قلق المناسبات السعيدة.. لماذا نشعر بالتوتر أثناء الزيارات العائلية؟
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
في الأعياد والمناسبات، يتحمّس معظم الناس للقاء الأهل والأصدقاء وقضاء لحظات ثمينة معهم للتخفّف من عناء ومشاغل الحياة العملية. ولكن بالنسبة للبعض، قد تكون اللقاءات العائلية مصدرا كبيرا لمشاعر الخوف والقلق.
القلق المرتبط باللقاءات العائليةإذا كانت فكرة رؤية العائلة تسبب لك الشعور باضطراب في معدتك من القلق والتوتر، فأنت على الأرجح تعاني نوعا من أنواع القلق الاجتماعي.
وهو اضطراب يتجنب فيه الشخص التفاعل مع الآخرين إذا شعر بالقلق الشديد أو التوتر أو عدم الراحة، خاصة في المناسبات الاجتماعية الكبيرة، وقد يعانون من أعراض القلق مثل: زيادة معدل ضربات القلب، التعرق الزائد، صعوبة في التنفس، الشعور بالغثيان أو القيء، إسهال واضطراب المعدة، الإحساس بالشد العضلي، وفي حالات حادة قد يفضي إلى فقدان الوعي.
في حين أن الشعور العرضي بعدم الراحة في المواقف الاجتماعية أمر طبيعي، فإنه يعتبر مشكلة عندما يمنع المصاب من القيام بمسؤولياته المعتادة.
يمكن أن تظهر هذه المشاعر بعدة طرق، ولكن في جوهرها، ينبع القلق الاجتماعي من الخوف أو القلق من احتمال أن يتم الحُكم عليك أو مراقبتك أو إحراجك من قبل الآخرين، وفقًا للمعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية.
لا تنزعج من نفسك إذا شعرت بالتوتر خلال المناسبات العائلية (غيتي إيميجز)وبداية من المحادثات الصغيرة إلى المناقشات العميقة، يمكن أن تسبب التفاعلات الشخصية مع أفراد العائلة في المناسبات ضغطا كبيرا على أعصاب وذهن الشخص المصاب بالقلق الاجتماعي، علاوة على أنها يمكن أن تكون بمثابة تذكير بأنك ربما لست في المكان الذي تريد أن تكون فيه بالضبط في هذه المرحلة من حياتك وتشعر بالإحراج من مواجهة أهلك بذلك.
ولأنه داخل كل عائلة تاريخ عميق من الأحداث والديناميكيات، فقد تجعلك عائلتك تشعر بالقلق عند الاجتماع بهم مرة أخرى لأسباب لا يمكن حصرها، وتختلف وفقا لكل حالة على حدة، فحتى وجود تاريخ سلبي مع فرد واحد فقط من أفراد العائلة قد يعرضك للإحساس بالقلق قبل أي تجمع عائلي.
كيفية التعامل الصحي مع المشكلة؟ينصح خبراء علم النفس والعلاقات بتجنب الانزعاج من نفسك لأنك لست سعيدا بالذهاب إلى المناسبة العائلية. مشيرين إلى أنه من المهم تذكُّر أنك قد تهتم لأمرهم وتحبهم، ولكنك تشعر أيضا بمشاعر معقدة.
إذ ربما أنت شخص انطوائي، ولا تحب الأحاديث القصيرة. أو أنك تشعر بعدم الارتياح عند التحدث عن أشياء ليست من اهتماماتك الشخصية، مثل السياسة أو الرياضة، على سبيل المثال.
وجود تاريخ سلبي مع فرد واحد فقط من أفراد العائلة قد يشعرك بالقلق قبل أي تجمع عائلي (شترستوك)علاوة على ذلك، بالنسبة للعديد من الأشخاص، فإن حضور التجمع العائلي يعني لعب دور معين ربما هو لا يعبر عنك في قرارة نفسك، ما يمنعك من أن تكون على طبيعتك أو أن تشعر بالأريحية.
