حرب غزة تكلّف إسرائيل 73 مليار دولار وتكبّد اقتصادها خسائر فادحة
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
القدس المحتلة- ألحقت الحرب على غزة أضرارا جسيمة باقتصاد إسرائيل، وكبدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل خسائر مالية فادحة، بسبب الإجراءات الاقتصادية المختلفة وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو خلال هذه الحرب.
وتسببت الحرب في إجلاء ما يقارب 250 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال -حوالي 40% منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم- حيث تم إيواؤهم في 438 فندقا ومنشأة إخلاء، وهو ما كلف الوزارات الحكومية 6.
وبمرور نصف عام على الحرب يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية، وذلك مع استمرار الارتفاع في كلفة الحرب وتداعياتها على الموازنة العامة لإسرائيل، التي تعاني عجزا بقيمة 6.6% من الناتج المحلي، بحسب ما أفاد تقرير بنك إسرائيل.
سياسات ومخاطرمن وجهة نظر محلل الشؤون الاقتصادية في صحيفة "كلكليست" أدريان بيلوت، فإن الحكومة الإسرائيلية تتصرف بتهور وبانعدام مسؤولية في كل ما يتعلق بنفقات الحرب وتداعياتها على الاقتصاد الإسرائيلي.
بيلوت أشار إلى أن محافظ بنك إسرائيل البروفيسور أمير يارون يعتمد سياسات الإبقاء على سعر الفائدة في الاقتصاد دون تغيير عند 4.5%، على الرغم من تباطؤ التضخم الذي بلغ 2.5%، ويتوقع أن يبلغ 2.7% بنهاية 2024.
ويعتقد المحلل الاقتصادي أن تركيبة العجز المتفاقم في الموازنة -الذي وصل بالفعل إلى 6.2%، من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يصل 6.6% بنهاية 2024- تظهر أن القفزة في الإنفاق الحكومي لا تتعلق فقط بالحرب، وإنما أيضا بالسياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة.
وأوضح بيلوت أن بنك إسرائيل وبسبب تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، يتوقع ارتفاع التضخم المالي، وتفاقم العجز بالموازنة للعام 2024 والديون العامة للحكومة، التي لا تكلف نفسها عناء إشراك المحافظ في مباحثاتها وسياساتها الاقتصادية.
ويقول المحلل الاقتصادي إن "الوضع أسوأ بكثير مما بدا، حيث تحدث محافظ بنك إسرائيل كثيرا عن المخاطر الجديدة للتضخم المالي، بسبب تطور الحرب وتأثيرها على النشاط الاقتصادي، وانخفاض قيمة الشيكل، والقيود على النشاط بسوق العمل خاصة بفرع البناء والعقارات".
وأشار إلى أنه لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق التعافي الكامل للاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب.
خسائر وتداعياتيعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تداعيات الحاجة إلى تجنيد الجيش الإسرائيلي مئات الآلاف من جنود الاحتياط، إلى جانب إجلاء مئات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم في مستوطنات "غلاف غزة"، والنقب الغربي، والحدود اللبنانية، وتعطيل العمل بالمدارس والجامعات، والمرافق الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه.
وكانت الضربة الاقتصادية محسوسة بشكل جيد في مطار بن غوريون، وذلك في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى مارس/آذار 2024، حيث مرت عبره حوالي 38 ألفا و500 رحلة دولية، مقارنة بحوالي 70 ألفا في الفترة المقابلة من 2023/2022، بحسب سلطة المعابر والمطارات الإسرائيلية.
ومع اندلاع الحرب علّقت عشرات شركات الطيران العالمية عملها في إسرائيل، وألغت مئات الرحلات اليومية إلى مطار بن غوريون، حيث لوحظ التراجع الحاد في الحركة والتنقل في المطار الإسرائيلي، إذ بلغ أعداد الركاب نحو 4.3 ملايين مسافر منذ بداية الحرب، مقابل نحو 10.1 ملايين بين أكتوبر/تشرين 2022 ومارس/آذار 2023.
ومع إعلان حالة الطوارئ عقب معركة "طوفان الأقصى"، شهدت الغالبية العظمى من المرافق الاقتصادية والمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل ركودا، حيث حولت ووظفت جميع الموارد والميزانيات الحكومية لأغراض الحرب.
ديون وخسائرتعطل الاقتصاد الإسرائيلي وتكبد خسائر فادحة، حيث أظهرت معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة الحرب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار).
