صحف عالمية: إسرائيل لن تكسب الحرب ونتنياهو سيأخذ بايدن في رحلة خطيرة
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
تناولت صحف عالمية ردود فعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية على اغتيال إسرائيل عددا من أولاده وأحفاده، ومواصلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرقلة الصفقة التي تحاول الولايات المتحدة الأميركية التوصل إليها.
فقد أبرزت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية رد رئيس المكتب السياسي لحماس على استشهاد ثلاثة من أبنائه وعدد من أطفالهم في غارة إسرائيلية صبيحة عيد الفطر، حيث قال هنية لإسرائيل والمفوضين "إذا كان الهدف (من العملية) هو الضغط على قرار حماس فلن ينجح الأمر".
أما صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فنشرت مقالا للمحلل المعروف عاموس هارئيل، قال فيه إن نفور نتنياهو من اتخاذ قرار (بالاتفاق مع حماس) "يعرقل صفقة الرهائن (الأسرى)".
ووفقا لهارئيل، فإن نتنياهو الذي يعلم أن ثمن الاتفاق قد يكون نهاية ائتلافه (الحكومي)، "يبدو أنه يقف إلى جانب أولئك (المتطرفين) الذين يريدون رفض التسوية الأميركية، ومن الممكن أن يقود المحادثات إلى طريق مسدود".
وقال الكاتب إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بعث برسائل متضاربة بشأن استعداده للتوصل إلى اتفاق، وهو يناور في ظل ضغوط تمارسها أجنحة مختلفة داخل الائتلاف الحكومي".
نتنياهو سيختار الطريق الخطأ
بدوره، قال الكاتب توماس فريدمان في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" إن إسرائيل تقف اليوم عند نقطة إستراتيجية في حربها على غزة، مؤكدا أن "كل المؤشرات تشير إلى أن نتنياهو سوف يختار الطريق الخاطئ".
وأعرب فريدمان عن اعتقاده بأن نتنياهو "سيأخذ إدارة جو بايدن في رحلة خطيرة ومقلقة للغاية"، مشيرا إلى أن إسرائيل "باتت سجينة حرب لا يمكن الفوز بها سياسيا، وانتهى بها الأمر إلى عزل أميركا وتعريض مصالحها الإقليمية والعالمية للخطر". وتمنى الكاتب ألا تحاول إسرائيل غزو مدينة رفح جنوبي القطاع.
كما تناول مقال بصحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية الانتقادات التي تواجهها إسرائيل من دول العالم بسبب حربها على قطاع غزة، والتي يرى المقال أنها "أدت إلى توتر التحالف مع واشنطن وأوقفت جهودها لتطبيع العلاقات بين تل أبيب ودول إسلامية وعربية".
ونقل المقال عن الباحثة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية تمار هرمن أن رد الفعل العالمي على الحرب "عزز التصور الشائع بين اليهود الإسرائيليين بأن العالم كله ضدنا".
وفي مقال مشترك نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، دعت مجموعة مرموقة من قادة المنظمات غير الحكومية والشخصيات الملتزمة باحترام القانون الدولي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والبرلمانيين الفرنسيين إلى وضع حد لاستيراد السلع والخدمات من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وقال المقال إن اعتراف محكمة العدل الدولية بخطر الإبادة الجماعية في قطاع غزة "يلزم فرنسا باتخاذ تدابير ملموسة لتقييد إسرائيل بهدف معالجة الأسباب الجذرية لدوامات العنف المتكررة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد ومهام المرحلة الصعبة
بعد الهزة السياسية التي أحدثتها استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي من منصبه، والتي تسري في مطلع مارس/آذار المقبل، كان لا بد من تعيين رئيس أركان جديد ينهي تحقيقات الجيش بشأن إخفاقات السابع من أكتوبر وإعداده للمرحلة المقبلة. وعلى الفور، بدأت المداولات لتعيين رئيس أركان جديد، يلبي اشتراطات ومفاهيم القيادة اليمينية التي يرأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه إسرائيل كاتس.