لذا وكخطوة أولى في التعامل مع المشكلة، من الضروري فهم أن هذه المشاعر طبيعية، إذ لا يشعر الجميع بالتقارب والألفة التامة مع أقربائهم بالضرورة، وهذا لا يعني أنك تعاني من خطب ما أو أن عائلتك تعاني بدورها من مشكلة معينة.
بعد ذلك يجب تناول المشكلة بوعي لكي لا تتحكم في حياتك، وذلك كالآتي:
حدد خطة قبل الذهابواحدة من أفضل إستراتيجيات التعامل مع اضطرابات القلق الاجتماعي في التجمعات العائلية هي أن يكون لديك خطة. وذلك عبر إعداد قائمة بالأشياء والأشخاص الذين يجب عليك تجنبهم لحماية نفسك من الوقوع في موقف غير مريح. يمكن أيضًا كتابة قائمة بالموضوعات التي تشعر بالراحة عند التحدث عنها.
اختر مكانًا للراحة وشحن الطاقةمن الممكن عند الشعور بالإجهاد خلال الجلسات العائلية أن تختار مكانًا بديلًا بعيدًا عن الاجتماعيات والشعور بالتحفُّظ، وهناك يمكنك تخصيص بعض الوقت لتجميع نفسك والإحساس بالهدوء دون تدخل من أحد.
تجاهل التعليقات السلبيةالكثير منا لديه على الأقل فرد واحد من أفراد العائلة الذي يحب أن ينتقد من حوله. على الرغم من أن هذا خطأ من جانبهم، لكنه لا يمكنك التحكم في تصرفات الآخرين. السر هنا هو عدم أخذ التعليقات السلبية على محمل الجد ومحاولة التجاهل.
لا تفرط في التفكيرمن الشائع بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي أن يفرطوا في التفكير في الموقف بشكل قد يضاعف مخاوفهم. لذلك لا تخلق سيناريوهات سلبية في رأسك. وكلما كنت أكثر إيجابية، كان ذلك أفضل.
الأحاديث الصغيرة صديقك المفضليمكن أن تكون المحادثات الصغيرة محرجة، لكنها ممارسة جيدة في المواقف الاجتماعية التي تتضمن أشخاصًا ليسوا هم الأقرب بالنسبة لك. وتعد المحادثات الصغيرة طريقة رائعة لإعادة التعرف على أحد أفراد العائلة الذي لم تره منذ فترة أو شخص تريد التعرف عليه بشكل أفضل.
المحادثات الصغيرة طريقة رائعة لإعادة التعرف على أحد أفراد العائلة الذي لم تره منذ فترة (بيكسلز) تحدث عن الأشياء التي تستمتع بهاالتعامل مع القلق الاجتماعي في التجمعات العائلية يصبح سهلا عندما تتحدث عن شيء تستمتع به. سواء كان حيوانك الأليف أو زوجتك أو حتى فيلما شاهدته مؤخرا.
ضع حدودا صارمةلدى الكثير منا أقارب فضوليون يطرحون على الشخص الكثير من الأسئلة الشخصية. إذا وجدت نفسك في موقف مع شخص عزيز عليك يتطفل كثيرًا، فأنت لست ملزمًا بالإجابة على أسئلته. قم بتوجيه المحادثة بأدب في اتجاه مختلف أو أخبرهم بلطف أنك تفضل عدم الرد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات القلق الاجتماعی أفراد العائلة أن تکون یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الخوف من البوصلة السورية
مع سقوط نظام الأسد في سوريا، ارتفعت وتيرة شعارات القلق العربي والغربي على سوريا، على أسوار كلا الطرفين، وخارجهما استعر ضخ إعلامي ونشاط دبلوماسي دؤوب لاستقطاب واحتواء المنجز السوري بالتحرر من الطاغية السوري. التركيز على الهوية الدينية لمن حرر المدن السورية ووصل إلى دمشق (هيئة تحرير الشام) غلب عليه طابع الحذر والتحذير من المستقبل الذي ينتظر البلاد المنهكة من عقود الاستبداد والظلم الذي كشفته مقابر وزنازين النظام البائد، ومشاهد حطام المدن وأريافها، ومعطيات السنوات الـ14 من عمر مقارعة السوريين لنظام دموي انتهت بهروب النظام وانهيار بنيته الأمنية والعسكرية.
