المساواة في الإرث في خطاب النخب العلمانية.. نقاش في المنهج (2 من 2)
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
هل بالإمكان التأسيس لفكرة المساواة في الإرث من خارج النسق الأصولي؟
يطرح التأسيس لفكرة المساواة في الإرث من خارج النسق الأصولي ثلاثة أسئلة في السياق العربي الإسلامي، أولها، سؤال الأفق؟ وثانيها، سؤال الإمكان؟ وثالثها سؤال النموذج؟ فلنبدأ بتحرير النظر في كل مستوى على حدة.
أما سؤال الأفق، أو التبعات، فمضمونه أن الدعوة إلى المساواة في الإرث، وتنزيلها على مدونة الأسرة أو الأحوال الشخصية، يطرح تحديا فلسفيا وأخلاقيا، فالمبدأ من حيث النظر الفلسفي يأبى التجزيء، والإخلال بسمة الاطراد في تنزيل المبدأ على كل مستوياته، يثير مشكلة أخلاقية يصعب فكها.
لازم ذلك، أن المساواة في الإرث، بمقتضى المبدأ الفلسفي والأخلاقي، يجر معه تغييرا جذريا لأنماط العلاقات الأسرية والاجتماعية، يسائل الحقيقة الاسوسيولوجية عن إمكان المعادلة الاجتماعية العربية تحمله، وهذا يجرنا إلى المستوى الثاني من السؤال، أي الإمكان؟
فعلى فرض أن التيار العلماني، يقبل هذا الرهان، أي تعميم المساواة في كل وحدات المدونة، وإجراء المناصفة على الأدوار الاجتماعية، بما يجعل المرأة شريكا اقتصاديا واجتماعيا للزوج في إدارة البيت وفي فك رابطة الزوجية أيضا وتحل أعباء ذلك، فهل تقبل الحقيقة الاجتماعية ذلك؟ وهل اشتغل التيار العلماني على الواجهة الفكرية في مسار تحديثي ثقافي مجتمعي، يضمن به انخراطا مجتمعيا في هذا المشروع لاسيما من قبل المرأة التي رَفع خطاب المساواة في الإرث أصلا رهان إنصافها؟ وهل الحقائق السوسيوقتصادية توفر الشروط لإنجاح هذا الورش الحقوقي؟
المساواة في الإرث، بمقتضى المبدأ الفلسفي والأخلاقي، يجر معه تغييرا جذريا لأنماط العلاقات الأسرية والاجتماعية، يسائل الحقيقة الاسوسيولوجية عن إمكان المعادلة الاجتماعية العربية تحملهلقد قضى التيار العلماني في عدد من الدول العربية فترة طويلة فقط من أجل أن يقنع المجتمع بتجريم زواج القاصر، وقد وجد في بعض البيئات والمعادلات ظروفا سياسية تساعده على نقل هذه الفكرة إلى واقع، ولم تكن السلطة القائمة، بدافع من المحافظة حائلا دون أن يتحقق هذا الحلم، لكن في الواقع، كانت الحقيقة السوسيولوجية صادمة، لاسيما في مناطق الندرة التي تتراجع فيها مستويات التنمية وهي بالمناسبة واسعة وممتدة في فضائنا العربي، ولم تستطع التحولات السوسيوقتصادية أن تعاند حقيقة أن الزواج بالقاصر في هذه المناطق أضحى أداة من أدوات الإنتاج، أو على الأقل، أصبح إحدى الحلول لتسوية بعض المشاكل المجتمعية القاهرة.
تنزيل مفهوم المساواة المطلقة، وتأطير العلاقات الأسرية بوحي منها، لا يتطلب فقط إزالة الحواجز السوسيوقتصادية وإقناع الأسرة بأن الخيار الأفضل لها ولبناتها أن يلجن إلى المدرسة، ويستكملن تعليمهن كما هو الحال بالنسبة لزواج القاصر، بل يتطلب إحداث زلزال اقتصادي واجتماعي وثورة ثقافية، لا تواجه فقط ما يسمى في الأدبيات العلمانية بالثقافة الذكورية، بل يضع نصب عينيه، إقناع المرأة بالتخلي عن الثقافة التمييزية لصالحها، أي إقناعها بالتنازل عن مكتسبات ثقيلة في سبيل تحميلها مسؤولية الإبحار في معادلة اجتماعية تصل فيها نسبة البطالة إلى أكثر من 10 في المائة، أخذا بعين الاعتبار حال النساء اللواتي يقوم أزواجهن بتحمل مسؤولية النفقة عليهن، فهؤلاء لا يدخلن في الحسبة، لأنهن ينتمين في الاعتبار العلماني، إلى عالم ما قبل تنزيل المساواة المطلقة.
