الاقتصاد والانتخابات المحلية التركية
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
انتهت الانتخابات المحلية التركية، وقد جاءت نتيجتها مفاجأة، من خلال تعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم لهزيمة مدوية من قبل حزب الشعب الجمهوري المعارض، ولم يشفع للحزب الحاكم ما حققه من نهضة تنموية ملموسة لتركيا بعد أن كانت نسيا منسيا وتعيش في ترهات التخلف بفعل حكم حزب الشعب الجمهوري.
وقد غرد على منصة "إكس" وزيز المالية التركي محمد شيمشك تعليقا على هذه الانتخابات قائلا: نرجو أن تكون نتائج الانتخابات المحلية مفيدة لأمتنا ووطننا.
وسوف نقوم بتحويل الاقتصاد وزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية من خلال الإصلاحات الهيكلية التي سننفذها وفقا للجدول الزمني المعلن في الخطة المتوسطة الأجل. وبالتالي فإن الزيادة الدائمة في الرفاهية التي سنحققها من خلال تحقيق هدفنا المتمثل في النمو المستدام، ستتقاسمها جميع شرائح المجتمع. الطريق إلى النجاح يتطلب المثابرة والتصميم والصبر. نحن مصممون، مصممون، سننجح.
وقد أدت تلك التصريحات إلى تحسن طفيف في سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار بعد انخفاضها في صباح اليوم التالي لإعلان نتيجة الانتخابات. ورغم أن وزير المالية يركز في تصريحاته على الحفاظ على استقرار الأسعار باعتباره أولوية قصوى، واستعادة الانضباط المالي ودعم جهود البنك المركزي في تحقيق تباطؤ التضخم، إلا أن الاقتصاد كان عاملا مهما في ظهور تلك النتيجة المخيبة لآمال المناصرين لحزب العدالة والتنمية، فالتضخم هو الداء القاتل الذي ضرب الحزب في مقتل، حيث ما زال المواطن التركي يلتهب ظهره من آثاره، حيث وصلت نسبته إلى 68.5٪ وأصبح استقرار الأسعار لاسيما السع الأساسية أمرا مفقودا، وعجزت يد الحكومة عن وجود حل عاجل أو قريب لذلك.
وتظل وعود وزير المالية حبرا على ورق أمام الجميع، لاسيما اتباعه تلك السياسة التشديدية التي وصلت بسعر الفائدة إلى 50٪ وحجمت الإنتاج ووجهت أموال الناس للبنوك وعقمت الائتمان وجمدت السوق وفتحت الباب للأموال الساخنة لتسرح وتمرح.
وقد جاءت تلك السياسة النقدية الارتدادية المعاكسة بعد تبني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سياسة نقدية قائمة على خفض سعر الفائدة لزيادة الإنتاج والصادرات، وقد تمكنت هذه السياسة في نهايتها من تخفيض التضخم، ومع ذلك تم الارتداد عنها بعد نجاحه في انتخابات الرئاسة.
كما أنه لا يمكن إغفال عوامل أخرى كان لها التأثير المباشر على نتيجة انتخابات المحليات وانخفاض نسبة المشاركة بعزوف نحو 14 مليون ناخب عن المشاركة، يأتي في مقدمتها تبرم المتقاعدين من عدم زيادة رواتبهم الشهرية رغم ارتفاع التضخم، فضلا عن الترهل الذي أصاب حزب العدالة والتنمية ووضع الحواجز بينه وبين الناس، والحاجة إلى الشفافية والإفصاح والمحاسبة في سلوك الأعضاء، وما نتج عن عدم الالتزام بذلك من وجود مرشحين غير مناسبين.
