خلاف أم ضياع..باسيل ينتقد خطاب الانتصارثم يرفض الاصطياد في التباين
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
"عندما يعتقد أحد أنّ بإمكانه التحكم ببقية إخوانه المواطنين وينتصر على إسرائيل فهو واهم".. قد لا تعبّر هذه الكلمات التي وردت في خطاب رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل في أحد الإفطارات الرمضانية في مدينة جبيل، عن مجرّد موقف عابر، خصوصًا إذا ما وُضِعت في السياق، بعيد كلمة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، كان "جوهرها" رسالة مفادها أنّ محور المقاومة ذاهب إلى "انتصار كبير وتاريخي".
وبمعزلٍ عمّا إذا كان باسيل قد قصد نصر الله بهذه العبارات، أم أنه أراد تسجيل موقف ليس إلا، كما يحاول البعض الإيحاء، فإنّ كلمته في ذلك الإفطار الرمضاني لم تخلُ من الرسائل "الثقيلة" باتجاه "حزب الله"، فهو أعرب عن "عدم فهمه" للخوض في حروب "ليست في صالح لبنان"، وقال إنّ كلّ اللبنانيين لا يريدون الحرب، مضيفًا "أننا لسنا مجبرين على أن نبقى منجرّين إلى حرب في غزة لا نعرف متى تنتهي ولا نعرف حجم انعكاسها ونتائجها على لبنان".
ومع أنّ كلام باسيل جاء بعد أيام من مقابلة أجراها مع صحيفة "الأنباء" الكويتية، فصّل فيها ما أسماها بـ"جردة الخسائر" نتيجة فتح الجبهة في جنوب لبنان، متسائلاً عمّا إذا كان ذلك قد حصل "كرمى لـ(يحيى) السنوار أو لتحرير القدس"، فإنّه يفتح الباب من جديد على علامات استفهام بالجملة حول مآلات العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وكيف يتلقّف الأول مواقف الثاني، التي يرى البعض أنّه بات "يزايد فيها" على خصوم الحزب التاريخيين!
"حزب الله" لا يعلّق
ليس سرًّا أنّ "حزب الله" ليس في وارد الردّ على ما أدلى به باسيل في الإفطار الرمضاني، وهو الذي يلتزم بعدم الخوض في سجالات مع "التيار الوطني الحر" منذ الافتراق الذي حصل بينهما على خلفية تبنّي الحزب لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، ولو أنّ هناك من يعتقد أن باسيل ذهب بعيدًا في المواجهة، التي كان ينبغي أن تبقى "مضبوطة"، لا أن تتحوّل إلى شكل "انتقام"، حتى على مستوى الملفات والثوابت الاستراتيجية.
ومع أنّ هناك من يعتبر أنّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان تولى الرد "نيابة عن حزب الله"، حين قال إنّ "الطمع برئاسة الجمهورية لا يكون على حساب المصالح الوطنية ولا بغرس الخنجر بالظهر"، وإنّ "منبر الإفطار يجب أن يكون ممزوجاً بعطر المقاومة وتضحياتها"، يشدّد العارفون على أنّ الحزب ليس معنيًّا بهذا الكلام، وأنّ أمينه العام السيد حسن نصر الله أوصل ما يريد من رسائل في خطابه الأخير، بغضّ النظر عن كيفية تلقفها.
ويؤكد العارفون أنّ رسائل السيد نصر الله طالت باسيل في المقام الأول، ولو لم يسمّه، فهو حين تعمّد التوجّه إلى "الخصوم والأصدقاء"، فهو شمل رئيس "التيار" ضمن القائمة، تحت خانة "الأصدقاء"، وله كانت الدعوة إلى "إعادة الحسابات"، انطلاقًا من قناعة "حزب الله" بأنّ الانتصار آتٍ لا محالة في نهاية المطاف، ولكن أيضًا من قناعته بأنّ "التيار" الذي كان معه في حرب تموز، يجب أن يكون إلى جانبه في لحظة هذا الانتصار أيضًا، رغم كلّ شيء.
ما "قصده" باسيل
لكن خلافًا للغة "الدبلوماسية" التي يعتمدها العارفون بأدبيّات "حزب الله" في سياق التعليق على كلام باسيل الأخير، ثمّة في صفوف "البيئة الحاضنة" للمقاومة، من يرى أنّه ذهب بعيدًا في المواجهة، إلى حدّ "الانقلاب" على كلّ الثوابت، بل "تجاوز" الخطوط الحمر، بل بين هؤلاء من يقول إنّ باسيل بات في مكانٍ ما "يزايد" على رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، ورئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، وغيرهما في الهجوم على الحزب، لأهداف "شعبوية" ربما.
