زهير عثمان حمد
نظرية ما بعد الاستعمار تعتبر من النظريات الأدبية والنقدية الهامة التي تتناول الثقافة والهوية في سياق ما بعد الاستعمار. هذه النظرية تسلط الضوء على كيفية تأثير الاستعمار على الثقافات والهويات الوطنية، وتبحث في الطرق التي يمكن من خلالها للمجتمعات المستعمرة سابقًا أن تعيد بناء هوياتها الثقافية والوطنية.
بالطبع! البروفيسور بدرالدين حامد الهاشمي هو أستاذ علوم الأدوية وكاتب. قام بترجمة وتلخيص مجموعة من الكتابات الغربية عن السودان. من بين مؤلفاته , “العقيد والبروفيسور”: ترجمة للكاتب الصيني ديفيد ونج، وهو كتاب يروي أحداثًا درامية تجري في سياق احتجاجات ضد الزمرة العسكرية. “السودان بعيون غربية”: سلسلة ترجمها وألَّفها البروفيسور الهاشمي، تسلط الضوء على تاريخ السودان من خلال كتابات غربية ترجمها إلى العربية. يغطي موضوعات متنوعة مثل التاريخ والاقتصاد والأدب والعلوم السياسية والطب والصحة والأنثروغرافيا والجغرافيا وعلم الاجتماع. “محفوظات وثائق (أرشيف) المهدية”: ترجمة وتلخيص للبروفيسور الهاشمي لمقال للبروفيسور بيتر هولت عن أرشيف المهدية.
نعم، يُعتبر ما بعد الاستعمار عاملاً مؤثراً في الصراع الإثني بالسودان. تاريخياً، خلّف الاستعمار تركة من التقسيمات الإدارية والاجتماعية التي أسهمت في تعقيد العلاقات بين المجموعات الإثنية المختلفة. في السودان، تفاقمت هذه القضايا بعد الاستقلال، حيث استمرت السياسات التي تفضل بعض الجماعات على حساب أخرى، مما أدى إلى توترات وصراعات إثنية.
الصراعات الإثنية في السودان تعكس أيضاً تأثيرات ما بعد الاستعمار من خلال النزعة القبلية واللعبة السياسية. فقد شهدت مناطق مثل دارفور وكردفان وكسلا وبورتسودان اشتباكات أهلية نجمت عن تناقضات وتنافسات قبلية، لكنها تحمل في باطنها دوافع سياسية واقتصادية. وقد أدت هذه الصراعات إلى خسائر في الأرواح والممتلكات، مما يثير القلق حول مستقبل السلام والاستقرار في البلاد.
إن الفهم العميق للتأثيرات الاستعمارية وكيفية تشكيلها للديناميكيات الإثنية الحالية يُعد ضرورياً لإيجاد حلول دائمة للصراعات في السودان.
نظرية ما بعد الاستعمار هي نظرية أدبية ونقدية تربط الخطاب بالمشاكل السياسية الحقيقية في العالم. تستعرض ثنائية الشرق والغرب في إطار صراع عسكري وحضاري وقيمي وثقافي وعلمي. تسعى لاستكشاف مواطن الاختلاف بين الشرق والغرب وتحديد أنماط التفكير والنظر إلى الشرق والغرب معًا. يعتبر الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا من رواد هذه النظرية. أما بالنسبة للكتب السودانية في هذا السياق، فمن المفيد الإشارة إلى كتاب “السودان بعيون غربية” للبروفيسور بدرالدين حامد الهاشمي، الذي يركز على ترجمة كتابات الغربيين عن السودان.
بالتأكيد، يبدو أن كتاب “من زاوية مختلفة” للمؤلف محمد غنايم يقدم نظرة متعددة الأبعاد حول موضوعات متنوعة، ويتضمن تجارب حياتية وقصص واقعية. يمكن أن يكون هذا الكتاب مصدر إلهام للقراء الذين يبحثون عن وجهات نظر مختلفة وتحليلات عميقة للأحداث والتجارب الشخصية.
نعم، تأثر الكتاب السودانيون بالنزاعات الأفريقية في كتاباتهم، خاصة فيما يتعلق بمسائل ما بعد الاستعمار وفكرة الوطنية الأفريقية. الصراعات الأفريقية، بما في ذلك الحروب والنزاعات المسلحة، لها جذور تاريخية وسياسية عميقة تؤثر على الهوية والثقافة الوطنية. كما أن النزاعات الحدودية وتداعياتها على استقرار القرن الأفريقي، بما في ذلك الحدود السودانية – الإثيوبية، تلعب دورًا مهمًا في تشكيل الوعي الوطني والإقليمي .
