عربي21:
2025-04-30@11:13:31 GMT

عيد غزة الحزين وأحواله المختلفة

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

الأصل في أعيادنا نحن المسلمين أنها أعياد فرحة، فرحة بالطاعة التي وفقنا الله تبارك وتعالى لأدائها، راجين منه قبولها، وأن يشفعها فينا يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" وقال: "للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه".

وإذا كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم عدم اجترار الأحزان، فيما مضى من حياة الإنسان، لكنه ماذا يفعل والأحزان تطارده لا على مدار يوم واحد، وليس على مدار حادث واحد، بل على مدار ستة أشهر، يصبحنا ويمسينا العدو الصهيوني بجراح وأحزان كبرى، تنفطر لها القلوب، خسائر كبرى على مستوى البشر والحجر، وإن كان على مستوى الآخرة فهم أحياء عند ربهم يرزقون.



كان للموت في الريف المصري جلال وخشية، واحترام شديد، يراعي فيه الناس مشاعر بعضهم بعضا، فالجار لو لديه حفل عرس، يؤجل لما بعد أربعين يوما من وفاة الجار، لو كانت وفاته وفاة طبيعية، ولو كان رجلا مسنا رقد في فراش المرض سنوات، وكان الموت راحة له، ولو كان طفلا صغيرا لم يبلغ شهورا معدودة، فيظل الألم ألما لجار، لا بد أن تراعى حرمة الموت، وحرمة الجار.

وكان التلفاز لا يفتح طوال هذه المدة، ولو حدث وفتحه الجيران، يضطرون إلى خفض الصوت إلى أخفض درجاته، ويدخلون به في غرفة بعيدة عن الشارع المقابل للجار، حرصا على مشاعره، وكانت مراعاة مشاعر الحزن لدى القريب والجار، خلقا أصيلا في الناس.

صحيح أن بعض ذلك لا ينطلق من صحيح سنة ولا قرآن، بخصوص هذا الفعل، لكنه ينطلق من عموم النصوص التي توصي بالجار، وترفض ما يؤذيه ولو بمشاعر بسيطة، ومن يمارسون غير هذه الأفعال بما لا يراعي حال أهل غزة ومصابهم، لا يفعلون ذلك من باب الالتزام بالسنة أو صحيح الدين، وإلا لكانوا اليد الأولى التي تمتد بالعون لهم بكل أنواعه وألوانه، وليس بمد يد العون للعدو.

عيد الأطفال في كل مكان لعب ولهو، وألعاب نارية، أخشى ما يخشاه الآباء والأمهات عليهم منه، أن يكون منضبطا، كألعاب، لا تخرج عن ذلك، بينما عيد أطفال غزة يقضى، على وقع صوت البارود والنار، وأحدث أنواع الأسلحة والمتفجرات، يقع فوق الرؤوس والأجساد.

أعياد الناس في كل الأصقاع، يتقاضى فيه الأطفال هداياهم المالية والعينية، بما يسمى: العيدية، ولكن عيد الأطفال في غزة لا يجدون شيئا من أي شكل من أشكال العيدية التي يعرفها كل طفل في عيده، سواء كان عيدا إسلاميا: فطر وأضحى، أو عيدا دينيا يتبع ديانة أخرى، أو عيدا كالكريسماس، والذي يعيش فيه أطفال العالم وحولهم شجرة الكريسماس، فلا يعيش الغزاوي المسلم ولا المسيحي عيده كما يعيشه مثيله في أي بقعة من بقاع الأرض.

كنت أتصور هذه المشاعر، وأعيشها، وأنا أكتب المقال ليلة العيد، في آخر يوم من رمضان، فما عساني أن أجد معاني أخرى يمكن أن تجول في خاطري حول العيد، غير مشاهد الفقد واللوعة والحزن والألم؟! وظننت أن الألم أكبر من أن يتعالى عليه أهل غزة أطفالا ورجالا ونساءا، لكن جاء يوم العيد، ورأيت الساعات الأولى منه، يحاول أهلها الفرح بوجودهم معا، وكل يبذل ما في وسعه ليفرح ويفرح الآخرين.

