دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى بعد ان أمّ الصلاة صبيحة عيد الفطر المبارك في مقام الأمير السيد عبدالله التنوخي في عبيه، "اللبنانيين للعودة إلى الجذور والتمسُّك بروحية الصيغة الوطنية واحترامِ مشهدِ التنوُّع في الوحدة الذي يميِّزُ هذا الوطن، ولتحمُّلِ المسؤولية في القيام بواجب إنقاذ البلاد من الانهيار وإعادة بناء المؤسسات والنهوض بالدولة.

لقد طال الانتظارُ وكاد الصبرُ أن يفرَغَ من قلوبِ اللبنانيين، لكنَّنا ندعو دائماً إلى التحلِّي بالحكمة والواقعية وبروح المسؤولية، ونحن نرى أنَّ الواقعَ اللبنانيَّ تتنازعُه التجاذباتُ من هنا وهناك، وتحتدم فيه الأيديولوجياتُ والنظريات، بين بلدٍ مُسالِم ومقاوِم، وبين علاقةِ شرقٍ وغرب، وعروبةٍ وعالميّة، وهويّةٍ إسلاميّةٍ ومسيحيةٍ مشرقيّةٍ، وبين مذهبٍ ومذهب، ووصايةٍ ووصاية، وولاءٍ وولاء، وكأنّ هذا الوطنَ الصغيرَ بمساحتِه والكبيرَ بموقعِه عصيٌّ على الاستقرار، ومقدَّرٌ له أن يكونَ محطَّ أنظارِ القريب والبعيد، وموضعَ استقطاب الشقيقِ والغريب، واهتمامِ الصديق الحبيب والعدوِّ المُريب". 

وشدد ابي المنى على "استثمارِ علاقات المكوِّنات اللبنانيةِ جميعِها، من أجل بناء الدولة وحماية الوطن، لا أن تُستَغلَّ تلك العلاقاتُ والمقوِّماتُ لاستقواء هذه الجهةِ على تلك، أو لإنتاج أحلامٍ فئوية أو تقسيمية أو تصادميّة، لأننا بذلك نكونُ قد حكَمْنا على لبنانَ بالفشل وعلى صيغة التنوُّعِ بالانهيار والتفكُّك، وعلى أولادِنا بالتشتُّت والضّياع. وبقدرِ ما ندعو إلى الوقوفِ صفَّاً واحداً مُتراصَّاً في مواجهة العدوان الإسرائيلي وزارعي الفتنة ومروِّجي الفساد على أنواعِه، فإننا ندعو إلى ضبط النفس ومعالجة الإشكالات والقضايا المستجدَّة برويَّةٍ وروحٍ وطنيّة، فالبلادُ واقفةٌ على حافّةِ الخطر والانهيار بما فيها من أزماتٍ اقتصاديّة ومعيشية وتهديداتٍ عدوانية وتراكمِ أزماتِ النزوح واللجوء والهجرة، وبقدرِ معرفتِنا بأنّ البلادَ لا تتحمَّلُ مغامراتِ الحروب المُدمِّرة، فإنَّنا نُدرِكُ أيضاً أنّها لا تتحمَّلُ أيَّ صراعٍ داخلي أو خللٍ أمني، ما يستوجبُ الوعيَ واليقظةَ لإطفاء أيِّ شرارةِ تَحَدٍّ وإسكاتِ أيِّ نبرةِ تهديد، وعدمِ السماح لأيادي الشرِّ الغريبة بالعبثِ بأمنِ البلاد، والتنبُّهِ لضرورةِ معالجةِ القضايا العالقة بتفاهمٍ ووحدةِ موقِفٍ وقرار".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الشيخ أبي المنى: إذا كان الواقع يقتضي التّمديد لقائد الجيش... فليكن!

أسف شيخ العقل، لأنّ الحرب توسّعت مذكّراً بأنّه حذّر دوماً «من مخاطر استدراج البلاد إلى حرب موسّعة، لأنّنا نعرف إجرام العدو ومخططاته، فلماذا نستدرجه إلى حرب تدمّر لبنان وتساعده على أن تكون له مبررات ليحتل ويدمر ويقتل ويسيء إلى صيغة العيش المشترك؟ ولمَ نساعده على تنفيذ مخططه في التّغيير الديمغرافي الذي يرغب بتنفيذه. وبالتالي كان لا بد من مقاومته وردعه، لكن لكي ننتهي من الحرب ونخرج بأقل خسائر ممكنة يجب ان نتحوّل الى مقاومة سياسية، دبلوماسية».

