«التكايا» موروث صوفي قديم يعود من جديد لسد رمق الجوعى في حرب السودان
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
التكايا مصطلح صوفي قديم مشتق من المتكأ حيث يجد الفقراء والمساكين ملاذا يوفر لهم ما يسدون به رمقهم، لكن هذه التكايا كموروث اجتماعي تكافلي عاد من جديد في السودان بسبب الحرب
إعداد وتحرير – سودان تيربيون
أم درمان 8 أغسطس 2024 – لاذ من تبقى من سكان الأحياء في ولاية الخرطوم بـ “التكايا” التي وفرت المأكل والملبس والعلاج وأحيانا المأوى في ظل تطاول أمد الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع واقترابها من أن تبلغ سنة بالكمال.
والتكايا مصطلح صوفي قديم مشتق من المتكأ حيث يجد الفقراء والمساكين ملاذا يوفر لهم ما يسدون به رمقهم، لكن هذه التكايا كموروث اجتماعي تكافلي عاد من جديد في السودان بسبب الحرب ليسد فجوة غياب السلطات الحكومية والمنظمات الإنسانية.
وخلف القتال أوضاعا إنسانية بالغة السوء خاصة بين سكان الخرطوم الذين فضلوا البقاء في أحيائهم على النزوح لكنهم يكابدون خطر الموت بالقذائف والرصاص وضنك المعيشة الذي تسبب فيه تآكل موارد المواطنين وانقطاع الاتصالات والانترنت ما حرم قطاع واسع من التحاويل المالية.
وفي خضم انشغال الجيش والسلطات الحكومية بالمعارك انتبه الجميع في فبراير إلى أدوارهم التي قام بها نشطاء مدنيون عبر التكايا، ليقوم عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام للجيش ياسر عطا ووالي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة بتفقد ودعم عدد من التكايا في مناطق سيطرة الجيش شمالي أم درمان في فبراير الماضي.
وقبلها دعمت قوات الدعم السريع مسيد الشيخ الأمين في بيت المال حيث وفر المسيد تكية لسكان أحياء أم درمان القديمة وفرت المأكل والرعاية الطبية، قبل أن يبسط الجيش سيطرته على المنطقة خلال مارس الحالي.
التكايا في مناطق الجيش
في شمال أم درمان انتشرت التكايا لتلبية احتياجات الأسر المتعففة والنازحين من الأحياء المتأثرة بالحرب.
ومن أبرز التكايا مبادرة “فكة ريق” لصاحبها الإعلامي عثمان الجندي والتي دشنها في أول نوفمبر من العام الماضي لمواجهة تداعيات الحرب وتلافي آثارها الكارثية.
ويقول الجندي لسودان تربيون إن فكرة مبادرته قامت على توفير وجبة صباحية مع الشاي، لكنها مع مرور الوقت تطورت بدعم الخيرين السودانيين بالداخل والخارج وعدد من الجهات الرسمية العامة والخاصة.
ويضيف الجندي أن تكية “فكة ريق” ظلت تقدم باستمرار شاي الصباح بالحليب مع الزلابية وتطورت وصولا لمرحلة تقديم وجبة غداء يوميا وفطور يوم الجمعة لأكثر من 300 أسرة متأثرة بالحرب موزعين على البيوت وأربعة دور إيواء بأحياء الحتانة والمنارة والواحة.
وطبقا للجندي فإنه يعمل في المبادرة 22 متطوعا ومتطوعة كل يقوم بدوره المخصص له. وخلال شهر رمضان واصلت تكية “فكة ريق” تقديم خدماتها المجانية للوافدين وبعض السكان المقيمين بمنطقة الحتانة شمال أم درمان بتوزيع وجبة إفطار يومية مع مشروب الكركدي أو العرديب وتقديم وجبة سحور متنوعة توزع يوميا بعد صلاة التراويح.
كما قدمت التكية ملابس للأسر المتضررة التي غادر أفرادها بيوتهم من دون أخذ أمتعتهم، وتستعد المبادرة لتجهيز فرحة عيد الفطر بتوزيع مخبوزات وحلويات ووجبة فطور أول أيام العيد.