إذا كانت رسالة الشعب التركي وصلت لحزب العدالة والتنمية وما شفع له ما قدمه من نهضة لتركيا، فإن هذا الدرس يجب أن يعيه الحزب حماية لمشروع الأمل الذي كانت تنظر إليه جموع أمة الإسلام بأنه الخلاص والعودة تدريجيا إلى إعادة أمجاد الإسلامكما أنه لا يمكن إغفال عامل مهم كذلك في هذه النتيجة وهي موقف الحزب من العدوان الصهيوني على غزة، ويأس المحافظين الإسلاميين من هذا السلوك، فللأسف ما زالت العلاقات التجارية مع الكيان الصهيوني قائمة دون توقف، وحال الحزب بين قطع هذه العلاقات مع هذا الكيان، كما أن دور تركيا كان وما زال في تلك الحرب الضروس لم يتعد دور المتكلم، دون خطوات جوهرية لوقف العدوان الصهيوني، لاسيما وأن أردوغان طوال حياته السابقة جعل لتركيا قدم قوة في حماية القضايا الإسلامية.
وفي الوقت نفسه لا يمكن إغفال عنصر معنوي يرتبط بنصرة الضعفاء، فقد كانت دعوات المظلومين ممن لاذوا بتركيا ـ هجرة من الظلم في بلادهم ـ لأردوغان وحزبه هي سيد الموقف، ولكن تغير الحال بعد الحملة الممنهجة عليهم بعد انتخابات الرئاسة وتغذية العنصرية ضد اللاجئين دون تحرك حاسم من الحكومة.
ويضاف إلى ذلك بروز حزب الرفاه وتفتت أصوات الإسلاميين وموقف حزب السعادة المعارض على الدوام. وكذلك قدرة حزب الشعب الجمهوري على الحشد الإعلاني والتكتلات الخفية.
إنه إذا كانت رسالة الشعب التركي وصلت لحزب العدالة والتنمية وما شفع له ما قدمه من نهضة لتركيا، فإن هذا الدرس يجب أن يعيه الحزب حماية لمشروع الأمل الذي كانت تنظر إليه جموع أمة الإسلام بأنه الخلاص والعودة تدريجيا إلى إعادة أمجاد الإسلام، ولكن هل سيتبخر هذا الحلم ويعود حزب الشعب الجمهوري للحكم ويعود بتركيا إلى استعباد صندوق النقد الدولي اقتصاديا، والعلمانية المتطرفة سياسيا؟!.
إن ذلك الأمر يتوقف على الخطوات العملية التي سوف يتخذها حزب العدالة والتنمية لإصلاح هيكله وسياساته ومعالجة أسباب فشله والرجوع لهويته، وليعلم القائمون عليه أن رضا الناس جميعا أمر يستحيل تحققه، وأن المبادئ هي التي لها الدوام، وإذا غلبتها المصالح لن يكتب لها ولا للمصالح استقرار، والحرب خدعة ومن لا يواجه خدعة خصمه بخدعة أذكى فلن يكتب له البقاء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات نتائج تركيا تركيا انتخابات رأي نتائج مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة حزب الشعب الجمهوری من خلال
إقرأ أيضاً:
بعد القبض على رموزها..المعارضة التركية تندد بحملة اعتقالات وتحقيقات
كثفت تركيا التحقيقات والاعتقالات لشخصيات معارضة، وشهد أمس الإثنين وحده ثلاثة اعتقالات، ما يثير مخاوف من اتساع نطاق الحملة على المعارضة.
وأعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، احتجاز رئيس فرع الشباب في الحزب، لفترة وجيزة بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي عن المدعي العام في إسطنبول، وأن تحقيقاً قضائياً أطلق مع أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، من حزب الشعب الجمهوري أيضاً، ومنافس رئاسي محتمل، لانتقاده الاعتقال.واحتجز أمس الإثنين أيضاً زعيم حزب النصر المعارض اليميني المتطرف، أوميت أوزداغ، بعد اتهامه بإهانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
CHP’li Beşiktaş Belediye Başkanı Rıza Akpolat yolsuzluk ve rüşvet operasyonu kapsamında tutuklandı.
Rıza Akpolat savcılığın sorduğu tüm sorulara “bilmiyorum hatırlamıyorum” demiş. https://t.co/JDqW0cz9kv pic.twitter.com/cSsLTGnwf3
ولطالما انتقد حزب الشعب الجمهوري المدعي العام في إسطنبول والقضاء باعتبارهما أداة يستخدمها حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان، لإسكات المعارضة، وطالب بانتخابات وطنية مبكرة "لتصفية الحسابات"، لكن محللين استبعدوا إجراء انتخابات قبل الموعد المحدد بفترة طويلة.
