من تبادل الإهانات إلى مداهمة السفارة.. توتر متزايد في العلاقات بأميركا اللاتينية
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
تدهور الخطاب الدبلوماسي في أميركا اللاتينية، حيث "هاجم الرؤساء بعضهم البعض بوابل من الإهانات التي قد تبدو تافهة على المسرح العالمي، لكنها من الممكن أن تلعب دورا في الداخل، خاصة في ظل قواعدها الأيديولوجية"، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
والعام الماضي، اشتبك الرئيس اليساري لكولومبيا، جوستافو بيترو، مع نظيره السلفادوري اليميني، نجيب بوكيلة، إذ اتهم بيترو بوكيلة بإدارة السجون في بلاده كـ "معسكرات اعتقال"، فيما سلط بوكيلة الضوء على مزاعم الفساد ضد نجل بيترو.
كذلك، تشاجر الرئيس الأرجنتيني اليميني، خافيير مايلي، مع بيترو، ووصفه مؤخرا بأنه "إرهابي قاتل"، مما دفع بيترو إلى طرد الدبلوماسيين الأرجنتينيين من بلاده قبل أن تتم إعادتهم.
كما دخل مايلي في صراع مع الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، واصفا إياه بـ "الجاهل"، حسب "نيويورك تايمز".
والأسبوع الماضي، داهمت قوات الأمن الإكوادورية سفارة المكسيك بالعاصمة كيتو، في عملية أثارت أزمة دبلوماسية بين البلدين، لتوقيف نائب الرئيس الإكوادوري السابق خورخي غلاس، الذي لجأ إليها.
وغلاس الذي سبق أن أمضى عقوبة سجن بتهم فساد، مطلوب بموجب مذكرة توقيف بتهمة اختلاس أموال عامة مخصصة لإعمار مدن بعد زلزال مدمر عام 2016.
وتسببت عملية اقتحام السفارة بأزمة سياسية مع المكسيك وعدد من الدول الأميركية اللاتينية وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، ودان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عملية الدهم باعتبار أنها "انتهاك لاتفاقية فيينا لعام 1961" التي تعنى بالعلاقات الدولية.
وقالت المكسيك، التي قطعت العلاقات الدبلوماسية وسحبت طاقم سفارتها من الإكوادور، إنها تعتزم إحالة قضية اقتحام سفارتها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وقالت وزارة الخارجية المكسيكية، إن النزاع بين المكسيك والإكوادور ظهر لأول مرة في ديسمبر الماضي، عندما سمحت سفارة المكسيك في الإكوادور لغلاس بالبقاء هناك، بعد أن تم الترحيب به "كضيف".
ثم أثار رئيس المكسيك لوبيز أوبرادور غضب الإكوادور، عندما شكك علنا في شرعية انتخاباتها الرئاسية، مما دفع حكومة الرئيس دانييل نوبوا، إلى طرد السفير المكسيكي.
ودافع نوبوا عن قرار توقيف غلاس، ووصفه بأنه "مجرم"، وأشار إلى الأزمة الأمنية المتزايدة في البلاد، لتبرير هذه الخطوة.
لكن منتقديه قالوا إن ذلك كان "أحد أفظع الانتهاكات لاتفاقية فيينا منذ إبرامها عام 1961"، معتبرين أن "الدافع شخصي أكثر، وهو الأجندة السياسية لنوبوا".
وغرقت الإكوادور في مستويات قياسية من العنف، فيما كان يحرص نوبوا، الزعيم الشاب من يمين الوسط، على اتخاذ موقف صارم تجاه الجريمة، إذ إنه على بعد أيام فقط من إجراء استفتاء وطني، والذي، في حالة الموافقة عليه، سيمنحه صلاحيات جديدة واسعة النطاق لمعالجة انعدام الأمن، وربما يساعده على إعادة انتخابه العام المقبل.
ووصف نوبوا مداهمة السفارة وتوقيف غلاس بأنها "وسيلة لإظهار أنه يعمل جاهدا لملاحقة المتهمين" بارتكاب جرائم في بلاده.
لكن، كما يقول العديد من المحللين، فإن قرار حكومة الإكوادور باقتحام السفارة المكسيكية لديها بالقوة، هو من "الأمثلة الصارخة للسياسات الخارجية التي تحركها المصالح الشخصية".
وقال دان ريستريبو، الذي شغل منصب كبير مستشاري الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، لشؤون أميركا اللاتينية، إن "السياسة الخارجية لم تكن نقية قط"، مضيفا: "إنها غالبا ما تكون مدفوعة بمصالح سياسية محلية أو شخصية".
وتابع: "لكن في الأميريكيتن كان هناك بالتأكيد زيادة في وتيرة (المصالح) الفردية خلال السنوات الأخيرة".
وبدا اقتحام الإكوادور لسفارة المكسيك وتوقيف غلاس متناقضا مع سماحها لمؤسس ويكيليكس، جوليان أسانج، بالتحصن لمدة 7 سنوات في سفارتها لدى لندن.
وأسانج متهم بانتهاك قانون التجسس الأميركي بنشر ويكيليكس لوثائق عسكرية ودبلوماسية سرية. وسُمح له بدخول سفارة الإكوادور لدى لندن من قبل رئيسها في ذلك الوقت، رافائيل كوريا، وهو يساري كانت له علاقة عدائية مع الولايات المتحدة.
