عربي21:
2025-02-08@18:17:33 GMT

مستقبل الصهيونية ومأزق الاستبداد

تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT

ثلاث مسلمات رئيسية تؤسس قراءة مستقبل الاحتلال وحارسه الاقليمي العربي: أولها تُرسم بمقولات النبوءة بنهاية الكيان الغاصب وهي قراءات كثيفة ترى أن ما حدث في غزة مؤشر صلب على بداية نهاية الاحتلال. أما المسلمة الثانية فتستند إلى التحوّل الكبير في توجهات الرأي العام العالمي من المشروع الصهيوني ومن صورة إسرائيل في المخيال الغربي خاصة.

أما الثالثة فتستند إلى انكشاف الدور العربي الرسمي والإقليمي في إسناد الإبادة والمشاركة الفعلية فيها.

تؤطر هذه المسلمات الثلاثة حالة قصوى من العجز والشلل العربي الشعبي والنخبوي من خلال غياب الحدّ الأدنى من ردة الفعل الجماهيرية تجاه الجرائم المرتكبة. كل هذه المعطيات الأولية التأويلية منها والموضوعية تتأتى من بشاعة الفعل الاستعماري الذي خلق موجة عالية من الاستنكار عبر العالم.

بناء على ما تقدم كيف يمكن تبين مستقبل المشروع الصهيوني في الأرض المحتلة خاصة مع ما سبق المذبحة من تقدم قطار التطبيع الرسمي مع الاحتلال؟ وكيف يمكن رصد الحلول التي ستتوخاها الصهيونية إثر الهزيمة المعنوية الكبيرة التي منيت بها عالميا في غزة؟ وما مصير حزامها العربي بعد انفضاح دوره الداعم للاحتلال وجرائمه؟

الصهيونية أزمة وجودية

ليس تنجيما ولا رجما بالغيب ما يتردد من أن الحركة الاستيطانية في الأرض المحتلة تواجه خطرا وجوديا ملموسا وهو ما صرّح به أكثر من مسؤول صهيوني وأقرّه أكاديميون يهود من كبار الباحثين. نقصد بالأزمة الوجودية ما يطرح من تساؤلات عن إمكانيات الاحتلال البقاء في فلسطين وقدرته على الصمود ودحر المقاومة.

فقد أظهرت معركة طوفان الأقصى مستوى وهن الكيان وكيف نجحت المقاومة الفلسطينية بإمكانياتها العسكرية البسيطة في التوغل إلى داخل المستوطنات حتى شارفت على بلوغ الضفة الغربية في غضون ساعات قليلة. انهارت الدفاعات الصهيونية وعجزت عن استيعاب الصدمة وهو ما يفسر ردة الفعل الدموية التي توختها في هجومها على غزة.

بعد ذلك فشلت آلة الحرب العملاقة التي حركتها وشاركت فيها كل أقوى الجيوش العالمية في القضاء على المقاومة وذلك بعد أكثر من نصف عام من جرائم الإبادة. حيث لا تزال قواتها تتكبد خسائر فادحة في العتاد والأرواح إلى اليوم دون أن تتمكن من القضاء على كل جيوب المقاومة في القطاع.

أما أكبر خسائرها الوجودية فتظهر في مستويين:

ليس تنجيما ولا رجما بالغيب ما يتردد من أن الحركة الاستيطانية في الأرض المحتلة تواجه خطرا وجوديا ملموسا وهو ما صرّح به أكثر من مسؤول صهيوني وأقرّه أكاديميون يهود من كبار الباحثين. نقصد بالأزمة الوجودية ما يطرح من تساؤلات عن إمكانيات الاحتلال البقاء في فلسطين وقدرته على الصمود ودحر المقاومة.يتمثل المستوى الأول في تبخّر اليقين الصهيوني الذي أرسته آلتها الإعلامية داخليا بأن أرض الميعاد أرض آمنة يطيب فيها العيش. لكنها ظهرت للأجيال الجديدة أرضا مسلوبة يرفض أهلها التنازل عن شبر منها كلّفهم ذلك ما كلفهم من الشهداء والتضحيات. تدرك الأجيال الجديدة في الداخل الاسرائيلي أنها لن تأمن في العيش بسلام على أرض مغتصبة وأن موجة طوفان الأقصى ستعقبها موجات أكبر في المستقبل لا من الداخل الفلسطيني فقط بل من كل دول الطوق العربية يوما ما.