وبحسب بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن كلفة الحرب اليومية منذ 7 أكتوبر حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023، بلغت مليار شيكل يوميا (270 مليون دولار)، قبل أن تنخفض خلال العام 2024 لتصل إلى 350 مليون شيكل (94 مليون دولار).
وجراء التداعيات والعواقب الاقتصادية للحرب، اضطرت الحكومة الإسرائيلية إلى توسيع الموازنة العامة للعام 2024، حيث بلغت 584 مليار شيكل (158 مليار دولار)، بزيادة قدرها حوالي 14% مقارنة بحد الإنفاق الأصلي الذي تم تحديده في العام الماضي كجزء من ميزانية السنتين 2023-2024.
ولمواجهة التكلفة الباهظة للعملية العسكرية وبغية منع العجز التراكمي بالموازنة العامة لوزارة الأمن، تمت زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن، بإضافة 30 مليار شيكل (8.1 مليارات دولار)، وبذلك بلغ الحجم الإجمالي لميزانية الأمن خلال الحرب حوالي 100 مليار شيكل (27 مليار دولار).
وبسبب الإنفاق العسكري والخسائر المباشر للاقتصاد الإسرائيلي، حدث ارتفاع في تكاليف ديون الدولة لتصل إلى 62% من الناتج المحلي الإجمالي للاحتلال بعد أن كانت 59% في العام 2023/2022.
وبلغ حجم عجز الموازنة حتى نهاية مارس/آذار الماضي 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يستمر العجز بالنمو ليبلغ حوالي 6.6% بنهاية العام 2024، بحسب بيانات المحاسب العام بوزارة المالية الإسرائيلية.
عجز وأضرارمنذ بداية العام الحالي تم تسجيل عجز تراكمي بالموازنة العامة بقيمة 26 مليار شيكل (7 مليارات دولار)، علما أنه في الأشهر الـ12 الأخيرة وصل هذا العجز إلى رقم قياسي جديد قدره 117.3 مليار شيكل (31.7 مليار دولار)، وهو الأعلى في تاريخ البلاد.
وبخصوص الأضرار والخسائر الناجمة عن تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لقصف صاروخي، أظهرت تقديرات سلطة الضرائب الإسرائيلية أن حجم الأضرار المباشرة للمباني والمنشآت التي تكبدتها مستوطنات "غلاف غزة" بلغت 1.5 مليار شيكل (405 ملايين دولار)، بحسب بيانات سلطة الضرائب الإسرائيلية.
ويُستدل من تقارير سلطة الضرائب أن قيمة الأضرار غير المباشرة والتعويضات للمتضررين في مستوطنات الغلاف والنقب الغربي وصلت 12 مليار شيكل (3.35 مليارات دولار)، حيث تشمل الخسائر والأضرار التي تكبدتها فروع الزراعة، والسياحة الداخلية، والترفيه والمطاعم والمقاهي، والصناعات الخفيفة.
أما بخصوص الأضرار والخسائر في الجليل الأعلى والغربي والبلدات الإسرائيلية الحدودية مع لبنان والجولان المحتل، لا يوجد هناك بيانات رسمية وجرد للإضرار من قِبل سلطة الضرائب، وذلك بسبب خطورة الأوضاع والقتال مع حزب الله.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الخسائر الأولية في شمال البلاد جراء صواريخ حزب الله، تقدر بحوالي ملياري شيكل (540 مليون دولار)، حيث تضررت أكثر من 500 منشأة سكنية زراعية وصناعية وتجارية، على ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي لا تستبعد أن يكون حجم الخسائر والأضرار مضاعفا.
مخصصات وتعويضاتوأظهرت معطيات مؤسسة التأمين الوطني أن 65 ألفا و32 إسرائيليا فتحت لهم ملفات تعويضات بالمؤسسة، وذلك جراء إصابتهم بما يسمى "أعمال حربية وعدائية"، حيث تم تحويل حوالي 22 مليار شيكل (6 مليارات دولار) مخصصات تعويضات للمدنيين المصابين، وكذلك دفع 4.2 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار)، زيادة إضافية في كلفة خدمة الاحتياط بسبب التغيب عن أماكن العمل.
وأنفقت الحكومة الإسرائيلية في شهر مارس/آذار الماضي 56.5 مليار شيكل، ومنذ بداية العام بلغت النفقات 147 مليار شيكل (39.7 مليار دولار)، مقارنة بـ106.5 مليارات فقط (28.7 مليار دولار)، في الربع الأول من عام 2023، وهي زيادة تراكمية قدرها 38.1%.