ورفض وزير العدل يلماز تونج الاتهام بصبغة سياسية للقضاء. وقال أمس الإثنين إن القضاء مستقل، وأن المدعي العام في إسطنبول يتصرف وفقاً للدستور.
ومنذ انتخابات البلديات في مارس (آذار) التي تكبد فيها حزب العدالة والتنمية خسارة فادحة، اعتُقل رئيسا بلديتين في منطقة إسطنبول من حزب الشعب الجمهوري، أحدهما لاتهامه بعلاقات بالإرهاب، والآخر لاتهامه بتزوير العطاءات، بينما أُقيل آخر من محافظة في شرق البلاد لاتهامه أيضاً بعلاقات بالإرهاب.
كما أُقيل 6 رؤساء بلديات منتخبين من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد بعد اتهامهم بصلاتهم بالإرهاب، وهو ما نفاه الحزب، وحل محلهم مسؤولون عينتهم الحكومة.
الشرطة التركية توقف، قبل قليل، رئيس حزب الظفر أوميت أوزداغ. pic.twitter.com/cmbTnAb0zt
— وكالة أنباء تركيا (@tragency1) January 20, 2025وقال المحلل السياسي بيرك إيسن من جامعة سابانغي: "التطورات في الآونة الأخيرة تظهر أن تركيا تتجه نحو أجواء استبدادية تتقلص فيها احتمالات فوز المعارضة بالانتخابات".
وجاءت هذه الضجة القانونية بعد أسبوع من اعتقال رئيس بلدية منطقة إسطنبول واتهامه بالتلاعب بالعطاءات العامة، وهو ما استنكره حزب الشعب الجمهوري، وقال إن باعثه سياسي.
واعتقل جيم أيدين، رئيس فرع الشباب في الحزب، وأُطلق سراحه لاحقاً مع فرض بعض القيود على تحركاته بعد أن نشر الفرع مقطعاً مصوراً على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد المدعي العام في إسطنبول المكلف بالتحقيق.
وقال إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، أثناء مناقشته لاستقلال القضاء: "من الواضح أن المدعي العام يفكر فينا ليل نهار، ويدير مهنته بهذه الطريقة"، وأن المدعي العام، وهو نائب وزير عدل سابق، يتصرف مثل رجل سياسة.
وبعد دقائق من كلمته، بدأ تحقيق جديد معه، وطعن إمام أوغلو في حكم ضده في 2022 لاتهامه بإهانة مسؤولين حكوميين حين انتقد قرار إلغاء الجولة الأولى من الانتخابات البلدية السابقة التي هزم فيها مرشح حزب العدالة والتنمية. وإذا أُيد الحكم، فقد يُمنع من السياسة 5 أعوام.
تركيا تحتجز مسؤولاً من المعارضة بتهمة التلاعب في عطاءات - موقع 24قررت السلطات التركية احتجاز رئيس بلدية منطقة بشكطاش بوسط إسطنبول، رضا أكبولات، والذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة، بعد أن اتهمه ممثلو الادعاء بالتلاعب في نتائج عطاءات حكومية، وهو الاتهام الذي رفضه حزبه ووصفه بأنه ذو دوافع سياسية.وفاز إمام أوغلو بقوة في إعادة انتخابه لمنصب رئيس بلدية المدي ينة فالعام الماضي، بينما عانى حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان من أسوأ خسائره على الإطلاق في الانتخابات البلدية.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل أمس الإثنين وهو إلى جانب إمام أوغلو: "حزبنا جاهز للانتخابات، ومرشحنا جاهز أيضاً".
ورفض أردوغان انتقادات حزب الشعب الجمهوري ووصفها بمتهافتة وقال إن حزب العدالة والتنمية يركز على تحولات السلطة في المنطقة.
واعتُقل أوزداغ، زعيم اليمين المتطرف، لقوله: "حتى الحروب الصليبية لم تلحق بتركيا أضراراً كبيرة مثلما فعل أردوغان".
وقال أوزيل، زعيم حزب الشعب الجمهوري، إن هذه محاولة أخرى من الحكومة لتشويه سمعة المعارضين.