إلا أنّ للمحسوبين على "التيار" قراءة مغايرة لخطاب باسيل، الذي يفصلونه عن أيّ "مزايدات مسيحية" يستغربون الحديث عنها، في حين أنّ ما قاله رئيس "التيار" في خطابه الأخير، لا يخرج عن الثوابت التي يكرّرها منذ الثامن من تشرين الأول، والتي تندرج بمجملها في خانة "الحرص على المقاومة وحمايتها"، وفق تعبير هؤلاء، ممّن يؤكدون أنّ باسيل لا يفوّت فرصة إلا ويؤكد وقوفه مع هذه المقاومة، ولكنه يرفض "هذه الحرب بالتحديد".
يؤكد هؤلاء أنّ ما قصده باسيل عمليًا من الحديث عن الانتصار، هو أن الانتصار هنا لا أساس له، طالما أنّ الحرب ليست في المقام الأول لصالح لبنان، ولكن حتى لو تمّ تجاوز هذه النقطة الإشكالية، فإنّ الانتصار يفرغ من مضمونه، طالما أنّ لا مقوّمات تسمح باستثماره، في ظلّ الواقع الكارثي الذي تشهده البلاد، وفي ضوء الإصرار المُستغرَب على ربط كل الاستحقاقات بالحرب في غزة، وكأنّ هناك من ينتظر تسوية ما، يعتقد أنّ بإمكانه توظيفها في الداخل.
لعلّ هذه النقطة بالتحديد هي "بيت قصيد" هجوم باسيل المتكرّر على "حزب الله"، فالقاصي والداني يدرك أنّ خلافه مع الحزب ليس بسبب الموقف من جبهة الجنوب، بل بسبب خيارات الحزب الرئاسية، ودعم ترشيح فرنجية خلافًا لرغبته.وكان لافتا في هذا السياق كلام باسيل امس الثلاثاء وجاء فيه : «لا يحاولنّ أحد أن يصطاد في التباين بيننا وبين «حزب الله» في ما يخصّ الربط بين الجبهات».
علمًا أنّ هناك من يعتقد أنّ كلّ هذه السجالات ستنتهي عمليًا، بمجرّد الذهاب إلى "خيار ثالث" يتّفق عليه باسيل والحزب، إذا ما تخلّى الأخير عن رئيس تيار "المردة".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله نصر الله هناک من
إقرأ أيضاً:
ما حقيقة موقف حزب الله من مفاوضات وقف إطلاق النار؟!
منذ بدأ الحديث عن مفاوضات "جدية" لوقف إطلاق النار في لبنان، برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكستين، ثمّة سؤال أساسي يُطرَح عن الموقف الفعلي والحقيقي لـ"حزب الله" من الاتفاق، حتى لو صحّ أنّ الحزب سبق أن "فوّض" رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو "الأخ الأكبر" بإدارة التفاوض، معلنًا القبول بما يقبل به الأخير، استكمالاً للنهج الذي كان قد أرساه الأمين العام السابق للحزب السيد الشهيد حسن نصر الله.ولعلّ الشكوك المثارة حول موقف الحزب، تجد ما تنطلق منه من التسريبات التي صوّرت الاتفاق على أنه يشكّل "تراجعًا" للحزب على أكثر من مستوى، ولا سيما بتخلّيه عن الكثير من الثوابت التي كان نصرالله قد أرساها، وكرّرها الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، بدءًا من "الربط المطلق" بين جبهتي غزة ولبنان، وصولاً إلى رفض النقاش بأيّ تفصيل قبل وقف إطلاق النار، خلافًا لمبدأ "التفاوض بالنار" الذي كرّسته إسرائيل في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من أنّ الشيخ قاسم في كلمته التي جاءت متزامنة مع جولة المفاوضات، رفض الدخول في التفاصيل، إلا أنّه كان لافتًا حرصه على "توضيح" هاتين النقطتين بالتحديد، قبل تحديد "سقف" التفاوض بثابتتين هما وقف الحرب بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية، فهل هذا يعني أنّ "حزب الله" يوافق على التسوية المطروحة، وبالتالي أنّ موقفه إيجابي منها، وأنّه جاهز لوقف إطلاق النار، متى أعلنت إسرائيل سيرها به؟!
