أطواق الورد الطائفي.. تزين أعناق الفتيات ورؤوس الشباب احتفاءً بعيد الفطر المبارك
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
زينت أطواق الورد الطائفي ببتلاته الباهية ورائحته الزاكية، رؤوس الشباب وأعناق الفتيات احتفاءً بعيد الفطر السعيد، حيث تجلت عقود الورد، أحد أشهر النباتات العطرية المحلية بشذاها الفواح، في أيام العيد لتكون مظهرًا جذابًا من مظاهر الزينة، وموروثًا ثقافيًا تميز به مجتمع الطائف.
ويفاخر أهالي الطائف بتيجان الورد, التي تلف أعناق النساء وتعقل رؤوس الرجال والأطفال, حتى أضحى موروثًا تتناقله الأجيال ورسالة ثقافية تعنونها مواسم الأفراح والمناسبات، ونمط رئيسيًا من أنماط الحياة المرتبط ارتباطًا وثيقًا بأهله منذ أمد بعيد، ليعطر سماء عروس المصائف ويحلّق بها في الآفاق عاليًا، وعلامة وردية أخرجتها تربة أرضهم الغنية بمواردها الطبيعية دون غيرها، ويسهم في إضفاء الرونق والبهاء الذي واكب في حضوره موسم عيد الفطر السعيد.
وينظم أصحاب المزارع في كل عام بطريقة منسقة وبسيطة أطواق الورد الطائفي، ليلفه الرجال حول رؤوسهم، وتعقده النساء على أعناقهم منذ قديم الزمان كمظهر من مظاهر الزينة بدلاً من أساور الذهب والفضة، لترسل هذه الثقافة قصة قصيرة لكافة المجتمعات الأخرى, تروى فيها ألف حكاية عن أرض الطائف وحضارتها المتقدمة وتقاليدها المتوارثة في الأفراح والمناسبات، نقل مضمونها الأبناء عن الآباء والأجداد والجدات منذ مئات السنين، وتلازم أمسيات الأهالي الربيعية باقتنائها، أو زراعتها في حدائقهم المنزلية لتغدو باقات ملفته بأشكالها البديعة.
وأضحت مزارع الطائف التي تسكن مرتفعات الهدا والشفا، ووادي محرم، وبلاد طويرق، ووادي ذي غزال وقاوة وخماس وليّه، فضاء فسيحًا تزهو بروائح شجيرات الورد في أولى أيام العيد؛ لتشارك أقماع الورد زينة الأهالي والزائرين، المحملة بالرحيق والروائح الزاكية، لتجد العائلات والوفود السياحية من مدرجات بساتين الورد الطائفي الغنية عن التعريف، أمرًا مفضلاً في أيام العيد، وفرصة مناسبة تحتضن الأهل أو الأصدقاء بعد صلاة العيد، للاستمتاع بمشاهدة قطوف الورد بشجيراته المنتثرة، وعمليات مزج مياه الورد الطائفي بالماء العذب في جو تسوده البهجة والسرور؛ وسط نسيج اجتماعي منقطع النظير.
وأوضح لوكالة الأنباء السعودية "واس" المهتم والمختص في زراعة الورد الطائفي راشد القرشي أن الورد يلقى رواجاً كبيراً في الأعراس والمناسبات والأعياد، والمهرجانات المصاحبة له، موضحًا أن حركة بيع الورد تلاقي إقبالاً جليًّا لدى الناس، وتنتشر نقاط بيعه في أسواق المنطقة التاريخية، والأكشاك النموذجية التي استحدثها أصحاب المزارع، لتلبية متطلبات الزائر والسائح، مشيرًا إلى أن موسم الورد يعد من أهم الموارد الاقتصادية في المحافظة، ويحرص فيه الكثير من المزارعين على زراعته وجلبه إلى الأسواق في مواسم الحصاد، وتنفيذ عمليات تقطيره واستخراج أجود أنواع العطور "دهن الورد" وبيعه بأسعار منافسه لندرته، ليعود بوفرة مالية على أصحابه.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: الطائف عيد الفطر الورد الطائفی
إقرأ أيضاً:
سوريا الجديدة: ثلاثة نماذج حكم منها شبيه اتفاق الطائف
بعد انهيار النظام السوري او اسقاطه، تبدو سوريا الجديدة واقفة امام ثلاثة خيارات دونها الكثير من العقبات والمطبات وربما الحروب والازمات، ان لم يتم التوافق الداخلي والخارجي على واحد منها.والى ان يرسو الوضع على اي من هذه الخيارات، فان قوى المعارضة المسلحة واكبرها واقواها "هيئة تحرير الشام" لا بد من انها ستمر في مرحلة "الثورة تأكل ابناءها" سلما او حربا، لتؤول السلطة في النهاية الى فريق معين او مجموعة افرقاء متحدين، وهذه المرحلة بدأت لمصلحة "الهيئة" ولكن لم تظهر معالمها واضحة بعد.
