رغم تباطؤ القتال.. الأمن والسلام حلم بعيد المنال بالنسبة لسكان غزة
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
في أوائل شهر مارس، بدأ شهر رمضان وسط آمال متبددة في أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة. وأمس الثلاثاء، آخر أيام الصيام، تباطأت وتيرة الحرب، لكن احتمالات عودة الأمن والسلام للقطاع المحاصر لا تزال بعيدة المنال، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
ولا تزال محادثات وقف إطلاق النار متعثرة، وقد استبعدت حماس احتمال التوصل إلى اتفاق، بينما كرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تعهده بالهجوم على رفح، الجزء الأخير من قطاع غزة الذي لم يدخله جيشه بعد، والذي يأوي نحو 1.
وقال الثلاثاء: "سنكمل القضاء على كتائب حماس، بما في ذلك في رفح.. لن تتمكن أي قوة في العالم من إيقافنا".
انحسار القتال وحلول العيدوطوال أسابيع ظل الحلفاء والمجتمع الدولي يحذرون إسرائيل من أن التحرك داخل رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية. لكن تصريحات نتانياهو أمام المجندين العسكريين، الثلاثاء - بعد يوم من إعلانه أن "هناك موعدا" لغزو رفح المخطط له، أوضحت أنها لم تثنه للتراجع عن خططه.
وقالت حماس المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى، في بيان عبر تطبيق الرسائل "يليغرام" في وقت مبكر الثلاثاء، إنها تراجع أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار، على الرغم من عدم تلبية مطالبها في المفاوضات التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة.
وانحسر القتال النشط في الجيب الذي تبلغ مساحته 140 ميلا مربعا إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر. وسحبت إسرائيل قواتها من جنوب غزة خلال عطلة، نهاية الأسبوع، وسمحت لبعض السكان بالعودة لتفقد منازلهم في مدينة خان يونس الجنوبية، ليجدوا أن معظمها قد تم تدميره.
وقال محللون إن سحب القوات يشير إلى مرحلة جديدة من الحرب وليس إلى احتمال وقف دائم لإطلاق النار. وقال القادة الإسرائيليون إن الانسحاب جاء نتيجة لإنجازات جيشهم في ساحة المعركة.
وذكرت الصحيفة، أن العيد الذي يحل الأربعاء، كان يمر في الظروف العادية، وسط أجواء احتفالية يطبعها تبادل الزيارات العائلية والهدايا وتقديم الحلويات.
لكن هذا العام، يستقبل سكان غزة العيد في ظل الجوع المنتشر والنقص الشديد في الضروريات الأساسية، علاوة على الدمار والموت الذي طال جميع أنحاء القطاع خلال ستة أشهر من الحرب.
وخلال شهر رمضان، قُتل نحو 2000 شخص في القتال، لترتفع الحصيلة إلى أكثر من 33 ألف شخص فقدوا أرواحهم منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، بحسب وزارة الصحة في غزة.
توسيع إدخال الغذاء والدواءويواجه القطاع المدمر خطر تفشي المجاعة والمرض بعد أن أصبح جميع سكانه تقريبا مشردين الآن، بعد ستة أشهر من الحملة الجوية والبرية الإسرائيلية.
وفي وقت سابق الثلاثاء، اتهم المتحدّث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس ليركه، إسرائيل بأنها تعطّل على نحو أكبر توزيع المواد الغذائية داخل قطاع غزة حيث تلوح مجاعة في الأفق، مقارنة بالمساعدات الإنسانية الأخرى.
وتشكو وكالات إغاثة من أن إسرائيل لا تضمن وصول ما يكفي من الغذاء والدواء والإمدادات الإنسانية اللازمة الأخرى. واتهم جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إسرائيل باستخدام المجاعة سلاحا في الحرب.
وأفادت الأونروا في تقريرها اليومي عن الوضع، الثلاثاء، بأنه "لم يطرأ أي تغير كبير على كمية الإمدادات الإنسانية التي تدخل غزة أو تحسن في إمكانية الوصول إلى الشمال".
لكن في المقابل، قالت الوكالة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق عمليات توصيل المساعدات إلى غزة، إن 419 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية دخلت القطاع، الاثنين، وهو أكبر عدد منذ اندلاع الصراع.
وقبل الحرب، كان يدخل يوميا ما معدله 500 شاحنة تجارية وشاحنات مساعدات، وهو المستوى الذي تقول وكالات الإغاثة إنه مطلوب.
والحرب التي دخلت شهرها السابع اندلعت في السابع من أكتوبر مع شن حركة حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
كذلك، خُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 129 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وشنت إسرائيل حملة عسكرية مكثفة ومدمرة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل 33360 شخصا غالبيتهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
تصاعد الضغوطوتزايدت الضغوط الدولية على إسرائيل، الأسبوع الماضي، بما في ذلك من جانب الولايات المتحدة أقرب حلفائها، بعد أن استهدفت قافلة مساعدات مما أسفر عن مقتل موظفي إغاثة دوليين.
