طرحت أسئلة كثيرة حول مآل الامور بعد مقتل منسق حزب "القوات اللبنانية"في جبيل باسكال سليمان على أيدى عصابة أفرادها سوريون بحسب التحقيقات الأمنية والعسكرية، وإن كان الترقب سيد الموقف لمعرفة الملابسات الحقيقية لعملية القتل بعد انتهاء التحقيق الذي تجريه الأجهزة الأمنية، علما أن حزب "القوات اللبنانية" اعتبر أن الجريمة "عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس".



علت أصوات في اليومين الماضيين تطالب بحل جذري لأزمة النزوح، مع الدعوة في الوقت الراهن إلى التدقيق في أعدادهم وترحيل المخالفين، في حين أكد وزير الداخلية بسام المولوي أن وزارته "ستكون أكثر حزمًا في منح الإقامات للسوريين"، معتبراً أن نسبة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية بلغت 35 في المئة.

لا شك أن تبعات كثيرة ستنعكس على النازحين السوريين خاصة وأن الجريمة التي حصلت ليست الأولى التي يرتكبها سوريون دخلوا بطريقة غير شرعية إلى لبنان وثمة مخاطر حقيقية منها أمنية مثلما حصل مع باسكال وآخرين، مع الإشارة في هذا السياق إلى أهمية عدم التعميم فالسوريون ليسوا جميعاً مجرمين وسارقين والحل يفترض أن يكون وفق القانون بعيداً عن التجييش العنصرية والانتقام خاصة وان هناك عمالة سورية في لبنان منذ ما قبل العام 2011.


وكانت الحكومة وضعت خريطة طريق للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، تضم تصنيفاً للسوريين المقيمين على أرضها بين نازحين وغير نازحين، وتقوم على تنظيم وجود النازحين والعمال الخاضعين لقوانين الإقامة والعمل اللبنانية، وترحيل النازحين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية ويفترض أن يعقد اجتماع للمجلس العسكري لربط النقاط التي وضعت مع عامل الوقت الزمني لمعالجة الواقع القديم والجديد في ملف النازحين وغيره.

وتنص الخطة التي وضعها وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار على ضرورة ان تطبق على السوريين غير النازحين كل القوانين اللبنانية المرعيّة الإجراء من دون ربطهم بالمفوضية ومن دون تمتعهم بأي من حقوق النازحين، إضافةً إلى ضرورة إزالة الخيم والتجمعات السكنية كافة للفئات التي لا تنطبق عليها صفة النزوح، وإطلاق التنفيذ لأحد المسارين؛ إما بإعادة التوطين في بلد ثالث، وأما بإعادتهم إلى وطنهم النهائي بعد التنسيق مع الحكومة السورية، كذلك طلب المساعدة من المجتمع الدولي لتثبيت الأمن ومنع التجاوزات على الحدود البحرية والبرية. وليس بعيداً فإن الرئيس ميقاتي ناشد خلال استقباله الرئيس القبرصي، وعبر قبرص الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي من اجل توفير فرص عمل للسوريين في مناطقهم في سوريا لتحفيزهم على العودة. وقال ميقاتي: «نحن أمام واقع يجب على العالم تفهمه. النازحون يدخلون إلى لبنان خلسة، ولا أحد من الدول يساعدنا في ضبط الحدود. فإذا قررنا ترحيل السوري إلى بلاده نواجَه بمسألة حقوق الإنسان، وبالنسبة للحدود البحرية فنحن نعمل على ضبطها قدر استطاعتنا".

ويقول الباحث في السياسات العامة وشؤون اللجوء والهجرة زياد الصائغ"إن لم يتم اعتماد سياسة عامة متكاملة تركز على بدء مرحلة عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على أن يتوازى ذلك مع تصنيف هؤلاء بين عمال وطلاب ونازحين وتوفير إقامات وإجازات عمل تفرض عليها ضريبة بكل معنى الكلمة، لن نكون أمام بدايات حل جدية. وفي هذا السياق، يجب الاعتراف أن توفير الداتا المتكاملة هي المرحلة الأولى لبدء عملية التصنيف، وتحديد من يمكن أن يعود وإلى أين ومتى ومن يحق له البقاء وبأي شروط، ومن تتعذر عليه العودة وما هي آفاق تنظيم إقامته".

ويعتبر الصائغ أن "الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تنجز أبدا سياسة عامة في هذا السياق، بهذا المعنى الاعتراف بأن هناك إجماعاً على أن هذا اللجوء السوري هو قنبلة موقوتة لايكفي إذا لم يتم أخذ إجراءات متكاملة، ليس فقط على المستوى الوطني لكن في تنسيق أيضا مع المجموعة العربية، وفتح أفق الحوار مع الإتحاد الأوروبي خصوصا في ظل تفاقم الهجرة غير الشرعية التي يبدو على أنها أيضا منظمة بهدف الضغط على الاتحاد الأوروبي لاستدراج أموال إضافية لمساعدة لبنان، في الوقت أننا أمام غياب للحوكمة السليمة، والديبلوماسية الفاعلة".

