل الدولتين.
وهذا هو مفترق الطرق الذي تقف عنده الأمور -حسب فريدمان- وهو يفضّل أن تغير إسرائيل مسارها على الفور، وتنضم إلى إدارة بايدن في تبني مسار حل الدولتين، وهو ما يتطلب منها فعل ما حثها عليه فريق بايدن سرّا، عندما قالوا لها "انسوا أمر غزو رفح واستخدموا بدلا من ذلك نهجا مستهدفا للقضاء على بقية قيادة حماس".
ورأى فريدمان أن إصرار إسرائيل على غزو رفح ورفض تدخل السلطة الفلسطينية في مستقبل غزة، سيكون بمثابة دعوة لاحتلال دائم لغزة وتمرد دائم لحركة "حماس"، ومن شأنه أن يجعل إسرائيل تنزف اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا بطرق خطرة للغاية.
أعيدوا التفكير
ولذلك يرى فريدمان أن الوضع الأفضل لإسرائيل هو الموافقة على مطلب حماس بالانسحاب الكامل من غزة ووقف إطلاق النار، وصفقة التبادل الشاملة، لجميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل جميع السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل.
وأوضح الكاتب أن إبقاء حماس ضعيفة في غزة أفضل من أن تتحول غزة إلى أرض عصابات أشبه بالصومالية، على البحر الأبيض المتوسط، وأكد أنه في الصباح التالي لبدء وقف إطلاق النار وخروج يحيى السنوار، سوف يهتف له البعض بسبب الأذى الذي ألحقه بإسرائيل، ولكنه في صباح اليوم التالي، سيواجه استجوابا قاسيا من سكان غزة.
وذهب فريدمان في تحليل لما سيحدث عندما تخرج إسرائيل من قطاع غزة بعد استعادة محتجزيها، معتقدا أن اتفاقا أميركيا مصريا سيحول دون تهريب الأسلحة إلى غزة.
وزعم الكاتب المؤيد لإسرائيل أن هذه الديناميكية هي الطريقة الوحيدة لتهميش "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، من خلال تشويه الفلسطينيين أنفسهم لسمعة هذه الجماعات باعتبارها وكلاء لإيران المستعدة للتضحية بأرواح الفلسطينيين لتحقيق طموحها في الهيمنة الإقليمية.
وقال إن لدى بايدن خطة، تشمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع وإطلاق سراح المحتجزين، وبعد ذلك سيخرج بمبادرة سلام جريئة، وهو ما أسماه خبير عملية السلام الإسرائيلي غيدي غرينشتاين "المزيد مقابل المزيد"، أي المزيد من الأمن والتطبيع مع الدول العربية أكثر مما عرض على إسرائيل في أي وقت مضى، والمزيد من المساعدات العربية والأميركية للفلسطينيين لتحقيق حلم الدولة، أكثر مما شهدوه من قبل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
حماس: اتفاق وقف النار بغزة قريب ما لم تضع إسرائيل شروطا جديدة
اعتبرت 3 فصائل فلسطينية أن إمكانية الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى باتت أقرب من أيّ وقت مضى إذا لم تضع إسرائيل شروطا جديدة، بينما أشار قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الاتفاق من الممكن أن يرى النور قبل نهاية العام إذا لم يعطله رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقالت حماس -في بيان اليوم السبت- إن وفودا من قادتها والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بحثت في القاهرة أمس مجريات الحرب الإسرائيلية على غزة، وتطورات المفاوضات غير المباشرة لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ومجمل المتغيرات على مستوى المنطقة.
وقالت أيضا إن وفود الفصائل الفلسطينية الثلاثة اتفقوا على أنّ "إمكانية الوصول إلى اتفاق باتت أقرب من أيّ وقت مضى إذا توقف العدوّ عن وضع اشتراطات جديدة".
وأضافت حماس "اتفقنا مع قادة الجهاد والجبهة الشعبية على الاستمرار في التواصل والتنسيق حول كافة المستجدات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على شعبنا ومفاوضات وقف إطلاق النار".
وتابعت أنها بحثت مع الجهاد والجبهة الشعبية مشروع لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة، وأهمية بدء خطوات عملية لتشكيل اللجنة والإعلان عنها في أقرب فرصة.
إعلان
"نقاط عالقة غير معطلة"
في سياق متصل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قيادي في حماس أنّ "المباحثات قطعت شوطا كبيرا وهامّا، وتمّ الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف النار وتبادل الأسرى، وبقيت بعض النقاط العالقة لكنّها لا تعطّل".
وأضاف هذا القيادي مشترطا عدم نشر اسمه "الاتفاق يمكن أن يرى النور قبل نهاية العام الحالي إذا لم يعطّله نتنياهو بشروط جديدة".
وأوضح أنّ "الاتفاق في حال تم إعلانه وتنفيذه سيقضي بوقف للحرب تدريجيا والانسحاب العسكري من القطاع بشكل تدريجي، لكنّ الاتفاق ينتهي بصفقة جادّة لتبادل الأسرى ووقف دائم للحرب وانسحاب كلّي من القطاع وعودة النازحين، وعدم العودة للأعمال القتالية بضمانات الوسطاء الدوليين، والإعمار".
نتنياهو يواجه اتهامات متزايدة من المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين بعرقلة التوصل لصفقة مع حماس (الفرنسية) إسرائيل: الظروف تحسنتوأول أمس، أبلغ مكتب نتنياهو عائلات الأسرى في قطاع غزة بأن ظروف إبرام صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية "تحسنت" دون التوصل إلى اتفاق نهائي.
ووفق صحيفة "إسرائيل اليوم" فإنها المرة الأولى التي يصدر فيها مكتب نتنياهو بيانا يتحدث عن "تطور" بالمفاوضات منذ بداية حرب الإبادة -التي تشنها إسرائيل على الحجر والشجر والإنسان الفلسطيني- في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، .
والثلاثاء الماضي، أفادت وسائل إعلام مصرية بأن القاهرة والدوحة تبذلان جهودا مكثفة مع كافة الأطراف للتوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة.
وتحتجز إسرائيل في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 أسير فلسطيني، ويُقدر وجود 100 أسير إسرائيلي تحتجزهم المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة بينما أعلنت حماس مقتل عشرات منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
وأكدت حماس -مرارا، خلال الأشهر الماضية- استعدادها لإبرام اتفاق، وأعلنت موافقتها في مايو/أيار الماضي على مقترح قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن.
إعلانغير أن نتنياهو تراجع عن مقترح بايدن، بطرح شروط جديدة أبرزها استمرار حرب الإبادة الجماعية وعدم سحب الجيش من غزة. بينما تتمسك حماس بوقف تام للحرب وانسحاب كامل لجيش الاحتلال وصفقة تبادل عادلة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعلن، الأسبوع الماضي، أن الجيش يعتزم السيطرة أمنيا على قطاع غزة والاحتفاظ بحق العمل (العسكري) فيه بعد الحرب، كما هو الحال في الضفة الغربية المحتلة.
وتتهم المعارضة وعائلات المحتجزين الإسرائيليين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق، وذلك للحفاظ على منصبه وحكومته. إذ يهدد وزراء متطرفون، بينهم وزيرا الأمن إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها في حال القبول بإنهاء الحرب.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إبادة جماعية في غزة خلّفت قرابة 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها على مرأى ومسمع من العالم جميعه، متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وذلك لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.