دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، لتحرك دولي عاجل لإدخال آليات خاصة وفرق متخصصة لرفع ركام المنازل والمباني التي قصفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي وإنقاذ الأشخاص المحاصرين تحت أنقاضها، وانتشال آلاف الجثامين لآخرين ممن قضوا تحتها منذ بدء الهجوم العسكري على غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وطالب الأورومتوسطي في بيان له، "بتشكيل ضغط دولي حاسم على إسرائيل لتأمين عمل الأشخاص والطواقم العاملة في إزالة هذا الركام، بما في ذلك طواقم الدفاع المدني".



كما "طالب بالكشف عن مصير آلاف المفقودين من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة ممن تحتجزهم قوات الجيش الإسرائيلي، بمن في ذلك من ارتكبت بحقهم جرائم الاختفاء القسري والقتل والإعدام غير القانونية في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية".



وذكر المرصد أن تقديراته تشير إلى وجود أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض، أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرًا في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية،وبعضهم تعرض للقتل داخلها. 

وتابع، "لم ينشر الجيش الإسرائيلي حتى الآن أيمعطيات حول ظروف قتل هؤلاء الأسرى والمعتقلين، كما لم تتمكن حتى الآن أيجهة مستقلة من التحقق والتعرف على ظروف مقتلهم، ولم يتم حتى الآن إخراججثامينهم أو تحديد هوياتهم أو إعادة رفاتهم، أو حتى تبليغ عائلاتهم".


وبين المرصد الأورومتوسطي أن هذا التقدير مبني على حجم البلاغات الأولية للمفقودين، إذ أنه من الصعب تقدير الأعداد الحقيقية للمفقودين في هذه المرحلة، نظرا للهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وحصار العديد من المناطق التي ينفذ فيها جيش الاحتلال عملياته العسكرية، وبخاصة البرية.

وأشار إلى ممارسات الاحتلال الهادفة إلى تشتيت الأسر الفلسطينية، وبخاصة من خلال إجبار العائلات على النزوح المتكرر دون تأمين ممرات آمنة، وفصل أفراد العائلات وإجبارهم على النزوح إلى مناطق مختلفة، أو اعتقال بعضهم ومن ثم إخفائهم قسريًّا، وانقطاع التواصل فيما بين الأسر، وبخاصة في ظل ضعف أو تقطع الاتصالات والإنترنت.

وأردف، أن فرق المرصد الميدانية واكبت عمل طواقم الدفاع المدني وفرق الإنقاذ التي انتشلت بإمكانيات بدائية جثامين 422 فلسطينيا من مجمع الشفاء الطبي ومحيطه غرب مدينة غزة ومن خانيونس، بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي منهما خلال الأيام الماضية.


وأشار إلى أن أفراد من ذوي الضحايا يشاركون في البحث عن ذويهم، وانتشالهم، فيما يجري أحيانًا نقلهم للمشافي المحلية أو دفنهم قرب تلك المنازل أو في مقابر عشوائية جماعية.

وقال إن أن غالبية الجثث المنتشلة تعرضت للتحلل نتيجة طول المدة، وبعضها كان واضحًا أنه تعرض للنهش من القطط والكلاب، بعدما أعاقت القوات الإسرائيلية طوال الأشهر الماضية انتشالها، بما ينتهك كرامة الضحايا، وحقهم وحق ذويهم في دفنهم باحترام وبشكل لائق، وطبقا لشعائر دينهم، ودفنهم بمقابر فردية، واحترام هذه المقابر، وتمييزها بطريقة تمكن من الاستدلال عليها دائمًا.



وبيّن الأورومتوسطي أن غالبية الجثامين المنتشلة كانت إما في الشوارع أو في بنايات بسيطة من طابق واحد، في حين هناك صعوبات كبيرة في انتشال جثامين القتلى من أسفل المباني متعددة الطوابق.

وأوضح أن فرق الدفاع المدني تستخدم جرافات عادية ومطارق يدوية وأجهزة بدائية في عملية البحث عن الجثامين تحت آلاف الأطنان من الأنقاض التي دمرها القصف الإسرائيلي، لذلك تستغرق ساعات طويلة في العمل دون إنجاز فعلي، خاصة في ظل انقطاع الكهرباء وشح الوقود، مما يعرقل فعالية العمل واستمراريته.