ومن ستؤول اليه السلطة سيكون امام اعتماد احد هذه الخيارات لبناء النظام الجديد الذي سيحكم به البلاد السورية:
اولا، الخيار السوري العربي: يتمثل بانشاء نظام بدستور جديد يقوم على مبدا مشاركة كل اطياف الشعب السوري الطائفية والمذهبية والاثنية والسياسية في السلطة مع مراعاة التوازن ايا كان حجم كل طيف، وهذا لا يتم الا على طريقة السلطة التي ارستها وثيقة الوفاق الوطني المعوفة بـ" اتفاق الطائف" المعمول بها في لبنان ، اي "طائف سوري"، نظرا للتنوع الطائفي والسياسي السوري الشبيه الى حد كبير بالتنوع اللبناني وهذا "الطائف اللبناني" منشأه لبناني وعربي ودولي ويتمسك به العرب قاطبة كصيغة انقذت لبنان، وها هي مواقفهم الدائمة تشدد على التمسك به واستكمال تطبيقه، وبالتالي ان اعتمد في سوريا فمن المرجح انه سيلقى الدعم العربي نفسه الذي يلقاه "الطائف اللبناني".
وطبعا فإن استنساخ الطائف اللبناني في سوريا سيؤدي الى تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية سواء بقي من الطائفة العلوية او غيرها الى الحدود التي تجعله رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن والقائد الاعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء الذي تناط به السلطة التنفيذية ويكون برئاسة شخصية سنية ان يقي من الطائفة السنية كما كان في النظام السابق الذي حكم باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، والامر نفسه ينطبق على مجلس النواب او مجلس الشعب ورئاسته التي يتفق على الهوية الطائفية لها بين السوريين.
ثانيا، اعتماد النموذج العراقي، وهذا النموذج ربما يكون مفيدا سوريا كنظام حكم شراكة وطنية باعتبار ان المكونات الشعبية السورية شبيهة ايضا بمكونات الشعب العراقي في حال اريد اعتماد النظام الفدرالي في سوريا كالنظام المعتمد في العراق لوجود بعض المجموعات الاثنية والعرقية من كردية وغيرها. وهذا النموذج ربما يلقي تأييدا عربيا كـ "الطائف" لانه شبيه أيضا بـ"الطائف اللبناني"، مع فارق ان رئاسة الجمهورية العراقية اخذت من الطائفة السنية (كما كانت ايام النظام السابق الذي كان يحكم باسم حزب البعث العربي الاشتراكي) واعطيت للاكراد، فيما اعطيت رئاسة السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) للاكثرية الشيعية التي كانت تشكو من التهميش ايام حكم صدام حسين، وفي المقابل اسندت رئاسة مجلس النواب الى الطائفة السنية.
ثالثا، النموذج التركي الحالي: هذا النموذج ستدفع تركيا التي دعمت قوى المعارضة المسلحة لاسقاط النظام الى اعتماده بحيث يشكل امتدادا، بل رأس جسر لامتداد نفوذها الى المنطقة العربية، نظرا لوجود ملحوظ لتنظيم "الاخوان المسلمين" في معظم الدول العربية المشرقية والمغربية، والذي كان اصيب بنكسة جراء اطاحة النظام الذي اقامه الرئيس محمد مرسي اثر انتصار الثورة المصرية على حكم الرئيس حسني مبارك في اطار ما سمي "ثورات الربيع العربي" التي تفجرت في العقد الثاني من القرن الحالي في عدد من الدول العربية (في العراق وسوريا ومصر وليبيا وتونس والسودان وغيره ).