شكّل تعدد الرسائل الموجهة لسوريا وقادتها الجدد للمرحلة الانتقالية، أساسا لجس نبض المشرفين على هندسة وصياغة المستقبل السوري، وبنيان الدولة وهويتها، وترتبت مع هذه الرسائل والإشارات العربية والغربية على رأسها الولايات المتحدة؛ أولويات ما هو قادم من حيث تنظيم الداخل والعملية السياسية التي تخص السوريين؛ والتي يكمن في مقامها الأول التوحد الذي يتبعه تقدم وتنمية للمساواة بقية الأمم، وهذه مطالب السوريين، وليست إشارات ركوب موجة انتصارهم على طاغيتهم ومحاولة احتواء تضحياتهم، سوى إشارة دل عليها كم الضخ والتشويه الذي أعقب سقوط نظام الطاغية السوري في وسائل إعلام عربية سرعان ما انقلبت على عقبها.
أولويات ما هو قادم من حيث تنظيم الداخل والعملية السياسية التي تخص السوريين؛ والتي يكمن في مقامها الأول التوحد الذي يتبعه تقدم وتنمية للمساواة بقية الأمم، وهذه مطالب السوريين، وليست إشارات ركوب موجة انتصارهم على طاغيتهم ومحاولة احتواء تضحياتهم، سوى إشارة دل عليها كم الضخ والتشويه الذي أعقب سقوط نظام الطاغية السوري في وسائل إعلام عربية سرعان ما انقلبت على عقبها
والشعارات السورية التي تحقق بندها الرئيس بالتحرر من الأسدية كانت المدخل والضامن الأول لمستقبل سوريا، لذا تقتضي أشكالا مختلفة للتعاطي مع ملفها الداخلي المتشعب والمثقل بتركة الخراب الأسدي للمجتمع والدولة، والتعاطي مع ملفات عربية وإقليمية ودولية مختلفة؛ من الصراع والتصارع على التركة السورية باستحضار القلق الذي كان عنوان النفاق الذي اشتكى منه السوريون وتركهم فريسة لعداد الموت والحطام لأكثر من عقدٍ.
يعود تداول مفهوم القلق على وحدة سوريا، وعلى مكوناتها وأقلياتها وشكل الحكم، والخوف على حقوق النساء، ومشاركة بقية مكونات المجتمع في صياغة مستقبل بلدهم، في وقت يتجاهل فيه الأمريكي والغربي والبعض العربي جرائم إبادة شعب فلسطين وقتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات، وبالتعاطي بنفس العقلية التي تبيح للمجرم الصهيوني ارتكاب كل جرائم الحرب وضد الإنسانية في غزة. ولأن إنجاز الهدف السوري تحقق بفارق زمني مكلف فقد أدى لبعث القلق من تحول النموذج السوري في محيطه العربي لنموذج مختلف عما يعتقده النظام الرسمي العربي بأنه انتصر بثورته المضادة، وجعل من تحقيق شعار مكافحة الإرهاب والإسلاموفوبيا والتطرف عنوانا عريضا يمتد من المنطقة العربية إلى عواصم القلق الدولي، فإن وضع كف شر التحريض على مستقبل سوريا بدون جلادها هو الضمان الثاني لتأسيس حل يضمن تبديد كل بواعث القلق التي تعني معظمها ابتعادا عن جوهر دعم ومساندة تطلعات السوريين في المواطنة والحرية والكرامة.