والاثنين، حث زعماء مصر والأردن وفرنسا على وقف فوري لإطلاق النار في غزة في مقال مشترك نشرته صحيفة واشنطن بوست وغيرها من الصحف، مشيرين إلى "المعاناة الإنسانية الكارثية" و"الخسائر البشرية التي لا تطاق" التي تكبدها القطاع.
ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معا إلى حل الدولتين للفلسطينيين، قائلين إنه السبيل الوحيد الموثوق للسلام، وحذروا إسرائيل من الهجوم على رفح.
وكتبوا في المقال أن "مثل هذا الهجوم لن يؤدي إلا إلى المزيد من الموت والمعاناة، ويزيد من مخاطر وعواقب النزوح الجماعي لسكان غزة ويهدد بالتصعيد الإقليمي".
من جهته، الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة بُثت، الثلاثاء، أن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في غزة "خاطئة"، وحض إسرائيل على الدعوة إلى وقف لإطلاق النار.
وتعليقات بايدن هذه تعد من أقوى انتقاداته لنتانياهو حتى الآن، وسط تزايد التوتر حيال حصيلة القتلى المرتفعة بين المدنيين بسبب الحرب الإسرائيلية على حماس والظروف الصعبة داخل غزة.
وقال بايدن لشبكة "يونيفيجين" الأميركية الناطقة بالإسبانية عندما سئل عن طريقة تعامل نتانياهو مع الحرب "أعتقد أن ما يفعله هو خطأ. أنا لا أتفق مع مقاربته".
وكرر بايدن خلال المقابلة بأن مقتل سبعة عمال إغاثة الأسبوع الماضي بغارة إسرائيلية في غزة يعملون لصالح مؤسسة خيرية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا الأسبوع الماضي كان "فظيعا".
وأضاف "لذلك ما أدعو إليه أنا هو أن يدعو الإسرائيليون فقط إلى وقف لإطلاق النار، والسماح خلال الأسابيع الستة أو الثمانية المقبلة بالوصول الكامل لجميع المواد الغذائية والأدوية التي تدخل البلاد".
وتمثل تصريحات بايدن بشأن وقف إطلاق النار تحولا عن تصريحاته السابقة التي قال فيها إن العبء يقع على عاتق حماس للموافقة على هدنة واتفاق لإطلاق سراح الرهائن.
والثلاثاء اجتمع أفراد من عائلات بعض الرهائن الأميركيين الذين تحتجزهم حماس مع نائبة الرئيس كامالا هاريس في البيت الأبيض، وسط استمرار المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين حماس واسرائيل.
وقالت راشيل غولدبرغ والدة هيرش غولدبرغ بولين المحتجز في غزة للصحافيين "نحتاج إلى نتائج. نريد أن يعود أقاربنا إلى بيوتهم".
أما جوناثان ديكيل تشين والد الرهينة الأميركي، ساغوي ديكيل تشين، فقد حض حماس على ابرام اتفاق.
وقال "الكرة في ملعبهم. لا يوجد سبب لعدم المضي قدما في هذه الصفقة".
لكنه حذر من شن هجوم على رفح قبل الإفراج عن الرهائن، مضيفا أن تصرفات إسرائيل "لا ينبغي أن تؤدي إلى التضحية بالرهائن مرة ثانية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: لإطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
تقرير لـForeign Affairs يتحدث عن الخيار الأقل سوءاً بالنسبة للبنان.. ما هو؟
ذكرت مجلة "Foreign Affairs" الأميركية "أن الشرق الأوسط هو المكان الذي تموت فيه المبادرات السياسية الخارجية الذكية. وعلى الرغم السجل الكئيب في هذا المجال، فإن هناك أزمات لا تزال تتطلب استجابة سياسية من جانب الولايات المتحدة. فالصراع المتصاعد في لبنان، الذي يضع حزب الله في مواجهة إسرائيل، هو أحد هذه الأزمات. وكما هي الحال عادة، فإن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على صياغة استجابة من شأنها أن تمنع المزيد من التصعيد والمعاناة في لبنان. وفي الآونة الأخيرة، حاولت الحكومة الفرنسية التوسط لوقف إطلاق النار، لكن الرئيس إيمانويل ماكرون بدا وكأنه يميل نحو حزب الله باتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ "زرع الهمجية"، الأمر الذي قوض على الفور نفوذ ماكرون المحدود بالفعل على أحد جانبي الخط الأزرق. وفي الوقت نفسه، لم يبذل شركاء الأمن الإقليميون للولايات المتحدة، وخاصة المملكة العربية السعودية، سوى القليل من الجهد للتدخل في الأزمة الحالية في لبنان. ومرة أخرى، وقع على عاتق واشنطن مهمة التوصل إلى خطة".
