رغم أننا فى أيام العيد، ورغم أنه من الأفضل أن نتجنب الكلام فى السياسة، عملًا على الأقل بنصيحة الأستاذ الإمام من زمان، إلا أن السياسة تأبى أن تفارقنا، فلا نكاد نُخرجها من الباب حتى نُفاجأ بأنها قد عادت من الشباك.
أما الأستاذ الإمام فهو الإمام محمد عبده، الذى عاش نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وكان إلى أن رحل فى ١٩٠٥ يردد ويقول: لعن الله السياسة، وساس، ويسوس، وسائس، وبقية مرادفات الكلمة!
وأما لماذا تأبى السياسة إلا أن تفارقنا؟ فلأن آخر ما كتبه إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومى فى حكومة بنيامين نتنياهو، أنه لن تكون هناك حكومة برئاسة نتنياهو فى تل أبيب، ما لم يدخل الأخير مدينة رفح!
بن غفير كتب هذا المعنى على حسابه على منصة إكس، وما قاله تهديد صريح لرئيس الحكومة بأنه سيفقد منصه إذا لم يقرر اجتياح رفح!.
فليس سرًا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لا يخاف شيئًا أكثر مما يخاف خروجه من الحكومة، لأنه يعرف أنه سيقف أمام العدالة بمجرد خروجه، وأن وقوفه إذا لم يكن بسبب قضايا الفساد التى تلاحقه قبل أن يصبح على رأس الحكومة، فسوف يكون بسبب تقصيره فى هجوم السابع من أكتوبر الذى قادته كتائب عز الدين القسام على المستوطنات الاسرائيلية المجاورة لقطاع غزة.
وبالتالى، فوقوفه أمام العدالة مؤكد، وهو لا يرتعب من شيء قدر ارتعابه من أن يجد نفسه خارج الحكومة!
بن غفير يعلم هذا ويستغله لأبعد حد، وهو لا يترك فرصة لاستغلال الأمر إلا فعل ذلك على أبشع ما يكون، ومن طول ما يفعله فى هذا الاتجاه، ومعه وزير اسرائيلى آخر لا يقل عنه تطرفًا اسمه بتسلئيل سموتريتش، فإن نتنياهو صار أقرب إلى اللعبة فى أيديهما، وصار مادة طيعة فى قبضة كل واحد منهما يشكلها كما يحب!
إن كل وزير منهما يملك عددًا من المقاعد البرلمانية فى التحالف الذى يحكم بإسمه نتنياهو، وإذا ما قرر أى منهما الإنسحاب من التحالف فهذا معناه سقوط الحكومة، ثم ذهاب رئيسها إلى العدالة بأى من التهمتين المشار إليهما أو بهما معًا!.. لقد عرف الإثنان نقطة ضعف رئيس الحكومة، فأصبح ابتزازه بها من جانبهما هو عنوان المشهد، أما الثمن فتدفعه غزة، ويدفعه الفلسطينيون، وتدفعه المنطقة بالدرجة نفسها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سليمان جودة خط أحمر ايام العيد الأستاذ الإمام محمد عبده القرن التاسع عشر
إقرأ أيضاً:
الخلافات تتصاعد بين نتنياهو وبن غفير.. شد وجذب وتهديد بالاستقالة
أثار إعلان اتفاق التوصل إلى صفقة لوقف الحرب في غزة تتضمن تبادل الأسرى والمحتجزين والانسحاب من غزة الخلافات بين وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مقربين من نتنياهو بأنه سيبرم صفقة التبادل رغم تصريحات بن جفير التي هدد فيها نتنياهو بالاستقالة من حكومته حال تنفيذ صفقة التبادل.
محلل سياسي فلسطيني: نتنياهو قد يتملص من بنود اتفاق وقف إطلاق النار إعلام الاحتلال: بن غفير يعتزم الاستقالة من حكومة نتنياهوودعا نتنياهو إلى التروي ووقف الصفقة وعدم إعادتنا للوراء، منوها إلى أن صفقة التبادل المطروحة مخجلة ومن الواضح الطرف الذي تنازل في الحكومة، وفي نفس الوقت قال إنه لن يسقط نتنياهو في الكنيست ولن يتعاون مع اليسار.
وتعهد بالعودة إلى الحكومة إذا استأنف نتنياهو الحرب مع حماس، مطالبا بضرورة وقف تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، متهما صفقة غزة الحالية بأنها خطيرة على أمن إسرائيل، مؤكدا أن الصفقة تتضمن نهاية الحرب على الرغم من أن حماس لم تهزم بعد.
فيما قال يائير لابيد، رئيس وزراء إسرائيل السابق، إن تنفيذ صفقة التبادل أهم من أي خلافات مضت، مشددا ردا على بن جفير بأن المعارضة ستوفر لنتنياهو شبكة أمان لدعم الصفقة.
من جهة أخرى أعلن الإعلام الإسرائيلي بأنه تم تأجيل اجتماع التصديق على صفقة غزة يعني أن الإفراج عن المحتجزين يبدأ الاثنين.
ظهرت بوادر انقسام داخل معسكر اليمين الإسرائيلي المتطرف عقب الإعلان عن قرب التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف الحرب في قطاع غزة، إذ دعا وزير الأمن الداخلي إيتمار بن جفير زميله في المعسكر ذاته وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للانضمام إليه في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وسط شكوك بشأن تلبية الأخير لهذا المطلب.
وفقد بن جفير وحزبه "عوتسما يهوديت" (عظمة يهودية) القدرة على تهديد وحدة الائتلاف الحاكم، عقب انضمام حزب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اليميني "تكفا حدشاه"، وتعني "الأمل الجديد"، مع 4 أعضاء كنيست إلى حكومة نتنياهو، في سبتمبر الماضي، إذ ارتفع عدد أعضاء الائتلاف إلى 68 عضواً.
وتضع دعوة بن جفير زميله سموتريتش في "وضع حرج"، بحسب المحللة السياسية للقناة 12 الإسرائيلية، دافنا ليئيل، مرجعة السبب إلى أنه في حال بقائه بالحكومة سيظهر كمن تخلف عن معارضة الصفقة، وإذا انسحب سيبدو أنه خضع لضغوط وزير الأمن الداخلي.
ويصف بن جفير الاتفاق المرتقب بشأن غزة بأنه بمثابة "استسلام"، كما انتقد سموتريتش "الصفقة التي تتبلور" معتبراً أنها "كارثة للأمن الداخلي لإسرائيل"، لكنه لم يهدد بالانسحاب من الحكومة.
وعن موقف بن جفير وسموتريتش، تقول ليئيل: "في كل الأحوال، الضغط عليهما كبير، ولا يمكن التوفيق بين وصف الصفقة بالاستسلام والاستمرار في دعم الحكومة التي تمررها".
"استهلاك إعلامي"
من جانبه، قال المحلل السياسي أدهم حبيب الله في حديث مع "الشرق" إن تصريحات بن جفير وسموتريتش حول غزة "استهلاك إعلامي، حتى لو صوتوا ضد الصفقة".
وتابع: "الصفقة ستمر وحكومة نتنياهو لن تسقط في أي حال، إذ يبدو أن معارضة سموتريتش للصفقة تهدف فقط إلى مخاطبة ناخبيه مع استمراره في تعزيز نفوذه في الضفة الغربية".
وأشار "حبيب الله" إلى أن "الحكومة اليمينية المتطرفة سمحت لسموتريتش بتطبيق سياسته الاستيطانية في الضفة الغربية، حيث يتم تعميق الاستيطان، وتنفيذ قرارات في مناطق خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية حتى في القضايا المدنية".