يرتبط الزواج فى معظم محافظات مصر بعادات وتقاليد غريبة، وتشترك فى هذا محافظات الوجهين القبلى والبحرى، وجميع هذه العادات مرتبطة بالمغالاة والتباهى أمام الآخرين بغض النظر عن الحالة الاقتصادية للعروسين وأسرهم، فتجد أسراً متوسطة أو بسيطة تغالى فى تجهيز بناتها وعمل فرح يتكلف الآلاف، وقد تكون معظم هذه التجهيزات ديوناً على الأسرة، ومع ذلك يصر الجميع على التمسك بها، وكأنها قانون لا يمكن مخالفته.
وتحكى لنا أميرة محمد، عروس ابنة إحدى قرى محافظة الجيزة، عن عادات وتقاليد قريتها فى المبالغة فى تجهيزات الزواج، مشيرة إلى أنهم اعتادوا شراء كل الأجهزة الكهربائية بشكل مبالغ فيه، حيث يتم شراء جهازين من كل نوع وأحياناً ثلاثة، كأن يتم شراء غسالة فول أتوماتيك وأخرى نصف أوتوماتيك، بالإضافة إلى غسالة الأطفال، كما يتم شراء شاشتين تليفزيون، وثلاجة وديب فريزر، ناهيك عن أطقم الكاسات وأدوات المطبخ التى يتم شراء كميات كبيرة جداً منها تصلح للاستخدام فى المطاعم لا المنازل.
أما أسوأ تلك العادات وفقاً لأميرة فهى «تجهيز الحماة» حيث يفرض على العروس شراء أجهزة كهربائية مثل الغسالة والثلاجة والشاشة والفرن الكهربائى لحماتها، وإذا كانت والدة العريس لديها أكثر من ابن فعلى كل عروس أن تشترى لها هذا الجهاز ليتحول بيتها إلى ما يشبه معرض الأدوات المنزلية.
وأضافت أن هناك عادة أخرى وهى «رد الشبكة» فعندما يشترى العريس مصوغات ذهبية للعروس بمبلغ مالى، فيجب على والدها ردها بعد أسبوع على الأكثر بشراء «عجل» بنفس ثمن الشبكة وإرساله لأهل العريس، بالإضافة إلى تجهيز عشاء فى ليلة الزفاف لعائلة العريس بتكلفة باهظة، هذا غير الهدايا التى تقدمها العروس لعائلة زوجها فى «الصباحية» والتى تصل لحد شراء الذهب، ومع كل زيارة من أهل العريس يتوجب عليها تقديم هدايا ذهبية لوالدة العريس وشقيقاته وأبنائهن إن وجدوا، كما يتوجب على العروس تقديم فروض الولاء والطاعة لحماتها وخدمتها
وأضافت أنه فى المواسم يتوجب على أهل العروس تجهيز سيارة محملة بأجولة الأرز والمكرونة والسكر وغيرها من السلع الأساسية بخلاف إحضار «خروف أو عجل» وأقفاص الدواجن وإرسالها لبيت أسرة العريس.
ولا يتوقف الأمر على هذا، فعند ولادة الصغار يتكلف أهل العروس بتجهيز ذبيحة وأجولة الأرز والمكرونة وتوصيلها لأهل الزوج قبل «سبوع» الطفل، بالإضافة إلى إحضار هدايا لوالدة الزوج وكل من يقيم معها ببيت العائلة.
الغريب أنه بعد كل هذه التكاليف غالباً ما تعانى الفتاة بسبب تدخلات الأسر فى حياة أبنائها تنتهى الزيجات بالفشل الذريع، أو تستمر الحياة بالذل والهوان وهو ما حدث مع «هدير م» التى سردت تفاصيل مأساتها قائلة: بعد إتمام مراسم الزفاف والجهاز المبالغ فيه كعادات قريتنا، واستدان والدى بسببها، فرضت حماتى على خدمتها وأبنائها طوال اليوم وكانت تعاملنى كأننى جارية اشتراها نجلها لها، وإذا شكوت لزوجى ينهرنى ويرد قائلاً: «أنا اتجوزت عشان أجيب واحدة تخدم أمى» مع العلم أنها تتمتع بصحة جيدة وليست مريضة، وليس هذا فحسب بل كانت تتدخل فى كل صغيرة وكبيرة بيننا حتى فى أمورنا الخاصة، وكانت تحكى كل تفاصيل حياتنا لأقاربها وتتباهى بسيطرتها وفرض رأيها علينا، ومعرفتها بكل شىء، بل إنها كانت تفرض علىَّ شراء هدايا لها ولم تكتف بالأجهزة اللى اشتراها والدى لها مع جهازى قبل الزفاف، وبسبب الضغوط التى يعيشها والدى لتسديد ديون زواجى أتحمل حياتى معها حتى لا أضغط عليه أكثر من ذلك.
