لماذا تعتبر القوات جريمة قتل منسّقها عملية اغتيال سياسية؟!
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
لم تنتهِ جريمة خطف وقتل منسّق حزب "القوات اللبنانية" في قضاء جبيل باسكال سليمان فصولاً بعد، لا على المستويين القضائي والأمني، في ضوء استمرار التحقيقات لكشف كلّ الملابسات المرتبطة بها وتوقيف كلّ المتورّطين ومحاكمتهم، ولا على المستوى السياسي، على خلفية التشنّج الذي فرضته الجريمة منذ اللحظة الأولى، والتوتر الذي تصاعد بعد إعلان النهاية "الحزينة"، وما أفرزه من "احتقان" في النفوس.
وإذا كانت كلّ الأنظار اتّجهت تحديدًا إلى طريقة تعامل حزب "القوات اللبنانية" مع الجريمة، بوصفه "أم الصبي" إنّ صح التعبير، فإنّ الموقف الرسمي للأخير بدا كمن يحاول إيجاد "توازن"، فهو من جهة دعا إلى "ترك الساحات وفتح الطرقات"، لكنّه من جهة ثانية، شكّك في الروايات المسرّبة حول دوافع الجريمة، معتبرًا أنّها "غير منسجمة مع حقيقة الأمر"، متمسّكًا بالقول إنّ الجريمة هي "عملية اغتيال سياسية"، وذلك "حتى إثبات العكس".
إلا أنّ موقف "القوات" هذا يثير في جانب منه العديد من علامات الاستفهام، فلماذا الإصرار على وضع الأمر في الخانة السياسية مع كلّ ما قد يترتّب على ذلك من تبعات محسوبة أو غير محسوبة، في وقت تشير التحقيقات التي اكتملت خيوطها في وقت قياسي إلى خلاف ذلك؟ هل تمتلك "القوات" معطيات محدّدة تجعلها تتبنّى هذا الرأي، وهل تقرأ في الجريمة "رسالة" إلى قيادتها مثلاً؟ وكيف يقارب خصومها الأمر، وهل يخشون من الأسوأ؟!
"ليثبتوا العكس"
بالنسبة إلى "القوات اللبنانية"، فإنّ البيان الرسمي الذي صدر عن الدائرة الإعلامية فيها بعيد إعلان مقتل منسّقها باسكال سليمان يعبّر خير تعبير عن الموقف الرسمي، فما سُرّب ليس كافيًا للاقتناع برواية "السرقة"، بل إنّ الرواية المتداولة تبدو "غير متينة" في الشكل والمضمون، وتعتريها "ثغرات عدّة" لا تزال بحاجة لمن يفكّكها، ولذلك فالمطلوب تحقيق "جدّي وعميق" يكشف بالأدلة الملموسة الخلفيّات الحقيقية للجريمة، وغير القابلة للطعن.
يقول المقرّبون من "القوات" والمتعاطفون معها إنّ الأخيرة لم تجزم بأنّ الجريمة هي "اغتيال سياسي"، وإن كانت ميّالة إلى هذا الاعتقاد، لكنّها اعتبرت أنّها كذلك "حتى إشعار آخر"، وما قصدته بالإشعار الآخر هو "إثبات العكس"، علمًا أنّ هؤلاء يرون في هذه المقاربة السبيل الأمثل لـ"وأد الفتنة" وليس "إشعالها"، كما حاول بعض الخصوم اتهامها، لأنّ "تسطيح" الجريمة وحده كان يمكن أن يفضي رأسًا وتلقائيًا إلى الفتنة، التي يسعى إليها الطابور الخامس.
أهمّ ما في الأمر بالنسبة إلى هؤلاء، أن من حقّ "القوات" أن تشكّك، ليس فقط لأنّ الرواية المتداولة غير مقنعة برأيها، فلا معنى لتصفية الرجل إذا كان المقصود سرقته فقط، ولكن أيضًا لأنّ ما يصفه "القواتيون" بفريق "الممانعة" لديه سجلّ حافِل بتوجيه "الرسائل النارية" إلى خصومه، وهو لا يتردّد في استخدام أسلوب "الاغتيالات"، التي تبقى دائمًا للمفارقة بلا إدانة، أو يتمّ أخذها باتجاهات يدرك القاصي والداني أنها لا تعبّر عن الحقيقة بأيّ شكل من الأشكال.