نترك الجواب عن سؤال الإمكان مفتوحا، ونقدر أنه سيكون من التيار العلماني من المنصفين من يستطيع أن تدفعه جرأته للجواب عن هذا السؤال بقدر من الوضوح، ويعتبر -التزاما بمبدئه العلماني- أن شروط تنزيل المساواة المطلقة لا تزال بعيدة، إن لم تكن مستحيلة في المديات القصيرة والمتوسطة، وأن سؤال الإمكان ليس مرتبطا بجهد ثقافي (ثورة ثقافية) يقوم بها التيار العلماني في المجتمع العربي، ولا ندري أهليته للقيام بها في الشروط الراهنة، بل يتطلب تحولا سوسيوقتصاديا رهيبا، يقترب تماما من الثورة الصناعية التي قامت في أوربا، وهو السيناريو الذي يستبعده أكثر المتفائلين توقعا.
سؤال الإمكان حتى لا نقول إن الجواب عنه مستحيل أو صعب، يتطلب توفير أرضية صلبة، تأخذ مسارا ممتدا من الزمن، ربما يسع قرونا، شرط أن يحصل التفاعل بين مستويين من التحول، الديناميكية العلمانية في المجتمع، وشروط التثوير المجتمعي، والديناميكية الاقتصادية والاجتماعية وما يمكن أن يؤمل منها من تغير البنيات الاقتصادية والاجتماعية، وما يستتبعه ضرورة من تغير الأدوار بين الرجل والمرأة فضلا عن العلائق الأسرية والاجتماعية.
المفارقة أن عقبة سؤال الإمكان إن تم تجاوزها، فإنها لا تعني أن المشكلة قد حلت، بل لا بد من الجواب عن سؤال النموذج؟ وأي رؤية يحملها العلمانيون لنظام إرث بديل يقوم على مبدا المساواة المطلقة؟
إن كان الجواب يقتفي النموذج الأمريكي، فهذا يطرح أسئلة إشكالية أعقد من تلك التي يطرحها العلمانيون على نظام الإرث في الإسلام، فالإرث في النموذج الأمريكي، يعطي للمالك سلطة في توزيع إرثه حسب رغبته وإرادته، فيمكن أن يكتب وصية موثقة لدى المحامي ويشهد عليها، وقد يكون مضمونها تمكين شخص واحد من الإرث، ربما يكون وارثا شرعيا أم لا، ويتم بناء على ذلك حرمان الورثة من الإرث، وإذ ذاك سندخل في نقاش فلسفي عميق، يتعلق بمناط توزيع الثروة بعد الموت، وهل هو حرية المالك حال حياته (إرادته ورغبته تعبر عن حقه في توزيع ثروته كما يشاء)، أم هو العدل الذي يضمن لذوي القربى أن يأخذوا نصيبا من الإرث كما هي النماذج ألأخرى، البريطانية والفرنسية على سبيل المثال، والتي تقيد الوصية بنصيب محدد حتى لا يحرم الورثة من تركة المتوفي.
لا نريد الخوض في هذه الإشكالية، فالحرية التي يناط بها توزيع التركة بمقتضى الوصية في النموذج الأمريكي، قد خضعت في نماذج أخرى لعملية مراجعة عميقة (تقييد يحمي حق الورثة في تركة الهالك)، ولم يسمح بها إلا في حدود الثلث كما هو النموذج البريطاني، أو بما لا يفوق النصيب الشرعي للورثة كما يحدده القانون الفرنسي.
وإذا كان الجواب يقتفي نماذج أخرى غير النموذج الأمريكي، مثل النموذج الفرنسي والبريطاني، فإن السؤال الذي يطرح هو معايير تقسيم الجهات التي تستحق الإرث، بل معايير إدخال الأبناء غير الشرعيين (الطبيعيين) والذين تم تبنيهم ضمن الورثة الشرعيين، ومعايير المفاضلة بينهم وبين الأبناء الشرعيين.
في النموذج الفرنسي ثمة مشكلة تتعلق بإرث الأبوين، اللذين يحجبان بوجود الفروع، وهي مسألة بالغة الحساسية في مجتمعنا العربي الإسلامي، يتطلب من العقل العلماني أن يكون جاهزا لمواجهة التحدي الذي تشكله ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.
