الوحدة 8200 هي إحدى وحدات مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وأكبرها، تأسست في منتصف القرن الـ20، وتهدف إلى التنصت وفك التشفير بهدف إيصال المعلومات والتحذيرات للقيادة المركزية وهيئة الأركان. وعلى الرغم من كافة التقنيات التي تستخدمها الوحدة، إلا أنها فشلت بالتنبؤ بعملية طوفان الأقصى.

التعريف

الوحدة 8200 هي أكبر الوحدات في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتأخذ على عاتقها مهمة جمع المعلومات الرئيسية، إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار، مع تحليل البيانات ومعالجتها، وإيصال المعلومات للجهات المختصة، وكثيرا ما تشارك هذه الوحدة وتمارس عملها من داخل مناطق القتال.

وتعتمد الوحدة على التطور التقني والبعد السيبراني بهدف تحقيق تفوق استخباراتي على كل مستويات نظام الأمن الإسرائيلي بما فيها الحربي والسياسي.

التاريخ

تعود أولى خطوات عمل الوحدة 8200 إلى ثلاثينيات القرن الـ20 خلال فترة الانتداب البريطاني، إذ وجدت آنذاك عدة كيانات تسعى لجمع المعلومات وفك التشفير، وحاولت مجموعات شبابية كثيرة الاهتمام بالأمر، وفي هذه الظروف نشأت هذه الوحدة وعُرفت حينها في وسائل الإعلام باسم "وحدة التحصيل المركزية".

وفي نهاية عام 1948 اندمجت هذه المجموعات وأُسست الوحدة 8200، وانتقلت إلى يافا، وتكونت فيها فرق استماع إستراتيجية ووحدات متنقلة وبدأت عملياتها بإشراف كل من مردخاي ألموغ وأبراهام إيلوني.

وخلال حرب النكبة انتقلت الوحدة إلى منشأة أكبر إثر زيادة عدد أفرادها للتغلب على التحديات التي تفرضها تقنيات التشفير الجديدة.

وانتقلت الوحدة عام 1953 إلى معسكر جليلوت وتغيّر اسمها إلى الوحدة 515، وأنشئ فيها قسم "مرام" المختص بالأنظمة الحاسوبية، وزُود بحاسوب "ويزاك" إسرائيلي الصنع، وهو ما عزّز من قدرات الوحدة وإمكانياتها.

وفي عام 1966 أُنشئت مراكز للإبلاغ والإنذار، مثل مركز "شوفار" لتعزيز الاستعداد. وأسهمت المعلومات التي قدمتها الوحدة قبل حرب عام 1967 في تحقيق اختراقات كبيرة.

وفي السادس من يونيو/حزيران 1967 خلال حرب النكسة اعترضت الوحدة مكالمة مهمة بين الرئيسي المصري حينها جمال عبد الناصر وملك الأردن الحسين بن طلال، إذ حاول عبد الناصر تشجيع الأردن على التصعيد العسكري ضد إسرائيل، وقد سُجلت هذه المكالمة وبُثت في إذاعة الجيش الإسرائيلي، كأول كشف علني لإسرائيل عن اعتراضها للمكالمات.

وبعد حرب النكسة ساعدت الوحدة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) على تعقب الأشخاص الذين ينقلون المعلومات من منطقة سيناء إلى المخابرات المصرية.

وبالمقابل فشلت إسرائيل في توقع حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 والاستعداد لها، على الرغم من وجود معلومات استخباراتية قدمتها الوحدة 848 والوحدة 8200، إذ فكت الأخيرة تشفير رسالة مفادها "أن القوات السوفياتية أجلت مواطنيها من مصر وسوريا عقب معرفتها باستعداد الجيشين للحرب على إسرائيل"، إلا أن قيادة المخابرات في الجيش الإسرائيلي -حسب ما تقول مصادر إسرائيلية- لم تنقل هذه المعلومة إلى هيئة الأركان العامة للجيش ووزير الدفاع، لذا فقدت أهميتها.

في عام 2004 بدأ الحديث عن تنظيم الوحدة 8200 لتكون وكالة استخبارات مركزية إسرائيلية بإدارة مدنية، وفي عام 2006 خلال حرب يوليو/تموز في لبنان أسهمت الوحدة في جمع معلومات عن كبار الشخصيات في حزب الله.