وأكد بيان المرصد الحاجة إلى إدخال بواقر ومعدات خاصة وكميات كافية من الوقود لإزالة الأنقاض والبحث عن الجثامين والوصول إليها ورفعها وفق إجراءات خاصة للتعرف على أصحابها ودفنهم في مقابر مخصصة.


وشدد الأورومتوسطي على ضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين،محذرًا من أن استمرار بقاءها بالشكل الحالي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وسيكون له تداعيات خطيرة جدًا على الصحة العامة والبيئة، وهي أمور بدأت تلمس منذ عدة أشهر.

وذكر أن جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي لم يسلم منها الضحايا حتى بعد قتلهم، وسط تواطؤ دولي مستهجن.

وبين المرصد أن المفقودين في غزة يتوزعون بين أربع فئات كانوا كالتالي:

أولًا: شهداء قضوا تحت أنقاض المنازل أو المباني التي كانوا داخلها أو في الشوارع والأراضي الزراعية، وفي مناطق تشهد توغلات إسرائيلية، أو قتلتهم القوات الإسرائيلية ودفنتهم أو قرب السياج الحدودي الفاصل شرق القطاع وشماله حيث أقامت القوات الإسرائيلية مناطق إعدام تقتل فيها كل من حاولالوصول إليها.

ثانيًا: شهداء دفنوا في مقابر عشوائية فردية أو جماعية، وحالتهم تتنوع بين أشخاص معلومين دفنهم ذووهم أو معارفهم، وبين أشخاص غير معلومين دفنتهم الجهات الصحية، أو دفنهم مواطنون بعد العثور عليهم.

ثالثًا: أشخاص لا يعرف مصيرهم بعد فقدان التواصل بهم إما بسبب توغل القوات الإسرائيلية، وإما بعد اعتقالهم من تلك القوات، ولم يعرف مصيرهم نتيجة جريمة الاختفاء القسري الي تنتهجها إسرائيل بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، وهناك معلومات عن تعرض عدد كبير منهم للإعدامالتعسفي، والقتل نتيجة التعذيب دون الكشف عن هوية هؤلاء الضحايا.

رابعا: شهداء انتشلهم الجيش الإسرائيلي من المقابر الجماعية في المستشفيات والمناطق التي توغل بها، وسلم العشرات منهم ويعتقد أنه ما يزال يحتجز عشرات آخرين.
وذكّر المرصد الأورومتوسطي بأنه سبق أن وثق إنشاء أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية في محافظات قطاع غزة لدفن شهداء الهجمات العسكرية، بسبب صعوبة الوصول للمقابر الرئيسية والمنتظمة والاستهداف الإسرائيلي المستمر للمقابر ومحيطها.

وشدد الأورومتوسطي على أن بقاء آلاف الفلسطينيين في عداد المفقودين يشكل جريمة إضافية بحق عائلاتهم الذين يعانون من العذاب النفسي الشديد.

وأضاف الأورومتوسطي، أن هذا من شأنه أن يترك آثارا عميقة لدى آلاف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى نحو يلحق بهم أذى روحي ونفسي جسيم، ما يشكل ركنا آخر من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته للمجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونيةالدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد سكان قطاعغزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، وتفعيل أدوات الضغط الحقيقية لإجبار إسرائيل على التوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وكافةجرائمها فورًا، والضغط عليها للامتثال لقواعد القانون الدولي ولقرار محكمةالعدل الدولية لحماية المدنيين الفلسطينيين من خطر الإبادة الجماعية في القطاع.

كما جدد الأورومتوسطي مطالبته اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحملمسؤولياتها والتحقق من أوضاع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والتأكد من ظروف احتجازهم، والبحث عن المفقودين، والمساهمة في الكشف عن مصير هؤلاء.



وشدد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة قيام الصليب الأحمر بتبني المواقف العلنية وإصدار البيانات في كل مرة ترفضفيها إسرائيل السماح لها بالقيام بمهامها المنوطة بها، وعلى رأسها زيارةالمعتقلين والأسرى الفلسطينيين.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التأكيد على وجوب إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثامين القتلى وعدم سلبها وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، وضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب القتلى والموتى كرامتهم وتشويه جثامينهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة تحت الأنقاض غزة الاحتلال العدوان المفقودون تحت الأنقاض المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جریمة الإبادة الجماعیة المرصد الأورومتوسطی القوات الإسرائیلیة الأسرى والمعتقلین الجیش الإسرائیلی فی مقابر قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

قتل المدينة.. ذكريات تتلاشى في ضاحية بيروت التي دمرتها إسرائيل

بيروت، لبنان- تحتفظ زينب الديراني، مثل كثيرين من سكان الضاحية الجنوبية، بذكريات دافئة عن الحي الذي نشأت فيه، عن حفل خطوبة ابنة عمها حيث اجتمع الأهل والجيران يرقصون في الشارع أمام منزلهم في الطابق الأرضي، وعن والدها الذي كان يقصد صالون الحلاقة القريب ليحصل على حلاقة مميزة على يد إبراهيم الشهير بـ"بوب الحلاق".

