البرلمان على موعد مع أجندة رقابية وتشريعية حافلة برهانات إجتماعية وإقتصادية وسياسية مكثفة
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
زنقة 20. الرباط / ومع
يفتتح البرلمان المغربي بمجلسيه، النواب والمستشارين، غدا الجمعة، دورته الثانية من السنة الثالثة للولاية التشريعية الحادية عشرة، في ظل استحقاقات رقابية وتشريعية عنوانها الأبرز تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة وإخراج نصوص تشريعية على قدر كبير من الأهمية إلى حيز الوجود.
وتعد هذه الدورة البرلمانية محطة أيضا، لتجديد هياكل مجلس النواب وانتخاب رئيس المجلس لما تبقى من الولاية البرلمانية ( 2021-2026) طبقا لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس التي تنص على أنه “ي نتخب رئيس المجلس في مستهل الفترة النيابية، ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة، تطبيقا لأحكام الفصل الثاني والستين من الدستور”.
وتضع الأجندة الرقابية والتشريعية الحافلة للدورة الربيعية للبرلمان، التي تكتنفها رهانات اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة، المؤسسة التشريعية في قلب النقاش العمومي، وهو ما يستدعي من مكوناتها توظيف كافة الآليات المتاحة لهم على المستويين التشريعي والرقابي، بهدف إخراج النصوص القانونية المتسقة وطبيعة المرحلة الراهنة والمستجيبة للتحديات المطروحة.
ويمثل الاستحقاق الرقابي والتقييمي الهام المتمثل في تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام البرلمان طبقا لمقتضيات الفصل 101 من الدستور، لحظة سياسية ودستورية رفيعة وتمرينا ديمقراطيا وتواصليا يعكس نضج الممارسة البرلمانية المغربية والتفاعل البناء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية فضلا عن كونه فرصة لإطلاع الرأي العام الوطني على المنجز الحكومي ومدى وفاء الحكومة بتعهداتها المتضمنة في برنامجها الحكومي باعتباره أساسا تعاقديا مع المواطنين.
وفي هذا السياق، أعلنت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في بلاغ أصدرته قبيل افتتاح الدورة الربيعية، أنها تعتزم إطلاق نقاش عمومي حول الحصيلة الحكومية سواء داخل مؤسسة البرلمان أو في وسائل الإعلام والفضاء العمومي بشكل عام، معتبرة أنها “حصيلة إيجابية تترجم الإرادة السياسية القوية للحكومة في أجرأة الإصلاحات الاقتصادية، وتثبيت ركائز الدولة الاجتماعية، وتعكس الوفاء بالالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي”.
وأشادت الهيئة ب “روح الانسجام والتعاون الذي يطبع علاقة الحكومة بفرق الأغلبية البرلمانية، وبالأدوار الكبرى التي تقوم بها هذه الفرق على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وكذا على مستوى الدبلوماسية البرلمانية “، مؤكدة على ضرورة مواصلة تقوية روح التضامن والتعاون والتعاضد بينهما، في إطار من التكامل وإحكام التنسيق، بالإضافة لمواصلة الإنصات للمعارضة والتفاعل مع مكوناتها.
وعلاقة بتجديد هياكل أجهزة مجلس النواب خلال دورة أبريل البرلمانية، عبرت هيئة رئاسة الأغلبية عن دعمها ترشيح راشيد الطالبي العلمي لرئاسة المجلس خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية الحالية.
في الشق التشريعي، تحفل “دورة أبريل” بنصوص ذات أولوية، ستحظى لا محالة بنقاش مجتمعي واسع، وعلى رأسها تلك المتعلقة بإصلاح مدونة الأسرة والقوانين المرتبطة بمنظومة العدالة وكذا مشروع القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
وفي هذا الصدد ، أكد محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، أن هذه الدورة “ستعرف تحديات كبيرة، يتصدرها استكمال تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، واستكمال تجويد المنظومة التعليمية والصحية، بالإضافة إلى ضخ جرعة قوية في مجال التشغيل وحماية الطبقة المتوسطة”.