ولكن الدفع التركي في هذا الاتجاه، قد لا يكون موفقا لان الدول العربية ولا سيما منها الخليجية التي لا تستسيغ ان ينشأ في سوريا حكم إخواني، كما انها لا تستسيغ تفرد تركيا بأمور سوريا، وان حصل هذا الامر قد تكون نتيجته احجام هذه الدول عن تقديم اي دعم او مساهمة في ورشة اعادة الاعمار، فضلا عن اي حكم اخواني في سوريا سترى فيه هذه الدول ما يهدد امنها القومي وانظمتها الحاكمة.
ولذلك هناك قراءة للمستجد السوري تقول ان تركيا اذا تصرفت على اساس ان لها الحق بباع طويل في سوريا كونها كانت الداعم الاساسي لزحف قوى المعارضة المسلحة وتمكينها من اسقاط النظام، فان ذلك سيؤدي الى انقسام في صفوف هذه المعارضة بين من زحفوا الى دمشق من الشمال والآخرين الذين زحفوا من الجنوب. وفي حال حصول مثل هذا الانقسام فان سوريا ستدخل في حرب داخلية جديدة تستنسخ النموذج الليبي او غيره من النماذج المماثلة وستتطاير شطاياه الى كل دول الجوار السوري.
مثل هذا النظام الاخواني اذا ساد، فقد لا يعمر طويلا ، وتتوقع المصادر المتابعة اي يكون مصيره كمصير نظام محمد مرسي في مصر، حيث لم يدم سوى بضعة اشهر، والجميع يعرف كيف تم اسقاطه وبدعم من عرب وغير عرب.
لكن في حال حصول تفاهم عربي ـ تركي على نظام مشاركة تجمع كل المكونات السورية فيه (طائف سوري) من شأنه أن يجنب سوريا هذا الانقسام ويضعها على طريق التعافي ويعيدها الى موقعها الفاعل في قلب الوطن العربي، والسؤال المطروح هنا هو: ما مدى امكانية حصول مثل هذا التوافق العربي ـ التركي؟ وماذا عن الاكراد الذين يحظون بالدعم الاميركي وتقع في مناطقهم معظم الثروات الطبيعية السورية؟بل ماذا عن الموقف الاميركي الذي اعلن رفضه ان يسود في سوريا حكم ذا طابع ديني؟ وماذا عن الاحتلال الاسرائيلي لجبل الشيخ ومساحات واسعة من الجنوب السوري تخطى المنطقة العازلة القائمة منذ حرب تشرين عام 1973 ليصل الى منطقة قطنة على مرمي حجر من دمشق؟ وماذا عن مستقبل العلاقة بين سوريا الجديدة ودول الجوار وعلى رأسها لبنان؟
والواقع ان القلق من الوضع السوري الجديد لا يقتصر على لبنان فقط وانما على الاردن والعراق ومن خلفهما بعض دول الخليج. وفي ما يخص لبنان تحديدا تكتسب زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتركيا واجتماعاته مع القيادة التركية اهمية كبيرة في ظل التأكيدات والضمانات التركية للمسؤولين اللبنانيين بان قوى العارضة السورية المسلحة لن تدخل الى لبنان على خلفية ما كان سائدا ايام النظام السابق، علما ان تركيا اعطت ايران ايضا ضمانا مماثلا في شأن لبنان، الى جانب ضمانات بعدم تعرض السلطة السورية الجديدة للاقليات السورية وللمقامات الدينية وبالحفاظ على وحدة التراب السوري.
الى الآن تعلن السلطة الجديدة في سوريا انها ستقيم حكم الشراكة الذي يحفظ وحدة البلاد السورية الشعبية والترابية، وانها حريصة على مكونات الشعب السوري، وعلى العلاقة مع كل الدول العربية والصديقة لسوريا, والجميع يأمل ان تفعل ذلك حتى لا ينطبق عليها قول الشاعر:
"لا يخدعنك هتاف القوم بالوطن... فالقوم في السر غير القوم في العلن".