لكن اليوم، لم يتبقَ من كل تلك التفاصيل سوى صور عالقة في الذاكرة، بعدما تحولت شوارع الحدث -الحي الذي ترعرعت فيه وعاشت فيه 20 عاما- إلى أنقاض بفعل القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.

حلاق بضاحية بيروت الجنوبية (الجزيرة) مجرد ذكريات الآن

كانت الديراني (25 عاما) تعيش في منطقة الحدث، إحدى ضواحي بيروت الجنوبية، التي استهدفتها إسرائيل بشراسة خلال الحرب. في 27 سبتمبر/أيلول 2024، شنّت إسرائيل غارة مدمرة على حارة حريك، مسفرة عن تدمير 6 مبانٍ ومقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وفقا للتقارير الإسرائيلية.

بعد ساعات فقط من الهجوم، وبينما كان اللبنانيون يترقبون مصير نصر الله، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أوامر إخلاء لسكان مناطق واسعة من الضاحية، مما دفع آلاف العائلات إلى مغادرة منازلها في حالة من الذعر.

إعلان

يصف المشهد خضر عيدو -وهو طاهٍ تنفيذي (26 عاما) ويعيش في بشامون قرب الشويفات- قائلا: "كانت الليالي الأولى تحت القنابل مرعبة. أصوات الانفجارات كانت تحطم الصمت، وتبث الخوف في كل زاوية من المدينة. مع كل دويّ، كنا نشعر بأن وجودنا نفسه أصبح هشا أكثر من أي وقت مضى".

امرأة نائمة على كورنيش بيروت بعد فرارها من الغارات الجوية الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية 14 أكتوبر/تشرين الأول 2024 (أسوشيتد برس)

على مدى الأسبوعين التاليين، شهدت الضاحية أعنف قصف إسرائيلي منذ حرب 2006، حيث استهدفت الغارات الجوية المنطقة بشكل غير مسبوق. كانت وسائل الإعلام اللبنانية تبث الدمار على الهواء مباشرة، في حين أضاءت سماء الليل ألسنة اللهب البرتقالية والحمراء، حتى بدت وكأنها شروق جديد، لكنه محمّل بالرعب بدلا من الأمل.

حياة تحت الأنقاض

زعمت إسرائيل أنها تستهدف مخازن أسلحة حزب الله، لكن الواقع على الأرض كان مختلفا، فقد أسفر القصف عن مقتل أو تشريد عشرات الآلاف من المدنيين، في وقت تحولت فيه مئات المنازل والمتاجر إلى ركام، ولم يتبقَ من حياة الناس سوى ذكريات تائهة بين الأنقاض.

تصاعد الدخان والنيران بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت، السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024 (الأناضول)

زينب الديراني كانت واحدة من هؤلاء الذين فقدوا منازلهم. تحاول استجماع كلماتها وهي تصف حجم الدمار الذي لحق بمسكنها: "لقد قصفوا بجوار منزلي.. المبنى لا يزال قائما، لكن كل شيء بداخله دُمر بالكامل"، وتتوقف للحظة قبل أن تتابع بصوت مخنوق: "غرفتي أصبحت لها شرفة الآن بسبب القنبلة".

ورغم أن منزلها لا يزال واقفا جزئيا، فإن ما حوله لم يكن محظوظا بالقدر نفسه، إذ فقدت الحيّ بأكمله، فقدت صالون الحلاقة الذي كان يقصده والدها، وفقدت معلمتها التي كانت تعدّها شخصية ملهمة في طفولتها.

إعلان

وتضيف بأسى: "لقد قصفوا منزلها وقتلوا كل أفراد عائلتها بداخله.. زوجها، ابنتها، ولديها.. كلهم رحلوا في لحظة. كل يوم ترى شخصا يموت".

ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من غارة جوية إسرائيلية على الضاحية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024 (أسوشيتد برس) قتل مدينة

منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل أكثر من 2500 شخص في لبنان على يد القوات الإسرائيلية. وفي حين استهدفت الهجمات عديدا من المناطق، كانت بيروت والضاحية الجنوبية من بين أكثر الأماكن تضررا، مما دفع بعض الخبراء إلى تصنيف ما يحدث هناك على أنه "إبادة حضرية" أو "قتل المدينة".

تصف منى حرب، أستاذة الدراسات الحضرية والسياسة في الجامعة الأميركية في بيروت، ما يحدث قائلة: "إنه ليس مجرد دمار مادي، بل إنه محو هائل للمكان والناس وذكرياتهم".

وتضيف: "الأمر يتجاوز المباني المدمرة، لقد فقدنا أيضا الأشياء غير الملموسة.. العادات، الممارسات، تفاصيل الحياة اليومية التي اعتاد الناس القيام بها في تلك الأماكن. إنه تدمير لما يحمله الناس في ذاكرتهم".

يرى أحد الباحثين في مركز "أستوديو الأشغال العامة"، وهو مؤسسة تهتم بالتخطيط الحضري وصنع السياسات في لبنان، أن الحرب لم تدمر الأبنية فحسب، بل قطعت الروابط التي تشكل نسيج المجتمع. يقول الباحث، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، للجزيرة: "الهجمات الإسرائيلية تفكك الصلة بين الناس وأحيائهم، وتقطع الروابط الاجتماعية التي تحدد هوية المجتمع".

ويتابع: "نتيجة لذلك، لا تواجه هذه المناطق الدمار المادي فحسب، بل تشهد أيضا تفككا اجتماعيا عميقا، حيث يضطر السكان إلى التخلي عن الأماكن التي شكلت حياتهم وذكرياتهم وهوياتهم".

امرأة تمر أمام سيارة مرسيدس بنز قديمة من ستينيات القرن العشرين متوقفة أمام جدارية لحزب الله في الضاحية أثناء الحرب الأهلية في 12 يونيو/حزيران 1986 (غيتي) الضاحية من بساتين الزيتون إلى مدينة نابضة بالحياة

في عام 1955، قرر محمد، جد ديانا يونس، مغادرة مدينة بعلبك في وادي البقاع شرقي لبنان، بحثا عن مستقبل جديد، فاستقر في المنطقة الواقعة جنوب بيروت، التي كانت آنذاك مجرد بساتين زيتون ممتدة على مد البصر.

يتذكر يونس تلك الفترة قائلا: "لم تكن هناك ضواحٍ كما نعرفها اليوم، لم يكن هناك سوى أشجار الزيتون وأراضٍ واسعة، لا مبانٍ ولا شوارع مزدحمة". وسط هذا الامتداد الأخضر، قرر محمد وزوجته بناء بيت صغير بأيديهما، وضعا فيه الأساس لحياة جديدة، غير مدركين أن المنطقة التي اختاراها ستتحول يوما ما إلى واحدة من أكثر المناطق حيوية وكثافة سكانية في لبنان.

مع مرور السنين، ومع توسع العمران، بدأت المدارس والجامعات تظهر في المنطقة، وهو ما جعلها مقصدا لعديد من العائلات الباحثة عن الاستقرار. كبرت عائلة محمد، وكبرت معها الضاحية، التي لم تعد مجرد مجموعة من البيوت الريفية، بل أصبحت مجتمعا حضريا متكاملا.

إعلان

اليوم، يُعرف هذا الامتداد رسميا باسم "سهل المتن الجنوبي"، لكنه لا يزال يُشار إليه ببساطة بـ"الضاحية"، اسم أصبح مرادفا للتنوع والتاريخ والتحولات السكانية التي شهدتها المنطقة على مدار العقود الماضية.

تُعرف الضاحية الجنوبية لبيروت بأنها منطقة مترامية الأطراف، تضم بلديات رئيسية مثل الغبيري، وبرج البراجنة، وحارة حريك، والمريجة -تحويطة الغدير- الليلكي، إلى جانب مناطق عشوائية مثل الأوزاعي، وبئر حسن، وحرش الكتيل، وحي السلم، بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في برج البراجنة وشاتيلا.