في النموذج البريطاني، تطرح مشكلة الأبوين بشكل أكثر حدة، فهما يحجبان ليس فقط بوجود الفروع كما في النموذج الفرنسي، بل يحجبان أيضا بوجود الزوج أو الزوجة، فيمكن الزوج أو الزوجة من كل التركة في حال عدم وجود الفروع، ولا يرث أبوي الهالك أي شيء، لأنهما محجوبان بمقتضى القانون الذي رتب جهات الإرث بهذا الترتيب.
في النموذج الأمريكي، يتغير الترتيب قليلا، فتسبق جهة الزوجية جهة البنوة، ولا تحجب أحدها الأخرى، فيحصل اقتسام التركة في حال اجتماعهما، ويحرم الأبوان في حال وجود الزوج أو الزوجة، أو حال وجود الأبناء.
هذه بعض الأسئلة التي تطرحها ثلاثة نماذج نظم إرث غربية، تعتبر ملهمة للتيار العلماني في تحقيق مفهوم المساواة، وهي تثير تحديات كثيرة، لا تتحملها المجتمعات العربية، فهذه المجتمعات لا تتقبل لحد الآن تمكين الولد الناتج عن علاقة غير شرعية من النسب، أي من السبب الذي يضمن له الحق في الإرث، ولا تقبل أن يكون التبني سببا في استحقاق الإرث، فبالأحرى أن تقبل ان يحرم الأبوان من الإرث، سواء بالفروع بمن فيهم أبناء الزنا حسب المتداول ثقافيا في الفضاء العربي، أو بالأزواج، وهي فوق هذا وذاك، تثير إشكالات أخرى مرتبطة بالحرمان الكلي من الميراث بمقتضى الوصية كما هو النموذج الأمريكي، أو الحرمان الجزئي كما هو الحال في النموذجين البريطاني والفرنسي، واللذين لا يمعنان أن توجه الوصية لوارث شرعي، مما يثير من جديد سؤال المساواة، بل تحدي المحاباة، وما يترتب عنه من سؤال العدل في توزيع الثورة على الورثة.
خاتمة:
وهكذا، يتبين أن قضية المساواة في الإرث، التي ترفعها التيارات العلمانية مطلبا في خطابها، تثير تحديات كبرى، في الغالب ما يتم إخفاؤها، لأن الطاغي في النقاش هو الإيديولوجيا وليس المعرفة المنهجية، فتبين في خلاصات هذا المقال، أن هذا المطلب يطرح بجدية سؤال الأفق وسؤال الإمكان وسؤال النموذج، وأن هذه الأسئلة الثلاثة، لا جواب لها لحد الآن، سواء على مستوى خطاب النخب العلمانية، أو على مستوى حقائق السوسيولوجيا العنيدة.
إقرأ أيضا: المساواة في الإرث في خطاب النخب العلمانية.. نقاش في المنهج (1من2)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير مدونة الأسرة المغرب اصلاحات جدل مدونة الأسرة سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الإرث الإرث فی کما هو فی حال
إقرأ أيضاً:
بانوراما نيويورك التسعينيات مجمدة في الزمن.. هل ستخضع للتحديث؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبلغ ارتفاع مبنى إمباير ستيت حوالي 38.1 سنتيمترًا، في حين يبلغ ارتفاع تمثال الحرية أقل بقليل من 5 سنتيمترات من دون قاعدته. وبهذا المقياس، حتى النمل سيكون ضخمًا جدًا كي يُمثل الناس في الشوارع بالأسفل.
هذه المجسّمات المصغّرة الواقعية للمعالم الشهيرة موجودة على البانوراما التي تبلغ مساحتها 867،25 مترًا مربعًا، وتجسّد أكبر نموذج لمدينة نيويورك، وقد بُني يدويًا بدقة عالية بمقياس 1:1,200.
وللنموذج مترامي الأطراف غرفة خاصة في متحف كوينز، حيث تم تركيبه لأول مرة في ستينيات القرن الماضي، ويدور برقة بين إضاءة النهار والليل، فيما يُمنح الزوار على الممرات الزجاجية إطلالة بانورامية على جميع أحياء المدينة الخمسة.
وبعد الاحتفال بالذكرى الستين للنموذج، العام الماضي، نشر المتحف كتابًا جديدًا يقدم نظرة من خلف الكواليس على كيفية صنع البانوراما. كما عُرضت في المتحف لقطات أصلية لآخر تحديث رئيسي للنموذج، الذي اكتمل العام ١٩٩٢، كجزء من فيديو مدته ١٢ دقيقة يتضمن مقابلات مع بعض المُجدِّدين.