وكان من أبرز هذه الاشتراطات: تأييد ديمومة الحرب، وتغيير نظريتها بحيث لا تستند إلى الردع وإنما إلى منع تراكم الأخطار ووأدها في مهدها بضربات استباقية. ورغم تدخلات من هنا وهناك، جرى التوافق على اختيار الجنرال احتياط إيال زامير لهذا المنصب، من بين أربعة مرشحين، في ظل تأييد واسع له من أغلب أطياف الحلبة السياسية.
وبحسب العديد من المعلّقين العسكريين في إسرائيل، كان الجنرال زامير المرشّح الأبرز لمنصب رئيس الأركان منذ اللحظة الأولى التي تحمّل فيها هاليفي مسؤولية الإخفاقات التي رافقت أحداث السابع من أكتوبر.
ورغم قرار نتنياهو ووزير حربه تعيين زامير، فإن التعيين لا يزال بحاجة إلى موافقة لجنة جرونيس والحكومة بكامل قوامها. وكما سلف، فإن هناك إجماعا داخل المؤسستين الأمنية والسياسية في إسرائيل على تعيين زامير، رغم محاولات من هنا وهناك لاختيار مرشح آخر.
إعلان من السلك العسكري إلى القيادة العلياالجنرال زامير ليس مجرد قائد عسكري قضى جزءا كبيرا من حياته في الجيش، وإنما هو شخصية احتكت على مدى سنوات طويلة مع القيادة السياسية، فقد شغل منصب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لعدة سنوات، كما عمل مديرا عاما لوزارة الدفاع، وهو منصب سياسي. وفي الجيش كان خدم لمدة 38 عاما، قضى معظمها في سلاح المدرّعات متنقلًا بين عدة مناصب، فضلا عن شغله منصب نائب رئيس الأركان في عهد رئيس الأركان أفيف كوخافي، وقائد الجبهة الجنوبية، وقائد القوات البرية.
وبدأ زامير خدمته العسكرية مجندا عام 1984، حين انضم إلى سلاح المدرعات، وترقى في مناصب قيادية في السلاح. وقد شارك -من بين أمور أخرى- في القتال في الحزام الأمني جنوب لبنان، غير أن أعلى مناصبه القيادية في السلاح كان تعيينه قائد اللواء المدرع السابع، ثم قائد الفرقة 143.
في يونيو 2009 تم تعيين زامير قائدا للفرقة 36، ثم رئيسا لأركان القوات البرية. وفي عام 2012 تم تعيينه في منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، بعدها تولى قيادة الجبهة الجنوبية. وفي عام 2018، تم تعيين زامير نائبا لرئيس الأركان، وهو المنصب الذي شغله لمدة 3 سنوات تقريبا. وفي عام 2022، كان مرشحًا لمنصب رئيس الأركان، ووصل إلى مرحلة الاختيار النهائي إلى جانب هيرتسي هاليفي، لكن رئيس الحكومة حينها يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس اختارا في النهاية هاليفي لهذا المنصب.
من العوامل التي تصبّ في صالح زامير، أنه كان قد سُرّح من الجيش في يوليو/تموز 2021، أي قبل أكثر من عامين من السابع من أكتوبر، وهذا ما منحه مكانة مَن لم يُنظر إليه على أنه مسؤول بشكل مباشر عن الفشل، وبالتالي صار يوصف أيضًا بأنه المرشح الأفضل لتولي المنصب.
إعلانوفي نظر الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت في صحيفة معاريف، فإن زامير هو "الرجل المناسب في الوقت المناسب"، إذ يملك خبرة واسعة في مجال تصنيع الأسلحة والذخيرة، إلى جانب خبرته العميقة في الجيش البري، وهو ما يجعله الشخص الأنسب لإعادة بناء الجيش.
ويشير كسبيت إلى أن عملية تعيين زامير لم تكن سهلة، بل اتسمت بالتوتر في بعض الأحيان، حيث مورست ضغوط مختلفة، وتحركت أطراف نافذة في محاولة للتأثير على القرار. حتى أن "ميامي" (في إشارة إلى سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء) حاولت قلب الطاولة في اللحظة الأخيرة، بينما حفر بعض كبار "مقاولي الأصوات" في حزب الليكود "أنفاقا" داخل مكتب وزير الدفاع.