نفس المصير واجهته فاطمة 22 عاماً التى سردت لنا قصتها قائلة؛ تزوجت منذ عامين وكعاداتنا أنفق أهلى الكثير على الجهاز، وبعد زواجى تدخلت حماتى فى كل تفاصيل حياتنا وكنت أخدمها رغماً عنى، وحدثت الكثير من المشاكل بسببها وبسبب شقيقة زوجى، حيث كانت هى ووالدتها تتشاجران معى على كل صغيرة وكبيرة، ولم يكن من حقى إغلاق باب شقتى، بل كانتا تدخلان على فى أى وقت دون استئذان، وإذا تحدثت معهما ينهراننى وعندما طالبت بحقى فى احترام خصوصيتى قاموا بطردى من المنزل بالتعاون مع زوجى الذى تعدى على بالضرب، واستولوا على مصوغاتى الذهبية، فذهبت لمنزل أسرتى وأقمت دعوى طلاق وتبديد منقولات.
وفى هذا الصدد أوضحت الدكتورة نادية جمال استشارى العلاقات الأسرية، أن أهالى الريف ما زالوا يتمسكون بعادات خطأ، ورغم المبادرات الكثيرة التى تم تنظيمها لتوعية المجتمعات الريفية، بخطورة هذه العادات وتأثيراتها الضارة على المجتمع، إلا أن أبناء معظم المحافظات يتمسكون بتجهيز العروس جهاز مبالغ فيه، ونظراً للظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار فلابد من تغيير تلك المفاهيم الخطأ، ووضع قواعد وأسس للزواج دون التفكير فى الآخرين، فالناس ينتقدون فى كل الأحوال، ولذلك يجب تجاهل هذه العادات البالية، فلا داعى لشراء أشياء كثيرة يمكن الاستغناء عن أغلبها، والاكتفاء بالأساسيات التى يحتاج إليها كل منزل، وعلى العائلتين الاتفاق على مصلحة العروسين والوعى بأن الزواج أساسه المودة والرحمة.
وأضافت أن تدخل والدة الزوج فى حياة نجلها وزوجته، واحدة من أصعب المشاكل التى تواجهها فى الحالات التى تلتقيها بمكتبها، بل أنها أحد أهم أسباب الطلاق فى مصر بشكل عام، والزوج هنا عليه عامل رئيسى، حيث يجب عليه أن يكون مستقلاً بشخصيته وحياته الخاصة بعد الزواج، وعليه أن يحافظ على السرية والخصوصية بينه وبين زوجته، وهذا لايتعارض أبداً مع حقوق والدته، ويجب ألا تتدخل الأم فى حياة ابنها والسؤال عن أدق التفاصيل، وعليها أن تدرك أن نجلها أصبح رجلاً ويجب عليها أن تتركه يعيش دوره فى الحياة ويتأقلم مع زوجته وحياته الجديدة، لأن تدخل الأسرة يؤثر سلباً على حياة الزوجين، كما يؤثر أيضاً على الأطفال عندما يجدون أن هناك شخصاً آخر يحكم المنزل غير والديهم.
وأكدت الدكتورة نادية أن خدمة الزوجة لوالدة زوجها ليس فرضاً عليها، ولكنها حينما تشعر بحنان تلك الأم، وأنها مثل والدتها فسوف تساعدها من باب الحب والتقدير والاحترام، لأن أى شىء فى الدنيا يفرض على الإنسان فعله يزيد عليه الضغط النفسى ويشعره بالضيق، وهنا لامفر من حدوث المشكلات.
وأضافت أنه يجب ألا يفرض على الزوجين الإقامة طوال الوقت مع الأم بل يجب أن يكون لهما وقتهما وحياتهما، وعلى الأم عدم الإصرار على معرفة كل شئ، اتركيها يحكيان برضا ما يريدان دون أن أى فرض منك، وعليك إبداء الرأى فقط وليس فرضه، ولا تسالى عن مشكلة حدثت بينهما، كونى دائماً الحب والحنان فيلجأ إليك نجلك وزوجته من تلقاء نفسيهما.
