الظروف الضاغطة التي تُحيط بالوضع عقبَ حادثة مقتل مُنسق "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان، باتت تستوجب تهدئة مفصليّة كي لا تذهب الأمور إلى أماكن "غير محسوبة".
"التوتر المتنقل" يحتاج إلى ضغط سياسيّ لإنهائه، بينما الغليان المتنقل على صعيد الشارع لا يمكن ضبطه إلا بحكمة الأفرقاء المعنيين بالحادثة أولاً وأخيراً.


الحادثة التي حصلت ورغم ظروفها الكثيرة وحيثياتها المعقدة نوعاً، ساهمت في حصول أمرٍ أساسيّ نادت به الكثير من الأطراف السياسية طيلة الفترة الماضية، وتحديداً على الصعيد الأمني.
إن تمّ النظر قليلاً في عمق الحادثة وجغرافيتها، فإنها تشمل لبنان وسوريا كون الجريمة امتدت بين البلدين، لهذا السبب كان ضرورياً جداً حصول "التنسيق الأمني" على صعيد الجهات الأمنية اللبنانية والسورية.   الأمرُ هذا يُعتبر "حاسماً" أقله على صعيد جرائم التهريب والخطف والسرقة، لاسيما أن ما يتبين تباعاً هو وجود عصابات محترفة كبيرة تمارس أعمالاً إجرامية وتستغل المعابر غير الشرعية ضمن ثغرات حدودية للتسلل باتجاه لبنان أو حتى نحو سوريا.
مصادر متابعة للملف اعتبرت أنّ دمشق "تجاوبت على صعيدين أساسيين" بشأن الجريمة من خلال طلبٍ لبنانيّ "غير رسمي"، وتضيف: "الصعيد الأول وهو قيام سوريا بفتح تحقيق لكشف المتورطين بالجريمة، فيما الأمر الثاني يتصلُ بتسهيل كافة الإجراءات لتسلّم جثمان سليمان الذي ستقام مراسم دفنه يوم غدٍ الجمعة في جبيل".
بشكلٍ أو بآخر، تعتبرُ تلك الخطوة ممهداً لحدوث تنسيق أمني أعلى على صعيد ضبط الشبكات الأخرى، في وقتٍ يقول فيه مرجعٌ أمني سابق إنّ "مسألة التعاطي السوري – اللبناني في المسائل الحدودية أمرٌ لا يمكن إغفاله بتاتاً"، وقد تكون حادثة باسكال سليمان بوابة أساسية للعبور نحو هذا التنسيق المطلوب أكثر من أي وقتٍ مضى لسببين: الأول يرتبط باكتشاف حقيقة علنية حول وجود شبكات تهريب خطيرة تنشطُ في مناطق حدودية وامتدت إلى العمق اللبناني، فيما السبب الثاني يتصلُ بنشاطٍ عابر للحدود قد يفتح الباب أمام خطر أمني داهم أبعد من حوادث سرقة وأكثر من جرائم قتل متفرقة.   المرجع الأمني السابق يحذر من عدم اللجوء إلى ضبط الحدود أكثر، ويقول إنّ "سهولة إنتقال" الشبكات الإجرامية بهذه السهولة بين لبنان وسوريا سيعني أن هناك قدرة أكبر للتحرك بغية نقل مسلحين، سيارات مفخخة، تهريب بشر، ومخدرات وغيرها من الأنشطة الجُرمية.
النقطة الأكثر أهمية تتتصلُ بأمر مفصلي وهي أنّ الموقوفين في قضية باسكال سليمان يمكن أن يساهموا في إكتشاف "خيوط أكثر تأثيراً" على صعيد الجرائم الحدوديّة، وهذا الأمر يعدّ مطلوباً جداً على صعيد الأمن اللبناني قبل السوري.
بحسب المرجع الأمني السابق، فإنّ مسألة أبراج المراقبة التي تم الحديث عنها في وقتٍ سابق عند النقاط الحدودية يجب أن تلعب دورها في هذا المجال، فهي ضرورية بسبب هكذا جرائم وهكذا منظمات، في حين أن الجهود الإستخباراتية يجب أن تنصبّ على اكتشاف المعابر غير الشرعيّة التي يظهر أنها تزداد لاسيما في المناطق الجردية والجبلية بين لبنان وسوريا.
عملياً، فإن هذه المسألة لا يمكن إلا أن تكون مهمة ولصالح مختلف الأطراف السياسية في لبنان، علماً أنها منفصلة تماماً عن مسألة النازحين السوريين التي تستوجب معالجة حقيقية من جذورها. ولكن، بحسب المرجع الأمني السابق، فإنّ وجود النازحين داخل لبنان في أماكن متفرقة قد يساهم في ظهور عناصر أمنية أكثر تأثيراً، الأمر الذي سيفتح الباب أمام وجود امتدادٍ للعصابات الجرمية.   لهذا السبب، بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى معالجة أمنية تدريجية، فضبط الحدود قد يقطع "شريان التواصل الحيوي" بين العصابات الأساسية وأطرافها في لبنان، وما قضية باسكال سليمان إلا إشارة واضحة لذلك والدليل هو أن التوقيفات التي بدأتها مخابرات الجيش في الملف بدأت داخل لبنان وفي أوساط النازحين، علماً أن الشبكة الرئيسية موجودة داخل سوريا وأبرز الوجوه التي تم الحديث عنها هو زكريا قاسم.
في خلاصة القول، المسألة الأمنية المرتبطة بالحدود وبالمجموعات المنظمة للتهريب والخطف، تحتاج إلى تحرّك سريع سواء من سوريا ولبنان، فالأمر ينعكس على أمن البلدين بالدرجة الأولى.. ولكن.. هل سيُكرس التعاون العلني أم أن الأمور ستبقى قيد التعاطي الخجول وغير المباشر؟
    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: باسکال سلیمان على صعید