الكتاب السودانيون، مثل كتاب من مناطق أخرى تأثرت بالاستعمار والنزاعات اللاحقة، يستخدمون الأدب كوسيلة لاستكشاف وتحدي القضايا الاجتماعية والسياسية التي تواجهها بلدانهم. من خلال الأدب، يمكنهم التعبير عن تجاربهم ورؤاهم لمستقبل أفريقيا الذي يتجاوز الاستعمار ويعزز الوحدة والهوية الأفريقية.
هنالك كتب السودانية التي تستعرض موضوعات متنوعة “عرس الزين” للكاتب طيب صالح: تستكشف قضايا الهوية والثقافة في السودان , “بعض هذا القرنفل” للكاتب نور الدين الصادق: تعكس تجارب الحياة والمشاكل الاجتماعية .
موسم الهجرة الي الشمال للكاتب طيب صالح: رواية تتناول الهجرة والتأثيرات النفسية. “مسيح دارفور” للكاتب عبد العزيز بركة ساكن: تسلط الضوء على الصراعات والتحولات في دارفور , “دومة ود حامد” للكاتب طيب صالح: تروي قصة حياة رجل من الريف السوداني.
هذه الكتب تمثل مجرد نماذج، وهناك المزيد من الأعمال الأدبية السودانية المميزة.و , ورواية “شوق الدرويش” لحمور زيادة هي عمل أدبي يعرض جانبًا من الصراع الاجتماعي بين الثقافة المسيحية والثقافة الصوفية الإسلامية في السودان، وتطرح تأملات في الحب والدين والغدر والصراع السياسي. أما “حديث الونس”، فهي رواية أخرى لحمور زيادة تحمل العنوان “الغرق: حكايات القهر والونس” وتتناول حكايات متداخلة تمتزج فيها الحقائق بالخيال. كلا الروايتين تعكسان موهبة حمور زيادة في سرد القصص وتصوير التحولات الاجتماعية والثقافية.
ومن المنظور الديني والإرث الروحي، يُنظر إلى مسألة ما بعد الاستعمار في أفريقيا بعدة طرق. بعض الآراء ترى أن الاستعمار ترك تأثيرات عميقة على الهوية الثقافية والروحية للشعوب الأفريقية، وهناك حاجة إلى عملية تجديد روحي وثقافي للتغلب على تلك التأثيرات. يُشدد البعض على أهمية العودة إلى الجذور الروحية والثقافية الأصلية للقارة كجزء من التحرر من الإرث الاستعماري وبناء مستقبل مستقل ومزدهر.
في السياق الإسلامي، يُنظر إلى الحياة بعد الموت ومصير الروح بناءً على الأعمال والإيمان، وهذا يمكن أن يُطبق بشكل مجازي على الأمم والمجتمعات أيضًا، حيث يُعتبر التجديد الروحي والأخلاقي جزءًا لا يتجزأ من التطور والتقدم بعد فترة من الاستعمار.
و تأثير الاستعمار على الاقتصاد السوداني ودور المرأة في ما بعد الاستعمار ومستقبل الثقافة السودانية هي موضوعات تستحق النقاش العميق. يمكن القول إن الاستعمار لم يترك فقط بصماته على النسيج الاجتماعي والثقافي، بل أثر أيضًا بشكل كبير على الاقتصاد السوداني. استُغلت الموارد الطبيعية بشكل مفرط، وتم فرض نظام تجاري يخدم مصالح القوى الاستعمارية، مما أدى إلى تراجع الاقتصاد المحلي وزيادة الاعتماد على الخارج.
فيما يتعلق بدور المرأة، فقد واجهت تحديات جمة في سياق ما بعد الاستعمار، حيث تم تهميشها سياسيًا واجتماعيًا. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تزايد الوعي بأهمية دور المرأة في تطوير المجتمع والمساهمة في الحوار الثقافي والسياسي.
أما بالنسبة لمستقبل الثقافة السودانية، فإن السودان يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على التراث الثقافي المحلي وتعزيز التنوع الثقافي. يتطلب ذلك جهودًا متضافرة لإعادة اكتشاف وتقدير الثقافات المحلية واللغات والفنون، وكذلك توفير منصات للتعبير الثقافي تسمح بالتبادل الحر للأفكار والمعتقدات.
