شبكة اخبار العراق:
2025-04-29@06:15:29 GMT

الموضوعيَّة.. ثقافة في التلقّي

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

الموضوعيَّة.. ثقافة في التلقّي

آخر تحديث: 11 أبريل 2024 - 11:02 صد. عبد العظيم السلطاني

الحديث عن الموضوعيَّة متشعب وله مداخل شتى، ولي فيها اليوم مدخل بعينه، فكأنّي  أسجّل يوميات واقع، من جهة علاقته بالموضوعيَّة في زاوية بعينها.فلن أتحدّث عن الموضوعيّة بوصفها شرطا لازما للنقد الحديث. فهذا أمر مفروغ منه، وبغيابها يفقد النقد أيّ معنى لوجوده، ولنا أن نرفضه جملة وتفصيلا.

ولن أتحدّث عنها بوصفها مؤهِّلا من مؤهّلات التلقّي في نظرية القراءة في وضعها التجريدي المثالي. فهذا أيضا مفروغ منه، وفيه كلام كثير مبثوث في كتب النقد.ما يعنيني هنا أن أتحدّث عن حال “الموضوعيَّة” في واقعنا الثقافي بوصفها ثقافة في تلقّي النقد.اليوم، تنظر فلا تُخطئ عينك أديبا وقد عَلَتهُ غمامة الانغلاق، فانكفأ على ذاته، وضاق أفقه، فصار معجبا بأدبه كإعجاب الأم بابنها. لا يتقبّل من النقد كشف عيب، مهما كان ذلك النقد موضوعيا ومهمّا. وتراه يُقبل على “النقد” بكل جوارحه حين يكون مدحا له وإطراءً بأدبه. وتراه حريصا على وصف هذا النقد بأنّه نقد مهم، وكاتبه ناقد كبير، وقد يقول: كبير جدا!. وحين يقرأ نقدا أظهر له بعض عيب أو ضعف في أدبه، تجده وقد جحظت عيناه قليلا أو كثيرا، بحسب درجة ملامسة النقد لذلك الضعف أو تلك العيوب.
والمشهد نفسه يتكرر حين يكون منجز الناقد تحت مجهر نقد النقد. فمن امتدحه وأطرى بنقده، هو ناقد كبير، بل وكبير جدا. وقد تراه في حال يدعو إلى الشفقة، حين يكون نقد النقد موضوعيا يزدري المجاملة، وقد يُظهر عيبا هنا أو خللا هناك. وقد تراه متأهّبا للهجوم على ناقد النقد، وقد يقتصّ منه، في أمر حياتي بعيد ومختلف عن النقد وعالمه. وينسي أنّه كان ينقد ما يكتبه الناس من أدب، ويدعوهم إلى الموضوعيّة في تلقي النقد وتقبّله، حين يكون موضوعيا منصفا.
والمشهد يتكرر ثالثة، لدى القارئ العادي، بطريقة يبدو ظاهرها مختلفا عن الحالتين السابقتين، لكنه في الحقيقة يستند إلى العرق الثقافي نفسه. فقد تجده متنازلا عن مصلحته، لا ينظر إلى مقدار الفائدة التي يقدّمها له النقد. ويكتفي بتسقّط الأخبار، باحثا عن “هجوم” ناقد على آخر أو هجوم ناقد على أديب، أو ردّ أديب على ناقد حين لا يحتمل نقده. وقد شجّعه الفيس بوك وما سواه على ذلك. وهو هنا في حال من غياب الموضوعية في التلقّي. فلا يضع فاصلا بين النقد، وبين شخص الناقد وشخص المنقود. والمشكلة تتضح ببشاعة أكبر حين يكون المتلقي هذا صديقا لِمَن نُقد نصّه، فـينفعل وتستولي عليه ثقافة “الفزعة” لصديقه.
كل هؤلاء  الذين وصفتُ (من أديب وناقد وقارئ) موجودون في كلّ العصور وشكى منهم غير واحد من الكتّاب. الجديد أنّهم اليوم تكاثروا وتناسلوا حتى صاروا السائد والمألوف وغير المستهجَن. هؤلاء محكومون بضمور ثقافة موضوعية التلقّي.وضعفها المميت هذا يفضي إلى “المطابقة”. فهم لا يفصلون حياة النصوص عن حياة الناس. فالكتّاب (أدباء ونقّاد) بشر، من لحم ودم ومشاعر ووعي متحرّك. وما أنجزوه مكتوبا ليس سوى نصوص من كلمات تعبّر عن أفكار. وقد يأتي زمن ينقد أحدهم ما أنجزه هو، وقد يسعى إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه.