وبلغت تقديرات نفقات الحرب منذ بداية عام 2024، 27.6 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار)، حيث بلغت الزيادة التراكمية في النفقات للحرب تحديدا 12.2%، وفقا لمعطيات نشرتها صحيفة "كلكليست" الاقتصادية.
قروض وعقاراتوشهدت أعمال البناء والبنية التحتية في إسرائيل شللا شبه كامل بعد أن جمدت الحكومة الإسرائيلية تصاريح العمل لحوالي 80 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، وتقدر خسائر فرع البناء حوالي 150 مليون شيكل يوميا (40 مليون دولار)، بينما تخشى شركات المقاولات من مصير القروض التي تقدر بنصف تريليون شيكل، بحسب ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية.
وتسبب الشلل بفرع البناء والعقارات في خسائر للمصارف وتراجع أرباحها، حيث بلغ حجم القروض العقارية التي حصل عليها مشترو الشقق 71.3 مليار شيكل (19.2 مليار دولار) في عام 2023، وذلك وفقا لبيانات بنك إسرائيل.
وهذا يمثل انخفاضا بنسبة 39.6%، مقارنة بحجم القروض العقارية الجديدة الممنوحة في عام 2022، التي بلغت 117.6 مليار شيكل (32.7 مليار دولار).
ويعتبر حجم القروض العقارية الممنوحة في عام 2023 هو الأدنى منذ عام 2019، عندما بلغت القروض العقارية الجديدة 67.7 مليار شيكل (18.2 مليار دولار).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الاقتصاد الإسرائیلی الحکومة الإسرائیلیة من الناتج المحلی الموازنة العامة القروض العقاریة ملیارات دولار بنک إسرائیل ملیار دولار ملیون دولار بحسب بیانات ملیار شیکل مارس آذار منذ بدایة عام 2023 عام 2024
إقرأ أيضاً:
كارثة تصدير الخردة: خسائر بمليار دولار تهدد اقتصاد اليمن
شمسان بوست / متابعات:
حذرت مصادر اقتصادية من خطورة استمرار تصدير الخردة بأنواعها المختلفة، مثل الحديد والنحاس، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تتسبب في استنزاف العملة الصعبة من السوق المحلية، وتلحق أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية والاقتصاد الوطني.
النحاس المسروق وتحول الخردة إلى أزمة وطنية
وفقًا للتقارير، يتم تصدير كميات كبيرة من النحاس المسروق، خاصة من كابلات الكهرباء وأعمدة الإنارة، إلى الخارج في شكل خردة. وقد أدى ذلك إلى انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، وارتفاع تكلفة استبدال المعدات المتضررة، ما يمثل عبئًا كبيرًا على قطاع الخدمات العامة.
خسائر مالية ضخمة
تقدّر خسائر تصدير الخردة بنحو 1.5 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ كان يمكن استثماره في تعزيز الصناعات الوطنية وتحسين البنية التحتية.
دعوات لوقف تصدير الخردة واستغلالها محليًا
دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصدير الخردة، مستشهدين بتجارب دولية نجحت في منع تصدير المواد الخام للحفاظ على مواردها الصناعية. كما طالبوا بتشجيع مشاريع إعادة التدوير المحلية، لاستغلال هذه الموارد في تغطية احتياجات المصانع اليمنية، بدلًا من تصديرها بأسعار زهيدة.
تعزيز الرقابة وتوعية المواطنين
من جانبها، أكدت الجهات الحكومية أنها تعمل على تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية، لضبط عمليات التهريب والتصدير غير القانوني. كما شددت على أهمية توعية المواطنين بمخاطر بيع الخردة، خاصة المسروقة، وضرورة الحفاظ على البنية التحتية الوطنية.
أزمة العملة وتأثيرها على الاقتصاد
مع تجاوز قيمة الريال اليمني حاجز 2000 ريال مقابل الدولار، شددت المصادر على أهمية الحفاظ على موارد العملة الصعبة لدعم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي تمر بها البلاد.
تأتي هذه التحذيرات في وقت تتطلب فيه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة حلولًا عاجلة لتقليل النزيف المالي وتعزيز استثمار الموارد المحلية بما يخدم التنمية الاقتصادية في اليمن.