وعلى غرار تكية “فكة ريق” تنتشر تكايا أخرى تتفاوت من ناحية الامكانيات لكن ما يجمع بين مؤسسيها هو الإصرار على إعانة السكان المتضررين من الحرب.
وفي شارع الأبراج بضاحية الثورة تعمل تكية بانقا منذ ستة أشهر بالرغم من صعوبات التمويل، حسب مجتبى عصام الدين أحد المشرفين على التكية.
ويؤكد عصام الدين لسودان تربيون إن التكية بدأت في ظرف صعب بإناء صغير لغلي البليلة لكن التكية تمكنت لاحقا من التوسع وتحضير أربعة أواني كبيرة لتحضير البقوليات. ويتابع “خلال رمضان نقوم بتحضير أربعة حلل كبيرة، إثنتان عدس ومثلها بليلة. البليلة مرغوبة للغاية”.
ويشير إلى أن التكية تعرضت لصعوبات كبيرة إبان فترة انقطاع الاتصال والإنترنت لأن التكايا قامت على دعم الأفراد من الخارج والداخل الذي يصل غالبة عبر التطبيقات البنكية، وأوضح أن الفترة الأخيرة بدأت السلطات المحلية في دعم التكايا.
ويقول إن أغلب القائمين على أمر التكايا اضطروا للاستدانة للإيفاء بتقديم الوجبات خلال فترة انقطاع شبكات الاتصال، لكن الأمور بدأت تعود إلى نصابها بعد عودة خدمات الاتصالات.
وحسب مجتبى عصام الدين فإن التكية تستهدف سكان أحياء أم درمان القديمة وأم بدة الذين نزحوا إلى محلية كرري هربا من القتال إلى جانب فقراء المنطقة.
ويذكر أنهم في حاجة إلى دعم حكومي أكبر للتوسع في إطعام المحتاجين، قائلا “نحن نقوم بواجب الحكومة ويجب على السلطات دعم هذه التكايا بشكل مؤسسي وكافي”.
التكايا في مناطق الدعم السريع
تبدو الأوضاع في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في أحياء جنوب وشرق الخرطوم وأحياء الخرطوم بحري أكثر صعوبة لصعوبة الحركة وانقطاع خدمات المياه والكهرباء لفترات طويلة فضلا عن استمرار قطع الاتصالات والانترنت.
وضاعفت هذه الأوضاع من الصعوبات التي تواجه القائمين على أمر التكايا في مناطق الخرطوم والخرطوم بحري، ويقول المتحدث باسم غرفة طوارئ جنوب الحزام جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم محمد كندشة إن الأوضاع المعيشية تزداد سوءا في مناطق جنوب الحزام التي تضم أحياء الأزهري ومايو والنهضة والإنقاذ.
ويشير كندشة إلى أعباء إضافية أخرى ترهق كاهل مواطني هذه الأحياء تتمثل في توقف خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات، وفي ظل عدم توفر غاز الطهي يضطر السكان لشراء الفحم.
ووصل سعر جوال الفحم في منطقة جنوب الحزام إلى 40 ألف جنيه “حوالي 40 دولار”، وبرميل المياه 6 ألاف جنيه جنيه “نحو 6 دولارات” ولوح الثلج 16 أكثر من ألف جنيه “حوالي 16 دولار”.
وفي ظل كل هذه الظروف تعمل تكية مائدة الرحمن خلال شهر رمضان لتقدم وجبة إفطار رمضاني لنحو 522 أسرة من أهالي حي الإنقاذ بضاحية أبوجا.
وطبقا لمحمد كندشة فإن الإفطار يحتوي على كبسة أرز باللحمة وسلطة خضراء بمسحوق الفول السوداني والبليلة إلى جانب عصائر بلدية.
وفي ضاحية شمبات تنتشر العديد من التكايا لإطعام من تبقى من السكان – أغلبهم من الرجال والشباب الذين آثروا حراسة منازلهم -.
وحسب مصطفى بحاري أحد المشرفين على تكية مربع 15 في شمبات الأراضي شمال، فإن التكية تعمل منذ شهور طويلة على توفير وجبات مجانية للسكان.
