أمريكية تترك كاليفورنيا لصالح العيش في المكسيك..كيف تروي تجربتها؟
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بدأت علاقة حبها مع المكسيك في سن مبكرة، ولم ينم شغف مارجوري سكوراس بالبلد إلا مع مرور الوقت.
خلال مرحلة مراهقتها، زارت مصممة الديكور الداخلي من ولاية كاليفورنيا الأمريكية، عمها الذي يعيش في ولاية باها كاليفورنيا المكسيكية لأول مرة، وواظبت على زيارته بانتظام خلال فترة العشرينيات من عمرها.
وقالت سكوراس التي درست فن ما قبل كولومبوس في جامعة كاليفورنيا، لـCNN: "هكذا بدأ كل شيء بالنسبة لي".، مضيفة: "لقد كان الأمر رائعًا".
حلم حياتيمع تطور مهنة سكوراس وتكوين أسرة، أصبحت زياراتها أقل تكرارًا، لكن عاطفتها للبلد استمرّت.
وبينما أنها عاشت في كاليفورنيا لأجيال، أصبحت سكوراس تشعر بخيبة أمل متزايدة من الحياة هناك، وبدأت تغازلها فكرة الانتقال إلى بلد مختلف بمجرد تخرج ابنتها من المدرسة الثانوية، وتوجهها إلى الجامعة.
وقالت: "لقد أصبح العيش هناك (في كاليفورنيا) معقدًا، وصعبًا، ومكلفًا بشكل متزايد. وكانت نوعية الحياة تتراجع".
فكرت بالانتقال إلى جزيرة كورفو في اليونان، حيث التقت بزوجها برونو باردافيد، أو بالسفر إلى وجهات أخرى في أوروبا، لكنها قرّرت في النهاية العدول عن قرارها ذلك.
في يوليو/ تموز 2014، وجدت سكوراس نفسها مجددًا في المكسيك، وقصدت مدينة ميريدا في يوكاتان، الوجهة التي سمعت عنها الكثير، لكنها لم تزرها أبدًا.
وروت كيف أنها وزوجها قاما بالتردّد إلى المدينة، لمعرفة كيف يبدو عليه أسلوب العيش فيها، وأنهما في غضون 45 دقيقة، قررا أنهما يريدان العيش هناك، إذ قالت: "لقد كان أمر غريبًا جدًا. لم يحدث قبل ذلك في حياتي".
وما أن عادا إلى المنزل، بدأت سكوراس بالبحث عن عقار في ميريدا عبر الإنترنت، واشترت مبنى أثري يعود إلى القرن التاسع عشر، في مقابل 210 آلاف دولار بعد أربعة أشهر.
ووصفت المنزل الذي أقاما فيه بأنه كان عبارة عن منزل كبير وفق المعايير المحلية.
وتابعت "لكن يمكنك شراء منازل أقل مساحة لقاء القليل من المال، وهذا أمر مذهل. لقد تغير كل هذا تمامًا [الآن]".
انتقل الزوجان إلى ميريدا رسميًا، في عام 2017.
وأشارت سكوراس إلى أن الأمر "كان أشبه بالخيال. لقد قرأت كل تلك الكتب عن الأشخاص الذين يقدمون على ذلك. ودأبت مع ابنتي على مشاهدة فيلم تحت شمس توسكانا سنويا".
ويتحدث كل من سكوراس وزوجها المولود في الأرجنتين، اللغة الإسبانية ما سهّل عليهما عملية الانتقال.
اللغة الإسبانيةويعني التمتّع بالقدرة على التحدث باللغة أنّ الزوجين كانت لديهما القدرة على التواصل مع السكان المحليين بسهولة نسبيًا، ما كان بمثابة "بوابة لحياة أكثر إثارة للاهتمام"، بحسب ما ذكرته سكوراس.
وأضافت: "نحن نستمتع كثيرًا بقضاء الوقت مع المكسيكيين عوض التردّد على مجتمع المغتربين الذين لا يتحدثون الإسبانية".
ووصفت سكوراس سنواتهما القليلة الأولى في ميريدا بأنها "ساحرة"، موضحًة أن المدينة كانت تجذب المبدعين من جميع أنحاء العالم في ذلك الوقت. وأعربت عن مشاعرها قائلة: "لقد كان الأمر رائعًا حقًا".
