عربي21:
2025-04-07@01:14:45 GMT

عيد غزة الحزين وأحواله المختلفة

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

الأصل في أعيادنا نحن المسلمين أنها أعياد فرحة، فرحة بالطاعة التي وفقنا الله تبارك وتعالى لأدائها، راجين منه قبولها، وأن يشفعها فينا يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" وقال: "للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه".

وإذا كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم عدم اجترار الأحزان، فيما مضى من حياة الإنسان، لكنه ماذا يفعل والأحزان تطارده لا على مدار يوم واحد، وليس على مدار حادث واحد، بل على مدار ستة أشهر، يصبحنا ويمسينا العدو الصهيوني بجراح وأحزان كبرى، تنفطر لها القلوب، خسائر كبرى على مستوى البشر والحجر، وإن كان على مستوى الآخرة فهم أحياء عند ربهم يرزقون.



كان للموت في الريف المصري جلال وخشية، واحترام شديد، يراعي فيه الناس مشاعر بعضهم بعضا، فالجار لو لديه حفل عرس، يؤجل لما بعد أربعين يوما من وفاة الجار، لو كانت وفاته وفاة طبيعية، ولو كان رجلا مسنا رقد في فراش المرض سنوات، وكان الموت راحة له، ولو كان طفلا صغيرا لم يبلغ شهورا معدودة، فيظل الألم ألما لجار، لا بد أن تراعى حرمة الموت، وحرمة الجار.

وكان التلفاز لا يفتح طوال هذه المدة، ولو حدث وفتحه الجيران، يضطرون إلى خفض الصوت إلى أخفض درجاته، ويدخلون به في غرفة بعيدة عن الشارع المقابل للجار، حرصا على مشاعره، وكانت مراعاة مشاعر الحزن لدى القريب والجار، خلقا أصيلا في الناس.

صحيح أن بعض ذلك لا ينطلق من صحيح سنة ولا قرآن، بخصوص هذا الفعل، لكنه ينطلق من عموم النصوص التي توصي بالجار، وترفض ما يؤذيه ولو بمشاعر بسيطة، ومن يمارسون غير هذه الأفعال بما لا يراعي حال أهل غزة ومصابهم، لا يفعلون ذلك من باب الالتزام بالسنة أو صحيح الدين، وإلا لكانوا اليد الأولى التي تمتد بالعون لهم بكل أنواعه وألوانه، وليس بمد يد العون للعدو.

عيد الأطفال في كل مكان لعب ولهو، وألعاب نارية، أخشى ما يخشاه الآباء والأمهات عليهم منه، أن يكون منضبطا، كألعاب، لا تخرج عن ذلك، بينما عيد أطفال غزة يقضى، على وقع صوت البارود والنار، وأحدث أنواع الأسلحة والمتفجرات، يقع فوق الرؤوس والأجساد.

أعياد الناس في كل الأصقاع، يتقاضى فيه الأطفال هداياهم المالية والعينية، بما يسمى: العيدية، ولكن عيد الأطفال في غزة لا يجدون شيئا من أي شكل من أشكال العيدية التي يعرفها كل طفل في عيده، سواء كان عيدا إسلاميا: فطر وأضحى، أو عيدا دينيا يتبع ديانة أخرى، أو عيدا كالكريسماس، والذي يعيش فيه أطفال العالم وحولهم شجرة الكريسماس، فلا يعيش الغزاوي المسلم ولا المسيحي عيده كما يعيشه مثيله في أي بقعة من بقاع الأرض.

كنت أتصور هذه المشاعر، وأعيشها، وأنا أكتب المقال ليلة العيد، في آخر يوم من رمضان، فما عساني أن أجد معاني أخرى يمكن أن تجول في خاطري حول العيد، غير مشاهد الفقد واللوعة والحزن والألم؟! وظننت أن الألم أكبر من أن يتعالى عليه أهل غزة أطفالا ورجالا ونساءا، لكن جاء يوم العيد، ورأيت الساعات الأولى منه، يحاول أهلها الفرح بوجودهم معا، وكل يبذل ما في وسعه ليفرح ويفرح الآخرين.

مشاهد بسيطة، لكنها جعلت من عيد تخلى فيه الجميع عن أهل غزة عيدا له طعم في أفواه أهله، رغم ما تنطوي عليه ضلوعهم من الجوى والحزن، لكنها بأشياء بسيطة فاقت أعيادا تنفق عليها دول بترولية أمولا طائلة في احتفالات ومهرجانات، لأن الفرح والرضا منبعه قلب الإنسان، لا جيبه.

