مع ارتفاع وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية على الحدود اللبنانية وتوسع رقعتها إلى بلدات وقرى في العمق الجنوبي والبقاعي، متجاوزة قواعد الاشتباك التقليدية، أمكن تلمّس تغيير نوعي في المزاج الاسرائيلي يعبّر عنه الإعلام انطلاقاً من مواقف متشددة تنادي باستمرار الحرب.تغيّر يثير القلق الغربي، ولا سيما الفرنسي، المواكب من كثب للمساعي الديبلوماسية الرامية إلى تجنب الانزلاق إلى حرب موسعة.



وكتبت سابين عويس في" النهار": تكشف مصادر ديبلوماسية متابعة رصدَها لهذا التغير بين السابع من تشرين الاول الماضي والوضع الذي آلت اليه الأمور اليوم، مشيرة إلى ان هذا المناخ يدفع بالمساعي نحو فتح المجال أمام المسار الديبلوماسي، لأن الهدف يرمي إلى وضع الخيار الديبلوماسي على الطاولة ومحاولة استبعاد الخيار العسكري عنها، كحلّ للخروج من الأزمة الراهنة. 

في رأي الفرنسيين العاملين على هذا الخط، ان الورقة التي تقدمت بها باريس تدخل في هذا السياق لفتح الباب أمام الحوار، لأن الفراغ لا يخدم إلا المتطرفين. وقد تكون هذه ابرز نقاط الاختلاف بين الاستراتيجية الفرنسية والاستراتيجية الاميركية. فالموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين اوضح وجهة نظر بلاده بوضوح عندما اعلن ان لا مفاوضات إلا بعد وقف اطلاق النار، في حين ان الاستراتيجية الفرنسية ترمي الى خلق مساحة من الحوار تعبّد الطريق لأي مفاوضات محتملة بعد وقف إطلاق النار. من هنا كانت الورقة الفرنسية التي أجابت عليها الحكومة اللبنانية بإيجابية، من دون الدخول في تفاصيل البنود الواردة فيها، والتي ترسم خريطة طريق الحل، لأن أيّ جواب يعني عملياً بدء التفاوض، والحكومة ليست في وارد فتح هذا الباب الذي يبقى ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، الأمر الذي يعزز الدفع في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي. 
تكشف المصادر عن تواصل أميركي - فرنسي دائم من خلال اللقاءات التي حصلت سابقاً مع تأكيد على مواصلتها قريباً. وعليه، لا يمكن القول إن هناك ورقة فرنسية - أميركية، رغم ان المقترحات الواردة في الورقة الفرنسية قريبة جداً مما يقترحه هوكشتاين. ذلك ان هناك مقاربتين مختلفتين للمسألة. مردّ الاختلاف ان منسوب القلق الفرنسي أعلى بكثير مما هو عليه أميركياً. كما ان الاميركيين في اعتبارهم ان لا حل قبل وقف النار وان هوكشتاين لن يعود إلى بيروت قبل ذلك، فإنهم بذلك يلتقون مع وجهة نظر "حزب الله" التي ترفض اي كلام قبل وقف النار، ولا يأخذون في الاعتبار الحسابات الاسرائيلية التي يمكن ان تأتي مغايرة لما يُعلن. فهوكشتاين، عندما زار لبنان اخيراً، كان الحديث عن وقف للنار في اليوم عينه، ولم يحصل الامر، ما يعني، بالنسبة إلى المصادر، انه لا يمكن التعويل على الكلام الإسرائيلي. وبهذا تصف المصادر الكلام عن ان الكلمة الأخيرة للاميركيين بالقراءة الخاطئة، مشيرة إلى ضرورة ان تكون للبنانيين كلمتهم ايضاً وأن لا يكونوا متلقّين للحلول الخارجية. 

يرفض الفرنسيون القول إنهم هنا لنقل التهديدات الإسرائيلية، بل يعتبرون ان لهم دوراً في مشاطرة اللبنانيين معلوماتهم ليكونوا على بيّنة من المعطيات والتهديدات. هم لا يخفون قلقهم الشديد إزاء الاعتبارات في السياسة الاسرائيلية الداخلية التي قد تملي قرارات لا يمكن التكهن بها، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى الاعتبارات الاميركية الداخلية على ابواب الانتخابات الرئاسية. من هنا، يأتي تعاملهم مع الوضع وكأن احتمالات الحرب قائمة بنسبة 100 في المئة، فينبهون إلى المخاطر الداهمة، رافضين المجازفة، خصوصاً ان لدى فرنسا 700 جندي يعملون ضمن قوات الطوارىء الدولية. لكن رغم حجم تلك المخاوف، حرص الفرنسيون على عدم توجيه إنذارات او تحذيرات لرعاياهم بمغادرة لبنان، كما فعلت دول غربية اخرى، على رغم عدم وجود أي تطمينات من أي جهة في هذا المجال. 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
  • "فرنسي إسرائيلي" ضمن الرهائن الثلاثة التي ستفرج عنهم حماس غدا
  • وزير المالية الإسرائيلي: نتنياهو وترامب ملتزمان بعزل حماس من حكم غزة
  • هل تعلم أن مغلي البقدونس يمكن أن يغير حياتك؟: إليك الفوائد التي لا تعرفها
  • مصر: لا يمكن استبدال دور الأونروا في غزة
  • سرقة السيارة التي« لا يمكن سرقتها»
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • موقع فرنسي: اليمين يضرم النار في علاقات الجزائر وفرنسا