ويمكن القول إن السودان يقف على مفترق طرق، حيث يمكنه اختيار مسار يحتفي بتنوعه الثقافي ويعالج القضايا المتبقية من عهد الاستعمار، مما يؤدي إلى مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا لجميع مواطنيه
أن النقاش حول ما بعد الاستعمار هو موضوع معقد ومتعدد الأبعاد يتطرق إلى الثقافة، الهوية، والسلطة. يستمر الحوار بين المثقفين حول تأثيرات الاستعمار وكيفية التغلب على تلك التأثيرات في الفكر والمجتمعات المعاصرة. هذا السجال يشمل مراجعات نقدية للتاريخ والأدب والفن، ويتضمن أيضًا تحليلات للعلاقات السياسية والاقتصادية الراهنة التي تشكلت تحت تأثير الاستعمار
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشرق والغرب فی السودان فی سیاق
إقرأ أيضاً:
يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
بعد سقوط البشير واستقالة صلاح قوش ومن بعده جلال الشيخ، تغولت الاستخبارات العسكرية على ملفات جهاز المخابرات وسيطرت على معظم موارده، وتقاسمته مناصفة مع الدعم السريع، الاستخبارات على المعلومات والتحليل والقرار، والدعم السريع على المقار والموارد الفنية..
تحول جهاز المخابرات إلى جسد بلا روح، يتم ابتزازه سياسياً من قبل قحت بماضيه وانتماءات منسوبيه لنظام الإنقاذ. كثير من عناصره انحنوا للعاصفة، فمنهم من تم إقالته ومنهم من دخل في حالة كمون وانتظار ومنهم من طاوع الحكام الجدد وأدار ظهره لولائه السابق ومنهم من قاوم مشروع الحكم الجديد بممانعة صامتة..
كان الهدف بعد سقوط البشير وبعد حادثة هيئة العمليات أن تكون السيطرة الكاملة لصالح الاستخبارات العسكرية، وكان الرأي الغالب لدى قيادات الجيش أن يدار الجهاز بواسطة ضباط من داخل المؤسسة العسكرية، مثل الفريق جمال عبد المجيد. لم تنجح التوجهات الجديدة لأسباب تتعلق بعدم دراية هؤلاء الضباط بطبيعة الثقافة المؤسسية الطاغية على عمل الجهاز وبطبيعة العمل الأمني في شقه المدني ولغياب الرؤية المشتركة بين الضباط القادمين من الجيش مع الشباب الذين تخرجوا من مؤسسة الجهاز، بالإضافة لتعدد الولاءات داخل الجهاز نفسه بين ولاءات تقليدية وولاءات حديثة مرتبطة بالعناصر المدخلة من قبل مجموعة حميد-تي والنظام الجديد ..
صحيح لم يستطيع حميدتي ابتلاع الجهاز كلياً، لكنه أحدث فيه اختراقات عميقة وخلق حالة من الاهتزاز الداخلي جعله جهاز فاقد للفعالية ومكبل بعزلة سياسية وحالة عداء شعبي مرتبط بديسمبر والخطابات الميدانية الرافضة لعناصره. فحالة الهياج الشعبي الرافض للجهاز ولعناصره وظفها حميدتي لجعل دور الجهاز محصور فقط في جمع المعلومات وتكبيل اي خطوات وقائية يمكن أن يقوم بها وحصرها فقط على الد-عم السريع ..
الأن وبعد قيام الحرب ومع بدء الجهاز في استعادة توازنه وفك قيود التكبيل التي مارسها عليه حميد-تي، يجب على قيادة الدولة أن تسمح بإعادة جهاز الأمن إلى عمله وفق هيكلة جديدة تعيد له صلاحياته الفنية في التحليل والتأمين والتحرك خاصة في الأحياء السكنية وملء الفراغ الاستخباراتي داخل المدن. المطلوب هو فك الارتباط والتداخل بين استخبارات الجيش والجهاز ، خصوصاً على الملفات الأمنية ذات البعد المدني وترك إدارتها للجهاز ، مع زيادة التنسيق بينهم بعيداً عن التعامل مع الجهاز بنظرة ديسمبرية قللت من فعاليته وساهمت في تهميشه. يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان .
حسبو البيلي
#السودان