ويفيد بأن تكاليف التكية يقوم بها سكان الحي الذين فروا من الحرب إلى الولايات الآمنة رغم ظروفهم المعيشية المتعثرة لعدم صرف الرواتب أو فقدان الوظائف.
ويضيف أن أبناء وبنات الحي المغتربين في الخارج يقدمون مساهمات كبيرة من أجل استمرار التكية في تقديم خدماتها للسكان الذين فضلوا عدم مفارقة شمبات بسبب الحرب.
(*) تنشر هذه المادة بالتزامن في منصات 27 مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في حملة (منتدى الإعلام السوداني)
الوسوم#ساندوا_السودان Stand with Sudan # التكايا حرب السودان غرف الطوارئ مطابخ الخرطوم
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ساندوا السودان التكايا حرب السودان غرف الطوارئ مطابخ الخرطوم
إقرأ أيضاً:
حميدتي يتوعد بعد خسارة الخرطوم: المعركة في بداياتها (شاهد)
توعد قائد قوات "الدعم السريع" في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الأحد، بالعودة إلى الخرطوم "أشد قوة"، بعد أن استعاد الجيش السيطرة على العاصمة.
وفي الأيام القليلة الماضية، أعاد الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، سيطرته على معظم مناطق العاصمة بمدنها الثلاث: الخرطوم وبحري وأم درمان.
وعاد البرهان مساء الأربعاء، من مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر (غرب)، إلى القصر الرئاسي في العاصمة، وأعلن "الخرطوم حرة".
وقال حميدتي، في كلمة مسجلة بمناسبة عيد الفطر المبارك: "صحيح في الأيام السابقة حصلت انسحابات لتموضع القوات في أم درمان، وهذا قرار تقدره القيادة وإدارة العمليات، وهو قرار جماعي".
وأضاف: "صحيح طلعنا (خرجنا) من الخرطوم، ولكن سنعود أشد قوة ومنعة".
واعتبر أن "الحرب لم تنته، وإنما في بداياتها، ومصممون على الانتصار".
حمديتي تابع:" سننتصر عليهم (الجيش)، وسنأخذ منهم الخرطوم وأم درمان وبحري والـ18 ولاية (عدد ولايات البلاد)".
ومضى قائلا: "ليس لدينا نقاش أو تفاوض معهم إلا بالبندقية.. لا تهاون و لا تراجع ولا تفاوض ولا اتفاق مع الجيش".
والسبت، استعاد الجيش السوداني السيطرة على "سوق ليبيا" غربي أم درمان، منهيا سيطرة قوات "الدعم السريع" عليه منذ الأيام الأولى من اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان 2023.
وبسيطرته على "سوق ليبيا"، أحد معاقل "الدعم السريع"، فتح الجيش الطريق أمامه لتوسيع نطاق سيطرته في مناطق بغرب أم درمان لا تزال تحت سيطرة تلك القوات.
والخميس، أعلن الجيش أنه طهر آخر جيوب "الدعم السريع" في الخرطوم، بعدما استعاد الأربعاء السيطرة على مطار الخرطوم ومقرات أمنية وعسكرية وأحياء عدة شرق وجنوب العاصمة، للمرة الأولى منذ نيسان/ أبريل 2023.
وفي الآونة الأخيرة، تراجعت قوات "الدعم السريع" في ولايات عدة، بينها الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.
ومن أصل 18 ولاية، لم تعد هذه القوات تسيطر سوى على جيوب غرب وجنوب مدينة أم درمان، وأجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان.
كما تسيطر على 4 ولايات في إقليم دارفور (غرب)، بينما يسيطر الجيش على الفاشر عاصمة شمال دارفور الولاية الخامسة في الإقليم.
ومنذ نيسان/ أبريل 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح أو لجوء نحو 15 مليونا، حسب تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، فيما قدّرت دراسة لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
خطاب قائد قوات الدعم السريع حميدتي للشعب السوداني وأشاوس قوات الدعم السريع بمناسبة عيد الفطر المبارك 30/3/2025 pic.twitter.com/ggBvIpK4C3
— عيسى موسى ISSA MUSA (@ISSA8MUSA) March 30, 2025