رافقت لين ماليسزيوسكي، مساعدة مدير الأرشيف والمجموعات في متحف كوينز، CNN بزيارة إلى بانوراما في مطلع مارس/ آذار، وأعربت عن أملها بأن يساعد الكتاب والفيديو على جذب المزيد من الزوار، والانتباه إلى الجهد الكبير الذي بُذل في بناء النموذج، أكثر من ١٠٠ عامل بدوام كامل، من يوليو/ تموز ١٩٦١ إلى أبريل/ نيسان ١٩٦٤.
ولفتت ماليسزيوسكي: "أحيانًا عندما أدخل إلى هنا، تنتابني القشعريرة، لأن هذا النموذج يُجسّد الأحلام، والآمال، والعائلة، والنضال، واليأس، والحماس.. كل جانب من جوانب المشاعر الإنسانية موجود هنا (في نيويورك) في ذات الوقت. إنه يُظهر لنا أشياء لا يُمكنك إدراكها وأنت على أرض الواقع".
بُنيت بانوراما في الأصل لمعرض نيويورك العالمي العام ١٩٦٤، الذي كان آنذاك أكبر معرض دولي في الولايات المتحدة، وكان يهدف إلى تسليط الضوء على ابتكارات المدينة.
أشرف على المعرض روبرت موزس، مخطط المدن المؤثر والمعروف، والذي تسببت مشاريعه للطرق السريعة في نزوح مئات الآلاف من سكان نيويورك. عندما كُلّف موزس ببناء بانوراما كانت تحتوي على أجزاء قابلة للإزالة وإعادة تصميمها بغية تحديد أنماط حركة المرور الجديدة وتصاميم الأحياء، فرأى فيها فرصةً لاستخدامها كأداة تخطيط للمدينة.
بُني النموذج وعُدِّل أساسًا، بهامش خطأ أدنى من 1%، وحُدِّث مرات عدّة قبل تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه مُجمَّد الآن في الزمن. ووفق ماليسزيوسكي، فقد كلَّف صنعه أكثر من 672,000 دولار أمريكي في العام 1964، (6.8 مليون دولار أمريكي بأسعار اليوم)، وأُنفق قرابة مليوني دولار أمريكي (حوالي 4.5 مليون دولار أمريكي بأسعار اليوم) عند آخر تعديل له في العام 1992.
أما عن سبب عدم تحديث البانوراما منذ ذلك الحين، فتعتقد ماليسزيوسكي أن الموارد البشرية والمالية اللازمة لتصوير ثلاثة عقود من المباني الجديدة ستكون "استثنائية". إضافةً إلى ذلك، تتطلب صناعة النماذج الفريدة متخصصين يصعب العثور عليهم.
وأوضحت ماليسزيوسكي أنه في حين أن هذه الحرفة كانت تُستخدم في السابق من قِبل العديد من المهندسين المعماريين ومخططي المدن والمصممين، فقد استُبدلت إلى حد كبير بالنمذجة الرقمية.
ومع ذلك، تُضفي الدقة التاريخية للنموذج سحرًا خاصًا.
ولفتت ماليسزيوسكي إلى أنّ "ما ننظر إليه هو الأول من يناير/ كانون الثاني 1992، وهو أمرٌ مُذهل، بالنظر إلى مدى التغيير الذي طرأ، وكم من الأحياء ستُصبح غير قابلة للتمييز حتى لو صغر حجمها وظهرت على هذا النموذج".
وأضافت: "يستمر العالم في التطور بسرعة كبيرة، أليس كذلك؟ لكن في مدينة نيويورك، من حيث البنية التحتية، فإنّ التطور أسرع".
معالم جديدة وقديمةيُدعم نموذج البانوراما بـ497 دعامة فولاذية، مُغطاة بطبقات من الخشب والإسفنج نُحتت لتشبه تضاريس مدينة نيويورك، وفقًا للكتاب. وتُزيّن جسور صغيرة مصنوعة من النحاس، والعديد من عربات أكريليك، وحافلات، وقطارات، وعربات مترو أنفاق، النموذج الذي صُمم في الأصل ليمشي عليه الزوار، تحديدًا في المناطق ذات المباني المسطحة والأصغر، والممرات المائية والحدائق الواسعة.