موقف الحزب من وقف النار
بعيدًا عن "الجدل" المثار حول موقف "حزب الله" من التسوية، يؤكد العارفون بأدبيّات الحزب أنّ الأخير أبدى "كامل الانفتاح" على مفاوضات وقف إطلاق النار منذ ما قبل اغتيال أمينه العام السابق السيد حسن نصر الله، بدليل الواقعة التي أصبحت معروفة لدى الجميع بأنّ الأخير كان قد أبلغ المفاوضين موافقته على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، قبل أن يتبيّن أنّ إسرائيل حينها كانت تخدع العالم بأسره، لتقترف جريمتها باغتيال السيد نصر الله.
وحتى بعد اغتيال السيد نصر الله، وانتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًا للحزب خلفًا له، حرص الحزب أكثر من مرّة على تأكيد انفتاحه على مفاوضات وقف إطلاق النار، وهو ما أكّده الشيخ قاسم في أكثر من مناسبة، حين كان يحرص على التأكيد أنّ الحزب منفتح على أيّ اتفاق إذا كان يلبّي تطلعاته، ولكنه لن "يستجدي" مثل هذا الاتفاق، تحت أيّ ظرف من الظروف، وهو ما ثبّته بتأكيد جاهزيته لكل السيناريوهات، بما في ذلك "حرب استنزاف طويلة".
وإذا كان صحيحًا أنّ الاتفاق قد يناقض في مكانٍ ما، الثوابت التي كان الحزب يكرّرها، وأهمّها أنّ وقف إطلاق النار لن يحصل قبل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، بل أنّ أيّ نقاش بهذا المعنى مؤجّل لما بعد انتهاء الحرب، فإنّ العارفين بأدبيّات الحزب يشدّدون على أنّ هذه الثابتة كانت قائمة في "زمن" جبهة الإسناد، إلا أنّ الحزب سبق أن أعلن أنّ "حرب الإسناد" تحوّلت إلى "التصدّي للعدوان"، ما يعني أنّ العناوين والظروف اختلفت أيضًا.
ما يرفضه "حزب الله"..
بهذا المعنى، لا يعتبر "حزب الله" التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ، "تراجعًا أو هزيمة"، فما كان يسري في السابق على "جبهة الإسناد" لم يعد ساريًا اليوم، بما في ذلك حتى الحديث عن "التفاوض بالنار" الذي كان الحزب يرفضه سابقًا، لكنه اليوم يمضي به، ولكن بالاتجاهَين، كما أوضح الشيخ قاسم في كلمته الأخيرة، حين قال إنّ الحزب يفاوض اليوم بشأن التسوية، "وإسرائيل تحت النار"، بمعنى أنّ عملياته مستمرّة، ولم تتأثّر بالمفاوضات القائمة.
لا يعني ما تقدّم أنّ "حزب الله" يقبل بأيّ اتفاق وبأيّ تسوية، فسقف الاتفاق واضح، وقد اختصره الشيخ قاسم أيضًا ببندين أساسيّين هما حفظ السيادة اللبنانية ووقف الحرب بشكل كامل، وهما يحملان الكثير من الدلالات، إذ يتضمّنان "البوصلة" التي يسير الحزب بموجبها، وفي صلبها رفض كلّ ما يُثار من اجتهادات حول احتفاظ إسرائيل بـ"حرية الحركة" في الداخل اللبناني بعد الاتفاق، أو ربما "استنساخ" النموذج الجاري في سوريا بشكل أو بآخر لبنانيًا.
تحت هذا السقف فقط، يصبح الاتفاق مقبولاً، بحسب ما يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله"، الذين يؤكدون وجود تناغم كامل بهذا المعنى بينه وبين المفاوض اللبناني الرسمي، ممثلاً برئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، علمًا أنّ الأساس يبقى في الموقف الإسرائيلي برأي هؤلاء، فالأخير هو الذي اعتاد التنصّل من الاتفاقات، أو حتى الانقلاب عليها، وما جرى في مفاوضات من غزة، مرارًا وتكرارًا، خير دليل على ذلك.
الكرة في ملعب إسرائيل، لا "حزب الله"، يقول العارفون ردًا على محاولات "التشكيك" بموقف الأخير من المفاوضات. على العكس، يقول هؤلاء إن الخطاب الأخير للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، يمكن أن يُفهَم بوصفه "تهيئة للجمهور" لمثل هذا الاتفاق، خصوصًا بحديثه عن "مفهوم الانتصار"، المرتبط بالأهداف المُعلَنة من الحرب، منعًا لأيّ تأويلات أو استفسارات أو استنتاجات قد تأخذ منحى آخر ومختلفًا... المصدر: خاص لبنان 24