وفي عام 2010 أشارت صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية إلى أن الوحدة 8200 تدير قاعدة عسكرية كبيرة في صحراء النقب، تسمى قاعدة أوريم، وتقع على بعد 30 كيلومترا من بئر السبع.

وتعد من أكبر القواعد المخصصة للتنصت في العالم، كما أشارت الصحيفة إلى أن هذه القاعدة قادرة على مراقبة كافة وسائل التواصل بما فيها المكالمات والبريد الإلكتروني وغيرها، في دول الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا.

وبحسب ما ورد في تقرير الصحيفة فإن إسرائيل تمتلك مراكز تنصت في سفاراتها، إضافة إلى تنصتها على الكابلات البحرية، ولديها وحدة استماع سرية في الأراضي الفلسطينية.

كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عضو سابق في مجمع المخابرات الأميركية قوله إن "الوحدة 8200 استخدمت مفتاحا سريا لتعطيل الدفاعات الجوية السورية أثناء تنفيذها غارات على مفاعل نووي في محافظة دير الزور" عام 2007.

ووفقا للصحيفة ذاتها فإن الوحدة 8200 تمكنت من اختراق شبكة "كاسبرسكي" الخاصة، وأوقفت قرصنة روسية حاولت تفتيش الأجهزة حول العالم بحثا عن برامج الاستخبارات الأميركية.

كما تقول إسرائيل إن الوحدة أدت دورا مهما في إحباط هجوم محتمل لتنظيم الدولة الإسلامية في أستراليا عام 2018.

تملك الوحدة 8200 قاعدة استخبارات كبيرة في صحراء النقب تسمى قاعدة أوريم (رويترز)

وخلال جائحة كورونا عام 2020 أنشأت الوحدة مركزا وطنيا للمعلومات والمعرفة المتعلقة بالفيروس، كما شاركت في منع هجمات على شبكات المياه في إسرائيل.

وفي السنة ذاتها ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" أن مديرية المخابرات العسكرية منحت ميداليات خاصة للوحدة 8200، تقديرا لعمليتها الأخيرة" من دون ذكر ما هي وما نوعها، وذكر رئيس المديرية أنها هذ العملية هي الأولى من نوعها، ولا يمكن الاستخفاف بالطاقات التشغيلية للوحدة.

وأشار الموقع ذاته أن العملية المقصودة ربما تكون هي الهجوم الإلكتروني الذي نُسب إلى إسرائيل، حين استُهدفت أنظمة الكمبيوتر في ميناء إستراتيجي جنوب إيران أدى إلى شلل الأنظمة كلها، وذكر الموقع أنه كان ردا على محاولة مزعومة لإيران لاختراق شبكة البنية التحتية للمياه الإسرائيلية.

هيكل الوحدة

تعدّ مديرية المخابرات العسكرية واحدة من أقدم الفرق والمؤسسات العسكرية في إسرائيل، أُسست بهدف تزويد الحكومة والجيش الإسرائيلي بمعلومات وتحذيرات وتنبيهات وأخبار يومية، وتتكون من 3 وحدات رئيسية، هي: الوحدة 8200، والوحدة 9900، والوحدة 404.

وتمثل الوحدة 8200 أكبر كيان في المديرية، وتتكون بشكل رئيسي من الشباب (ذكورا وإناثا) الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاما، ويدير الوحدة قائد برتبة "عميد" تبقى هويته سرية خلال فترة ولايته، ونائبه يكون برتبة "مقدم"، وعند الحاجة إلى ذكر أسمائهم في البيانات العامة تكتب الرتبة وحرف واحد من الأسماء (مثلا "العميد ق").

وينظر إليها في إسرائيل على أنها مؤسسة عالية ذات مكانة مرموقة، ومن يترك الخدمة فيها يكون راكم مهارات كبيرة تسهل عليه ولوج في سوق العمل في المجالات التكنولوجية، إذ يشارك خريجو الوحدة في صناعة المشهد التكنولوجي في إسرائيل، والمنافسة بشركات متطورة ذات أنشطة رقابة وقرصنة وتجسس إلكتروني.

كشف لهوية قائد الوحدة

على الرغم من الحرص على أن تكون هوية قائد الوحدة سرية، إلا أن صحيفة الغارديان البريطانية استطاعت كشف هوية قائد الوحدة في تقرير لها نشر في بداية شهر أبريل/نيسان 2024.