وقال «المقاومون قاموا بواجبهم لكن العدو يتفوّق بأسلحته المتطورة والفتّاكة وأيضاً التكنولوجيا لعبت دورها في هذه الحرب، اذاً لماذا نعرض أنفسنا ووطننا أكثر وأكثر الى الدّمار والانهيار؟ لذلك نقول آن الأوان لهذه الحرب ان تنتهي».

وأشار إلى أن هذا الموقف كان قد أدرج في بيان القمة الروحية في بكركي، حيث طالب حينها بالوقف الفوري للحرب، معتبراً أنّ «هذا يحتاج إلى ضغط على الدّول وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية وإيران وفي الدّاخل لكي نتفاهم على كيفية إنهاء هذه الحرب، كذلك يجب الضغط على إسرائيل لكي تتقبّل وقف الحرب بصيغة مقبولة تعطي لبنان حقه وتشيح بشبح الحرب عن وطننا». وعمّا إذا كانت مشيخة العقل تضمّ صوتها إلى صوت بكركي الداعي إلى الحياد، لفت الشيخ أبي المنى إلى أنّه منذ البدء رفع شعار «نحن مع الحياد عن كل ما يفرّق ومع الانحياز إلى كل ما يجمع»، «وعلى هذا الأساس نتصرّف، فاذا كان الحياد في مصلحة لبنان، فليكن وإذا كان الانحياز أحياناً في سبيل مصلحة لبنان والقضية، فليكن ايضاً». أضاف «لا حياد في القضايا الكبرى التي تهمنا كدول عربية، ولكن لا يمكن ان نكون منحازين إلى محاور تؤدي بنا إلى الهلاك. هناك حكمة ووعي فندرك متى يجب أن نكون على حياد وننأى بأنفسنا عن الصّراعات ومتى ننحاز إلى الحق الذي نطالب به». 
 
وعن دعوة البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي إلى مؤتمر دولي لموضوع الحياد قال الشيخ أبي المنى «ربما هذا المؤتمر تكون فيه آراء متباينة ولكنها يجب أن تقود الى موقف واحد. صيغة لبنان يجب ان تكون مميزة ودقيقة ومتوازنة. ربما نحتاج إلى حوارات دولية أو وطنية ولكن يجب أن يكون هناك حوار وطني أوّلاً قبل أن يكون دولياً، لكي نؤكد على الطّائف وعلى الصّيغة اللبنانية».

وفي ضوء موجة النزوح التي شهدتها مناطق الجبل من قبل أبناء الجنوب الفارين من نيران الحرب، لفت شيخ العقل إلى أنّ «النزوح مؤلم وجرح عميق في جسد لبنان. أهل الجنوب يتعرّضون إلى التهجير القسري. وكنا مستعدين نفسياً واجتماعياً للأمر من خلال استشعار الزعيم القائد وليد جنبلاط بهذا الأمر والجبل يستقبل النازحين كضيوف مكرّمين. هناك هواجس تخيف أبناء الجبل ولبنان من التهجير القسري في سبيل التغيير الديموغرافي، وأي تهجير من منطقة إلى أخرى، يبقي الجنوب خالياً من سكانه وهذا أمر مرفوض وإذا تماشينا معه فنحن نساعد إسرائيل على تنفيذ مخططها».

الأزمة الرئاسية كانت أيضاً في صلب حوارنا مع الشيخ سامي أبي المنى الذي شدد على ضرورة «الاستعجال في انتخاب رئيس للجمهورية. والرئيس حاجة ضرورية فالبلاد تمر بظروف صعبة ولا يعقل أن يبقى البلد من دون رئيس. فنحن مع انتخاب رئيس فوراً، وانتشار الجيش في الجنوب فوراً ووقف إطلاق النار فوراً وبناء الدولة فوراً. كل ذلك ضروري وملح. انتخاب رئيس للجمهورية حاجة ضرورية، مثل وقف إطلاق النار. لأنه ليست هناك أولوية في القضايا التي تساعد على بناء الدولة وفي طليعتها انتخاب رئيس. لذا على المجلس النيابي أن يلتئم لانتخاب رئيس، وما حصل في الماضي كان يزعجنا بعدم التمكن من عقد جلسة انتخابية».