وبحسب المجلة، "لكن هناك جوانب سلبية لتدخل واشنطن. فقد يجر ذلك الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع حزب الله أو داعميه الإيرانيين، وهو ثمن باهظ مقابل مكاسب محتملة من غير المرجح أن تخدم المصالح الاستراتيجية الأميركية الأوسع نطاقا، والتي تشمل أغلبها أماكن بعيدة عن الشرق الأوسط. ومع ذلك فإن عدم التدخل ليس خيارا واقعيا، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل من تلقاء نفسه أمر غير محتمل، وهو الجمود الذي من شأنه أن يزيد من خطر المزيد من التصعيد. وعلى هذا فإن الولايات المتحدة تحاول اليوم تأمين وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل على الأقل. وتعتقد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن حزب الله مستعد الآن للمضي قدمًا في وقف إطلاق النار في
أعقاب هجوم إسرائيلي مكثف على البنية التحتية للحزب وقيادته، بما في ذلك اغتيال أمينه العام حسن نصر الله والعديد من كبار قادته".
وتابعت المجلة، "في محاولة لحل اللغز في لبنان، قد تتبنى الإدارة الأميركية أحد الأساليب الثلاثة، وكلها غير كاملة. ويتلخص الأسلوب الأول في دفع القيادة السياسية اللبنانية إلى مطالبة الأمم المتحدة بتنفيذ القرار 1701 بالكامل من خلال مساعدة الجيش على الانتشار جنوباً، وزيادة حجم قوات اليونيفيل، وإجبار حزب الله والجيش الإسرائيلي على الانسحاب من الجنوب، ومنع إعادة إمداد حزب الله من قِبَل إيران. ويتلخص الأسلوب الثاني في الدفع نحو إصدار نسخة موسعة من القرار تلزم حزب الله، من بين أمور أخرى، بالانسحاب إلى مسافة أبعد مما ينص عليه القرار 1701، وإلزام الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية بالبدء في محادثات السلام. ولكن من غير المرجح أن ينجح أي من هذين النهجين. والواقع أن الفرصة الأفضل تتمثل في خطة أقل طموحاً: اتفاق مؤقت يتم التوصل إليه مباشرة بين إسرائيل وحزب الله، ويفرض على الطرفين إنهاء الأعمال العدائية، ولكنه يتطلب من حزب الله التراجع مسافة أكثر تواضعاً".
وأضافت المجلة، "إن الولايات المتحدة تقودها إدارة ضعيفة؛ وقد تسفر الانتخابات المقبلة عن تغيير شامل في الحكومة قد يفضي إلى تبني نهج أميركي مختلف في التعامل مع الأزمة.
والواقع أن القول بأن الظروف المؤاتية للتدخل الدبلوماسي الناجح في لبنان قاتمة لا يعدو كونه تقليلاً من شأن الوضع. إن إحدى العقبات الرئيسية التي واجهتها الولايات المتحدة طوال هذا الصراع هي أن أقرب حليف إقليمي لها، إسرائيل، رفضت مرارًا وتكرارًا طلباتها بالحد من الخسائر المدنية، وتسهيل المساعدات الإنسانية، والدفع نحو صفقة الرهائن. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين في إدارة بايدن، رحبوا بهدوء بتدمير سلسلة قيادة حزب الله وإصابة الآلاف من مقاتليه عندما فجرت إسرائيل متفجرات زرعتها سراً في أجهزة الاتصال والراديو التابعة للحزب، لكن الولايات المتحدة تحاول الآن الحد من الأضرار والتركيز على وقف إطلاق النار الذي يمكن أن يمنع نوع التصعيد الذي من شأنه أن يزيد من مخاطر التدخل الإيراني المباشر. ويتمثل هدف حزب الله في الحفاظ على قدرته العسكرية وقدرته على الهيمنة على النظام السياسي في لبنان من خلال التهديد بالقوة".
وبحسب المجلة، "إن الجهود الدبلوماسية الأميركية تشكل أهمية بالغة لوقف العنف المتصاعد في لبنان والحد من خطر الصراع المسلح بين الولايات المتحدة وإيران. وللحصول على ما تريده المنطقة يتعين على واشنطن أن تفكر على نطاق أضيق، فتصوغ اتفاقا يعوض عن افتقارها إلى الطموح بعناصر مصممة لتهدئة المخاوف الأكثر إلحاحا لدى كل جانب. وإسرائيل هي صاحبة اليد العليا الآن، وسوف ترغب في الضغط على ميزتها في السعي إلى "النصر الكامل". إن حزب الله ضعيف، ولكن لتجنب ظهوره بمظهر الهزيمة، فإنه سوف يصمد حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار يؤدي إلى انسحاب إسرائيل من لبنان ووقف الغارات الجوية. وحتى في حالة التوصل إلى اتفاق مؤقت، فإن هذه ليست الشروط الأكثر إيجابية. ففي 21 أيلول، توسطت فرنسا والولايات المتحدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ولكن إسرائيل تراجعت على الفور تقريباً عن موافقتها الأولية. وبعد أيام قليلة، أدت غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت إلى اغتيال نصر الله. حينها، أصبح من المستحيل تجديد الجهود. والآن حان الوقت لمحاولة أخرى".
المصدر: خاص "لبنان 24"