المسلسل التليفزيونى (المعلم) من إنتاج شركة سينرجى والتى تنتج فى كل عام أعمالاً درامية عديدة، مثل هذا المسلسل. فالبطل الشعبى المسمى رسمياً «المعلم» (مصطفى شعبان)، ابن المعلم حامد (عبدالعزيز مخيون) ينتصر للغلابة وأهل منطقته، وهو شريك والده الذى كان كل أهل السوق يحلفون بحياته، ويرفضون تصديق التهمة التى دبَّرها له تجار المخدرات الذين هم، كبار تجار الأسماك بالسوق «الجنتل وشداد وولده عنتر ابن شداد»، وبعد غياب غير مبرَّر عن أحداث المسلسل لحامد، أبوالمعلم، حضر إلى السوق متدروشاً ليبشر ابنه بأن الحق راجع وأنه كان بجوار مقام السيد البدوى، ثم غاب ثانية عن الأحداث فى حبكة درامية ضعيفة.
ومن المعروف أن (الحبكة الدرامية) هى عنصر الإقناع فى أى «عمل درامى»، ورغم ذلك يتمتع المؤلف محمد الشواف بحرفية مبشرة فى كتابة السيناريو، وخفة ظل فى كتابة الحوار، مع التحفظ على الانسياق وراء الموضة الممجوجة فى استنطاق أهل الحارة الشعبية بالوزن والقافية التى كانت سبب سخرية الجمهور غير المتخصص فى بعض المسلسلات، ومنها آخر عملين لمصطفى شعبان، الذى يقع عليه اللوم فى عدم سعيه لاختيار أعمال درامية جيدة معتمداً على رصيده السابق من إعجاب وحب الجمهور، دون أن يسعى لتغيير جلده الفنى وتنوع أدواره، لأن هذا الاستسهال سيأكل كل رصيد أى نجم لا يلتفت لذلك، وأشفق على مصطفى لأنه فنان موهوب، ومن يعرفونه يؤكدون طيبة قلبه، لكن ليست النجاحات بالنيات، ولكن بالسعى والتخطيط وحُسن الاختيار، فهو فى (المعلم) مثل روبن هود الشخصية الأسطورية فى الفلكلور الإنجيلزى التى تحارب الأشرار والفجار، وهنا التجار لتأخذ من القوى الغنى وتعطى للفقير المظلوم. حتى حوار المسلسل حينما تمكن المعلم من الجنتل قال له «ترجع المحلات للتجار وتعطى وصلات الأمانة للصيادين الغلابة»، هذا المنطق الروبن هودى يعجب جماهير (سينما الترسو)، ولكنه بعيد عن الواقعية التى هى أساس الدراما الاجتماعية.
ويقع المؤلف محمد الشواف فى نمطية الشخصيات التى رسمها، وشاركه المخرج بنمطية اختيار الممثلين، مثل اختياره للفنانة انتصار بنفس أدائها النمطى فى أغلب أعمالها الأخيرة، ورصِّه لمجموعة الخير من تجار السمك فى ازدحام للوكيشن، وانعكست نمطية المولف حتى فى اختيار أسماء الشخصيات، فدهب (هاجر أحمد) هى قلب من ذهب، أما سهر الصايغ فهى منذ طفولتها ممثلة مبهرة قدمت دور (زمزم) باقتدار وتلقائية، وعبّرت عن تطور مراحل الشخصية بإبداع، خاصة فى مرحلة اشتداد المرض وصدمتها فى والدها.
ومفيد عاشور، كعادته، طاقة فنية مبهرة، وحجاج عبدالعظيم استطاع أن يقدم من خلال دور غير مخدوم على مستوى الكتابة والإخراج سمات من إبداعه، وحجاج طاقة كوميدية لم توظَّف أو تُستغل فى هذا العمل، لأنه يمتلك إمكانيات أكبر من هذا الدور النمطى للغاية، ويُحسب للمخرج اختيار أسامة الهادى فى دور جديد عليه قدَّمه بوعى وتمكُّن، سواء فى مرحلة الإدمان والضياع، أو فى مرحلة استعادة نفسه ووقوفه إلى جوار المعلم، وفى دور (الجنتل) برز أداء الفنان الكبير أحمد بدير، ويُحسب له وعى الأساتذة الكبار فى عدم الانسياق لإغراء الكوميديا فى المواقف المتأزمة التى تمر بها شخصيته، وهى كثيرة فى هذا العمل.
وعلى المستوى العام استطاع المخرج مرقس عادل الحفاظ على تدفق الإيقاع العام للمسلسل، وهذا جيد جداً، ووظف إبداع محمد خالد مدير التصوير دون إبداع بالتعبير بالإضاءة والدلالات الفكرية للألوان، وأحجام وأنواع اللقطات وحركة الكاميرا، وكل ذلك من صميم عمل المخرج عن طريق الـ(الديجوباج)، وأحيى إبداع المونتير محمد السعدنى لحفاظه على الإيقاع مع المخرج، الذى آخذ عليه أيضاً استسهاله هو ومهندس الديكور خالد أمين، لأنهما لم يبذلا جهداً فى معاينة سوق العبور أو أكتوبر، وهما من الأسواق المركزية ومساحة سوق الأسماك بهما كبيرة، أما النموذج الذى نقله مهندس الديكور، فهو نموذج لسوق مثل سوق المنيب ويتسم بالضيق الشديد، ومساحة مكان التصوير من العوامل المؤثرة فى إبداع المخرج.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دراما المتحدة عرش الدراما مسلسلات المتحدة في رمضان الحشاشين جودر حق عرب
إقرأ أيضاً:
«الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء أمس على الأسباب التى تضيع الآمال الفلسطينية فى التخلص من آثار الحرب المدمرة التى لحقت بهم، وذكرت افتتاحية الصحيفة عدة أسباب من شأنها ضياع ذلك الحلم فى إعادة الإعمار، وأضافت: يعود الفلسطينيون إلى الشمال – لكن رغبة الرئيس الأمريكى فى «تطهير» القطاع، على الرغم من عدم واقعيتها، تثير قلقًا عميقًا.