وقالت الصحيفة إن مدير الوحدة يوسي سارييل ترك هويته مكشوفة على الإنترنت إثر نشره كتابا على موقع أمازون عام 2021 باسم مستعار وهو "العميد واي إس" كما هو متعارف عليه عادة. إلا أن النسخة الإلكترونية منه حملت حساب "غوغل" خاص أنشئ باسمه وبيانات البطاقة الشخصية وروابط لخرائط الحساب وملفات أخرى.

وأكدت الصحيفة أن "يوسي سارييل" هو المؤلف السري لكتاب "فريق الآلة البشرية"، الذي يقدم فيه رؤيته لكيفية تغيير الذكاء الاصطناعي العلاقات بين العساكر والآلات الحربية.

وقد ألف سارييل الكتاب بإذن من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد أن كان باحثا زائرا في جامعة الدفاع الوطني الأميركية في واشنطن.

وأوضح الجيش الإسرائيلي في السادس من أبريل/نيسان 2024 في بيان نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية أن كشف الكتاب للتفاصيل الشخصية لسارييل "خطأ"، مبينا "أنه سيسعى للتأكد لمنع تكرار حالات مشابهة في المستقبل".

وبيّن تقرير صحفي إسرائيلي أن سارييل أصبح رئيسا للاستخبارات في القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي عام 2017، ثم ترقى ليقود الوحدة 8200.

وكثير من الأفكار التي نشرها سارييل في كتابه تبنتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إذ لوحظ تطبيق كثير منها في الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كيفية الالتحاق

الخدمة العسكرية في إسرائيل إلزامية في سنة الـ18 عاما، ويخضع المجندون قبل بدء التجنيد لاختبارات عديدة، ثم يكون للوحدة 8200 الحرية في اختيار من تحتاج منهم.

وأحيانا يُلحق الطلاب بالبرنامج قبل ذلك، من خلال برنامج "ماغشيميم"، وهو برنامج تعليم سيبراني، بمثابة دورة تدريبية مدتها 3 سنوات لطلاب المدارس في المرحلة الثانوية من الصف العاشر حتى الـ12، من خلال جلسات تدريبية أسبوعية تبدأ بعد المدرسة، إضافة إلى أنشطة إثرائية أخرى، وحين يبدع الطالب في هذا المجال ويحترف تختاره الوحدة 8200 ليكون من مجنديها.

ويخضع المجندون لمقابلات واختبارات ودروس صارمة، يدرس فيها الطالب كل شيء، بدءا من الاتصالات مرورا بالهندسة الكهربائية وانتهاء باللغة العربية، ويشترط عليهم الالتزام بالسرية العالية.

ويكتسب الطالب نقاطا أكبر إن كان يملك رصيدا في الرياضيات والكمبيوتر واللغات الأجنبية، لكن ما تحرص عليه الوحدة هو سرعة التعلم والعمل الجماعي، والتكيف مع التغيير ومعالجة ما ينظر إليه كأنه مستحيل، فهذه مقاييسها للمفاضلة بين المجندين.

كثير من الأفكار التي نشرها قائد الوحدة 8200 في كتابه طبقها الجيش الإسرائيلي (أسوشيتد برس) العمليات

شاركت الوحدة في عدد من العمليات الدولية في تاريخها، ومن أهمها:

الهجوم على المفاعل النووي العراقي عام 1981

وكان للوحدة 8200 دور كبير في تحديد المصادر المحتملة التي يمكنها الوصول إلى موقع بناء المفاعل وجمع المعلومات عنه، وعن تفاصيله وتصميمه، وتم تكليف فريق تابع لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) مع أعضاء من الوحدة 8200 لتجنيد أعضاء يمكنهم جمع معلومات استخباراتية.

الهجوم على المفاعل النووي السوري عام 2007

طلب مدير الموساد آنذاك مئير داغان تمويلا إضافيا من رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها أرييل شارون، في الوقت ذاته الذي قدمت فيه الوحدة 8200 طلبا للبحث في المشروع النووي السوري، وكانت آنذاك تكثف مراقبتها للاتصالات في سوريا.