كنا نقول منذ طوفان الأقصى، بأن سلوك أهل غزة، شعبا ومقاومة، يجعلنا نحسبهم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نزكي على الله أحدا، في صبرهم وثباتهم، وفي رضاهم على قضاء الله، وإن يوما كيوم عيد الفطر، لهو شاهد ودليل على ما رزقهم الله من هذا الثبات والإيمان به، فقد عاش الناس في ساعات قليلة، ما بين شعيرة العيد والفرح الذي يتعبدون إلى الله به، وبين الصبر والمقاومة والثبات وهم يتقربون إلى الله كذلك به.ولم يمض ساعات من يوم العيد، وسط الفرحة البسيطة التي عاشها أهل غزة، حتى أتاهم غدر العدو كعادته، فقام بضربات لم تتوقف طوال ستة أشهر، طالت هذه المرة ثلاثة من أبناء أبو العبد هنية، وبعض أحفاده، ليصله الخبر وهو يزور مجموعة من جرحى غزة في أحد المستشفيات، فيرد صابرا محتسبا، ويكمل جولته وتفقده للجرحى، محتسبهم عند الله شهداء، شأنه في ذلك شأن كل أب مكلوم في غزة، وكل جد فقد أحفاده وذويه.

أبو العبد الذي كان مادة لشائعات تطاله منذ أيام، لا هدف من ورائها سوى تشويه صورته، تارة بأنه وأبناؤه ينعمون بالراحة والدعة في الخليج، وتارة بخبر مكذوب بأنه كان يحتفل بعروس جديد له، ليأتي خبر استشهاد أبنائه وذويه، ليكون الخبر الصادق بعرس حقيقي لآل هنية، كما هو عرس لكل بيت في غزة، كأس دار على جل بيوت غزة.

كنا نقول منذ طوفان الأقصى، بأن سلوك أهل غزة، شعبا ومقاومة، يجعلنا نحسبهم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نزكي على الله أحدا، في صبرهم وثباتهم، وفي رضاهم على قضاء الله، وإن يوما كيوم عيد الفطر، لهو شاهد ودليل على ما رزقهم الله من هذا الثبات والإيمان به، فقد عاش الناس في ساعات قليلة، ما بين شعيرة العيد والفرح الذي يتعبدون إلى الله به، وبين الصبر والمقاومة والثبات وهم يتقربون إلى الله كذلك به.

قل أن يعيش الكاتب ويتقلب في مقال واحد، بين كل هذه المشاعر، فيحار في بدايته ليكون تصبيرا وتثبيتا عن اختلاف عيدهم عن أعيادنا، وأطفالهم عن  أطفالنا، فيفاجئونك بأنهم فرحوا بطريقتهم، وبشكل ما وإن اختلف في مظهره عن أعياد أخرى، لكن جوهره الفرح الذي قال عنه الله تبارك وتعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).

وبين شهادة وقصف، يقابل بثبات عجيب، لكنها غزة وأهلها، التي لم يكن سؤال الكثيرين عنها: كيف حدث ذلك؟ إلى: كيف ثبت هؤلاء، ولماذا؟ وماذا لديهم من رصيد يجعلهم بهذا الثبات؟ إنه الإيمان الذي يرزق أهله الرضا، والذي يقابل أي بلاء بجملة واحدة، تعلمناها من رسولنا صلى الله عليه وسلم يوم الطائف، حين قال: إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي.

كل عام وغزة بخير وعافية، وأهلها ثابتون، وإلى نصر الله وعزته متطلعون واثقون.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلى الله علیه وسلم إلى الله أهل غزة

إقرأ أيضاً:

وكيل صحة قنا يناقش خطة نقل أقسام المبنى القديم لمستشفى أبو تشت الجديد

ناقش الدكتور محمد يوسف عبد الخالق، وكيل وزارة الصحة في قنا، آخر المستجدات الإنشائية بمستشفى أبو تشت الجديدة، وكذلك خطة نقل كل الأقسام من المبنى القديم إلى الصرح الطبي الجديد للمستشفى، وتحديد الأقسام المختلفة داخله، وتحديد المسارات المختلفة للأقسام، وذلك من خلال النقل التدريجي للأقسام الطبية والخدمات المختلفة.