وبينما أن الانتقال إلى الحياة في المكسيك كان سهلاً للغاية بالنسبة لسكوراس، ولكنها تعترف بأن المقاربة التي تتبعها البلاد في التعامل مع الزمن بمثابة أمر لطالما عانت منه، لافتة إلى أن "الوقت غير موجود وفق مفهومك ومفهومي".
وقارنت بأهمية الوقت في موطنها، قائلة: "العيش في الولايات المتحدة يسير بشكل أو بآخر مثل الساعة في كل شيء".
ورأت أن زوجها باردافيد تكيّف بسرعة مع هذه المقاربة التي كانت أكثر صعوبة بالنسبة لها، إذ لفتت إلى أنه "هنا (المكسيك)، يُعتبر الاستعجال أمرًا وقحًا، بالمعنى الحرفي للكلمة. ويجب أن أذكر نفسي بذلك".
المصدر: CNN Arabic
إقرأ أيضاً:
عباس 36 في عرضين بالأردن.. قصة بيت فلسطيني تروي النكبة والتهجير
عمّان – وسط تفاعل لافت، عُرض الفيلم الوثائقي "عباس 36" من إنتاج الجزيرة الوثائقية للمخرجة مروة جبارة، والمخرجة المشاركة نضال رافع، في عرضين متتاليين بالأردن خلال الأسبوع الماضي، كان الأول في جمعية وعد الثقافية في محافظة العاصمة عمان والثاني في مساحة زوايا في محافظة إربد.
وجرى بعد العرض الأول حوار ومناقشة حول الفيلم بحضور إحدى الشخصيات الرئيسية فيه دينا أبو غيدا، كما نُظم بعد العرض الثاني حوار بحضور صانع الأفلام سائد العاروري والذي قام بأعمال المونتاج للفيلم، وشاركت أبو غيدا في الحوار عبر تقنية زووم، وأدارت الحوارين الصحفية شروق طومار.
وشهد العرضان تفاعلا كبيرا بين طاقم العمل والجمهور الذي شكل الشباب نسبة كبيرة منه، بصورة أظهرت اهتمام هذه الفئة بالبقاء على مقربة من حكايات النكبة وتهجير الشعب الفلسطيني، كما أظهرت وعيا بأهمية نقل هذه الحكايات بين الأجيال لتكرس لديهم فهم التاريخ وتعزز التمسك بحق العودة.
ثلاثية النكبة والتهجيريتناول "عباس 36" ثلاثية النكبة والتهجير والعودة بمعالجة مبتكرة من خلال رواية قصة منزل فلسطيني في شارع عباس بحيفا، سكنته عائلتان فلسطينيتان في فترتين تاريخيتين مختلفتين، ومرافقة ابنة العائلة التي تسكنه حاليا في رحلة البحث عن أصحاب البيت الأصليين وزيارتهم في مناسبات عائلية وأخرى وطنية لبناء سرد متماسك لقصة هذا البيت، الذي شُيّد في ثلاثينيات القرن الماضي، لكنه في الواقع ليس مجرد جدران وسقف، بل هو شاهد على نكبة شعب وذاكرة أجيال لا تمحى بالبعد أو التقادم.
إعلانويحكي الفيلم قصة عائلة أبو غيدا، العائلة الأرستقراطية التي بنت المنزل وسكنته حتى عام 1948، قبل أن تجبرها العصابات الصهيونية على مغادرة حيفا تحت التهديد والسلاح، ضمن واحدة من أكبر حملات التهجير القسري التي تعرض لها الفلسطينيون خلال النكبة. ومنذ ذلك الحين، تشتت أفراد العائلة في منافي 17 بلدا، لكنهم حملوا معهم العلم والكرامة ووعيا عميقا بالهوية والانتماء، وإصرارا كبيرا على النهوض والنجاح.