"توظيف سياسي"
وإذا كان هناك من يسجّل لـ"القوات"، حتى بين الخصوم، عدم انجرارها لمخطط "الفتنة العمياء" في بادئ الأمر، ولا سيما أنّها دعت إلى انتظار التحقيقات، قبل توجيه أي اتهامات، إلا أنّ هناك من يشير إلى أنّ الأداء العمليّ والتصاعدي على الأرض لم يعكس ذلك، وهو ما ظهر بوضوح سواء في تصريحات بعض المسؤولين "القواتيين" الذين رفعوا السقف عاليًا، أو في بعض التصرفات "الانفعالية" بعض الجمهور "المندفع"، إن صحّ القول.
في هذا السياق، يتحدّث البعض من خصوم "القوات" عن "توظيف سياسي" للجريمة، لتحقيق غايات سياسية قد تكون آنية، ظهر بشكل واضح وجليّ في البيانات اللاحقة للحزب، خصوصًا حين رمى بكرة الاتهام في ملعب "حزب الله"، بغضّ النظر عن كلّ شيء، باعتبار أنّ وجوده عطّل الدولة بكلّ بساطة، ويعتبر هؤلاء أنّ مشكلة هذا الخطاب الذي قد يصنَّف "تحريضيًا"، أنه يزيد من عنصر "التوتير"، في لحظات تتطلب خطابًا من نوع آخر.
وهنا، يستغرب هؤلاء مجاهرة "القوات" تارةً بتشكيكها بالرواية الرسمية، وهي الرواية التي قدّمها الجيش وسائر الأجهزة الأمنية، التي حقّقت الكثير في وقت وجيز، بتوقيفات وملاحقات، وطورًا باتهامها السياسي لـ"حزب الله"، في حين أنّ الواقع أنّ نواب "القوات" أنفسهم كانوا يشتكون ومنذ أشهر طويلة، من "عصابات السرقة" التي تنتشر في جبيل تحديدًا، حيث وقعت الكثير من الحوادث سابقًا، وإن لم تكن نهاياتها "مأساوية" بالضرورة.
صحيح أنّ الخلاف بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" عميق جدًا، وهو يختصر في مكان ما الانقسام العمودي اللبناني بين معسكرين "يتناقضان" في كلّ شيء تقريبًا، من دون أن يتقاطعا على أيّ "مساحة مشتركة" فعليّة. لكنّ الصحيح أنّ المطلوب في اللحظات الدقيقة والحسّاسة، التعالي على كلّ الخلافات، لمنع العبث بالأمن، والتسبّب بصدام طائفي أو أهلي، ليس خافيًا على أحد أنه "أخطر" من كل الجرائم، وحتى الاغتيالات! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القوات اللبنانیة
إقرأ أيضاً:
الحصاحيصا، تعتبر معقل الجنجويد في ولاية الجزيرة
المحيريبا تقع في محلية الحصاحيصا، وتبعد 25 كيلومتر من مدينة أبوعشر، وأقرب جيش إليها هو جيش المناقل، نحو ثلاث ساعات، ولم يصلها الجيش بعد، لأنها في عمق الجزيرة، وأقرب أيضًا إلى سليم والسريحة من الناحية الغربية الجنوبية، لكن الأهم من ذلك هو قطع طريق مدني الخرطوم من ناحية كبري بيكة، وتحرير الحصاحيصا، التي تعتبر معقل الجنجويد في ولاية الجزيرة، وفيها أكبر سوق وقود ومخازن أسلحة وشفشافة، حتى التاتشرات التي كانت في مدني تم سحبها إلى الحصاحيصا، ولذلك هى الآن أكثر أهمية من مدني وعندما يسيطر عليها الجيش سوف يتحكم في كبري رفاعة، لكن المتوقع في أي ساعة أن تفاجئنا متحركات الجزيرة بالتوغل هنالك، ومتى تم كسر الطوق الأول سوف تكون بداية النهاية للميليشيا في الجزيرة وعودة العدد الأكبر من النازحين إلى قراهم ومزارعهم.
عزمي عبد الرازق
إنضم لقناة النيلين على واتساب