ويرى الصائغ أن "الإتحاد الأوروبي معني بمساعدة لبنان، وهو اعترف في قراره الأخير الذي صدر عن البرلمان الأوروبي بأن الأمن القومي للبنان هو جزء من الأمن القومي لأوروبا، ولكن في ظل تعثر الحل السياسي في سوريا، وهنا يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية ذلك، وفي ظل تعثر إيجاد سياسة حكومية لبنانية متكاملة، يبدو أن هناك ثغرة بدأت تفتح بين لبنان وقبرص التي سوف تتولى النقاش مع الاتحاد الأوروبي، لكن هذا لا يعفي لبنان أبداً وبأي شكل من الأشكال من مسؤوليته في إيجاد سياسة عامة، إذ أن أي عمل جدي يقتضي تعاونا من كل الأطراف وتحديدا من الطرف السوري الذي تتولى "قوى الأمر الواقع" فيه إنجاز مسار لا يسهل العودة".

ويبقى بحسب الصائغ "أن توفير القرار والغطاء السياسي للجيش والجمارك والمديرية العامة للأمن العام والذي يؤمن عناصرها عمليا إقفالا لكل المعابر غير الشرعية وضبط المعابر الشرعية أيضا، بهذا المعنى أيضا فإن تسيب الحدود مسألة جيو-سياسية بسبب وجود "قوى الأمر الواقع"، والتي عمليا تفتح الآفاق على كل الاحتمالات الخطرة، ليس فقط على المستوى السيادي إنما أيضا على المستوى الأمني كما جرى مع عملية خطف واغتيال منسق قضاء جبيل في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان والخوف من مشاهد أخرى، على أن الحكمة ضرورية إذ أن ما يجري من تفلت ليس موصولا حصرا بقضية اللاجئين السوريين إنما يتعلق بغياب سيادة الدولة على كامل أراضيها". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: على أن

إقرأ أيضاً:

علامات استفهام حول موقف الدول التركية من قضية قبرص

أعلنت كل ن أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان، قبل أيام، الاعتراف بجمهورية قبرص اليونانية، وقررت فتح سفارات لها في عاصمتها نيقوسيا، استجابة لطلب الاتحاد الأوروبي الذي يستعد لاستثمار 12 مليار يورو في تلك الدول. ولكون الدول الثلاث من جمهوريات آسيا الوسطى التركية واثنتين منها عضوين في منظمة الدول التركية، فقد أثارت هذه الخطوة ضجة كبيرة في تركيا، وعلامات استفهام حول موقف الدول التركية من قضية قبرص ومستقبل المنظمة الناشئة والعلاقات بين أعضائها.

اعتراف الدول الثلاث بجمهورية قبرص اليونانية جاء في الوقت الذي كان الأتراك ينتظرون فيه من الدول التركية الشقيقة أن تعترف بجمهورية قبرص الشمالية التركية. ولذلك، اعتبر بعض المحللين الخطوة تجاهلا للجهود التي تبذلها أنقرة بهذا الاتجاه، بل وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، فوصفوها بــ"طعن تركيا في ظهرها"، و"الخيانة لحقوق الأخوّة التركية". كما رأت المعارضة أنها جاءت نتيجة فشل السياسة الخارجية التي تتبناها الحكومة، وطالبت وزارة الخارجية التركية بانتقاد الدول الثلاث.

اعتبر بعض المحللين الخطوة تجاهلا للجهود التي تبذلها أنقرة بهذا الاتجاه، بل وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، فوصفوها بــ"طعن تركيا في ظهرها"، و"الخيانة لحقوق الأخوّة التركية". كما رأت المعارضة أنها جاءت نتيجة فشل السياسة الخارجية التي تتبناها الحكومة، وطالبت وزارة الخارجية التركية بانتقاد الدول الثلاث
اعتراف أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان بجمهورية قبرص اليونانية قد يكون إحدى ثمرات رغبة تلك الدول في الابتعاد عن ضغوط روسيا والصين، والتقرب من الدول الأوروبية، إلا أنه في ذات الوقت يشكل ضربة لحلم جمع الدول التركية تحت مظلة اتحاد تركي على غرار الاتحاد الأوروبي. ومن المؤكد أن الابتعاد عن فكرة الاتحاد التركي بمثل هذه الخطوات سيؤدي إلى بقاء منظمة الدول التركية مجرد تكتل ثقافي؛ بعيد عن تبني مواقف موحدة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

أنقرة لم تبدِ أي انزعاج من خطوة الدول الثلاثة، وقد يكون هذا الموقف مبنيا على تفهم حاجة تلك الدول لتعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، أو أن تركيا ترى أن الدول الثلاث يمكن أن تستخدم علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي لصالح جمهورية قبرص الشمالية التركية في المستقبل. كما أن إظهار أي ردة فعل غاضبة تدل على انزعاج أنقرة مما قامت به تلك الدول قد يتم تفسيرها من قبل الدول الثلاث تدخلا في شؤونها، وتبعدها عن تركيا. ولذلك، اختارت أنقرة سياسة عدم الانفعال واحتواء الموقف لحماية ما تم بناؤه في إطار منظمة الدول التركية، ومحاولة استثماره لصالح القبارصة الأتراك.

منظمة الدول التركية لها خمسة أعضاء، وهي تركيا وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان، كما أن لها ثلاثة أعضاء مراقبين، وهي المجر وجمهورية قبرص الشمالية التركية وتركمانستان. وللمنظمة مجلس استشاري، يسمى "مجلس ذوي اللحى البيضاء"، ويتألف من ممثلي الدول الخمس. ومن المتوقع أن يعقد هذا المجلس في مستهل الشهر القادم اجتماعا في جمهورية قبرص الشمالية التركية لمناقشة موضوع اعتراف الدول الثلاث بجمهورية قبرص اليونانية، داخل البيت التركي، وبهدوء، بعيدا عن وسائل الإعلام.

القوميون الأتراك يقولون دائما إنه "لا صديق لتركي غير تركي"، في إشارة إلى إيمانهم بقوة الروابط القومية، إلا أن اعتراف الدول الثلاث من جمهوريات آسيا الوسطى التركية بجمهورية قبرص اليونانية، بدلا من الاعتراف بجمهورية قبرص الشمالية التركية، أثبت عدم صحة تلك المقولة التي تستخدم غالبا لرفض محاولات تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية
جمهورية قبرص اليونانية عضو في الاتحاد الأوروبي، وكان انحياز الدول الأوروبية لصالح القبارصة اليونانيين على حساب القبارصة الأتراك معروفا حتى قبل انضمام جمهورية قبرص اليونانية إلى الاتحاد. ولذلك، ليس مفاجئا أن يضغط الاتحاد الأوروبي على أوزبكستان وكازاخستان وتركمانستان، وأن يشترط الاعتراف بأحد أعضائه للاستثمار في الدول الثلاث. وإضافةً إلى ذلك، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز نفوذه في آسيا الوسطى من خلال الاستثمار في دولها، ويعرف أن تركيا أحد أقوى المنافسين له في تلك المنطقة.


القوميون الأتراك يقولون دائما إنه "لا صديق لتركي غير تركي"، في إشارة إلى إيمانهم بقوة الروابط القومية، إلا أن اعتراف الدول الثلاث من جمهوريات آسيا الوسطى التركية بجمهورية قبرص اليونانية، بدلا من الاعتراف بجمهورية قبرص الشمالية التركية، أثبت عدم صحة تلك المقولة التي تستخدم غالبا لرفض محاولات تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية غير التركية، مؤكدا أن العلاقات بين الدول مبنية بالدرجة الأولى على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

تركيا تولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع جمهوريات آسيا الوسطى التركية التى تراها ضمن عمقها الاستراتيجي، كما تدعم العلاقات بين تلك الدول. إلا أن محاولات تطوير التنسيق والتعاون بين الدول التركية في كافة المجالات ليصل إلى مستويات متقدمة، تواجه عوائق وتحديات في ظل احتفاظ روسيا بنفوذها في المنطقة إلى حد كبير، كما أن تجربة الاتحاد الأوروبي يكاد يستحيل تكرارها في آسيا الوسطى؛ بسبب التباين بين أنظمة الدول الأوروبية الديمقراطية وأنظمة دول تلك المنطقة التي لا تعكس معظمها إرادة شعوبها.

قضية قبرص في نظر أنقرة قضية وطنية مرتبطة بأمنها القومي، وبالتالي، ستواصل تركيا دعمها للقبارصة الأتراك وحمايتهم، والدفاع عن قضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة، بكل ما تملك من قوة سياسية واقتصادية وعسكرية، بغض النظر عن مواقف الدول الأخرى بما فيها جمهوريات آسيا الوسطى التركية، كما ستستمر في بذل جهودها الدبلوماسية لتنال جمهورية قبرص الشمالية التركية اعتراف دول العالم بها، بعد أن تأكد أن الحل الوحيد للأزمة القبرصية هو أن يعيش القبارصة الأتراك واليونانيون في الجزيرة جنبا إلى جنب في دولتين مستقلتين.

x.com/ismail_yasa

مقالات مشابهة

  • الحكومة اللبنانية تخطط لتطوير برامج دعم جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة قريبا
  • شباب يواجهون الأحزاب السياسية والعرف: نحن هنا أيضا
  • رئيس الحكومة اللبنانية يؤكد إجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها
  • طالبة من اللبنانية.. ديا جرجورة أفضل محام مُقنع
  • المالية اللبنانية تعلن توقيع قرض مع البنك الدولي لحل مشكلة الكهرباء
  • وزير الخارجية اللبناني: مستعدون للتعاون مع دمشق لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم
  • علامات استفهام حول موقف الدول التركية من قضية قبرص
  • التقرير الاقتصادي الفصلي لبنك عوده: تعدّد التحدّيات الاقتصاديّة التي تواجه العهد الجديد
  • كنعان عرض مع أورتاغوس في واشنطن ملفات الإصلاح ودعم الجيش وعودة النازحين السوريين
  • انفراجة على خط العلاقات اللبنانية – الاماراتية.. خطوات ايجابية قريباً