وقال السيد غيات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن دورة أبريل ستتميز أيضا بتقديم نصوص قانونية ذات أهمية كبرى، لاسيما ذات الصلة بمدونة الأسرة، ومشروع قانون المسطرة المدنية وتخليق الحياة البرلمانية، والقانون الجنائي، “إلى جانب ما سيسفر عنه الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابة من توافقات حول أجندة قانونية تتعلق بالقانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات، بالإضافة إلى النصوص المرتبطة بتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية خصوصا مدونة الشغل”.
وفيما يتعلق بتقديم الحكومة للحصيلة المرحلية، يقول غيات، ” إن للدورة التشريعية الربيعية خصوصية مقارنة مع الدورات السابقة، كونها تتزامن مع مرور نصف الولاية التشريعية التي سيقدم فيها رئيس الحكومة بمبادرة منه، الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي بما تتوفر عليه من زخم كبير من الإنجازات، وهي أيضا دورة لبداية النصف الثاني من الولاية برهاناتها الكبرى”.
واعتبر رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن “التجانس الأغلبي القوي سيلعب دورا مهما في تفادي كل ما من شأنه تعطيل أداء البرلمان أو جره لنقاشات سياسوية لا تخدم مصالح المواطن والوطن”، مشددا على أن ” مسؤوليتنا كممثلين للأمة هي الدفاع عن مصالح المواطنين وإسماع صوتهم ونقل مطالبهم ومساءلة الحكومة وليس إضاعة الزمن السياسي في إنتاج الجدل السياسي الذي لا يفيد أحدا”.
من جانبه، يرى رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب (معارضة)، أن تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة “سيكون مناسبة لفتح نقاش عمومي ومؤسساتي صريح وبناء حولها “، معتبرا أن الحكومة “لم تنفذ معظم التزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي، وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين في ارتباط مع السيادة الطاقية والغذائية والدوائية، بالإضافة إلى تفعيل ورش الحماية الاجتماعية وتقديم الدعم الاجتماعي المباشر”.
وبخصوص إعادة هيكلة أجهزة مجلس النواب ، بمناسبة منتصف الولاية، يؤكد السيد حموني في تصريح مماثل، أن ” هذه المحطة ينبغي أن لا تتميز بطابع تقني أو بمنطق “التوزيع لإرضاء الخواطر، بل يجب أن تكون محطة يسود فيها “منطق الكفاءة والمردودية والفعالية والديمقراطية، من خلال التجسيد الفعلي للمكانة التي بوأها الدستور للمعارضة وحقوقها”.
وعن تعاطي الحكومة مع مقترحات القوانين التي ظلت دائما محط انتقاد من المعارضة، قال حموني “إن الحكومة مطالبة بالتعاطي الإيجابي مع مقترحات القوانين التي تأتي من ممثلي الأمة عموما، ومن المعارضة تحديدا”.
ومن بين الملفات التي يرى رئيس فريق التقدم والاشتراكية أنه يتعين أن تحظى بالأولوية خلال هذه الدورة، مشروع إصلاح منظومة التقاعد، وقانون الإضراب، داعيا الى القيام “بإصلاحات عميقة وجدية لا تجعل الطبقة العاملة تؤدي ثمن الأزمة المزمنة لصناديق التقاعد، بالإضافة إلى سن قانون يحفظ حق الإضراب، بشكل مسؤول ومتوازن، كما هو متعارف عليه كونيا”.
وفي قراءته لأبرز المحطات المرتقبة للدورة الربيعية، يرى عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنها ستكون لا محالة فرصة للحكومة لتقديم حصيلتها وتأكيد تماسكها وذلك من خلال عملية تجديد هياكل مجلس النواب التي تهم إعادة انتخاب رئيس مجلس النواب وانتخاب مكتب المجلس ورؤساء اللجان الدائمة ورؤساء الفرق والمجموعات النيابية، فضلا على تقديم الحكومة لحصيلتها المرحلية في ظل انتقادات قدمتها المعارضة البرلمانية حول الأداء الحكومي”.