وسأل: «لماذا لا يستطيع مجلس النّواب أن يعقد جلسة لانتخاب رئيس؟ كان هناك تمسّك بأهمية الحوار والتّوافق على اسم رئيس يرضي جميع الفرقاء، مع الدّعوة إلى الحوار بناء على ذلك. الحوار مهم ولكن احترام الدّستور مهم أيضاً وملزم. عسى أن نصل بعد هذه المحنة إلى قناعة وجوب احترام المؤسسات الدستورية، ولكن مع الأسف هناك نوع من التّداخل بين قرارات الدّولة وقرارات قوى موجودة على السّاحة اللبنانية، فكانت قرارات الدّولة لا تُحتَرَم كما يجب، ولكن لا بدّ أن نصل الى مرحلة تنتفي فيها أي مبررات لتغييب قرار الدولة. ولو كان هناك رئيس خلال الحرب الحالية لكانت مهمة التفاوض أسهل». دعم مطلق أبداه شيخ العقل للمؤسسة العسكرية، وهو في هذا الإطار، اعتبر أنّه «لا يجوز ان يترك الجيش من دون قائد، فإذا كان الواقع يقتضي التمديد فليمدّد له. فالقائد جوزيف عون كفوء ومتميّز بطيب معدنه ووطنيته وبالتالي لا مانع من التمديد له».

وعشية عيد الاستقلال، وجّه الشيخ سامي أبي المنى رسالة في هذه المناسبة، مشيراً إلى أنّ «لبنان يستحق الاستقلال والعيش الآمن. فالشعب اللبناني خلاّق ومبدع، لماذا نعرّض الشباب اللبناني وهذه الطاقات إلى هذه الأجواء المحبطة؟ فيهاجر أبناء الوطن إلى الخارج، فيما الداخل يعاني ما يعانيه».

وختم: «الاستقلال محطة ولكن يجب أن يبنى على قواعد ثابتة كي لا يتزعزع. ولكي يبقى قائماً علينا ان نحترم الدّستور ونتمسّك بصيغة العيش الواحد وبالتضامن الوطني لإنجاز الاستحقاقات في مواعيدها، والنهوض بالبلد اقتصادياً. ويجب ان تكون مصالحة الجبل مصالحة اقتصادية ايضاً، ونحن نعمل على مشاريع استثمار أوقافنا الدرزية والاوقاف المسيحية والطوائف الأخرى، فنبني مشاريع ومؤسسات لأبنائنا لكي نخفف من الهجرة الداخلية والخارجية».  

مقالات مشابهة

  • البطريرك ميناسيان: ندعو القوى السياسية إلى اختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة
  • الشيخ أبي المنى: إذا كان الواقع يقتضي التّمديد لقائد الجيش... فليكن!
  • ندوة بنها تناقش تحديات تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم الانتماء
  • «الوطني للإعلام» ينظم إحاطة إعلامية للاحتفال بمرور 10 سنوات على قانون الخدمة الوطنية
  • المكتب الوطني للإعلام يحتفي بمرور 10 سنوات على قانون الخدمة الوطنية
  • بالتعاون مع وزارة الدفاع.. المكتب الوطني للإعلام ينظم إحاطة إعلامية للاحتفال بمرور 10 سنوات على قانون الخدمة الوطنية
  • بالتعاون مع وزارة الدفاع..المكتب الوطني للإعلام ينظم إحاطة إعلامية للاحتفال بمرور 10 سنوات على قانون الخدمة الوطنية
  • الاحتفالات تعُمُّ البلاد
  • نهيان بن مبارك: «الشبكة الوطنية» منصة لتمكين أبناء الوطن
  • صالح العرموطي: صوت الحكمة ورمز الوطنية في زمن التحديات