مشاهد بسيطة، لكنها جعلت من عيد تخلى فيه الجميع عن أهل غزة عيدا له طعم في أفواه أهله، رغم ما تنطوي عليه ضلوعهم من الجوى والحزن، لكنها بأشياء بسيطة فاقت أعيادا تنفق عليها دول بترولية أمولا طائلة في احتفالات ومهرجانات، لأن الفرح والرضا منبعه قلب الإنسان، لا جيبه.

كنا نقول منذ طوفان الأقصى، بأن سلوك أهل غزة، شعبا ومقاومة، يجعلنا نحسبهم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نزكي على الله أحدا، في صبرهم وثباتهم، وفي رضاهم على قضاء الله، وإن يوما كيوم عيد الفطر، لهو شاهد ودليل على ما رزقهم الله من هذا الثبات والإيمان به، فقد عاش الناس في ساعات قليلة، ما بين شعيرة العيد والفرح الذي يتعبدون إلى الله به، وبين الصبر والمقاومة والثبات وهم يتقربون إلى الله كذلك به.ولم يمض ساعات من يوم العيد، وسط الفرحة البسيطة التي عاشها أهل غزة، حتى أتاهم غدر العدو كعادته، فقام بضربات لم تتوقف طوال ستة أشهر، طالت هذه المرة ثلاثة من أبناء أبو العبد هنية، وبعض أحفاده، ليصله الخبر وهو يزور مجموعة من جرحى غزة في أحد المستشفيات، فيرد صابرا محتسبا، ويكمل جولته وتفقده للجرحى، محتسبهم عند الله شهداء، شأنه في ذلك شأن كل أب مكلوم في غزة، وكل جد فقد أحفاده وذويه.

أبو العبد الذي كان مادة لشائعات تطاله منذ أيام، لا هدف من ورائها سوى تشويه صورته، تارة بأنه وأبناؤه ينعمون بالراحة والدعة في الخليج، وتارة بخبر مكذوب بأنه كان يحتفل بعروس جديد له، ليأتي خبر استشهاد أبنائه وذويه، ليكون الخبر الصادق بعرس حقيقي لآل هنية، كما هو عرس لكل بيت في غزة، كأس دار على جل بيوت غزة.

كنا نقول منذ طوفان الأقصى، بأن سلوك أهل غزة، شعبا ومقاومة، يجعلنا نحسبهم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نزكي على الله أحدا، في صبرهم وثباتهم، وفي رضاهم على قضاء الله، وإن يوما كيوم عيد الفطر، لهو شاهد ودليل على ما رزقهم الله من هذا الثبات والإيمان به، فقد عاش الناس في ساعات قليلة، ما بين شعيرة العيد والفرح الذي يتعبدون إلى الله به، وبين الصبر والمقاومة والثبات وهم يتقربون إلى الله كذلك به.

قل أن يعيش الكاتب ويتقلب في مقال واحد، بين كل هذه المشاعر، فيحار في بدايته ليكون تصبيرا وتثبيتا عن اختلاف عيدهم عن أعيادنا، وأطفالهم عن  أطفالنا، فيفاجئونك بأنهم فرحوا بطريقتهم، وبشكل ما وإن اختلف في مظهره عن أعياد أخرى، لكن جوهره الفرح الذي قال عنه الله تبارك وتعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).

وبين شهادة وقصف، يقابل بثبات عجيب، لكنها غزة وأهلها، التي لم يكن سؤال الكثيرين عنها: كيف حدث ذلك؟ إلى: كيف ثبت هؤلاء، ولماذا؟ وماذا لديهم من رصيد يجعلهم بهذا الثبات؟ إنه الإيمان الذي يرزق أهله الرضا، والذي يقابل أي بلاء بجملة واحدة، تعلمناها من رسولنا صلى الله عليه وسلم يوم الطائف، حين قال: إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي.

كل عام وغزة بخير وعافية، وأهلها ثابتون، وإلى نصر الله وعزته متطلعون واثقون.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلى الله علیه وسلم إلى الله أهل غزة

إقرأ أيضاً:

تفاصيل الجناح المصري المُشارك في معرض سوق السفر العربي 2025 ATM

تشارك مصر سنوياً ممثلة في وزارة السياحة والآثار ، في فعاليات معرض سوق السفر العربي (2025 ATM) بمدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي تُقام حالياً فعاليات دورته الثانية والثلاثين وتستمر حتى 1 مايو المقبل ويُشارك بها شريف فتحي وزير السياحة والآثار والذي افتتح الجناح المصري بالمعرض.

