أودعت السلطات المغربية ناشطا إسلاميا السجن لـ"إساءته" للملك، وهي تهمة يحكم قضاء المملكة على أثرها عادة بالسجن النافذ، مستندا في ذلك إلى توصيف العاهل المغربي في الدستور.

والثلاثاء، قضت محكمة مغربية بسجن ناشط في جماعة العدل والإحسان الإسلامية المعارضة خمسة أعوام لإدانته بتهم أبرزها "قذف وسب شخص الملك" و"المساس بالنظام الملكي"، بسبب تدوينات على فيسبوك تدين "التطبيع مع إسرائيل".

وينص الدستور المغربي على أن الملك "رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها" وأن "شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام".

واعتقل عبد الرحمن زنكاض (48 سنة) في 22 مارس لملاحقته من طرف النيابة العامة، بسبب خمس تدوينات على فيسبوك ينتقد فيها "المطبعين" مع إسرائيل و"الحكام العرب" على خلفية الحرب في غزة.

وحاول زنكاض إقناع المحكمة الابتدائية بالمحمدية (قرب الدار البيضاء)، حيث جرت محاكمته، بأنه "لم يكن يقصد ملك المغرب بالتحديد، وإنما مواقف حكام الدول القريبة من فلسطين على خلفية الحصار والحرب على غزة".

ولم يذكر الناشط الملك بالاسم أو الصفة بشكل محدد في تدويناته، إلا أن المحكمة وجهت له تهمة "الإساءة للملك"، وفق ما قال محاميه.

ويقول أستاذ العلوم الدستورية المغربي، رشيد لزرق، إن الإساءة للملك يعاقب عليها في المغرب طبقا للقانون الجنائي، إذ تصنف على أنها "فعل إجرامي"، والملكية في المغرب هي "مؤسسة دستورية".

ويشير لرزق، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن الناشط تمت ملاحقته على أساس ثلاث تهم وهي "الإساءة لمؤسسة دستورية، والتحريض على ارتكاب جنح بوسائل إلكترونية، وبث وتوزيع معطيات تمس بالحياة الخاصة للأفراد".

وهذه كلها أفعال مجرمة في القانون الجنائي المغربي، وفق لزرق.

ودانت جماعة العدل والإحسان، وهي غير مرخص لها قانونا، في بيان "بأشد العبارات هذا الحكم الجائر" على زنكاض، معلنة عزمها "الاستمرار في دعمه والتعريف بقضيته".

ومنذ بدء الحرب في غزة، تنظم الجماعة، التي تعد أكبر تنظيم معارض في المغرب، تظاهرات أسبوعية في عدة مدن تضامنا مع الفلسطينيين، مطالبة بإسقاط التطبيع مع إسرائيل. واستقطبت آخر هذه التظاهرات آلاف المشاركين في الدار البيضاء، الجمعة.

موجة "للتضييق" على حرية الرأي 

ويقول حسن بناجح، القيادي في جماعة العدل والإحسان،  إن تهمة الإساءة للملك تحدثت عنها الصحف، وأن زنكاض لم يسئ لأحد.

ويشير بناجح، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن  زنكاض "عبر عن رأيه المنتقد الصريح لاختيار النظام المغربي التطبيع وانتقاذ الخذلان الرسمي لغزة".

وفي عام 2020، طبعت العلاقات بين المغرب وإسرائيل في إطار آلية شملت بلدانا عربية عدة بدعم من واشنطن.

ويقول بناجح في حديثه إنه "تم تحوير سيء وتكييف متعسف لما قاله وتم الترويج أنه وجه الإساءة للملك، "في حين أن التهم الرسمية ليس فيها أي ذكر لتهمة الإساءة للملك".

ويتابع القيادي الإسلامي للحرة أن "التكييف القانوني يتحدث عن إهانة مؤسسات منظمة وليس شخص الملك"، كما أن "المحضر الرسمي لا يذكر فيه اسم الملك".

وقال بناجح إن اعتقال  زنكاض لم يكن بسبب انتماءه للعدل والإحسان، بل أن المملكة تشهد "موجة تطال الجميع من مختلف الاتجاهات في السنوات الأخيرة للتضييق على حرية الرأي والتعبير".

والجماعة من أهم مكونات إئتلاف يضم أيضا أحزابا يسارية يدعم الفلسطينيين.

وفي قضية مماثلة، دانت محكمة مغربية في أغسطس المدون سعيد بوكيوض (48 عاما) بالسجن خمسة أعوام بسبب "الإساءة للملك"، في ضوء تدوينات على فيسبوك تعود لعام 2020 ينتقد فيها اتفاق التطبيع مع إسرائيل.