الضربة التي تلقاها محور الاستبداد العربي في سوريا، وضعت خياراته ورهاناته في مأزق شديد بعد هروب الأسد، ووضعت كل مخاوفه المبنية على احتمال ووهم ضياع سوريا والسوريين تحت بند النفاق، لأن السوريين فقدوا مليون قتيل ومئات آلاف المفقودين في زنازين الطاغية الذي دمر معظم مدنهم وأريافها. وهي مخاوف يصعب تبريرها من نفس الزاوية التي كانت متراسا تتلطى فيها كل مواقف الخذلان والنفاق طيلة سنوات الثورة السورية، وهذا يرمي بقفاز التحدي بوجه النظام العربي مجددا.
وبكلمات أخرى كانت غاية التطبيع العربي مع النظام الأسدي البائد دفعه للابتعاد عن طهران وقد سقط ومشروعها في سوريا، والمشروع السوري الوليد يحتاج اليوم لرنين هواتف عربية نحو دمشق وهرولة لمد يد العون له وتشجيعه ودعمه، وليس العمل للحد من تأثير الضربة التي من المفترض أن تحدث صحوة من داخل النسق العربي الحريص على وحدة وسيادة وعروبة سوريا، أما القلق على دستور وانتخابات ومشاركة كل مكونات المجتمع السوري من أنظمة تمارس القمع لأي عملية ديمقراطية ولأي تعددية سياسية وتحكمها انظمة عسكرية وانقلابية وتنتهج منهج الديكتاتور الفار، فهذا يسمى هذيان ما بعد الضربة.
المسار السوري القادم لا يقل صعوبة عن المسار الذي عبره للتخلص من المجرم، ولا يوجد أمامنا مثال أفضل من الخسارة العربية التي راهنت على الطاغية الهارب، والخطوات التاريخية التي يشهدها مسرح العلاقة مع القادة السوريين الجدد
التقاط اللحظة التاريخية عربيا في سوريا، هو ما يبدد المخاوف من البوصلة التي أعاد السوريون إمساكها بتوجيهها نحو الداخل السوري، ولأن التاريخ يجري حسب قوانينه، لا حسب تمنيات البعض وأوهامه، فيجب أن تكون الرافعة عربية في سوريا، لا روسية ولا تركية أو إيرانية أو إسرائيلية أو أمريكية، أما أن تكون الاستراتيجية العربية قائمة على منظور الأمن والخوف من التغيير بذرائع "الإرهاب" وغيره، فهذه أسلوب ولعبة الطاغية العربي التي أثبتت فشلها وانهيارها، والتي تأخذ مجريات التاريخ نحو قوانينه التي حكمت على المستبد والقاتل والديكتاتور بنهايات قاسية، وهي التي ستحكم أيضا على نهايات المحتل بنفس الأحكام.
فالمسار السوري القادم لا يقل صعوبة عن المسار الذي عبره للتخلص من المجرم، ولا يوجد أمامنا مثال أفضل من الخسارة العربية التي راهنت على الطاغية الهارب، والخطوات التاريخية التي يشهدها مسرح العلاقة مع القادة السوريين الجدد. ونظرا للآثار الفادحة التي تركها إجرام الأسد على كل نواحي الحياة والمجتمع والسياسة والاقتصاد في سوريا، فإن البوصلة السورية ودرجة تحولها في استراتيجيات عربية ستبقى مؤشرا على طبيعة تحالفات جديدة في المنطقة العربية لن تبقى بعيدة عن هكذا صراع، لهذا برز الخوف من البوصلة السورية التي صح مؤشرها بقدرته على التغيير واستعداده لبناء سوريا بدون الأسد ووظيفته، وغاب الخوف عليها خصوصا أن أطماع الاحتلال الإسرائيلي وبقية المحتلين وأجنداتهم على الأرض هي التي تؤرق السوري وليس أبناء جلدته؛ ضحايا الأسدية المحطمة.
x.com/nizar_sahli