وتابعت: «يعود الفلسطينيون إلى ديارهم فى شمال غزة، على الرغم من أن القليل من منازلهم ما زالت قائمة. لقد دمرت المستشفيات والمدارس والبنية الأساسية الأخرى. بالنسبة للبعض، كانت هناك لقاءات حزينة؛ بينما يبحث آخرون عن جثث أحبائهم. إنهم يبحثون عن الأمل وسط أنقاض حياتهم السابقة. ولكن هناك تهديدات جديدة تلوح فى الأفق. فإسرائيل والأمم المتحدة فى مواجهة بشأن مستقبل وكالة الأونروا، وكالة الإغاثة للفلسطينيين. ومن المقرر أن يدخل قانون إسرائيلى ينهى كل أشكال التعاون مع الوكالة حيز التنفيذ اليوم ــ فى الوقت الذى تتدفق فيه المساعدات التى تشتد الحاجة إليها أخيراً على غزة. ويقول خبراء المساعدات إن أى كيان آخر لا يملك القدرة على توفير الدعم الطويل الأجل اللازم للسكان.
ولفتت إلى القضية الثانية المتعلقة باستمرار وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. قائله «فالانتقال إلى المرحلة الثانية ـ والتى من المفترض أن تنسحب فيها إسرائيل بالكامل، وأن تنزع حماس سلاحها ـ سوف يكون أكثر صعوبة».
وفى الوقت نفسه هناك مخاوف بشأن الهجوم الإسرائيلى على جنين فى الضفة الغربية المحتلة، والذى وصفه المسئولون الإسرائيليون بأنه تحول فى أهداف الحرب. وفى لبنان، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على 26 شخصًا احتجاجًا على استمرار وجودها وقد تم تمديد الموعد النهائى لانسحابها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من فبراير.
ولكن التهديد الجديد هو اقتراح ترامب برغبته فى «تطهير هذا الشيء بأكمله»، مع مغادرة مليون ونصف المليون فلسطينى غزة مؤقتًا أو على المدى الطويل، ربما إلى الأردن أو مصر. ونظرًا لتاريخهم من النزوح القسرى، ليس لدى الفلسطينيين أى سبب للاعتقاد بأنهم سيعودون على الإطلاق. ويبدو هذا وكأنه نكبة أخرى.
وأضافت: طرح الرئيس الأمريكى الفكرة مرة أخرى، وورد أن إندونيسيا كانت وجهة بديلة وهذا أكثر من مجرد فكرة عابرة. فقد أبدى قلقه على الفلسطينيين، قائلًا إنهم قد يعيشون فى مكان أكثر أمانًا وراحة. لقد أوضحوا رعبهم بوضوح. ولا يغير تغليف الهدايا من حقيقة أن الإزالة القسرية ستكون جريمة حرب.
وأكدت الجارديان أن هذه التعليقات البغيضة هى موسيقى فى آذان أقصى اليمين الإسرائيلى. وربما تكون مقصودة فى المقام الأول لمساعدة بنيامين نتنياهو على إبقاء شركائه فى الائتلاف على متن الطائرة. فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي- الذى من المقرر أن يلتقى ترامب فى الأسبوع المقبل - خطط «اليوم التالي» فى غزة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سعيه إلى تأجيل مثل هذا اليوم. وإن طرد الفلسطينيين من الشمال سيكون أكثر صعوبة الآن بعد عودة مئات الآلاف. ولا تريد مصر والأردن استقبالهم لأسباب سياسية وأمنية. وقد أوضح لاعبون أقوياء آخرون معارضتهم - ولا يزال ترامب يأمل فى تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية فى إطار صفقة إقليمية أوسع. ومع ذلك، قد تأمل إدارته أن يؤدى الضغط الكافى على المساعدات إلى تحويل أصغر داخل المنطقة، أو ربما تحويل أكبر فى مكان آخر.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يحتاج اقتراح ترامب إلى أن يكون قابلًا للتطبيق ليكون ضارًا. فهو يعزز اليمين المتطرف فى إسرائيل- الذى حفزه بالفعل إلغاء العقوبات الأمريكية على المستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية - ويزيد من نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. يبدو أن ترامب ينظر إليهم باعتبارهم عقبة أمام تطوير العقارات وصفقته الكبرى التى ناقشها منذ فترة طويلة، وليس بشرًا لهم الحق فى إبداء رأيهم فى حياتهم. غالبًا ما بدا التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين نظريًا إلى حد كبير. لكنه لا يزال مهمًا. ولا يزال الفلسطينيون بحاجة إلى مستقبل طويل الأجل فى دولة خاصة.