وتصل مساحة الجناح المصري المُشارك بالمعرض هذا العام 800 متر مربع ، يضم  77 عارض، ممثلين عن القطاع السياحي المصري الخاص يضم  38 فندق و35 شركة سياحة، و3 شركات طيران مصرية هي (مصر للطيران، وإيركايرو، ونسمة)، بجانب مشاركة محافظة البحر الأحمر باستعراض المنتجات الثرية التي تتمتع بها المحافظة.

ولأول مرة يشارك بالجناح المصري ضمن العارضين المصريين المشاركين بالمعرض، إحدى شركات السياحة المتخصصة في مجال السياحة العلاجية والتي تقوم من خلال مشاركتها بالترويج لهذا المنتج السياحي في مصر.

ويضم الجناح مجموعة من شاشات العرض الكبيرة والصغيرة التي تُبرز مجموعة متنوعة من المواد الترويجية من صور وأفلام ترويجية عن المقصد السياحي المصري وما يتمتع به من مقومات ومنتجات سياحية متنوعة ومنها شاشات عرض إلكترونية تفاعلية ديناميكية موجودة على أرضية الجناح تعرض مجموعة متنوعة من المواد الترويجية من صور متحركة للمنتجات السياحية في مصر.

كما يوجد به أيضاً شاشة عرض أخرى ثلاثية الأبعاد تعرض بالتناوب المنتجات السياحية المختلفة الموجودة في مصر منها السياحة الشاطئية والسياحة الصحراوية والسياحة الثقافية وغيرها، حيث تعطي للزائر فرصة من خلال الضغط على الزر الموجود بها التنقل بين المنتجات المختلفة التي يفضلها للتعرف على مقوماتها في مصر.

كما أن تصميم هذا الجناح مستوحى من تصميم عمارة المعابد المصرية القديمة مما يعكس عراقة الحضارة المصرية.

وتم وضع لافتات دعائية  BANNERS خاصة بالمقصد السياحي المصرى على جوانب الجناح.

ويضم الجناح جزء خاص يعرض بعض المستنسخات الخاصة بالملك الذهبي توت عنخ آمون ولاسيما لأكثر القطع الأثرية تميزاً والتي وجدت داخل مقبرته منها التابوت الذهبي والقناع الخاص به والمقصورة والأواني الكانوبية ،وذلك في إطار الترويج للمتحف المصري الكبير وافتتاحه الرسمي يوم  3 يوليو المقبل وخاصة أن المتحف سيعرض لأول مرة المجموعة الكاملة لكنوز الملك الشاب توت عنخ آمون.

ويوجد بالجناح مكتب للاستعلامات لاستقبال زائري الجناح المصري، ويشهد توزيع النشرات السياحية الدعائية والمواد الترويحية المختلفة عن مصر. كما يتم توزيع على الجمهور من زائري الجناح هدايا تذكارية.

ويوجد بالجناح غرفتين لعقد الاجتماعات مع كبار الزوار، وغرفة استقبال انتظار، ومنطقة للخدمات، إلى جانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني. 

طباعة شارك وزارة السياحة والآثار السياحة والآثار معرض سوق السفر العربي دبي الإمارات مصر

مقالات مشابهة

  • واتساب يتيح قريبًا مكالمات الصوت والفيديو عبر نسخة الويب
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • تعرف على موعد حفل نيكول سابا فى شرم الشيخ
  • أفضل الصدقة التي أخبر عنها النبي .. اغتنمها
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • تفاصيل الجناح المصري المُشارك في معرض سوق السفر العربي 2025 ATM
  • زواجات أملج .. أرواح تتلاقى
  • ‏200 يوم.. «التعليم» تعلن موعد صرف مكافأة امتحانات ‏النقل للمعلمين 2025
  • الرئيس السيسي يبعث برقيتي تهنئة إلى ملك هولندا ورئيس توجو بمناسبة ذكرى العيد القومي للبلدين
  • دعاء زوال الفقر وقلة الرزق.. احفظه وداوم عليه يوميا