يحتوي النموذج على حوالي 895,000 نسخة طبق الأصل من المباني، ضمنًا منازل من الحجر البني ومنازل خاصة، مصنوعة بتقنية حقن الأكريليك، بالإضافة إلى مبانٍ مميزة، مثل ناطحات السحاب والمتاحف والكنائس، مصنوعة من الخشب والورق المطلي يدويًا.
وخضع النموذج لخمس عمليات تحديث، شملت أبرز الإضافات مجمع مركز التجارة العالمي العملاق، ولا يزال البرجان التوأمان معروضين في النموذج، بالإضافة إلى مدينة باتري بارك، وهي مكب نفايات سابق أُعيد تطويره في سبعينيات القرن الماضي، ومركز لينكولن، حجر الزاوية في الفنون والثقافة في المدينة.
وبين المعالم الجديدة المفقودة بشكل ملحوظ، حي هدسون ياردز (الذي يضم أيضًا أحد مقرات CNN)، وهاي لاين، وهو ممشى بطول 1.45 ميل (2،33 مترًا) حُوِّل من سكة حديدية للشحن في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والعديد من ناطحات السحاب "النحيفة للغاية" التي تُهيمن الآن على أجزاء من أفق المدينة.
"كل شيء مصنوع يدويًا"يتذكر توم جارو، أحد أعضاء فريق العمل المشاركين في مراجعة العام ١٩٩٢، رؤية النموذج خلال المعرض العالمي للعامين ١٩٦٤-١٩٦٥، عندما كان في السابعة من عمره تقريبًا. في ذلك الوقت، كانت هناك لعبة "هليكوبتر" مصنوعة من سيارة بلاستيكية مجنزرة تدور حول محيطها، ما يسمح للركاب برؤية نموذج المدينة على ارتفاع ٢٠ ألف قدم.
صرح جارو لـCNN أنّه "بالنظر إلى النموذج، من المخيف التفكير في أن أي شخص يمكنه إنشاء نموذج بهذا الحجم والضخامة (وبهذا القدر) من التفاصيل".
استذكر جارو، الذي عمل لدى ليستر وشركاه، الشركة الرائدة في تصميم نماذج البانوراما المعمارية، لمدة 15 عامًا قبل أن يؤسس شركته الخاصة المتخصصة في المعارض، إس-تيك أسوشيتس، بعض المهام الدقيقة التي نُفذت خلال عملية التجديد، والتي كانت المرة الوحيدة التي أُزيل فيها النموذج، الذي يزن حوالي 45,000 رطل، من الغرفة التي يوجد فيها حاليًا.
وشملت بعض الأعمال حفر أدق تفاصيل النوافذ والأبواب باستخدام مادة حمضية، وصب مئات الأشكال الجديدة للمباني الإضافية، وإنتاج أشجار وشجيرات صغيرة من الإسفنج المطلي.
وقال جارو: "لو كانت لدينا طابعات ثلاثية البعد حينها لكان الأمر رائعًا، كان بإمكاننا طباعة كل شيء بتقنية ثلاثية البعد، لكن كل شيء كان يتم يدويًا".
كان العمل الرئيسي لجارو كهربائيًا. كانت البانوراما تُضاء سابقًا بأكثر من 3000 مصباح صغير ملون، كان يتعين فكها يدويًا في كل مرة لزم استبدالها. وكجزء من عملية التجديد، قام جارو بتحديث النموذج بأضواء أكثر سطوعًا، رغم أنه اضطر إلى استخدام تقنية كانت تُعتبر قديمة حتى ذلك الوقت بسبب قيود الأسعار، كما يتذكر. وقال: "هناك أميال وأميال من الأسلاك أسفل هذا النموذج، وكلها إضاءة منخفضة الجهد". معظم المصابيح، التي كانت تُستخدم في الأصل لترميز ألوان مرافق البلدية المختلفة في جميع أنحاء المدينة، لم تعد تعمل اليوم.
يتفق كل من جارو وماليسزيوسكي على أن النموذج الحالي سيستفيد من نظام إضاءة أكثر حداثة تسهل إدارته، ويكون أيضًا أكثر تفاعلية مع الزوار، وهو ما يعمل المتحف على تحقيقه بحلول العام 2027، من خلال منحة ممولة من معهد خدمات المتاحف والمكتبات. إلى ذلك، يرغب المتحف بإضافة خطوط مترو الأنفاق رقميًا، والتي لا تظهر حاليًا في النموذج لكنها تلعب دورًا رئيسيًا في تجربة المواطن النيويوركي العادي، بحسب ماليسزيوسكي.
أمريكاتصاميمعمارةمتاحفنيويوركنشر السبت، 22 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.