حياتنا الثقافية بحاجة إلى ثقافة “موضوعية التلقّي”، لتروّض المتلقّي في كل حالاته وأشكاله وتدفعه إلى الإنصاف دفعا. فتروّض الأديب لقبول النقد الموضوعي المنصبّ على أدبه، وتروّض الناقد لقبول نقد النقد الموضوعي المبني على نقده، وتقول للقارئ العادي لا تبحث عن المتناكفين ولا تصطف مع هذا أو ذاك، بل ابحث عن فائدتك أنت المتلقي الحيادي، ابحث عن نقد ينفعك فيفتح لك أفقا، أو يصحح وهماً. وإن استهواك عالم الصراعات، ففي عالم السياسة متسع من فرجة أو حتى مشاركة، وإن استهوتك السطحية فلَكَ في عالم “المحتويات الهابطة” في مواقع التواصل آفاق رحبة.
نعم، لا توجد حلول سحرية للأمراض الثقافية، لكن فرصا هنا وهناك تبقى سانحة، في التدخّل لبثّ قيم وتشذيب أخرى، ثبت أنّها تحرّك السلبي وتُنتج القُبح. كغياب ثقافة موضوعية التلقّي التي أتحدّث عنها. فبغيابها يتمدّد وعي المطابقة بين النص ومُنتِجه. وبغيابها تنمو الطفيليات الثقافية، وتنمو “الشللية”، ويتسلّق الطارئون، وتُنقل ثقافة أشقياء الشوارع إلى الحياة الأدبية والثقافية.
ما ذنب النقد الموضوعي حين يقول لأديب إنّك كتبتَ نصّاً رديئاً وهذه الأدلة؟!. وما ذنب نقد النقد حين يقول لناقد إنّ نصّك النقدي أخفق في كذا وكذا، أو أنت سرقت كذا وكذا من جهود الناس، وهذه الأدلة؟! بأيّ حق وأيّ ثقافة سوية يصطف معه زمرة من أصدقائه “المثقفين” يدافعون عنه؟! لو كانت ثقافة موضوعية التلقي سلطة ثقافية حاضرة في نفوسهم لاصطفوا مع النقد وأدلته الدامغة. وحين يصطف المثقف مع اللاموضوعية فهو يتخلى عن صفة المثقف أصلا.
سأقول: نعم، لمن لا يحبّ الإعمام ولا يجده موضوعيا، وأنا مثله لا أحب ولا أرغب، و ليس لي أن أحكم حكما عاما وأطلقه على الناس في لحظة رفض واقع ثقافي مريض. لدينا أدباء يقبلون على النقد وينتفعون به، ولدينا نقاد يَتقبّلون نقد النقد وينتفعون به. ولدينا قرّاء يقدّرون الموضوعية في النقد ويبحثون عن الفائدة. كل هذا صحيح، ولكني لا أتحدّث عن أفراد. بل أتحدث عن “قيمة ثقافية” أجدها اليوم ضامرة منحسرة، وأريد لها أن تكون “عرفا” ثقافيا اجتماعيا، له سلطة حامية للنقد ومشجّعة له.
بغياب ثقافة موضوعية التلقّي لا يمكن للنقد أن يستمر في الإنتاج، وبغيابها لن تنفع المعرفة النقدية والتمكّن من مناهج النقد، ولن تنفع مهارة الناقد في استعمال كل آليات النقد الحديث. فالنقد غير المزيّف ماكينة رائعة، مهمّة للأدب وللنقد نفسه، يمكن أن تعمل في ظروف معيّنة، وقد تضعف أو تتوقف في ظروف أخرى. متخلّية عن دورها وفاعليتها حين لا تجد ظروفا ثقافية مواتية. فالنقد يكتبه نقّاد بشر، وهم مختلفون في قدرتهم على المواجهة والتصدّي. وقد يؤثرون السلامة وراحة البال، على كتابة نقد جاد يورثهم ضررا في حياتهم، ويعرّضهم لسخط الساخطين ودسائس الساقطين. وفي هذا التخلّي خسارة لحياة النقد والأدب.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: نقد النقد حین یکون