ومع ذلك، انتهى الأمر باتخاذ القرار الصحيح -بحسب كسبيت- إذ تم تعيين الجنرال زامير رئيسًا لأركان الجيش الإسرائيلي. وأضاف الكاتب: "إذا كان هناك شخص قادر على تنفيذ عملية الإصلاح العميق المطلوبة داخل الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة، فهو بلا شك زامير".
ويرى كسبيت أن "تسلسل الأحداث الذي أدى إلى تعيين زامير يشبه إلى حد كبير، بل يكاد يكون متطابقا، مع ما حدث في تعيين غابي أشكنازي رئيس الأركان التاسع عشر قبل نحو 18 عاما. ففي كلتا الحالتين، حدث هذا بعد الحرب. وفي كلتا الحالتين، كان الجنرال المنتخب هو الذي خسر معركة رئيس الأركان في الجولة السابقة (خسر أشكنازي أمام دان حالوتس، وخسر زامير أمام هيرتسي هاليفي)، وفي كلتا الحالتين، خسر الجنرال المنتخب أمام سلفه. وفي الحالتين، "انتقل" المسؤول إلى منصب المدير العام لوزارة الدفاع".
إعادة بناء الجيش وتوسيع نطاقهوتشير معظم التعليقات الإسرائيلية إلى أن زامير -على غرار أشكنازي في عام 2007- سيركز على إعادة بناء الجيش خلال الحرب وبعد انتهائها، وتنفيذ خطة جديدة متعددة السنوات، وذلك بالتوازي مع المصادقة على ميزانية الدولة، بما في ذلك ميزانية الدفاع، خلال الشهر المقبل.
إعلانوخلافا لأسلافه الأخيرين في المنصب ممن عملوا وفق نظرية "جيش صغير وذكي"، سوف يكون هدف زامير جعل الجيش أكبر حجما وأوسع نطاقا؛ وذلك كي يتناسب مع متطلبات نظرية الحرب الجديدة التي تقوم على الاستعداد لحرب متزامنة في عدة جبهات دفعة واحدة.
ولكن زامير مضطر للتعامل مع أبعاد ومعيقات حزبية وسياسية لم تكن ظاهرة بهذا الحجم في السابق، وفي مقدمتها قانون الخدمة العسكرية وسريانه على الحريديم. ومعروف أنه تجري مداولات في الكنيست لسن قانون لمواصلة إعفاء الحريديم من لخدمة العسكرية، خلافا لقرار المحكمة العليا بشأن المساواة في تحمل الأعباء. ونظرا لأن الجيش يسعى إلى توسيع قوامه، فإنه بحاجة لتجنيد عشرات ألوف الحريديم الذين يتهرب أغلبهم من الخدمة العسكرية.
ويسجل لزامير أنه بصفته المدير العام لوزارة الدفاع، تولى أثناء الحرب الإشراف على ترتيب واستقبال القطار الجوي والبحري لإمداد إسرائيل بالعتاد والذخائر عبر مئات من الطائرات والسفن من أميركا ودول أخرى. وكذلك أشرف على توسيع الإنتاج الحربي في الصناعات العسكرية الإسرائيلية؛ لتلبية الاحتياجات المتزايدة للجيش في أطول وأقسى حرب في تاريخ الدولة العبرية.
وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية بإدارة زامير قد أنهت عام 2024 بحجم مشتريات غير مسبوق بلغ 220 مليار شيكل (الدولار 3.6 شيكلات)، منها 170 مليار شيكل ذهبت لمشتريات عسكرية من إنتاج إسرائيلي. ويمثل هذا الرقم 4 أضعاف المشتريات مقارنة بالأعوام الاعتيادية. ومن البديهي أنه -لكونه رئيس أركان- سيعمل على تعزيز الجهد الحربي الرامي ليس فقط للتعويض عن الخسائر العسكرية في الحرب، وإنما لتعظيمه بشكل كبير.