وبعد النكبة، سكنت البيت عائلة يهودية مهاجرة من النمسا، ثم باعته لاحقا لعائلة فلسطينية جديدة هي عائلة رافع. وهنا تبدأ الحكاية الثانية في الفيلم، حيث نتابع سيرة علي رافع، الذي فقد والده في النكبة، وزوجته سارة جودة، المنحدرة من القدس والتي تنتمي لعائلة تتولى حفظ مفتاح كنيسة القيامة منذ قرون. فالزوجان، رغم كونهما مالكي البيت، لم ينسيا أبدا أن لهذا البيت أصحابا شرعيين طُردوا منه قسرا.
ويتتبع الفيلم خطّين سرديين متوازيين ومتقاطعين: الأول عبر رحلة نضال رافع، ابنة سارة وعلي، التي تسعى لاكتشاف العائلة التي بنت البيت وسكنته قبل عائلتها، والثاني عبر رحلة دينا أبو غيدا، حفيدة أصحاب البيت الأصليين، التي تحاول استعادة ذاكرة عائلتها المرتبطة بهذا المكان، وهي لاجئة تنقلت ما بين سوريا ولبنان وأميركا والأردن، تحمل معها حنينا عميقا إلى بيت الجدّ، ورغبة في تحقيق العودة، ولو رمزية، إلى الوطن.
واستذكرت دينا أبو غيدا خلال الحوار الذي أعقب العرضين أجواء تصوير الفيلم والمشاعر المختلطة التي كانت تشعر بها كلما زارت بيت عائلتها التي اقتلعت منه، في حين تسكنه اليوم عائلات أخرى، ووصفت قسوة الشعور بالغربة عن بيت هو في الأصل بيتها لكنها اليوم لا تعرف الطريق المؤدية إلى غرفه ومرافقه.
إعلانوقالت أبو غيدا إن التمسك بحق العودة من المهم أن يقترن بممارسات على أرض الواقع وألا يقتصر فقط على التذكير المستمر بهذا الحق على أهمية حفظ الذاكرة، وأن هذه الممارسات قد تختلف من شخص لآخر وفقا لما يتوفر لديهم من إمكانيات، لكن المهم هو استخدام جميع الأدوات المتاحة التي يمكن أن تشكل خطوات، ولو كانت رمزية، على طريق العودة.
وتحدث المخرج وصانع الأفلام سائد العاروي عن تجربته كأحد أفراد فريق العمل في الفيلم حيث قام بأعمال المونتاج، قائلا إن مونتاج هذا العمل لم يكن مجرد ترتيب للقطات، بل محاولة لإعادة جمع ذاكرة لعائلتين تمثلان شعبا بأكمله، وكان علينا أن نمنح للبيت نبضا إنسانيا، وأن نُظهر كيف يمكن لمكان أن يكون رمزا للتهجير والبقاء والتمسك بالعودة في آن.
وأشار العاروري إلى ضرورة أن يستمر الحراك السينمائي الموجه لتوثيق القضية الفلسطينية وإلى أهمية ذلك في بناء السردية الفلسطينية المضادة لسردية الاحتلال، قائلا إن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية واحدة لكن قصص معاناة هذا الشعب لا تنتهي لذلك ينبغي ألا تنتهي الأعمال التي تحكي تلك القصص.
وعقبت شروق طومار مديرة الحوار في نهايته قائلة إن "عباس 36" يقدم عرضا بصريا وتوثيقيا غنيا بصور قديمة، رسائل مكتوبة، وثائق رسمية تفصّل مراحل بناء البيت، ومشاهد إنسانية مليئة بالعواطف والرسائل، فهو يعرض مشاهد لأفراد عائلة رافع الذين يحرصون في كل مناسبة على رواية قصة النكبة وقصة أصحاب البيت الأصليين للجيل الجديد من أبناء العائلة، كما يعرض مشاهد لأفراد عائلة أبو غيدا في الشتات وهم يشمّون تراب حيفا أو يلمسون أغصان زيتون منها، في محاولات لاستعادة الاتصال مع الأرض والوطن.
والأهم، أن الفيلم يُظهر كيف يتحوّل البيت إلى رمز أكبر من مجرد عقار. فهو مساحة للذاكرة، والتاريخ، والألم المشترك. ويرصد تقاطعات المصير بين من بقي في الوطن ومن شُرّد عنه، ويؤكد أن الاحتلال قد يغيّر الخارطة، لكنه لا يستطيع محو الذاكرة أو كسر ارتباط الفلسطيني بأرضه وبيته.