وأشارت استشارى العلاقات الأسرية إلى الجانب النفسى فى الكثير من الشكاوى بسبب غيرة الحماة، فالمرأة بطبيعتها غيورة أياً كان عمرها، وقد تكون الغيرة بسبب مقارنة حياتها بحياة زوجة نجلها، أو أن تنتقم لما حدث معها من حماتها، فتبدأ تعامل زوجة ابنها بنفس القسوة والشدة لتكون هى المتحكمة كما حدث معها، وأخريات يشعرن بأن ابناءهن ملك لهن، وهذا خطأ كبير فعلى أم الزوج أن تتقى الله فى معاملتها.
كما أشارت إلى أمر خطير منتشر بشدة فى الريف وهو المقارنة فى كل شئ طوال الوقت وهو أمر مدمر للحياة، فيجب علينا الاهتمام بأنفسنا وحياتنا دون المقارنة مع الآخرين والتركيز فى حياتهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لزواج الريف یتم شراء
إقرأ أيضاً:
دعم دولتي الريف والقبائل.. الجزائر والمغرب يشهران سلاح الحركات الانفصالية
لم يهدأ بعد الجدل الذي أثاره استقبال الجزائر، السبت الفائت، "الدورة الأولى لأيام الريف" بمشاركة نشطاء يدعون إلى "استقلال جمهورية الريف" عن المغرب.
ورغم عدم صدور مواقف رسمية تعلق على هذا المؤتمر، فإن وسائل إعلام في كل من البلدين واصلت إصدارها لمواقف حادة إزاء القادة في الطرف الآخر.
تراشق إعلاميوالاثنين، علّق موقع "هسبريس" المغربي على تنظيم الجزائر للنشاط الحزبي المثير للجدل بالقول إن "النظام الجزائري الجريح داخليا وخارجيا يواصل سياساته العدائية ضد المملكة المغربية التي يوظف فيها كل الإمكانيات لإضعاف موقف الرباط وتصعيد التوتر معها وتقويض أمنها واستقرارها؛ من خلال محاولة إثارة النزعات الانفصالية داخل المملكة والتي تجاوزت الأقاليم الجنوبية لتصل إلى شمال المغرب، وبالتحديد منطقة الريف".
"استقلال القبايل".. تصريح "الرد بالمثل" يهدد بفصل جديد من التوتر بين المغرب والجزائر ما إن بدأت بوادر تهدئة تظهر في الأفق بعد الأزمة الدبلوماسية المغربية الإسبانية بعودة زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى الجزائر التي تناصر قضية ما تسميه "شعب الصحراء"، حتى عاد التوتر بين الرباط والجزائر من جديد، بعد خطوة للدبلوماسية المغربية في أروقة الأمم المتحدة، اعتبرت جزائريا بأنها "تجاوزا للخطوط الحمراء".وأضاف أن "الجزائر تُقحم نفسها في دائرة من التناقضات التي تهدد استقرارها الداخلي قبل أن تؤثر على المغرب"، معتبرا أن "رعاية الجزائر لنزعات انفصالية جديدة موجهة أساسا ضد المغرب لا يعدو كونه، وفق مراقبين، مجرد رد فعل عن تحييد الرباط لدور الجزائر في قضية الصحراء".
وفي اليوم ذاته، كتبت صحيفة "الشروق" الجزائرية في مقال بعنوان "عودة جمهورية الريف" أن "المغاربة أنفسهم يعترفون بأن القوى الاستعمارية التي غزت بلادهم كانت هي من تنفخ السلاطين وتسمّن عروشهم وتطيل حياتهم، بينما كان الشعب الريفي وحده من يطالب بالحرية ويضحّي لأجلها، وهو ما أفرز مع مرور الزمن، عرشا يهتم بأوامر الدول الاستعمارية الكبرى".
دعم الحركات الانفصاليةتنظيم مؤتمر لنشطاء الريف في الجزائر ليس النشاط الأول من نوعه الذي يعلن من خلال البلدان عن دعم أنشطة حركات "انفصالية".
فقد سبق للسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن أشار في العام 2021 في رد على وزير الخارجية الجزائري آنذاك بالقول إن الذي "يقف كمدافع قوي عن حق تقرير المصير، ينكر هذا الحق نفسه لشعب القبائل، أحد أقدم الشعوب في إفريقيا، والذي يعاني من أطول احتلال أجنبي".
وأضاف المسؤول الدبلوماسي المغربي حينها أن تقرير المصير "ليس مبدأً مزاجيا، ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع، أكثر من أي شعب آخر، التمتع الكامل بحق تقرير المصير".