وواضح أن هذا ليس فقط ما ينتظر زامير. فهناك أيضا تدخلات رجال السياسة في شؤون الجيش، وخصوصا في قضايا التعيينات، حيث ينتظر كثيرون منه أن يحافظ على استقلالية الجيش وكفاءته وحمايته من التسييس. ومن بين أول القضايا التي عليه البت فيها فور تسلمه مهام منصبه مطلع الشهر المقبل: تعيين نائب له. وهنا سيتعرض لكثير من الضغوط، خصوصا أن وزير الحرب إسرائيل كاتس يحمل رسالة يمينية واضحة، وسوف يميل إلى من هم أقرب إلى أفكاره.
إعلانوإلى جانب ذلك، هناك التحقيقات العسكرية التي يطمح المستوى السياسي لأن تكون وسيلة لتحميل الجيش كامل المسؤولية عن فشل السابع من أكتوبر، مما يقلص حجم المسؤولية الواقعة عليه، والتي يرفض حتى الآن تحملها برفضه تشكيل لجنة تحقيق رسمية.
العقيدة العسكرية الجديدةوقد عبر رئيس الأركان المعين عن توجهاته المقبلة، يوم الأحد الفائت في مؤتمر لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وأشار إلى التحديات العسكرية والأمنية التي تواجه إسرائيل، والحرب المتعددة التهديدات والجبهة ضد إيران، وقال: "ستكون دولة إسرائيل قادرة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها"، وأضاف أن "إيران قادرة على إنتاج الأسلحة بنفسها في مواجهة أي تهديد وأي سيناريو".
وبحسب قوله، فإن "الحرب لم تنته بعد والتحديات لا تزال قائمة"، وأوضح أن وزارة الدفاع حددت "جهدين رئيسيين: جهد التسلح وجهد إعادة التأهيل"، وأن الوزارة وهيئة الأركان "تتحملان مسؤولية هائلة عن وجود دولة إسرائيل، و"أن التحدي كبير، لذلك فإن الفخر بعملنا كبير".
ولخص زامير نظرته بقوله: "نحن دولة جزيرة وليس لدينا خيار آخر، لقد عززنا الصناعة والاقتصاد بطريقة غير مسبوقة. لقد أثبتت الحرب أننا يجب أن نعتمد على أنفسنا فقط. لقد تربينا جميعًا على مبدأ أن دولة إسرائيل ستدافع عن نفسها بنفسها، بقوتها الذاتية".
وقال "نحن في سباق تسلح عالمي، سباق تكنولوجي"، مضيفا "لا رحمة في جوارنا. جيراننا، من إيران إلى غزة، ومن اليمن إلى بيروت ودمشق، مخطئون في التعامل معنا". وفي الختام، قال إن "عام 2025 سيظل عام القتال. ويجب على وزارة الدفاع أن تستمر في بناء القوة ودعم احتياجات جيش الدفاع الإسرائيلي ومهام الأمن القومي".
إعلانومن الجلي أن زامير سيبدأ مهامه بإعادة تشكيل هيئة الأركان، خصوصا بعد استقالة العديد من الجنرالات واحتمالات إقالة آخرين. ووفق تقديرات المعلّقين العسكريين، فإن من المتوقع أن يطلب زامير من الجنرال تامير يادعي أن يشغل منصب نائبه في النصف الأول من ولايته.
ويرى كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي أن الجنرال يادعي هو الأنسب لهذا المنصب، فهو جنرال مخضرم بنى سابقًا تشكيلات في القيادة المركزية وقيادة الجبهة الداخلية، وهو قائد للقوات البرية، وكان مسؤولاً عن بناء قوة جميع الوحدات الميدانية؛ ودور نائب رئيس الأركان هو في الأساس بناء القوة، وليس ممارسة القوة.
كذلك سيحسم زامير المنافسة بين كثير من الجنرالات الطامحين لتولي مناصب مهمة، كقيادة الجبهتين الشمالية والجنوبية، فضلا عن الجبهة الوسطى. ويجري التركيز حاليا على الجنرالات ذوي النزعة الهجومية لتلبية متطلبات نظرية الحرب الجديدة.