أكد الخبراء أن المبالغة فى متطلبات الزواج هى إحدى العادات البالية التى دمرت الرباط المقدس، وجعلت الزواج فى مصر عبئاً كبيراً على الشباب وأسرهم، ولذلك زادت نسبة العنوسة بين المصريين، ومن ثم لابد من العودة للجذور والتخفيف عن الشباب واتباع المبادرات التى يتبناها الأزهر الشريف وبعض المبادرات الشعبية التى تهدف إلى تخفيف الأعباء لتشجيع الشباب على الزواج.

وهو ما أكده الشيخ على المطيعى، عالم بالأزهر الشريف، مشيراً إلى أن تجهيز العرائس بشكل مبالغ فيه وشراء أجهزة وأدوات منزلية كثيرة فوق الحاجة، يعد إسرافاً نهى الله عنه وقال «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين»، فلا علاقة للإسلام بالإسراف، فهذه عادات عرفية صنعها الجهل، حيث يعتقد البعض أن الجهاز يجب أن يكون كثيراً حتى تتشرف العروس وأسرتها أمام الناس، وهذا يترتب عليه استدانة والدها أو والدتها، ومنهن يتيمات تقوم الأم بتجهيزهن وتصبح غارمة تدخل السجن لعدم قدرتها على السداد.

وأضاف أن المبالغة فى تجهيز العرائس يعتبر من باب التعسير على الناس، ويمحق البركة ولو تأملنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «أعظم النساء بركةً أيسرهن مئونةً» فالإكثار من الجهاز ليس من مقاصد الشرع فى الزواج.

وأشاد «المطيعى» بدور الأزهر فى العام الماضى، فى تدشين مبادرة مجمع البحوث الإسلامية، لتقليل التكاليف الباهظة للزواج بمحافظات مصر والتى انطلقت تحت عنوان «لتسكنوا إليها» وهذا دور الأزهر فى التوعية، ولعل الإعلام لم يسلط الضوء بشكل كافٍ على هذه المبادرة التى دعت لتكون مراسم قراءة الفاتحة مقصورة على الأب والأم والأشقاء، والشبكة لماذا لا تقتصر على دبلة فى حضور العائلة فقط، والجهاز يقتصر على الأساسيات بأقل تكلفة ممكنة.

كما نظم الأزهر مبادرة للزوجين فى التأهيل الأسرى كان لها مردود جيد، لذلك يطالب «المطيعى» بضرورة التوسع فى تلك المبادرات التثقيفية لتشمل كل من أراد الزواج، لتعليمه كيفية تكوين الأسرة والحفاظ عليها، وعلينا توعية الناس بهذه المبادارت وتسليط الضوء عليها للحفاظ على كيان الأسرة.

وأكد أن البعض لديه بعض المفاهيم المغلوطة عن الزواج كخدمة الزوجة لوالدة زوجها، فهذا أمر غير واجب، كما أن العروس ليست مطالبة بشراء أجهزة لها، ومن تعتقد أنها زوجت ابنها لتقوم زوجته بخدمتها فهذا أمر مرفوض شرعاً، فالله لم يخلقها خادمة ولكن عليها رعاية بيتها والحفاظ عليه نظيفاً لأنها تعيش فيه، وعليها رعاية أبنائها وتربيتهم، وكونها تخدم زوجها فهذا شىء من الفضل وليس واجباً.

وأضاف أنه على الزوجة مساعدة حماتها من باب وتعاونوا على البر والتقوى ومن الرحمة أيضاً، أى أن يتم ذلك بحب واحترام وليس بالفرض والتحكم، والرجل الذى يقول إن زوجته خادمة لوالدته فهذا تحقير من شأن المرأة التى خلقها الله حرة عزيزة لا تنكسر.

وأكد الشيخ «المطيعى» ضرورة عدم تسلط الحماة على زوجة ابنها، وإفشاء أسرارها، كما أن إفشاء الزوج لأسرار بيته لوالدته فهذا حرام شرعاً، فلكل بيت أسراره وخصوصيته التى يجب عدم فضحها، وهذه كلها أمور نهانا الله عنها، واذا طبقنا شرع الله فى كل شىء واتبعنا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فكل هذا الأمور ستنضبط انضباطاً قوياً، وستنتهى مثل هذه العادات الخاطئة التى لا تمت للدين أو للشرع.