وترجح صحيفة الغارديان أن الوحدة 8200 شاركت في تصنيع فيروس "ستوكس نت" الذي استخدم لتدمير أجهزة الطرد المركزي للبرنامج النووي الإيراني في عملية مشتركة بين الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

نشاط على التواصل الاجتماعي

تقود الوحدة 8200 نشاطا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتستهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجهازها العسكري كتائب عز الدين القسام من خلال مجموعة من الحسابات العربية التي تديرها، فتركز على إثارة مشاعر الكره ضد المقاومة، وتكرر الرواية ذاتها عن استهداف حماس للمدنيين و"الانتهاكات" التي تعرضت لها إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن مجموعة من هذه الحسابات المكلفة بإثارة الفتنة تخضع لإدارة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيدي كوهين.

إخفاق أمام طوفان الأقصى

فشلت الوحدة 8200 في التنبؤ بطوفان الأقصى الذي باغت إسرائيل بشكل عام والوحدة على نحو خاص في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين استطاع مقاتلو القسام التسلل إلى قاعدة أوريم العسكرية الواقعة في النقب، ومداهمتها وقتل من فيها، وأخذ ملفات استخباراتية معهم، ومعلومات حساسة، وأجهزة ذات قيمة عالية، ومن ثم الانسحاب من دون أي أضرار في صفوفهم.

إضافة إلى السيطرة على مستوطنات غلاف غزة عدة ساعات، وقتل عدد كبير من العسكريين وأسر العشرات.

حاولت الوحدة في تحليل أولي تبرير ما حدث وأشارت إلى وجود ثغرة أمنية استخباراتية لم يستطع خبراؤها تفسيرها، وذلك وفق ما ورد في صحيفة "جوريزاليم بوست" الإسرائيلية.

فقد اجتمع قادة الوحدة في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأمضوا عدة ساعات، ثم انتهى الاجتماع بخلاف وانقسام بينهم، وتبادل القادة والضباط خلال الاجتماع الاتهامات بالمسؤولية والتقصير.

وأُمر بتعيين محقق ذي سمعة جيدة في إسرائيل، لقيادة تحقيق شامل لتحليل الأحداث وتوضيح المسؤول عما حدث.

واستذكرت عدة تقارير إسرائيلية ما حدث في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، حين فشلت الوحدة في التنبؤ بالتخطيط للهجوم الذي أعدت له الدول العربية.

وأشار التحقيق إلى أنه في سبتمبر/أيلول 2023 نبّهت ضابطة إسرائيلية تابعة للوحدة 8200 رؤساءها لاحتمال وجود مخطط لتسلل جماعي سينفذه أفراد من حركة حماس، وتجاهلت القيادة هذا التنبيه.

إلا أنهم برروا تصرفهم بأنه منذ 12 شهرا حذر الضباط في الوحدة من سيناريوهات مشابهة ولم يحدث شيء، لذا لم يتفاعل أحد مع التنبيه الأخير.

وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عرض قسم الأخبار على القناة 12 شهادات حديثة من مراقبات متمركزات قرب حدود غزة، وحديثهن عن التطورات التي شهدنها في الشهر الأخير قبل الهجوم، والتحذيرات التي بلّغن بها المسؤولين ولم يتفاعل معها أحد.

وذكرت مصادر أن سبب تأخر الوحدة في اكتشاف الهجوم هو القرار الذي اتخذ منذ عامين من ذلك التاريخ بتقليص عدد الموظفين وتعليق أنشطة الوحدة أثناء الليل وفي عطلات نهاية الأسبوع، لذا لم تكن الوحدة نشطة في المنطقة الحدودية مع غزة عند الهجوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات السابع من أکتوبر تشرین الأول العسکریة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی جمع المعلومات قائد الوحدة فی إسرائیل إضافة إلى الوحدة 8200 الوحدة فی فی عام إلا أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة

الضفة الغربية - خاص صفا

عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.

وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.

وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.

وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.

وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.

وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.

أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.

وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.

وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.

وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.

وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.

وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".

وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.

ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ413 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ412 من "طوفان الأقصى"
  • كيف يمكن تقييم عملية طوفان الأقصى بعد مرور عام عليها؟
  • صحف عالمية: إسرائيل فشلت أمام صواريخ حزب الله وترامب قد يقصف منشآت إيران
  • تطورات اليوم الـ412 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ411 من "طوفان الأقصى"
  • "طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
  • المقاومة.. المكاسب والانتصارات منذ «طوفان الأقصى»
  • تطورات اليوم الـ411 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تخرج دفعة من دورات طوفان الأقصى في مديرية الزهرة بالحديدة