أما المستوى الثاني فيتجلى في ما أحدثه طوفان الأقصى من موجة عالية من الوعي بجرائم الاحتلال أعاد إلى الأذهان جرائم النازية ومذابح الدكتاتوريات العسكرية في التاريخ الحديث. استفاق المجتمع الغربي على بشاعة الجرائم الصهيونية وعلى صفحات دامية من الإبادة والتقتيل والتطهير العرقي وهو ما نسف كليا ما رسخته السرديات الصهيونية في العقل الغربي عبر القوة الناعمة من فن وسينما وثقافة ومناهج تعليمية طوال أكثر من سبعين سنة.

هذان المستويان الداخلي والخارجي هما اللذان يؤشران بقوة على أن المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية قد وصل إلى طريق مسدود لأن انهيار السردية التاريخية التي تمد المشروع بالحياة قد سقطت ولا يمكن إصلاحها.

مأزق الاستبداد العربي

تحليليا لا يمكن الخوض في بلوغ المشروع الصهيوني أولى محطات نهايته دون تبيّن أصلب أحزمة هذا المشروع وأشدها شراسة وعمقا ممثلة في النظام الرسمي العربي. لقد ثبت اليوم أنّ الدور الإقليمي المركزي للأنظمة العربية إنما يتمثل في حماية حدود الكيان من كل تهديد قد يأتيه من الدول العربية وخاصة مصر والأردن ولبنان وسوريا. كما ظهر بالدليل أن دولا خليجية معلومة تموّل المحتل ماديا واستخباراتيا وتجاريا لحماية نظامها من كل تهديد شعبي أساسا.

لم يكن مشروع التطبيع الذي ذهبت فيه الأنظمة العربية أشواطا متقدمة إلا دليلا على التحام المشروعين أي المشروع الصهيوني مشروع الاحتلال الخارجي ومشروع النظام العربي الذي هو مشروع احتلال داخلي. فالمشروعان يهدفان إلى منع الأمة وشعوبها من بلوغ القدرة على المقاومة التي تتضمن استعادة الأرض المحتلة وإسقاط أنظمة القمع الحارسة للمحتل والحامية لمشروعه.

أزمة الاستبداد العربي تتفاقم يوما بعد يوم وعلى كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعد أن أوصد الوكيل العربي كل أبواب المصالحة مع شعبه وأغلق كل مخارج التنفيس القادرة على منع الانفجار الاجتماعي كما هو واضح في مصر والجزائر ودول الخليج. لم تقدم السلطة العربية أية بدائل عن حالة الاحتقان الكبيرة التي تعيشها مجتمعاتها بل تواصل خيار الهروب إلى الأمام في انتظار السقوط الكبير.أزمة الاستبداد العربي تتفاقم يوما بعد يوم وعلى كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعد أن أوصد الوكيل العربي كل أبواب المصالحة مع شعبه وأغلق كل مخارج التنفيس القادرة على منع الانفجار الاجتماعي كما هو واضح في مصر والجزائر ودول الخليج. لم تقدم السلطة العربية أية بدائل عن حالة الاحتقان الكبيرة التي تعيشها مجتمعاتها بل تواصل خيار الهروب إلى الأمام في انتظار السقوط الكبير.

اقتصاديا لن يكون في مقدور الأنظمة العربية مهما ضخّت فيها من المليارات مواصلة السير على طريق مسدود بل إنها معرّضة حتما وضرورة إلى انفجارات كبيرة ستكون أكبر وأعمق من ثورات الربيع الأخيرة.