زواج إجرامى

والتقط أطراف الحديث الخبير القانونى أيمن محفوظ، قائلاً؛ الزواج فى مصر فى كثير من حالاته يمكن أن يسمى الزواج الإجرامى، حيث يتم فى كثير من الأحيان سلب الزواج من مضمونه الذى هو سبيل للمودة والرحمة، وتحويله إلى زواج القهر والقسوة، وذلك من بداية العصبية والقبلية فى اختيار شريك الحياة، حيث تشترط العادات أن يتم الزواج بين عائلات محددة، بالإضافة إلى التمسك بعادات الجاهلية والرجعية وما ينتج عنها من مفاهيم مثل المغالاة فى المهور وتأثيث منزل الزوجية، مخالفين وصايا الرسول فى التماس الخاطب لخطيبته خاتم من حديد كمهر، وأن أقل النساء مهراً أكثرهن بركة، فلهذا نجد البركة قد تنزع من الزواح بسبب تلك المفاهيم الضالة لأهل العروسين، فتزداد المشاكل ومنها سقوط الغارمين والغارمات فى شرك السجن لأنهم حاولوا أن يتماشوا مع عادات بالية تسود المجتمع بدلاً من محاولة تغييرها والتخلص منها.

وأشار إلى أن النسب أصبح صراعاً بين العائلات وليس تواؤماً بينها، وتزداد الخلافات نتيجة فقد بعض العائلات لمفهوم كبير العائلة، ما يمنع الحلول الودية لأى مشكله زوجية، وتقوم مقامها الحلول الثأرية أو القانونية فتزيد وتتعقد المشاكل الزوجية أكثر وأكثر، والحل فى التوعية والثورة على تلك العادات البالية واقتحام المؤسسات الدينية والإعلامية للريف لتوعية المواطنين ودعوتهم لترك تلك العادات، مع تشديد العقوبات على زواج القاصرات أو التدخل فى حياة العروسين، كما أن التوسع فى التعليم سيكون حائط الصد للخرافات وعادات أهل الريف فى الزواج.

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

الإخلاص والخير.. بيان المراد من حديث النبي عليه السلام «الدين النصيحة»

اجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: "المراد بالنصيحة في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»؟".

لترد دار الافتاء موضحة: ان المراد بالنصيحة في حديث النبي عليه السلام «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، التَّناصُح بين الناس من الأمور المهمَّة التي حرص الإسلامُ على ترسيخها بين أفراد المجتمع، فهو ضرورةٌ اجتماعيةٌ لما فيه من الحرص على الإصلاح، ولا سيما إذا كان نابع من حرصٍ وإخلاصٍ؛ فالنَّاصِح يُخلِص القولَ لمن يَنْصحُه ويسعى في هدايتِه وصلاحِه، جاء عن سيدنا تميم الدَّاريِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قلنا -أي الصحابة-: لِمَنْ؟ قال: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ" متفق عليه.

8 أمور أخفاها الله من يدركها ضمن الجنة واستجابة الدعاء.. علي جمعة يكشف عنهادعاء العودة للعمل بعد إجازة عيد الفطر.. ردده يوفقك الله ويرزقك

ولعظم شأن النصيحة في الإسلام؛ كانت محل اهتمام العلماء ببيان حقيقتها وسعة مدلولها، فهي تعني إرادة الخير للمنصوح له.

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 125-126، ط. المطبعة العلمية): [النصيحة كلمة يعبر بها عن جملةٍ: هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمةٍ واحدةٍ تحصرها وتجمع معناها غيرها، وأصل النصح في اللغة: الخلوص، يقال: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع] اهـ.

كما أنَّها تعني أيضًا: صحة إخلاص القول والفعل والاجتهاد بتقديم ما فيه الخير والمصلحة للمنصوح له، وذلك بإرشاده لكل صالح، ونَهْيه عن كلِّ طالح.

ولزوم أدائها على المسلم: مقيدٌ بقدر جهده واستطاعته، وذلك لا يكون إلا بأمنه على نفسه من وقوع ما يؤذيه، وتيقنه بالطاعة فيما يقول من نُصْحٍ، وأما إن خشي أن يَجُرَّ عليه ذلك مكروهًا؛ فحينها يُرفع عنه لزومها. يُنظر: "سبل السلام" للصنعاني (2/ 696، ط. دار الحديث).

والنصيحة لكتابه: الإيمانُ به وتعظيمه وتنزيهه، وتلاوته حقَّ تلاوتِه والوقوف مع أوامره ونواهيه، وتفهُّم علومِه وأمثالِه، وتدبر آياته، والدعاء إليه، وذَبُّ تحريف الغالين وطعنِ الملحدين عنه. والنصيحة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم قريب من ذلك: الإيمان به وبما جاء به وتوقيره وتبجيله، والتمسك بطاعته، وإحياء سنته واستثارة علومها ونشرها ومعاداة من عاداه وعاداها، وموالاة من والاه ووالاها، والتخلق بأخلاقه، والتأدُّب بآدابه، ومحبة آله وصحابته، ونحو ذلك.

والنصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحقِّ، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك.

والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، وستر عوراتهم، وسد خلَّاتهم، ونصرتهم على أعدائهم، والذب عنهم، ومجانبة الغش، والحسد لهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وما شابه ذلك] اهـ. وينظر أيضًا: "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي (2/ 38-39، ط. دار إحياء التراث العربي)، و "تعظيم قدر الصلاة" للإمام المروزي (2/ 691-694، ط. مكتبة الدار)، و "معالم السنن" للإمام الخطابي (4/ 126)، و"النصيحة الكافية" للشيخ زروق (ص: 15-16، ط. مكتبة الظلال).

الضوابط والآداب التي  ينبغي مراعاتها عند إرداة النصح
للنصيحة ضوابط ينبغي مراعتها، منها: ألا تكون على الملأ، وإنما من أدب النصيحة أن تكون على انفرادٍ؛ لكيلا تورث العداوة والبغضاء بين المنصوح والناصح، إلا أن يكون المنصوح لا يفهم إلَّا بالتصريح والجهر، فيجوز ذلك ما لم يترتب عليه ضرر للناصح، مع الأخذ في الاعتبار ألَّا يكون النصح على شرط القبول للنصيحة.

قال الإمام ابن حزم في "الأخلاق والسير في مداواة النفوس" (ص: 45، ط. دار الآفاق الجديدة): [وإذا نصحتَ فانصح سرًّا لا جهرًا، وبتعريضٍ لا تصريحٍ، إلا أنْ لا يفهم المنصوح تعريضك فلا بد من التصريح، ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه فأنت ظالمٌ لا ناصحٌ، وطالب طاعةٍ وملكٍ لا مؤدي حق أمانةٍ وأخوةٍ، وليس هذا حكم العقل ولا حكم الصداقة] اهـ. وينظر أيضًا: "جامع العلوم والحكم" ابن رجب الحنبلي (1/ 225، ط. مؤسسة الرسالة).

ومن الضوابط أيضًا: أن تكون النصيحة بغير تعيينٍ؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «ما بال أقوام»؛ ومن ذلك ما جاء عن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: أتتها بريرة تسألها في كتابتها، فقالت: إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكَّرته ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اشْتَرِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر، فقال: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ» متفق عليه.

كذلك من ضوابط النصيحة: ألَّا تؤدي إلى مفسدة أعظم أو إلى منكر أشد، وقد أصَّل لهذا المعنى الإمام القرافي في "الفروق" (4/ 257، ط. عالم الكتب) حيث قال: [شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ما لم يؤد إلى مفسدة هي أعظم، هذه المفسدة قسمان: تارة تكون إذا نهاه عن منكرٍ؛ فَعَلَ ما هو أعظم منه في غير الناهي، وتارة يفعله في الناهي بأن ينهاه عن الزنا فيقتله -أعني الناهي، يقتله المُلابِسُ للمنكر-، والقسم الأول: اتفق الناس عليه أنه يحرم النهي عن المنكر، والقسم الثاني: اختلف الناس فيه، فمنهم من سواه بالأول، نَظَرًا لعظم المفسدة، ومنهم من فَرَّق] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ذلك: فالنصيحة بها قوام الدين، وحديثها من جوامع كَلِم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعناها يختلف باختلاف المنصوح، وبيان معناها واسع باتساع الحقوق الواجبة على المكلف تجاه الخالق سبحانه وتعالى، وكتابه العظيم، ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وعامة الأمة وخاصتهم، مع ضرورة مراعاة أن تكون النصيحة بالتعريض لا التصريح، وبالتعميم لا التعيين، وألَّا تؤدي إلى مفسدةٍ أو منكرٍ أشد.

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: النقاب من العادات والحجاب واجب على المرأة شرعا
  • سنن الأذان الخمسة والدعاء المستجاب قبل الإقامة.. تعرف عليه
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • ما حكم من صام الست أيام البيض قبل قضاء ما عليه من رمضان؟.. الإفتاء توضح
  • بعد الحكم عليه بالإعدام.. فرصة أخيرة أمام قاتل مالك قهوة أسوان قبل ارتدائه البدلة الحمراء
  • عبد الرحيم دقلو .. كشح الحلّة
  • دعاء الفرج العاجل مجرب ومستجاب..احرص عليه عند ضيق الحال
  • الإخلاص والخير.. بيان المراد من حديث النبي عليه السلام «الدين النصيحة»
  • تامر أفندي يكتب: أنا اليتيم أكتب
  • هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل