الخطر الأمني جراء النزوح يتفاقم.. وثغرة فتحت مع قبرص
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
طرحت أسئلة كثيرة حول مآل الامور بعد مقتل منسق حزب "القوات اللبنانية"في جبيل باسكال سليمان على أيدى عصابة أفرادها سوريون بحسب التحقيقات الأمنية والعسكرية، وإن كان الترقب سيد الموقف لمعرفة الملابسات الحقيقية لعملية القتل بعد انتهاء التحقيق الذي تجريه الأجهزة الأمنية، علما أن حزب "القوات اللبنانية" اعتبر أن الجريمة "عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس".
علت أصوات في اليومين الماضيين تطالب بحل جذري لأزمة النزوح، مع الدعوة في الوقت الراهن إلى التدقيق في أعدادهم وترحيل المخالفين، في حين أكد وزير الداخلية بسام المولوي أن وزارته "ستكون أكثر حزمًا في منح الإقامات للسوريين"، معتبراً أن نسبة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية بلغت 35 في المئة.
لا شك أن تبعات كثيرة ستنعكس على النازحين السوريين خاصة وأن الجريمة التي حصلت ليست الأولى التي يرتكبها سوريون دخلوا بطريقة غير شرعية إلى لبنان وثمة مخاطر حقيقية منها أمنية مثلما حصل مع باسكال وآخرين، مع الإشارة في هذا السياق إلى أهمية عدم التعميم فالسوريون ليسوا جميعاً مجرمين وسارقين والحل يفترض أن يكون وفق القانون بعيداً عن التجييش العنصرية والانتقام خاصة وان هناك عمالة سورية في لبنان منذ ما قبل العام 2011.
وكانت الحكومة وضعت خريطة طريق للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، تضم تصنيفاً للسوريين المقيمين على أرضها بين نازحين وغير نازحين، وتقوم على تنظيم وجود النازحين والعمال الخاضعين لقوانين الإقامة والعمل اللبنانية، وترحيل النازحين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية ويفترض أن يعقد اجتماع للمجلس العسكري لربط النقاط التي وضعت مع عامل الوقت الزمني لمعالجة الواقع القديم والجديد في ملف النازحين وغيره.
وتنص الخطة التي وضعها وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار على ضرورة ان تطبق على السوريين غير النازحين كل القوانين اللبنانية المرعيّة الإجراء من دون ربطهم بالمفوضية ومن دون تمتعهم بأي من حقوق النازحين، إضافةً إلى ضرورة إزالة الخيم والتجمعات السكنية كافة للفئات التي لا تنطبق عليها صفة النزوح، وإطلاق التنفيذ لأحد المسارين؛ إما بإعادة التوطين في بلد ثالث، وأما بإعادتهم إلى وطنهم النهائي بعد التنسيق مع الحكومة السورية، كذلك طلب المساعدة من المجتمع الدولي لتثبيت الأمن ومنع التجاوزات على الحدود البحرية والبرية. وليس بعيداً فإن الرئيس ميقاتي ناشد خلال استقباله الرئيس القبرصي، وعبر قبرص الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي من اجل توفير فرص عمل للسوريين في مناطقهم في سوريا لتحفيزهم على العودة. وقال ميقاتي: «نحن أمام واقع يجب على العالم تفهمه. النازحون يدخلون إلى لبنان خلسة، ولا أحد من الدول يساعدنا في ضبط الحدود. فإذا قررنا ترحيل السوري إلى بلاده نواجَه بمسألة حقوق الإنسان، وبالنسبة للحدود البحرية فنحن نعمل على ضبطها قدر استطاعتنا".
ويقول الباحث في السياسات العامة وشؤون اللجوء والهجرة زياد الصائغ"إن لم يتم اعتماد سياسة عامة متكاملة تركز على بدء مرحلة عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على أن يتوازى ذلك مع تصنيف هؤلاء بين عمال وطلاب ونازحين وتوفير إقامات وإجازات عمل تفرض عليها ضريبة بكل معنى الكلمة، لن نكون أمام بدايات حل جدية. وفي هذا السياق، يجب الاعتراف أن توفير الداتا المتكاملة هي المرحلة الأولى لبدء عملية التصنيف، وتحديد من يمكن أن يعود وإلى أين ومتى ومن يحق له البقاء وبأي شروط، ومن تتعذر عليه العودة وما هي آفاق تنظيم إقامته".
ويعتبر الصائغ أن "الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تنجز أبدا سياسة عامة في هذا السياق، بهذا المعنى الاعتراف بأن هناك إجماعاً على أن هذا اللجوء السوري هو قنبلة موقوتة لايكفي إذا لم يتم أخذ إجراءات متكاملة، ليس فقط على المستوى الوطني لكن في تنسيق أيضا مع المجموعة العربية، وفتح أفق الحوار مع الإتحاد الأوروبي خصوصا في ظل تفاقم الهجرة غير الشرعية التي يبدو على أنها أيضا منظمة بهدف الضغط على الاتحاد الأوروبي لاستدراج أموال إضافية لمساعدة لبنان، في الوقت أننا أمام غياب للحوكمة السليمة، والديبلوماسية الفاعلة".
ويرى الصائغ أن "الإتحاد الأوروبي معني بمساعدة لبنان، وهو اعترف في قراره الأخير الذي صدر عن البرلمان الأوروبي بأن الأمن القومي للبنان هو جزء من الأمن القومي لأوروبا، ولكن في ظل تعثر الحل السياسي في سوريا، وهنا يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية ذلك، وفي ظل تعثر إيجاد سياسة حكومية لبنانية متكاملة، يبدو أن هناك ثغرة بدأت تفتح بين لبنان وقبرص التي سوف تتولى النقاش مع الاتحاد الأوروبي، لكن هذا لا يعفي لبنان أبداً وبأي شكل من الأشكال من مسؤوليته في إيجاد سياسة عامة، إذ أن أي عمل جدي يقتضي تعاونا من كل الأطراف وتحديدا من الطرف السوري الذي تتولى "قوى الأمر الواقع" فيه إنجاز مسار لا يسهل العودة".
ويبقى بحسب الصائغ "أن توفير القرار والغطاء السياسي للجيش والجمارك والمديرية العامة للأمن العام والذي يؤمن عناصرها عمليا إقفالا لكل المعابر غير الشرعية وضبط المعابر الشرعية أيضا، بهذا المعنى أيضا فإن تسيب الحدود مسألة جيو-سياسية بسبب وجود "قوى الأمر الواقع"، والتي عمليا تفتح الآفاق على كل الاحتمالات الخطرة، ليس فقط على المستوى السيادي إنما أيضا على المستوى الأمني كما جرى مع عملية خطف واغتيال منسق قضاء جبيل في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان والخوف من مشاهد أخرى، على أن الحكمة ضرورية إذ أن ما يجري من تفلت ليس موصولا حصرا بقضية اللاجئين السوريين إنما يتعلق بغياب سيادة الدولة على كامل أراضيها". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على أن
إقرأ أيضاً:
العجز الطاقي بتونس يتفاقم وخبراء يقترحون هذه الحلول
ارتفع عجز الميزان التجاري الطاقي في تونس مع نهاية شهر سبتمبر الماضي وعلى أساس سنوي بنحو 29 بالمائة ليصل إلى ما يناهز 2.9 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من هذا العام مقابل 2.2 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وسجل البلد انخفاضا في قيمة الصادرات، خلال هذا العام بنسبة 7 بالمائة في حين سجلت الواردات ارتفاعا بنسبة 18 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من 2023 وخاصة على مستوى واردات النفط الخام، وفق آخر نشرية للمرصد الوطني للطاقة (حكومي).
يأتي ذلك في وقت تعتمد تونس على الاستيراد من الخارج لتلبية أكثر من نصف احتياجاتها الطاقية، فيما تشهد أسعار النفط والغاز ارتفاعا وسط مخاوف من اضطراب الإمدادات في ظل التوترات الجيوسياسية في العالم.
في المقابل، يثير تفاقم العجز التجاري الطاقي في تونس الجدل في الأوساط الاقتصادية والإعلامية خاصة بشأن أسباب ذلك العجز وتداعيات تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية على هذا القطاع.
تراجع الإنتاج المحلي
يرجع الخبير الدولي في مجال الطاقة عزالدين خلف الله أسباب ارتفاع عجز الميزان التجاري الطاقي في تونس إلى انخفاض الإنتاج المحلي جراء تراجع الحقول النفطية في البلاد، وتقلص رخص الاستكشاف من 50 رخصة سنة 2010 إلى 16 رخصة حالية وهي التي تمثل نشاط الاستكشاف.
ويقول خلف الله لـ"الحرة": إن عدد الآبار التي يتم حفرها تراجعت، ولم يتم سنة 2022 حفر أي بئر، وفي 2024 تم حفر بئر وحيدة ما أدى إلى اكتشاف جديد وهو في طور التقييم، لذلك فإن عدم وجود اكتشافات جديدة يعني غياب المخزون لتعويض الآبار القديمة.
وأشار المتحدث في هذا السياق إلى أن بعض الشركات أتمت رخصها وغادرت تونس نتيجة انتهاء تعهداتها وذلك في ظل غياب اكتشافات جديدة، لافتا إلى وجود "تباطؤ إداري أدى ببعض الشركات الكبرى إلى المغادرة رغم أنها في حيز الاستغلال".
وفي ما يتعلق بالغاز الطبيعي، يشدد الخبير الدولي في الطاقة على أن حجم الطلب عليه تزايد في ظل التوترات والصراعات التي يشهدها العالم خاصة الحرب الروسية الأوكرانية لافتا إلى ارتفاع واردات تونس من الكهرباء من الجزائر وليبيا.
ويؤكد أن الغاز المحلي تراجع بالنظر إلى نقص الموارد وأصبح يمثل 28 من المائة أواخر سبتمبر 2024 بعد أن كان يمثل 35 بالمائة، مبينا أن الغاز المتأتي من الجزائر ينقسم إلى أتاوة بنسبة 22 بالمائة بالنظر إلى مرور الغاز من الجزائر نحو إيطاليا وشراءات بنسبة 51 بالمائة.
ويوضح في هذا الصدد أن تونس تعاني تدهورا في إنتاج الغاز فرغم اكتشاف حقل نوارة ودخوله حيز الاستغلال منذ 2020، ولكن توقفه في 2024 أدى إلى انخفاض في الموارد ما أدى إلى ارتفاع العجز الطاقي.
وتشير البيانات الصادرة عن المرصد الوطني للطاقة أن واردات تونس من الكهرباء المتأتية من الجزائر وليبيا سجلت ارتفاعا نسبيا وساهمت في تغطية 14من المائة من حاجيات البلاد من الطاقة الكهربائية.
مخاوف من اضطراب الإمدادات
يرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي أن تونس باتت في حاجة إلى توريد جزء كبير من احتياجاتها من الغاز والنفط من الجزائر بسعر أعلى من السعر العالمي نتيجة التوترات والتغيرات الجيواستراتيجية في بعض بلدان الشرق الأوسط والتي ساهمت في ارتفاع تكاليف نقل النفط ومعاليم تأمينه في المسالك البحرية.
ويوضح الشكندالي في حديثه لـ"الحرة" أن تزايد الطلب العالمي على الغاز الجزائري جعل هذا البلد المغاربي يرفع في أسعار مبيعاته مما اضطر تونس إلى اقتنائه بسعر أرفع من السعر العالمي وهو ما أثقل كاهل ميزانها التجاري الطاقي من حيث الإنفاق.
وبخصوص المخاوف من تسجيل اضطراب في الإمدادات في النفط والغاز، يشدد الخبير الاقتصادي على أن الصراعات والحروب التي تشهدها عدة بلدان في العالم، جعل خطوط الإمداد محفوفة بالمخاطر مما يزيد في حجم الصعوبات التي تواجهها الدول المستوردة للنفط والغاز ومن ضمنها تونس في تأمين احتياجاتها الطاقية.
من جانب آخر، يلفت المتحدث إلى أن ميزانية الدولة التونسية بنيت على فرضية 81 دولارا للبرميل لهذا العام في حين أن أسعار التداول اليوم تناهز 74 دولارا للبرميل، مما جنبها تكبد خسارة بنحو 4.5 مليون دولار عن كل زيادة بدولار واحد بعد السعر المحدد في الميزانية.
ولمواجهة العجز الطاقي في البلاد، يدعو الخبير الاقتصادي السلطات التونسية إلى التعويل على الطاقات المتجددة والاستثمار فيها من خلال دعم المشاريع المتعلقة بإرساء نظام "فوتوفولتاييك" المعتمد أساسا على الطاقة الشمسية.
تواصل دعم الطاقة
وفي نفس المنحى، تعتزم السلطات التونسية مواصلة دعم هذا القطاع بما قيمته 2.3 مليار دولار، وفق ما يكشفه قانون المالية لسنة 2025 والذي ينظر فيه البرلمان منذ أكتوبر 2024.
وبحسب هذا القانون، فإن تونس ستعمل على مزيد ترشيد نفقات الطاقة عبر الحد من الانتفاع غير المشروع من الكهرباء والغاز وتحسين استخلاص الفواتير فضلا عن مراقبة مسالك التوزيع قوارير الغاز المعدة للاستهلاك المنزلي.
كما تؤكد الحكومة عدم توجهها إلى إقرار أي زيادة في أسعار المحروقات الكهرباء وقوارير الغاز المنزلي الموجه للاستهلاك الأسري والتي تصل نسب دعهما إلى 76 بالمائة.
يشار إلى أن تونس تخطط في إطار الاستراتيجية الوطنية الطاقية في أفق سنة 2030 إلى إنتاج 35 بالمائة من الكهرباء من الطاقات المتجددة والتخفيض في حدود 46 بالمائة من انبعاث الكربون وقد وقعت في مايو 2024 على اتفاقيتين لإنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بكل من محافظتي قفصة (وسط غرب) وتطاوين (جنوب) بقدرة 300 ميغاواط.
المصدر: الحرة