تصف منى حرب، الخبيرة في التخطيط الحضري، الضاحية بقولها: "إنها بحجم مدينة بيروت". وتضيف: "إذا بدأنا من هذا المفهوم، فسندرك أن هذه المنطقة ليست مجرد ضاحية، بل هي مجتمع متكامل متعدد الأوجه، حيث تعيش الأسر، ويعمل الناس، ويتنقلون، ويقضون أوقات فراغهم. لكل طبقة من الحياة هنا قصة خاصة بها".

لم تكن الضاحية كما نعرفها اليوم، بل تشكلت عبر موجات نزوح متتالية خلال العقود الماضية، وهو ما جعلها ملاذا لمئات الآلاف من العائلات الفارة من العنف والنزاعات.

الموجة الأولى (1975-1976) جاءت خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية اللبنانية، حيث طُرد نحو 200 ألف شخص من سكان الأحياء الفقيرة في شمال شرق بيروت، بعضهم تعرض لمجازر نفذتها مليشيات مسيحية يمينية، وهو ما دفعهم إلى الانتقال إلى الضاحية بحثا عن الأمان.

الموجة الثانية الكبرى وقعت خلال الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في عامي 1978 و1982، وما تبعه من احتلال استمر حتى عام 2000. أسفرت هذه الأحداث عن نزوح ما يصل إلى 900 ألف شخص، معظمهم من المسلمين الشيعة، الذين استقروا في الضاحية بعد أن اضطروا لمغادرة قراهم الجنوبية.

مع هذه التحولات، تغيّرت التركيبة الديمغرافية للضاحية. كانت المنطقة تضم سابقا طائفة مارونية كبيرة، لكن كما توضح منى حرب، فإن الموارنة "هُجِّروا قسرا وبعنف" خلال موجات النزوح المتتالية. وعلى الرغم من أن بعض المسيحيين لا يزالون يعيشون في المنطقة، فإن الغالبية العظمى منهم لم يعودوا أبدا بعد تهجيرهم خلال الحرب.

إعلان

هكذا، لم تكن الضاحية مجرد امتداد عمراني للعاصمة بيروت، بل أصبحت مدينة بحد ذاتها، شكلها التاريخ، وطبعتها الهجرة القسرية، حتى باتت اليوم واحدة من أكثر المناطق تنوعا وكثافة سكانية في لبنان.

على الرغم من التغيرات الديمغرافية التي شهدتها الضاحية الجنوبية خلال العقود الماضية، فإن بعض مظاهر التعددية الدينية لا تزال قائمة. تشير حرب إلى أن "الكنائس والمقابر المسيحية تم ترميمها في العقد الأول من القرن الـ21، وظلت القداسات تُقام كل يوم أحد"، في تأكيد على أن الوجود المسيحي لم يُمحَ بالكامل من المنطقة، حتى لو أن أعداد السكان قد تغيّرت.

مع توافد موجات المهاجرين الجدد إليها، لم تعد الضاحية مجرد منطقة مجاورة لبيروت، بل أصبحت امتدادا حضريا كثيفا، يكاد يضاهي العاصمة من حيث الحجم والكثافة السكانية، حيث نما العمران بشكل متسارع، وتوسعت البنية التحتية لتستوعب الأعداد المتزايدة من السكان، مما جعلها إحدى أكثر المناطق ازدحاما في لبنان.

بالنسبة إلى محمد، جد ديانا يونس، الذي كان أحد أوائل من استقروا في الضاحية، شهد بأم عينيه كيف تحولت هذه المنطقة من بساتين زيتون هادئة إلى مدينة مكتظة بالحياة. وكما توسعت الضاحية، نمت عائلته أيضا؛ فمع مرور السنوات، تزوج كل واحد من أبنائه، وأصبح كل منهم يبني طابقا جديدا فوق بيت أبيهم، ليؤسس أسرته الخاصة، في مشهد يعكس التحولات السريعة التي طرأت على المنطقة.

اليوم، أصبحت الضاحية شاهدا على عقود من التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، من منطقة زراعية بسيطة إلى واحدة من أكثر المناطق تأثيرا في المشهد اللبناني.

أنصار حزب الله يحملون الأعلام لتوزيعها على مشيعين في جنازة بالضاحية نهاية 2023 (غيتي) محطات تاريخية.. كيف تغيرت الضاحية؟

غالبا ما تصف وسائل الإعلام الدولية الضاحية الجنوبية لبيروت بأنها "معقل حزب الله"، في محاولة لاختزالها في بُعد سياسي وأمني فقط، متجاهلة تعقيداتها الاجتماعية والثقافية. حتى داخل لبنان، هناك من ينظر إليها باعتبارها "غيتو" شيعيا أو منطقة متمردة، كما أشارت منى حرب في مقال نشرته عام 2009 عن الضاحية.