جاء ذلك خلال اجتماع بالمستشفى، برئاسة وكيل وزارة الصحة في قنا، مع فريق عمل المستشفى، بحضور الدكتورة سمر عاطف وكيلة المديرية، والدكتور عبد الله حمدي مدير الطب العلاجي، وفريق الإشراف والمتابعة بالمديرية، والدكتور علي نور الدين مدير إدارة أبو تشت الصحية والقائم بأعمال مدير المستشفى.

قنا.. فصل التيار الكهربائى عن منطقتين بمركز نقادة في هذا الموعدضبط 44 جوال دقيق.. تموين قنا يواصل حملاته لردع المتلاعبين بالسلع المدعمةعبر الفيديو كونفرانس .. نائب محافظ قنا يتابع مستجدات التقنين والخدمات الحيويةقنا .. حملة لتحصين الماشية ضد الحمى القلاعية والوادى المتصدع

ووجه وكيل وزارة الصحة في قنا، بالدعم الكامل للمستشفى بالأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة وزيادة الكميات المقررة للمستشفى من الأودية داخل الصيدليات والأقسام المختلفة.

كما وجه بتفعيل لجنة استلام من القطاع الوقائي تعمل على المراجعة اليومية للوجبات الغذائية المقدمة للمرضى، ورفع مذكرة في حالة مخالفة متعهد الأغذية للشروط المنصوص عليها في تقديم الوجبات الغذائية، وفي حالة غير مطابقتها يتم اتخاذ الإجراءات الحاسمة والرادعة تجاه ذلك.

وأجرى وكيل وزارة الصحة في قنا، جولة تفقدية موسعة داخل مستشفى أبو تشت الجديدة للوقوف على معدلات التشغيل، ومراجعة الأقسام المختلفة بها ووضع خطة التشغيل لكل الأقسام داخلها، وتابع آخر ما وصل إليه المستشفى من إنشاءات وتجهيز للغُرف داخله ومراحل الانتهاء من قسم الأشعة المقطعية والمقرر تشغيله قريبا ضمن الأقسام المختلفة بالمستشفى، مؤكدا قُرب تشغيل قسم الأشعة ودعمه بالأجهزة الحديثة اللازمة ليفتح أبوابه لاستقبال المرضى.

وأكد عبد الخالق، توفير مسار آمن لجميع الأقسام داخل المستشفى لضمان سلامة المرضى وحصولهم على الخدمة الطبية المطلوبة لهم بسهولة، موجهاً بدعم المستشفى بفرق أمن؛ للحفاظ على استقرار وتنظيم الخدمة والحفاظ علي الأجهزة والبنية التحتية.

وراجع وكيل وزارة الصحة بقنا، المداخل المختلفة بالمستشفى ومدخل سيارات الإسعاف ومستوى النظافة الخارجية لمبني المستشفى، وغرفة النفايات الرئيسية في المستشفى، وراجع كيفية استلام وفرز وفرم النفايات الطبية الخطرة والمَخرج المقرر لغرفة النفايات والمسار الآمن لذلك، موجها بنقل النفايات الطبية الخطرة بصورة دورية ووضع خطة لذلك لضمان أقصى درجات مكافحة العدوى داخل المستشفى.

كما تفقد عبد الخالق، قسم الأطفال والحالات الموجودة بالقسم والحضانات وتشغيل كل الأجهزة بكفاءة، موجهًا بعقد تدريبات مكثفة لأطباء الأطفال بالقسم على استخدام أجهزة السيباب والفنتليتر، بالاستعانة بأطباء مستشفى قنا العام لتدريبهم؛ لزيادة القدرة الطبية الفنية لأطباء الأطفال، وزيادة كفاءتهم العلمية.

مقالات مشابهة

  • صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد
  • وكيل صحة قنا يناقش خطة نقل أقسام المبنى القديم لمستشفى أبو تشت الجديد
  • سنن الأذان الخمسة والدعاء المستجاب قبل الإقامة.. تعرف عليه
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • ما حكم من صام الست أيام البيض قبل قضاء ما عليه من رمضان؟.. الإفتاء توضح
  • المفتي قبلان: اللحظة للتضامن الوطني وليس لتمزيق القبضة الوطنية العليا التي تحمي لبنان
  • دعاء الفرج العاجل مجرب ومستجاب..احرص عليه عند ضيق الحال
  • الإخلاص والخير.. بيان المراد من حديث النبي عليه السلام «الدين النصيحة»
  • سفارة مصر في أثينا تطلق منظومة العمل القنصلي الإلكتروني
  • في يوم العيد