وخفضت العقوبة إلى السجن ثلاثة أعوام أمام الاستئناف في أكتوبر.

وصدرت أحكام أخرى متفرقة بالسجن في الأعوام الأخيرة بسبب منشورات على فيسبوك أو يوتيوب، اعتبرت مسيئة للملك أو الإسلام، لكن منظمات حقوقية مغربية ودولية تعتبر أنها تأتي في إطار تقييد حرية الرأي والتعبير.  

وفي تقرير نشرته في يوليو 2022 نددت منظمة هيومن رايتس ووتش باستهداف صحفيين ومعارضين في المغرب "بتقنيات قمعية" بما في ذلك قضايا على صلة بالحق العام وحملات تشهير في محاكمات "غالبا ما تشوبها انتهاكات للحق في محاكمة عادلة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التطبیع مع إسرائیل على فیسبوک شخص الملک فی المغرب

إقرأ أيضاً:

هل اقترب التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟

بينما كان أعضاء حزب الله وأنصاره محتشدين في ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت يوم الأحد لدفن زعيمهم حسن نصر الله، الذي قُتل في قصف لسلاح الجو الإسرائيلي في سبتمبر(أيلول)، تردد هدير بين الحشد.

لى الغرب أن يتصرف بشكل استراتيجي لدعم هذا التحول

اخترقت أربع طائرات مقاتلة إسرائيلية سماء الملعب في تحليق نقل رسالة واضحة تردد صداها في العالم. كانت الرسالة هي أن الطائرات هي المسؤولة عن مقتل نصر الله، وأن إسرائيل لن تتردد في ضرب قادة حزب الله الآخرين إذا اقتضت الضرورة، حسب ياكوف كاتز، باحث في معهد سياسة الشعب اليهودي.
وضمت المقاتلات طائرتان نفاثتان من الجيل الخامس من طراز إف-35، واسمهما بالعبرية "أدير"، الذي يعني "القوة"، أما الطائرتان الأخريان فمن طراز إف-15 بعيدة المدى، والمعروفتان بـ "ثاندر" أي رعد.

#Hezbollah daily says #Lebanon government is preparing for normalization with #Israel, and threatens with civil war if the state chooses peace.
No mincing of words here.
Hezbollah and Lebanon cannot exist. One must die for the other to live.https://t.co/IfJzHBoaE1

— Hussain Abdul-Hussain (@hahussain) February 27, 2025

وكما ذكر الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق، كان العرض بمنزلة "رعد قوي" سُمع صداه في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
كان هذا التحليق الدرامي أكبر من مجرد لفتة رمزية. قبل اندلاع الحرب بـ16 شهراً، لم تكن إسرائيل لتحلق فوق تجمع لحزب الله للاستعراض. كان الظن الأول أن يؤدي احتمال شن ضربة انتقامية إلى صراع أوسع نطاقاً.
وفي هذا الإطار، أوضح ياكوف كاتز، في موقع مجلة "نيوزويك" الأمريكية، أن سبب قدرة إسرائيل على ذلك اليوم هو أن المنطقة تغيرت في أعقاب الحرب التي أُجبرت إسرائيل على خوضها بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقرار حزب الله اللاحق بالانضمام إلى المعركة.


تراجع حزب الله ووكلاء إيران

يشهد الشرق الأوسط الآن حالة وقف إطلاق نار هش بين إسرائيل وحزب الله، الذي من المفترض أن يبقى خارج جنوب لبنان. تم القضاء على قيادة حزب الله، وتعرضت بنيته التحتية في جنوب لبنان لتدمير واسع النطاق. وتحولت مراكز القيادة ومرافق تخزين الأسلحة، التي كانت تشكل العمود الفقري لقدراته العملياتية، إلى أنقاض.
وفي غزة، في حين ما تزال حماس في السلطة، فإنها ما تزال بلا شك ظلاً لما كانت عليه في السادس من أكتوبر (تشرين الأول). وفي سوريا، سقط نظام بشار الأسد، وأصبحت إيران ــ الممول الرئيس لحزب الله ــ في وضع ضعيف على نحو متزايد.
وأدى فقدان وكلاء حزب الله، إلى جانب القصف الإسرائيلي الذي دمر أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة، إلى جعل إيران أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى.
ويقدم هذا الوضع، خاصةً في لبنان، للغرب فرصة فريدة من نوعها. ويبدو أن القيادة الجديدة في بيروت ملتزمة ظاهرياً على الأقل بمواجهة حزب الله ومنعه من إعادة التسلح.