واعتبر أدمينو في تصريح للوكالة أن الأمر لا يقف عند تقديم الحصيلة فقط، بل إن هذه الدورة ستكون مناسبة “لاستكمال ما تبقى من الولاية التشريعية، “خاصة أن السنتين الرابعة والخامسة هي مرحلة تكون فيها الحكومة مطالبة بتنفيذ التزاماتها والوعود المقدمة في إطار البرنامج الحكومي”.
وسجل أن التحديات التي تواجهها الأغلبية البرلمانية مرتبطة أساسا بتدبير الملف الاجتماعي والقدرة الشرائية وتمويل كافة المشاريع الاجتماعية والأوراش المهيكلة المتعلقة بالماء والفلاحة، “وهي رهانات تسائل البرلمان والحكومة على حد سواء”.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: بالإضافة إلى مجلس النواب هذه الدورة من الولایة دورة أبریل رئیس فریق
إقرأ أيضاً:
رئيس الأركان صار وزيرا منتدبا للدفاع.. ما خلفيات التعديل الحكومي في الجزائر؟
أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الإثنين، تعديلا وزاريا عيّن بموجبه وزراء جددا ونقل آخرين إلى وزارات ثانية، كما جدد ثقته في الوزير الأول نذير العرباوي الذي عينه منذ 11 نوفمبر 2023 خلفا لأيمن عبد الرحمان.
ومست التعديلات عددا من الحقائب السيادية مثل الدفاع والعدل والتربية والتعليم والتجارة والاتصال.
وكان لافتا تعيين تبون لرئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع، وهو منصب جديد. كما أحدث تعديلا على الخارجية بإضافة مهام الشؤون الإفريقية لها، وعين لطفي بوجمعة وزيرا للعدل حافظا للأختام، خلفا لعبد الرشيد طبي الذي أعلن أنه "استدعي لمهام أخرى"، إضافة إلى تعيين سيفي غريب وزيرا للصناعة خلفا لعلي عون الذي أنهيت مهامه.
كما تولى مستشار الرئيس تبون للتربية والتكوين المهني، محمد الصغير سعداوي، حقيبة التعليم خلفا لعبد الكريم بلعابد.
ومست التعديلات أيضا قطاع التجارة، الذي تمت تجزئته إلى التجارة الداخلية وعلى رأسها طيب زيتوني، والخارجية بقيادة محمد بوخاري، بينما ألحق الوزارة المنتدبة للطاقات المتجددة بوزارة الطاقة والمناجم.
وسجل التعديل الحكومي الجديد غياب مدير الحملة الانتخابية للعهدة الأولى محمد لعقاب عن وزارة الاتصال التي عين على رأسها الدبلوماسي محمد مزيان، مقابل الإبقاء على مدير الحملة الانتخابية للعهدة الثانية إبراهيم مراد على رأس الداخلية.
وعود الرئيسوتعليقا على التعديل الحكومي الجديد، يرى المحلل السياسي فاتح بن حمو أنه "تضمن الكثير من الدلالات التي تؤكد عزم الرئيس تبون تنفيذ وعوده الانتخابية، في مجال الأمن الغذائي والدفاع والقضاء والتجارة والتعليم".
تعديل حكومي في الجزائر وشنقريحة وزيرا منتدبا للدفاع أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الإثنين، تعديلا وزاريا تم بموجبه تعيين وزراء جدد ونقل آخرين إلى وزارات أخرى، فضلا عن تعيين رئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع، وهو المنصب الذي يتولاه تبون.ويشير بن حمو، في حديثه لـ"الحرة"، إلى أن الرئيس الذي يحمل، بحكم الدستور، صفة وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، استحدث منصب الوزير المنتدب للدفاع من أجل "تكريس التكامل بين المهام العسكرية والسياسية في إطار تنفيذ سياسة الحكومة التي تتطلب المزيد من التنسيق المحكم".