إقرأ أيضاً:

يخلق بيئة أكثر جذبا للاستثمار| ماذا عن وقف الدعم على المشتقات البترولية؟

أعلن المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، وقف الدعم على المشتقات البترولية بشكل كامل مع نهاية العام الجاري 2025

خطوة جريئة نحو بناء اقتصاد أكثر استقرارًا ومرونة

وتابع خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج على مسئوليتي، المذاع على قناة صدى البلد، الأربعاء، أنه سيظل هناك دعما على البوتاجاز والسولار لأنهما يؤثران على السلع وبالتالي محدودي الدخل. 

وأكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن استمرار الدعم على السولار والبوتجاز يتم تغطيته بصورة تكافلية من المواد البترولية الأخرى.

ولفت إلى أنه لا يمكن بيع أسعار السولار بسعره الحقيقي لأنه سيؤثر على المواطنين، موضحا أن هناك مراعاة لمحدودي الدخل ويتمثل ذلك في استمرار دعم السولار.

في هذا الصدد قال الدكتور علي الادريسي الخبير الاقتصادي إن إعلان المتحدث باسم الحكومة عن وقف دعم المشتقات البترولية بشكل كامل بحلول نهاية 2025 يأتي في إطار استراتيجية واضحة للإصلاح الاقتصادي، تستهدف إعادة توجيه الدعم ليصل إلى الفئات الأكثر احتياجًا، وتقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة.

واضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد " ان القرار يحمل عدة أبعاد، فاقتصاديًا، يساهم في تقليص العجز المالي، ويعزز قدرة الدولة على توجيه الموارد نحو مجالات أكثر إنتاجية، مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية. كما أنه يخلق بيئة أكثر جذبًا للاستثمار في قطاع الطاقة، حيث إن تسعير الوقود وفقًا لآليات السوق الحر يطمئن المستثمرين ويشجعهم على ضخ رؤوس أموالهم، خاصة في مشروعات الطاقة المتجددة.