إقرأ أيضاً:

ناقد رياضي يكشف عن موسم كارثي لفريق الأهلي

كشف الناقد الرياضي خالد طلعت مفاجأة بشأن موسم الأهلي الحالي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك.

وكتب خالد طلعت: "بالأرقام .. موسم كارثي لفريق الأهلي :

1- خسارة كأس السوبر الافريقي في بداية الموسم أمام الزمالك

2- خسارة كأس التحدي والفشل في الوصول لنهائي كأس انتركونتينينتال بعد الهزيمة من باتشوكا

3- الاستبعاد من المشاركة في بطولة كأس مصر بسبب الانسحاب في الموسم الماضي

4- الخروج من الدور الأول من كأس الرابطة بعد الهزيمة في 3 مباريات وتذيل المجموعة بدون نقاط

5- الخروج من دوري أبطال أفريقيا على أرضه ووسط جماهيره أمام صن داونز وخسارة اللقب الذي يحمله

6- فقدان فرصة المشاركة في كأس السوبر الأفريقي

7- فقدان فرصة المشاركة في كأس انتركونتينينتال

8- خسائر مادية كبيرة بعد الخروج من دوري أبطال أفريقيا

9- الانسحاب أمام الزمالك في مباراة القمة واحتساب المباراة فوز الزمالك 3-0

10- غرامة مالية ضخمة قد تصل الى 200 مليون جنيه بعد الانسحاب أمام الزمالك

11- احتمال خصم 3 نقاط أخرى في نهاية الموسم

12- فقدان الثقة في مجلس ادارة الاهلي وقراراته وأنه لا يتخذ أي قرار الا بعد دراسته وذلك بعد اعتماد خسارته أمام الزمالك بعد انسحابه

13- تراجع مجلس ادارة الاهلي عن قراراته لأول مرة في التاريخ بعدما أكد أنه سينسحب من الدوري في حال عدم اعادة مباراة الزمالك ولم يفعل ذلك واستكمل البطولة

14- الفشل في تحقيق الفوز على الزمالك في أي مباراة من 4 مباريات طوال الموسم (3 تعادلات وهزيمة)

15- الفشل في تحقيق الفوز على بيراميدز في أي مباراة طوال الموسم (مباراتين كلاهما تعادل ولعب بيراميدز 10 لاعبين شوط كامل في كلا المباراتين)

16- خوض 19 مباراة في الدوري (11 فوز فقط و7 تعادل وهزيمة في مباراة) أي فقدان 17 نقطة في 19 مباراة

17- التراجع للمركز الثاني في الدوري بفارق 4 نقاط عن بيراميدز المتصدر والابتعاد عن التتويج بالدوري

18- احتمال التراجع للمركز الثالث في الدوري في حال خصم 3 نقاط وبالتالي عدم المشاركة في دوري الأبطال

19- اقتراب الخروج من الموسم خالي الوفاض بعدم المشاركة في كأس مصر وخسارة كاس الرابطة وخسارة دوري الابطال واقتراب خسارة الدوري

20- إقالة مارسيل كولر ودفع الشرط الجزائي نصف مليون يورو ما يقارب 30 مليون جنيه مصري والتخلي عن مبادىء الأهلي بأن الحساب في نهاية الموسم وليس بالقطعة

21- خوض ٩ مباريات متتالية امام صن داونز بدون تحقيق اي فوز (٤ هزايم و ٥ تعادلات)".

وكان الأهلي قد خرج من البطولة بعد التعادل مع صن داونز الجنوب إفريقي بنتيجة 1-1، في المباراة التي أقيمت بينهما الجمعة على استاد القاهرة، في إياب نصف نهائي البطولة.

وقال أسامة حسن، في تصريحات تلفزيونية عبر فضائية «الشمس»: "النادي الأهلي أوهم الجمهور بأنه سيحصل على كأس العالم للأندية، بينما لم يحصل بعدُ على بطولة إفريقيا وقالوا سنفوز بكأس العالم للأندية".

وأضاف: "النادي الأهلي وهم، الأهلي ليس أقوى من بيراميدز وصن داونز فنيًا، بل أقوى منهما إعلاميًا"، مضيفًا: "الأهلي فاز ببطولات إفريقيا في السنوات الماضية بالتوفيق، وبضغط الجماهير والضغط الإعلامي".

وتابع: "النادي الأهلي يعتمد حاليًا على لاعب واحد فقط، وهو إمام عاشور"، مشيرًا إلى أن: "الأهلي أوهم جماهيره بأنه يمتلك فريق الأحلام، وهذه مجرد أكذوبة إعلامية".

طباعة شارك خالد طلعت الاهلي الزمالك

مقالات مشابهة

  • أمير حائل: تعزيز التكافل ونشر ثقافة العطاء
  • تأجيل نهائى كأس مصر.. وصفقة زيزو بالاهلى مهددة.. ناقد يكشف التفاصيل
  • ناقد يكشف عن اتجاه لتأجيل نهائي كأس مصـر بين الزمالك وبيراميدز
  • ناقد رياضي ينعي أمح الدولي بكلمات مؤثرة
  • تعاون بين هيئة الصحفيين و”ثقافة وفنون جدة”
  • ناقد رياضي يكشف عن بطولات وألقاب محمد صلاح في الدوري الإنجليزي
  • انتشار المقاهي اليمنية في أمريكا: قصة ثقافة وهجرة وتحديات
  • ناقد رياضي يكشف عن موسم كارثي لفريق الأهلي
  • «ثقافة الكاريبي».. هوية أدبية وإنسانية
  • ما الثقافة ومن المثقف؟ رحلة في تجلية المفهوم بين العربية والفلسفة