بائعا خضروات وفاكهة يتجولان بعربة في مخيم شاتيلا للاجئين يوم 13 يناير/كانون الثاني 1984 (غيتي)

لكن حرب ترفض هذه النظرة التبسيطية التي تتجاهل واقع الحياة اليومية في المنطقة، وتقول في حديثها للجزيرة الإنجليزية: "مئات الآلاف من الأفراد ذوي الأصول والهويات المتعددة يعيشون هناك"، مشيرة إلى أن بيروت ولبنان عموما صغيران إلى حد يجعل من المستحيل العيش في الضاحية من دون أن تكون متصلا ببقية المدينة والمجتمع ككل.

إعلان

نشأت في الضاحية عدة تيارات سياسية وحركات اجتماعية منذ ستينيات القرن الماضي، لكن الحرب الأهلية اللبنانية غيرت موازين القوى فيها. خلال الحرب، سيطرت على المنطقة حركة أمل، الذراع المسلح لحركة "المحرومين" التي أسسها الإمام موسى الصدر.

لكن في عام 1984، بدأ حزب الله في كسب أنصار داخل الضاحية، وفي عام 1989، اندلعت مواجهات بينه وبين حركة أمل، انتهت بسيطرة الحزب على أجزاء واسعة من الضاحية، ليصبح لاحقا القوة السياسية والعسكرية الأبرز فيها. حتى اليوم، يحتفظ الحزب بشبكات سياسية واجتماعية واسعة النطاق داخل الضاحية، كما أن وجود أعلامه وتجمعاته وخطاباته العامة كان مشهدا مألوفا على مدار العقود الماضية.

خيام أقيمت ملاجئ مؤقتة للعائلات النازحة الهاربة من الغارات الجوية الإسرائيلية، على طول شاطئ الرملة البيضاء العام في بيروت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2024 (أسوشيتد برس)

لكن على الرغم من وجود أنصار لحزب الله في الضاحية، فإن تصنيف المنطقة بـ"المعقل" يثير اعتراضات واسعة، ليس فقط بين الباحثين، بل أيضا بين سكانها أنفسهم. ترى حرب وآخرون أن استخدام مصطلح "معقل" يتجاهل التنوع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في الضاحية، بل ويعمل على إضفاء الشرعية على العنف ضدها، وكأنها مجرد هدف عسكري وليس حيا نابضا بالحياة.

تقول حرب: "هناك صورة نمطية غير إنسانية تروجها وسائل الإعلام الغربية، تربط جميع سكان هذه المنطقة بتوجهات سياسية معينة، وهو أمر بعيد عن الواقع".

قبل أن تتحول الضاحية إلى ساحة حرب، جاءت زينب الديراني إليها عام 2021 من بلدتها قصرنبا في البقاع بحثا عن فرص عمل، في وقت كان فيه لبنان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه. كانت زينب تحمل طموحات كبيرة، وبذلت جهدا هائلا في حياتها المهنية، إذ عملت لأكثر من 14 ساعة يوميا إلى جانب دراستها للكيمياء والتشخيص الطبي.

إعلان

لم تكن تحب حيّها كثيرا، لكنها رغم ذلك تحتفظ بذكريات جميلة عن الجلوس مع والديها في نهاية اليوم، يتبادلان الأحاديث، وعن عمتها التي كانت تمرّ لزيارتهم باستمرار.

دعاء نابو (3 سنوات) تنام على زاوية أحد الشوارع بينما تقرر عائلتها إخلاء المنزل تحسبا لغارات جوية إسرائيلية في العاشر من أغسطس/آب 2006 (غيتي)

نشأت منى حرب في الضاحية الجنوبية، لكنها غادرتها قبل نحو 30 عاما. أما والدها، فكان يذهب إلى برج البراجنة لشراء الخبز واللحوم والجبنة واللبنة حتى أسابيع قليلة مضت.

تقول بأسى: "كان المنزل جيدا وآمنا"، قبل أن تتوقف للحظة وتضيف بصوت منخفض: "قبل ذلك".