لكن بعد ذلك تولى الرئيس لينين مورينو منصبه في الإكوادور، الذي سعى إلى بناء علاقات أكثر دفئا مع الولايات المتحدة، وقد سمحت حكومته بتسليم أسانج في نهاية المطاف.
ولا يزال مؤسس ويكيليكس رهن الاحتجاز في بريطانيا، ويكافح من أجل عدم تسليمه إلى الولايات المتحدة.
وعلى صعيد متصل، تقول الشرطة في الإكوادور إن أقوى عصابات المخدرات في المكسيك، هي من تمول صناعة تهريب المخدرات المتضخمة التي غذت العنف والموت في الدولة اللاتينية.
وقال المحلل السياسي الإكوادوري، أجوستين بوربانو دي لارا، إنه إذا كانت حكومة نوبوا "تريد حقا مواجهة الجريمة المنظمة، فإن ما ينبغي لنا أن نحققه هو تعاون أوثق مع المكسيك، وليس هذا المأزق الدبلوماسي معها".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الأرجنتين تتأهل «أولاً» في مشهد مُكرر بالتصفيات اللاتينية!
عمرو عبيد (القاهرة)
أخبار ذات صلةمنذ استحداث النظام الحالي لتصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة إلى كأس العالم، في عام 1996، بات مشهد تأهل الأرجنتين إلى «المونديال»، كصاحب أولى البطاقات اللاتينية، مكرراً، حيث نجح «الألبيسيليستي» في بلوغ النهائيات مُبكراً في 5 نُسخ، بينها التأهل الحالي إلى كأس العالم 2026، والمثير أنه منذ تطبيق نظام الدوري بين جميع منتخبات القارة، لم يُزاحم «راقصي التانجو» في هذا الأمر إلا «الغريم التقليدي»، البرازيل، الذي كان أول المتأهلين من أميركا الجنوبية في الـ3 مرات الأخرى.
وكانت الأرجنتين أول المتأهلين من «التصفيات اللاتينية» إلى نُسخ المونديال في 1998 و2002 و2006، توالياً، علماً أن البرازيل كانت قد ضمنت مقعدها في «مونديال فرنسا»، حسب قواعد الاتحاد الدولي الخاصة بالتأهل المُباشر لـ«حامل اللقب»، بعد فوز «راقصي السامبا» بكأس 1994، ثم كان «السليساو» أول من بلغ مونديال 2010 من أميركا الجنوبية، ثم عادت الأرجنتين للتأهل المُبكر في نُسخة 2014، بينما سيطرت البرازيل على ذلك المشهد مرتين متتاليتين، في 2018 و2022، قبل استعادة «الألبيسيليستي» مكانته المفضلة في التصفيات الحالية.
ولمعت «الجولة الـ14» في هذا الصدد، إذ كان التأهل المُبكر عبرها في 3 مرات، بما فيها الوضع الحالي، الذي منح الأرجنتين البطاقة المُبكرة «رسمياً»، حسب نتائج بقية المنتخبات، قبل فوزه العريض 4-1 على البرازيل، وكان «راقصو التانجو» أول من تأهل إلى كأس العالم 2002 عقب نهاية الجولة الـ14 أيضاً وقتها، وهو ما تكرر مع البرازيل في تصفيات مونديال 2018.
إلا أن البرازيل تملك رقماً متميزاً في هذا الصدد، حيث نجحت في الإعلان رسمياً عن تأهلها إلى كأس العالم 2022 في الجولة الـ13 آنذاك، ليكون التوقيت المُبكر جداً لإعلان أول أسماء المتأهلين من القارة، مقارنة بتأخره في مرتين حتى الجولة الـ16، قبل نهاية التصفيات بجولتين فقط، وهو ما حدث في تصفيات 1998 و2014، وكانت الأرجنتين صاحبة البطاقة الأولى في كل مرة، كما كانت الجولة الـ15 حاضرة في مناسبتين أخريين، متتاليتين، وقت بلوغ «راقصي التانجو» نهائيات 2006، ثم «راقصي السامبا» في 2010.
وبالطبع ارتبط الأمر بمدى صعوبة أو سهولة التصفيات، لصاحب البطاقة «اللاتينية» الأولى، إذ كانت المنافسات الأكثر صعوبة على الإطلاق من نصيب «مونديال 2006»، حيث تأهلت الأرجنتين مُبكراً بعد الجولة الـ15، لكن المنافسات انتهت بصدارة البرازيل في النهاية، بفارق الأهداف فقط عن «الجار اللدود»، تلاها تأهل «الألبيسيليستي» إلى مونديال 1998، بفارق نقطة وحيدة عن وصيفه، باراجواي، وهو ما عانى منه «السليساو» في تصفيات 2010، بفارق نقطة أيضاً عن تشيلي.
وإذا كان «حامل اللقب المونديالي» لم يجد صعوبات كبيرة في بلوغ «مونديال 2026» هذه المرة، حيث يبتعد حالياً عن الإكوادور بفارق 8 نقاط، فإنها لا تُعد أسهل التصفيات تاريخياً، إذ إن البرازيل أنهاها عام 2017 بفارق 10 نقاط عن وصيفه، أوروجواي، بعدما جمع «السليساو» 41 نقطة، لكن الحصاد الأكبر يبقى لمصلحة «الألبيسيليستي» بـ43 نقطة، حصل عليها خلال تصفيات مونديال 2002، بفارق 12 نقطة عن الإكوادور!