وتابع : من جهة أخرى، سيؤدي هذا الإجراء إلى ارتفاع تدريجي في أسعار الوقود، وهو ما قد يؤثر على تكاليف النقل وأسعار السلع، لذا من المتوقع أن تتخذ الحكومة خطوات موازية، مثل تعزيز برامج الحماية الاجتماعية، وزيادة الدعم النقدي المباشر للأسر الأكثر احتياجًا، لضمان تخفيف الأثر على محدودي الدخل.

واكد : القرار أيضًا يدفع المواطنين والمؤسسات نحو ترشيد استهلاك الوقود، والبحث عن بدائل أكثر استدامة، مثل التحول نحو السيارات الكهربائية أو التي تعمل بالغاز الطبيعي، مما يتماشى مع رؤية الدولة لتعزيز الاقتصاد الأخضر وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

واشار : في المجمل، ورغم ما قد يصاحبه من تحديات قصيرة المدى، إلا أن وقف دعم المشتقات البترولية يُعد خطوة جريئة نحو بناء اقتصاد أكثر استقرارًا ومرونة، قادر على مواجهة الأزمات وتعزيز النمو المستدام.

فجوة كبيرة خلال الأشهر الماضية 

قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار، إن لجنة التسعير التي تنعقد 4 مرات في العام وفقا للقرار الذي صدر عام 2019 يكون هدفها الأساسي أن تحدد قيمة أقرب ما يكون للتكلفة. 

وأضاف إبراهيم، اليوم الخميس، خلال مداخلة هاتفية، ببرنامج "المراقب"، المُذاع عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنه خلال الأشهر الماضية حدث فجوة كبيرة ما بين تكلفة الوقود التي يدخل فيها ارتفاع أسعار النفط عالميًا وسعر الصرف وبالمقارنة مع الأسعار التي يتم من خلالها المشتقات البترولية سواء كان بنزين أو سولار أو مازوت أو ما إلى ذاك، مشيرًا إلى أن هذه الفجوة التي اتسعت جعلت هناك موازنة كبيرة لدعم الطاقة ومقدر لها في هذا العام 155 مليار جنيه.

وأوضح أنه على الرغم من هذا التحريك الذي يتم مراجعته كل 3 أشهر وفقًا لأسعار النفط عالميًا وفقًا لتغيرات سعر الصرف ما زال حتى الآن سعر الوقد أو ساعة المشتقات البترولية داخل مصر في المتوسط حوالي ربع ما يتم به بيع سعر المشتقات البترولية في معظم إن لم يكن كل الدول العالم. 

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفرنسية: من المهم ألا ينتقل التوتر الأمني من سوريا إلى لبنان والعراق
  • الاتحاد الآسيوي يضع خارطة طريق توضح المعايير التي ينبغي الالتزام بها
  • انخراط مسلحين من نحو 20 جنسية أجنبية في التشكيل الأمني الجديد للجماعات التكفيرية في سوريا
  • سوريا: انخراط مسلحين من نحو 20 جنسية أجنبية في التشكيل الأمني الجديد لـ الجولاني
  • ماذا حدث داخل السفينة؟ قضية مروان، الشاب المختفي في رحلة بحرية من المغرب إلى إسبانيا
  • نشرة المرأة والمنوعات| شرب الماء المثلج على الريق قد يسبب الوفاة.. حسام موافي يحذر من مرض لا يمكن الشفاء منه
  • سليمان من قصر بعبدا: المعادلة التي تُفيد البلد هي معادلة الجيش والشعب
  • شاهد بالصورة والفيديو.. بالتهليل والتكبير.. الفنان طه سليمان يصل مدينة بحري ويختبر معدات الصوت التي استجلبها لخدمة مساجد المدينة
  • يخلق بيئة أكثر جذبا للاستثمار| ماذا عن وقف الدعم على المشتقات البترولية؟
  • بالصور... قادة الأجهزة الأمنيّة في قصر بعبدا