 أما الكفيل الصهيوني فلن يكون بمقدوره استنباط حرب جديدة على الإسلام أو على الإرهاب الإسلامي كما يحلو له تسميته بعد انكشاف خطورته على المجتمعات الغربية نفسها وعلى صورتها ومصالحها عبر العالم. صحيح أن فاتورة طوفان الأقصى كانت ثقيلة جدا لكنها حققت أهم أهدافها بأن وضعت الكيان المحتل على محكّ وجودي يوضع فيه لأول مرة في تاريخه. إنّ التقارب المعلن إلى حدود الالتحام بين المشروعين الصهيوني والاستبدادي العربي يمثل طورا متقدما في أطوار وضوح التحالفات في المنطقة ويشكل في الوقت نفسه دليلا قاطعا على أن شراسة المحتل والمستبد ضد مطلب الحرية هي آخر أطوار الصراع الوجودي معهما في بلاد العرب اليوم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة فلسطين الحرب احتلال فلسطين غزة حرب مآلات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشروع الصهیونی الأرض المحتلة طوفان الأقصى أکثر من وهو ما

إقرأ أيضاً:

انتصار غزة.. حين تتحول التضحيات إلى حرية

في ليلةٍ امتزج فيها الألم بالأمل، وفي صباحٍ أشرقت فيه شمس الصمود، كتب الشعب الفلسطيني بدمائه وتضحياته فصلاً جديداً في تاريخ الحرية. خمسة عشر شهراً من الإبادة الجماعية والعدوان الوحشي لم تكسر عزيمة غزة، بل صنعت نصراً لم يكن مجرد تفوق عسكري، بل منعطفاً استراتيجياً غيّر موازين الصراع، وأعاد رسم معادلة الشرق الأوسط بدماء الشهداء وإرادة المقاومين الأحرار.

منذ اللحظة الأولى للعدوان، راهن الاحتلال على أن غزة ستنهار في أيام، وأن المقاومة ستستسلم خلال أسابيع، لكنه لم يدرك أن هذه الأرض الصغيرة تختزن قلوباً بحجم السماء، وأن من يسكنها ليسوا مجرد أرقام في قائمة الضحايا، بل رجال ونساء يكتبون التاريخ بصلابتهم وثباتهم.

لكن مع مرور الأيام، بدأت حسابات العدو تتهاوى أمام صمود غير مسبوق، فبدلاً من أن ينكسر الفلسطينيون تحت القصف والحصار، ازدادوا تصميماً على المواجهة، وتحولت الأزقة المدمرة إلى معاقل للمقاومة، مما أجبر الاحتلال على إعادة تقييم استراتيجيته الفاشلة.

لم يكن هذا الصمود محصوراً بين غزة والاحتلال فقط، بل امتد تأثيره إلى ميادين المواجهة الأوسع. وبينما كانت المقاومة الفلسطينية تخوض معركتها بشجاعة نادرة داخل القطاع، كانت جبهات الإسناد تبعث برسائل حاسمة من خارج الحدود.

من لبنان إلى اليمن، ومن العراق إلى إيران، توالت المواقف العملية، لتتحول المواجهة من حرب محصورة جغرافيًا إلى صراع إقليمي شامل، مما فرض على الاحتلال معادلة جديدة لم يكن مستعداً لها.

على مدار خمسة عشر شهراً، استُخدمت كل وسائل القمع والإبادة الجماعية، حيث استهدف الاحتلال المدارس، والمستشفيات، والأسواق، وحتى الملاجئ، محاولاً إبادة الحياة قبل المقاومة. ومع ذلك، لم يجد العدو أمامه سوى شعب يقاتل الجوع والقصف والتخاذل الدولي، دون أن يتراجع خطوة واحدة عن حقوقه المشروعة.