????????????️????????????️????????????️????????????️????????????️????????
A Unique Opportunity for Israel to Normalize Ties With Lebanon https://t.co/TQRvs4plAb

— Carlos Abadi (@NewSamawal) February 28, 2025

 وأعرب الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام عن رغبتهما في تقليص النفوذ الإيراني على لبنان وتفكيك قوة حزب الله غير المتناسبة في هذا البلد الممزق.
على سبيل المثال، حظرت الحكومة الجديدة الرحلات الجوية من إيران إلى لبنان بعد أن هددت إسرائيل بإسقاط أي طائرات يشتبه في استخدامها لتهريب المواد المحظورة إلى البلاد.
في الوقت نفسه، يخضع الشعور العام في لبنان إلى نوع من التحول. فقد تزايدت الانتقادات الموجهة لحزب الله، وتشعر وسائل الإعلام اللبنانية التي كانت حذرة ذات يوم بالجرأة للتشكيك في الرواية التي طالما تبناها التنظيم بأنها حامية للشعب اللبناني.
وتضج وسائل التواصل الاجتماعي بدعوات لتفكيك حزب الله، بل إن بعض اللبنانيين يدعون إلى التطبيع مع إسرائيل، وهو الأمر الذي كان يبدو مستحيلاً قبل بضعة أشهر.


الدور الأمريكي في تطبيع لبنان

 

وتتمتع الولايات المتحدة وأوروبا بنفوذ كبير للمساعدة في تحقيق ذلك، لكنهما لا تستطيعان القيام بذلك بمفردهما؛ وسوف يتطلب أي تقدم شجاعة دبلوماسية في القدس وبيروت.
ويسعى عون إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تقدم بالفعل دعماً كبيراً للقوات المسلحة اللبنانية من خلال المساعدات المالية وإمدادات الأسلحة وبرامج التدريب.
وبوصفه قائداً سابقاً للقوات المسلحة اللبنانية، يدرك عون أن تحسين قدرات القوات المسلحة اللبنانية وضمان قدرتها على مواجهة حزب الله بفعالية يتطلب المزيد من المعدات الحديثة والدعم الاستراتيجي. وهذا يمنح الإدارة الأمريكية نفوذاً في المفاوضات.
لكن على الجبهة الإسرائيلية، فإن التوتر المستمر في غزة وتهديد تجدد الصراع يجعل من الصعب تحقيق التقدم، حسب الكاتب. وكما تنتظر المملكة العربية السعودية انتهاء الحرب، لا يمكن أن يحدث الكثير مع لبنان قبل انتهاء القتال.
ورأى الكاتب أن الرئيس دونالد ترامب في وضع فريد يسمح له باغتنام هذه اللحظة. فهو يهدف إلى أن يُنظَر إليه باعتباره صانع صفقات وصانع سلام، ومع مرور الشرق الأوسط بواحدة من أكثر لحظاته تحولاً في تاريخه المتقلب، هناك الآن فرصة لبدء عصر جديد من التعاون والاستقرار الإقليمي.


على الشعب اللبناني أن يساعد نفسه

في نهاية المطاف، يقول الكاتب، يقع العبء الحقيقي للتغيير على عاتق الشعب اللبناني نفسه. ويقع على عاتقه مواصلة الضغط على حزب الله وأن يضمن عدم إعادة تسليح الجماعة.
لفترة طويلة، قدم حزب الله نفسه كمدافع عن الشعب اللبناني. وبعد سنوات من الخراب المالي والآن حرب أخرى، يدرك الشعب اللبناني زيف هذه الرواية. وهم وحدهم القادرون على تغيير مستقبلهم.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "يقف لبنان عند مفترق طرق. وإذا اغتنم قادته وشعبه هذه اللحظة، فسوف يتمكنون من تحرير أنفسهم من عقود من الحرب. ويتعين على الغرب أن يتصرف بشكل استراتيجي لدعم هذا التحول. ويتوفر الخيار والفرصة الآن".

مقالات مشابهة

  • انتقاد فرنسي لأمريكا بسبب قرار لوزير دفاع ترامب لصالح روسيا
  • جريمة مروعة قبل أذان المغرب في أول أيام رمضان
  • عبد الملك الحوثي يتوعد إسرائيل
  • هل اقترب التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟
  • مصر.. جريمة مروعة قبل أذان المغرب في أول أيام رمضان
  • صورة نادرة للملك عبدالعزيز على يخت المحروسة خلال زيارته لمصر قبل 79 عامًا
  • "ابن أصيلة".. رحيل وزير الخارجية المغربي الأسبق محمد بنعيسى
  • وفاة محمد بنعيسى وزير الخارجية المغربي الأسبق عن عمر 88 عامًا
  • الفتح يكتسح نهضة الزمامرة.. والرجاء البيضاوي يتعثر بالدوري المغربي
  • الاحتلال يدرس فرص التطبيع مع السعودية.. تعرّف على أبرز العقبات