كما يعتبر المتحدث أن "التحولات السريعة التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي دفعت إلى هذا القرار الذي يمنح الأولوية القصوى لضمان الأمن وحماية سيادة البلاد من كافة أشكال التهديدات".
بينما يرى الإعلامي محمد إيوانوغان أن تعيين قائد الأركان بمنصب وزير منتدب للدفاع في الحكومة ليس بالحدث الجديد، موضحا أنه مقعد "سبق أن أوجده الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في إطار لعبة التوازنات بينه وبين المؤسسة العسكرية".
وحسب بن حمو، فإن الرئيس "عين الكفاءات التي تقود الوظائف ذات التأثير المباشر على تحسين النمط المعيشي للمواطنين والالتزام بما تعهد به الرئيس خلال حملته الانتخابية".
قررار قبل البيانمن جانبه، يؤكد الخبير في القانون الدستوري، موسى بودهان، أنه "من السابق لأوانه الحكم على أداء الحكومة قبل استعراض بيان سياستها العامة أمام البرلمان، وفق ما ينص عليه الدستور في مادته 111".
ويضيف بودهان، في تصريحه لـ"الحرة"، أن التعديل الحكومي من حيث الشكل "اتسم بمراعاة الكفاءة والتخصص في تعيين الوزراء الجدد، خصوصا الذين تولوا حقائب وزارية حساسة وسيادية بما في ذلك التعليم والطاقات المتجددة والتجارة".
وأكد المتحدث أن التعيينات جاءت لـ"تنفيذ السياسات المستقبلية للحكومة، خصوصا ذات البعد الإفريقي" الذي حمله تعيين أحمد عطاف كوزير دولة للشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، مضيفا أن ذلك "لا يقتصر على الشأن الدبلوماسي، بل يمتد نحو قطاع التجارة الخارجية الذي تستثمر فيه الحكومة بشكل قوي، من خلال إنشاء البنوك والمصارف وتكثيف الرحلات الجوية والتبادلات التجارية".
نجاح أم فشل؟وفي الشأن الاقتصادي دائما، يشير الخبير الدولي في الطاقة والاقتصاد، عبد الرحمان مبتول، إلى أن إلحاق كتابة الدولة للطاقات المتجددة بوزارة الطاقة والمناجم "قرار يصب في اتجاه تسريع فعالية الإجراءات"، في إشارة إلى السلطة التي تتمتع بها وزارة الطاقة على مجمعي سوناطراك وسونلغاز "باعتبارهما أهم الشركاء المستثمرين في سوق الطاقات المتجددة".
البرلمان الجزائري يصوت على أعلى ميزانية في تاريخ البلاد ووفقاً للقانون الذي صادق عليه البرلمان، فإن ميزانية الجيش تتوزع على ثلاثة محاور كبرى، حيث تم تخصيص 5 مليارات دولار للرواتب والنفقات المختلفة للقوات العسكرية والدرك الوطني، و6 مليارات للدعم واللوجستيات، بالإضافة إلى 13 مليار دولار للإدارة العامة.ويؤكد الخبير مبتول لـ "الحرة" أن الجزائر مقبلة على "تفعيل" العديد من الشراكات مع الجانبين الأميركي والأوروبي في قطاع المحروقات والطاقات البديلة ومشاريع الهيدروجين الأخضر "ما يتطلب مركزية القرارات بيد وزارة الطاقة".
وبعكس ذلك، يعتقد الإعلامي محمد إيوانوغان أن التعديل الحكومي أظهر "عجز السلطة" عن إيجاد الحلول في مختلف القطاعات التي تمنح نفسا جديدا للعهدة الرئاسية الثانية.
ويستدل إيوانوغان في تصريحه لـ"الحرة" على ذلك بالوعود التي قطعها الرئيس في وقت سابق بـ"البحث عن أحسن الكفاءات، وفي النهاية أبقى على أكثر من نصف الحكومة السابقة"، وفق تعبيره.