- من أين يبدأ التغيير.. من السلطة أم من الشعب؟
الناس «متوولة»، والتعبير المحكم البليغ المحزن صاغه يوسف إدريس فى إحدى مقالاته، والتجاسر والتجرؤ على ادعاء امتلاك الحقيقة والاجابة عن هذا السؤال مخاتلة ومخادعة، فالإجابة ليست سهلة.. والواقع خطير بالفعل.
الرئيس فى إحدى المرات قال مخاطبًا الناس: «الحاجة اللى تغلى ماتشتروهاش».
الشعب لديه المشكلة، وعليه أن يعيش بجسارة واقعة المرهق نفسيًا وانسانيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.. التغيير يجب ان يبدأ من الشعب، لا أحد يستطيع أن يتصرف محله.. لن تملأ معدته حكومة، ولن تعالجه مشافى، ولن تزوج بناته بنوك أو قروض تكافل اجتماعى. هذا الشعب عليه أن ينفض يده عن المطبلين والمزمرين، فيخلق كتابه وساسته وعلمائه ومستقبله وسياساته، ويعتمد على نفسه، ولو عاد ليأكل من الأرض، وينسى الاحلام الوردية التى أوهمته بها سياسات السادات فى السبعينات ونحصد ثمارها اليوم حصريًا فى الألفية الثالثة!
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
تكدير السِّلم العام!
عندما نقول إن أهم ما يميز الإنسان عن سائر المخلوقات، هو قدرته الفائقة على التعامل مع الظروف المحيطة، بدرجة كبيرة من الذكاء والوعي، فإن درجة نجاحه تُقاس بمدى قدرته على التعامل مع الأزمات، بعيدًا من «الاستفزاز الاجتماعي»، الذي يكدِّر السِّلم العام.
خلال السنوات الأخيرة، تنامت ظاهرة «الاستفزاز الاجتماعي» التي كانت كاشفة، بوضوح، عن مدى التفاوت الطبقي، واتساع الفجوة بين مواطني «Cairo»، وسكان «Egypt»، خصوصًا ما حدث أخيرًا، إبان غزو الـ«Food Blogger»، مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، بعد افتتاح أحد المطاعم الشهيرة بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة، بأسعاره الفلكية، التي باتت في متناول الأثرياء فقط!
ما شاهدناه يُجَسِّد فارقًا شاسعًا بين نموذجين، إذ يرصد لنا شواهد حقيقية عن تزايد الفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، واختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع، مع استمرار ازدياد أعداد الملتحقين بالطبقة الدنيا، من المطحونين والمعدمين والمظلومين والمهمشين!
ما بين النموذجين، انقسم الناس إلى فئتين، ما بين متقبل ورافض، وبينهما بعض الإعلاميين الأثرياء «المُنَظِّرين» على الشعب، بـ«مُعَايرة» الناس، لعدم فهمهم طبيعة دورة الحياة، تمامًا كما يحدث في كل صيف، خلال الترويج للفيلات والقصور والشاليهات، خصوصًا في «الساحل الشرير»!
الآن، انقرضت الطبقة المتوسطة بتنويعاتها المختلفة، لتتحول إلى طبقة «المتعثرين معيشيًّا»، في مواكبة الغلاء وجنون الأسعار، بعد أن فشلت في الحفاظ على مكانتها وأسلوب حياتها فيما قبل عام 2016، مع موجة التعويم الأولى، ليصبح لسان حالها «كله ضرب.. مفيش شتيمة»؟!
إن الأحمال والضغوط المستمرة على غالبية الشعب، أدت إلى زيادة الأعباء الملقاة على كاهله، وهو المعروف عنه دائمًا الصبر والتمسك بحِبال الأمل والعمل ـ مهما كانت متهالكة ـ حتى الرمق الأخير، لكنه الآن يئن في أدنى درجات سلم الهرم الطبقي، الذي تآكلت عتباته، لينزلق سريعًا دون توقف نحو «الدرك الأسفل من القاع»!
لقد أصبحت رؤوس مَن في الأسفل تتنازعها رياح التضخم وأعاصير الدولار وتسونامي الأسعار وجفاف المدخرات وجفاء التجار، وكأن كل ما سبق لا يكفي لحماية الدولة للطبقات الفقيرة، بقرارات جذرية وتغييرات كلية وإجراءات إنقاذية، و«الرفق بالإنسان» المصري!
نتصور أن أولوية انتشال الطبقات الفقيرة والمعدمة، باتت ضرورة ملحة، تفرضها الظروف، في ظل مرارات أدوية الإصلاحات الاقتصادية، على مدار ثماني سنوات، ولذلك يجب الالتفات إلى معاناة الناس في كافة المجالات الأساسية، بعد تراجع الدَّخل وزيادة الضغوط المعيشية، حتى باتت تُصارع من أجل البقاء، للحفاظ على نفسها من الانقراض!
إذن، ما نعيشه حاليًا، ينذر بكارثة مجتمعية ساحقة، وتعكير للسِّلم العام والأمن الاجتماعي، في ظل التمايز الطبقي، الذي ليس مجرد سلوك عفويٍّ أو فَرْزٍ اجتماعيٍّ طبيعيٍّ، بل بات نمطًا ممنهَجًا، تكرسه «الفئات الآمنة»، كما سمّاهم «خالد صالح» في فيلم «فبراير الأسود».
فصل الخطاب:يقول «الإمام عليّ»: «إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الأغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا مَنَعَ بِهِ غَنِيٌّ، وَاللهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذلِكَ».
[email protected]