لكن في لحظة فارقة، وجد الاحتلال نفسه أمام حقيقة صادمة: المقاومة لم تنتهِ، غزة لم تسقط، و”اليوم التالي للحرب” لم يكن يوم انتصار إسرائيلي، بل يوماً فلسطينياً بامتياز.

اليوم، بينما تعم الاحتفالات في غزة، يدرك الجميع أن هذا ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة أكثر حساسية في الصراع. فبرغم الهزيمة المدوية التي لحقت بالاحتلال، لن يستسلم بسهولة، وسيسعى لإعادة ترتيب أوراقه، لكن المقاومة أثبتت أنها لم تعد مجرد كيان داخل غزة، بل باتت جزءاً من منظومة إقليمية أقوى من أي وقت مضى.

لم يعد بإمكان الاحتلال أن يختبر صبر المقاومة أو يتجاهل امتدادها الإقليمي، فالمعادلة تغيّرت جذريًا، وأصبح أي عدوان جديد على فلسطين يعني اشتعال جبهات متعددة.

من الصواريخ التي وصلت إلى تل أبيب، إلى الضربات البحرية التي شلّت الملاحة في البحر الأحمر، ومن المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، إلى الغضب الشعبي في الشوارع العربية والإسلامية، كان الرد واضحًا: كل محاولة إسرائيلية لكسر غزة ستؤدي إلى زلزال يضرب الاحتلال من كل الاتجاهات.

لم يكن هذا النصر مجرد إنجاز ميداني، بل إعادة إحياء للأمل بأن فلسطين لن تبقى محتلة إلى الأبد، وأن المقاومة ليست مجرد خيار، بل قدر لا مفر منه في معركة استعادة الحقوق.

لقد أثبت الفلسطينيون، مرةً أخرى، أن الشعوب لا تُهزم بالقنابل، وأن الاحتلال مهما طال، مصيره إلى زوال. فعلى الرغم من الركام، ودموع الأمهات، وصراخ الأطفال، خرجت غزة أقوى وأصلب، وأكثر إيماناً بأن النصر الحقيقي ليس في عدد القتلى أو حجم الدمار، بل في بقاء الإرادة التي لا تنكسر.

اليوم، يحتفل العالم الحر بانتصار غزة، لكن في قلوب المقاومين، هذه ليست النهاية، بل بداية نحو فجرٍ جديد، فجرٌ لا مكان فيه لمحتل، ولا مستقبل فيه لمن اعتقد أن القوة وحدها تصنع التاريخ.

غزة أثبتت أن الدماء تصنع النصر، وأن التضحيات تفتح أبواب الحرية، وأن شعبًا لم ينكسر تحت الحصار، لن ينكسر أبدًا حتى يرى وطنه محررًا من الاحتلال.

هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل إعلان بأن الاحتلال الإسرائيلي بدأ رحلته نحو النهاية المحتومة.

مقالات مشابهة

  • قاسم: المقاومة الفلسطينية كسرت الخطوط الحمراء التي حاول العدو فرضها
  • حماس: تدهور صحة الأسرى المحررين تكشف الأوضاع المأساوية التي يعيشونها داخل سجون العدو الصهيوني.
  • جامعة الملك خالد تُنظّم حفل تكريم الجامعات العربية المدرجة في التصنيف العربي 2024
  • الغرف العربية: 200 مليار دولار واردات غذائية متوقعة للعالم العربي بحلول 2030
  • اتحاد مجالس البحث العلمي العربية وجامعة دبي يناقشان سبل التعاون لدعم الابتكار في الوطن العربي
  • مصطفى بكري: يجب اتحاد الدول العربية لإجهاض المخطط الصهيوني في المنطقة
  • بكري: يجب اتحاد الدول العربية لإجهاض المخطط الصهيوني من المنطقة
  • الاتحاد البرلماني العربي يستنكر “التصريحات العنصرية” التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة
  • انتصار غزة.. حين تتحول التضحيات إلى حرية
  • المشروع الصهيوني مُوجّه نحو الأردن باعتباره جُزءاً من وعد بلفور!