اليوم، يجد أكثر من مليون شخص -أي ما يعادل 20% من سكان لبنان- أنفسهم في حالة نزوح قسري بسبب الحرب الأخيرة. وبينما دُمّرت منازلهم، لم يجد كثيرون منهم مأوى، فافترشوا الحدائق العامة، والشوارع، وحتى شواطئ البحر، في مشهد يعيد إلى الأذهان الأزمات الإنسانية التي عصفت بلبنان على مر العقود.

يقول الباحث في أستوديو الأشغال العامة: "بالنسبة إلى النازحين، الصدمة مزدوجة، ليس فقط لأنهم طُردوا من منازلهم تحت التهديد، ولكن لأنهم يشهدون أيضا محو روابطهم الثقافية والجسدية بأرضهم". وأضاف أن ما يحدث في الضاحية ليس مجرد قصف عشوائي، بل هو "محاولة متعمدة لمحو وجود المجتمع ذاته"، في إشارة إلى حجم الدمار الذي طال المنطقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي.

ليالٍ مرعبة ودمار ممنهج

منذ 27 سبتمبر/أيلول 2024، شنت إسرائيل عشرات الغارات على الضاحية، وفقا لمصادر محلية. وبعد توقف استمر أسبوعا تقريبا، استؤنف القصف بوتيرة أعنف، إذ شهدت ليلة 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024 واحدة من أشد ليالي القصف رعبا، حين شنت إسرائيل 17 غارة جوية أسفرت عن تدمير ما لا يقل عن 6 مبانٍ، كان من بينها مكتب قناة الميادين الإعلامية.

ويؤكد الباحث في أستوديو الأشغال العامة أن "رسم خريطة للدمار أمر معقد، لكن الواضح هو أن الضاحية تعرضت لهجمات وحشية يومية". ويضيف: "ما يميز هذه الضربات هو العنف العشوائي ضد المدنيين، حيث لم تعد تقتصر على أهداف عسكرية مزعومة، بل امتدت لتشمل الأبنية السكنية والشوارع والمحال التجارية".

إعلان

وكانت الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء تصدر عبر منصة إكس، حيث نُشرت خرائط للضاحية مع تمييز المباني المستهدفة باللون الأحمر. وفي كثير من الحالات، مُنح السكان ساعة واحدة فقط للمغادرة، ومع كل ليلة كانت المهلة تقلّ، لتتحول إلى دقائق معدودة في بعض الأحيان.

يضيف الباحث: "المباني والشوارع والأحياء بأكملها تم تحديدها ورسم خرائطها بشكل منهجي، ثم استُهدفت بغارات جوية دقيقة، في إطار إستراتيجية مدروسة للقضاء على المساحات المدنية".

المأوى المفقود

يوم 27 سبتمبر/أيلول 2024، أجبرت زينب الديراني وعائلتها على مغادرة منزلهم. انتقل والداها للعيش مع شقيقتها في أحد الأحياء المسيحية، بينما وجدت زينب ملجأ مؤقتا في متجر بعين الرمانة.

ومع استمرار عمليات الإخلاء، انتقدت منظمة العفو الدولية الطريقة التي أُجبر بها السكان على المغادرة، ووصفتها بأنها "مضللة وغير كافية". وأشارت إلى أن بعض الهجمات وقعت بعد أقل من 30 دقيقة من إصدار التحذير، بينما جاءت هجمات أخرى من دون أي تحذير على الإطلاق.

صدمة الفقدان

بالنسبة لمازن، وهو صاحب محل هدايا وعطور في المريجة، لم يكن القصف مجرد كارثة مادية، بل كان فقدانا لكل ما كان يعني له الحياة. كان يعيش حياة هادئة مع قطته المحبوبة "سيسي"، التي أصبحت نجمة حسابه على "تيك توك". ولكن عندما ضربت غارة جوية المبنى الذي يسكن فيه حين كان خارجه لشراء بعض الحاجات، انهار المبنى بالكامل، تاركا سيسي تحت الركام.

وفي مقطع فيديو انتشر على "تيك توك"، ظهر مازن وهو يقف أمام أنقاض منزله يبكي بحرقة وينادي على قطته المفقودة، بينما انهالت التعليقات برموز تعبيرية باكية وأخرى تعبر عن الحزن.

يقول مازن للجزيرة: "ذهبت كل حياتي، لا مشكلة، سأجد منزلا آخر… لكن الشيء الوحيد الذي يهمني هو إذا ما كانت سيسي قد نجت. إن شاء الله لم تمت".

لم يفقد الأمل في العثور عليها، فكل يوم يذهب إلى موقع الدمار بحثا عنها، وينام في العراء، متنقلا بين الشوارع والشرفات، ويقول: "ما زلت أعيش حياة هادئة، لا يهمني أي حزب أو طائفة، أنا فقط أحب الحياة والقطط والحيوانات"، يقول بنبرة مفعمة بالألم والاستسلام.

إعلان تاريخ يعيد نفسه

لم تكن هذه المرة الأولى التي تعيش فيها الضاحية هذا النوع من التدمير الشامل. ففي حرب يوليو/تموز 2006، خاض حزب الله وإسرائيل حربا استمرت 34 يوما، قُتل خلالها أكثر من 1220 شخصا، معظمهم من اللبنانيين، في حين دُمر حوالي 245 مبنى وفق ما أطلق عليها الجيش الإسرائيلي "عقيدة الضاحية"، وهي تكتيك عسكري يقوم على التدمير غير المتناسب.

ورغم الحروب السابقة، فإن الضاحية استمرت في النمو واحتضنت سكانها النازحين من مناطق أخرى. لكن اليوم، يواجه بعض هؤلاء السكان واقعا مختلفا، إذ لم يعد كثيرون يرون في الضاحية مكانا يصلح للعيش بعد انتهاء الحرب.

نسيم (11 عاما) نازحة من الضاحية تعرض حجارة لونتها خلال أنشطة فنية أقامها متطوعون في بيروت يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024 (رويترز)

تقول ديانا يونس: "عائلة خالي قررت عدم العودة. يخططون لبيع كل ممتلكاتهم هنا والانتقال إلى مكان آخر. لم يعد أحد يريد الضاحية".

ذكريات تتلاشى وأحلام تتبدد

نشأت منى حرب في الضاحية، التي غادرتها قبل 30 عاما، وكان والدها حتى وقت قريب يذهب إلى برج البراجنة لشراء الخبز والجبنة، ليس لعدم توفرها في مكان آخر، ولكن لأن هذه الرحلة عبر الأزقة الضيقة كانت تمنحه شعورا بالانتماء والارتباط بالمكان.

تقول بحزن: "هذا مجرد مثال بسيط على شيء قريب مني تم محوه تماما".

أما زينب الديراني، التي حلمت دائما بحياة خارج الضاحية، فوجدت نفسها أمام واقع لم تكن تتمناه. "أردت الرحيل، لكن ليس بهذه الطريقة… أشعر أن كل أحلامي تنهار"، تقول بصوت يملؤه الألم والصدمة.

وتضيف: "ما زلت أعيش في حالة إنكار… وكأنني في كابوس لا أريد أن أستيقظ منه، لأنني عندما أفعل، سأجد نفسي أمام حقيقة قاسية لا أعرف كيف أتعامل معها".

ففي حين تتلاشى ذكريات الطفولة والأيام الجميلة، يغلب شعور الرعب والخوف من المستقبل على سكان الضاحية. وتختتم زينب حديثها بعبارة موجعة: "نحن نجلس وننتظر يومنا… من المؤسف أن أقول هذا، لكننا ننتظر اللحظة التي سنُقتل فيها مثل أحبائنا وأصدقائنا".

إعلان

مقالات مشابهة

  • قتل المدينة.. ذكريات تتلاشى في ضاحية بيروت التي دمرتها إسرائيل
  • اقرأ غدًا في "البوابة".. العالم لـ "ترامب": تهجير الفلسطينيين جريمة حرب
  • أستاذ قانون دولي: تصريحات الحكومة الإسرائيلية بشأن التهجير تشكل جريمة حرب
  • بسمة وهبة: تصريحات ترامب صادمة.. ومصر ترفض تهجير الفلسطينيين (فيديو)
  • بسمة وهبة: تصريحات ترامب صادمة.. ومصر ترفض تهجير الفلسطينيين
  • عضو بـ«الشيوخ»: المشروع الأمريكي الإسرائيلي بشأن غزة جريمة دولية وإنسانية
  • أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية
  • محلل سياسي فلسطيني: ترامب يسعى لتغيير حدود إسرائيل خارج اتفاقيات 1948
  • تركيا تعلن استقبالها 15 أسيرًا فلسطينيًا أبعدتهم إسرائيل
  • الكشف عن إحصائية صادمة لضحايا العدوان الأمريكي السعودي على اليمن خلال 3600 يوم