مؤتمر لـ"دعم استقلال جمهورية الريف" في الجزائر يثير غضب مغاربة في مؤشر يعكس حدة التوتر بين البلدين، استقبلت الجزائر، السبت، حدثا غير مسبوق يتمثل في تنظيم "الدورة الأولى لأيام الريف" بمشاركة نشطاء يدعون إلى "استقلال جمهورية الريف" عن المغرب.وتضع السلطات الجزائرية، منذ العام 2021، "حركة استقلال منطقة القبائل" على قائمة "المنظمات الإرهابية".
وتتخذ الحركة من باريس مقرا لها، وكانت قد تأسست في أعقاب ما يعرف بـ"الربيع الأمازيغي" سنة 2001، وتتهمها السلطة الجزائرية بأنها "حركة انفصالية" و"عنصرية ضد العرب".
مآلات الصراعوفي ظل هذه التحركات، تُطرح تساؤلات عن مآلات الصراع بين الجزائر والمغرب، وما إذا كانت ستؤدي إلى تأزيم العلاقة أكثر بين البلدين.
ولا يرى المحلل السياسي الجزائري عبد الرحمان بنشريط أن ما يقع قد يوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، ذلك أن "العلاقات متوترة أصلا منذ عقود، وذلك بسبب الأجندة التوسعية التي تتبناها الرباط"، على حد قوله.
ويضيف أن "الجزائر بذلت عدة محاولات لتلطيف الأجواء مع المغرب، لكن هذا الأخير أبان عن أطماع توسعية تعمقت بملف الصحراء الغربية".
ويعتبر بنشريط، في تصريح لموقع "الحرة"، أن "دعم الجزائر لملف الريف هو مجرد ردة فعل على سياسات المغرب والتقارب مع إسرائيل، ما أجبر الجزائر على الدفع بكل أوراقها"، مشيرا إلى أن بلاده "تحترم الشرعية الدولية وهو الإطار الذي يتنزل فيه حق الصحراويين في تقرير مصيرهم".
بين الريف والصحراءفي المقابل، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المغربية، إسماعيل حمودي، أن "الريف هو المحاولة الجزائرية الثانية للمس من الوحدة الترابية المغربية"، مضيفا "بعد دعم البوليساريو يأتي الآن الدور على الحزب الريفي".
ويعتبر في تصريح لموقع "الحرة" أن "الجزائر قد اشتغلت بملف البوليساريو لأكثر من خمسين سنة قبل أن تلعب هذه الورقة الجديدة، ما يدل على أنها أمام باب مسدود خصوصا مع الاعتراف الأميركي والفرنسي والإسباني بسيادة المغرب على الصحراء".
هذا الاعتراف الغربي بطرح المغرب لإنهاء نزاع الصحراء ساهم، حسب حمودي، في "إحراق ورقة البوليساريو"، ما دفع الجزائر، وفقه، إلى "البحث عن ورقة جديدة تؤسّس بها لمرحلة جديدة وهي ملف الريف".
وفند حمودي أن تكون بلاده قد قدمت دعما مباشرا للانفصاليين القبائليين، مشيرا إلى أن "المغرب أثار ملف القبائل في أروقة الأمم المتحدة في سياق الجدل السياسي بين الطرفين، لكنه لم يستقبل أي طرف من القبائل فوق ترابه بشكل رسمي كما لا تمتلك الجزائر رغم الاتهامات التي توجهها للمغرب أي وثيقة تثبت أن المغرب يدعم حكومة القبائل".
"عماء سياسي"من جهته، يرى وزير الخارجية التونسي السابق والخبير الديبلوماسي، أحمد ونيس، ما يجري بين الجزائر والمغرب بـ"العماء السياسي" خاصة في ظل "الظرف الحالي الذي يملي وحدة الصف بين الدول العربية".
تفاؤل مغربي وترقب من البوليساريو.. هل يُنهي ترامب نزاع الصحراء الغربية؟ سادت وسائل الإعلام المغربية حالة من التفاؤل بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وسط تساؤلات حول إذا ما كان الرئيس الأميركي الجديد يخطط للمضي قدما في ترسيخ القرار الذي تبناه في الأسابيع الأخيرة من ولايته الأولى عندما اعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.ودعا في تصريح لموقع "الحرة" إلى "ضبط النفس وعدم الانجرار إلى كل ما يؤدي إلى الانشقاق"، حسب تعبيره.