في أوائل شهر مارس، بدأ شهر رمضان وسط آمال متبددة في أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة. وأمس الثلاثاء، آخر أيام الصيام، تباطأت وتيرة الحرب، لكن احتمالات عودة الأمن والسلام للقطاع المحاصر لا تزال بعيدة المنال، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

ولا تزال محادثات وقف إطلاق النار متعثرة، وقد استبعدت حماس احتمال التوصل إلى اتفاق، بينما كرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تعهده بالهجوم على رفح، الجزء الأخير من قطاع غزة الذي لم يدخله جيشه بعد، والذي يأوي نحو 1.

5 مليون شخص.

وقال الثلاثاء: "سنكمل القضاء على كتائب حماس، بما في ذلك في رفح.. لن تتمكن أي قوة في العالم من إيقافنا".

انحسار القتال وحلول العيد

وطوال أسابيع ظل الحلفاء والمجتمع الدولي يحذرون إسرائيل من أن التحرك داخل رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية. لكن تصريحات نتانياهو أمام المجندين العسكريين، الثلاثاء - بعد يوم من إعلانه أن "هناك موعدا" لغزو رفح المخطط له، أوضحت أنها لم تثنه للتراجع عن خططه.

وقالت حماس المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى، في بيان عبر تطبيق الرسائل "يليغرام" في وقت مبكر الثلاثاء، إنها تراجع أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار، على الرغم من عدم تلبية مطالبها في المفاوضات التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة.

وانحسر القتال النشط في الجيب الذي تبلغ مساحته 140 ميلا مربعا إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر. وسحبت إسرائيل قواتها من جنوب غزة خلال عطلة، نهاية الأسبوع، وسمحت لبعض السكان بالعودة لتفقد منازلهم في مدينة خان يونس الجنوبية، ليجدوا أن معظمها قد تم تدميره.

وقال محللون إن سحب القوات يشير إلى مرحلة جديدة من الحرب وليس إلى احتمال وقف دائم لإطلاق النار. وقال القادة الإسرائيليون إن الانسحاب جاء نتيجة لإنجازات جيشهم في ساحة المعركة.

وذكرت الصحيفة، أن العيد الذي يحل الأربعاء، كان يمر في الظروف العادية، وسط أجواء احتفالية يطبعها تبادل الزيارات العائلية والهدايا وتقديم الحلويات.

لكن هذا العام، يستقبل سكان غزة العيد في ظل الجوع المنتشر والنقص الشديد في الضروريات الأساسية، علاوة على الدمار والموت الذي طال جميع أنحاء القطاع خلال ستة أشهر من الحرب. 

وخلال شهر رمضان، قُتل نحو 2000 شخص في القتال، لترتفع الحصيلة إلى أكثر من 33 ألف شخص فقدوا أرواحهم منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، بحسب وزارة الصحة في غزة.

توسيع إدخال الغذاء والدواء

ويواجه القطاع المدمر خطر تفشي المجاعة والمرض بعد أن أصبح جميع سكانه تقريبا مشردين الآن، بعد ستة أشهر من الحملة الجوية والبرية الإسرائيلية.

وفي وقت سابق الثلاثاء، اتهم المتحدّث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس ليركه، إسرائيل بأنها تعطّل على نحو أكبر توزيع المواد الغذائية داخل قطاع غزة حيث تلوح مجاعة في الأفق، مقارنة بالمساعدات الإنسانية الأخرى.

وتشكو وكالات إغاثة من أن إسرائيل لا تضمن وصول ما يكفي من الغذاء والدواء والإمدادات الإنسانية اللازمة الأخرى. واتهم جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إسرائيل باستخدام المجاعة سلاحا في الحرب.

وأفادت الأونروا في تقريرها اليومي عن الوضع، الثلاثاء، بأنه "لم يطرأ أي تغير كبير على كمية الإمدادات الإنسانية التي تدخل غزة أو تحسن في إمكانية الوصول إلى الشمال".

لكن في المقابل، قالت الوكالة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق عمليات توصيل المساعدات إلى غزة، إن 419 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية دخلت القطاع، الاثنين، وهو أكبر عدد منذ اندلاع الصراع.

وقبل الحرب، كان يدخل يوميا ما معدله 500 شاحنة تجارية وشاحنات مساعدات، وهو المستوى الذي تقول وكالات الإغاثة إنه مطلوب.

والحرب التي دخلت شهرها السابع اندلعت في السابع من أكتوبر مع شن حركة حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

كذلك، خُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 129 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.

وشنت إسرائيل حملة عسكرية مكثفة ومدمرة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل 33360 شخصا غالبيتهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

تصاعد الضغوط

وتزايدت الضغوط الدولية على إسرائيل، الأسبوع الماضي، بما في ذلك من جانب الولايات المتحدة أقرب حلفائها، بعد أن استهدفت قافلة مساعدات مما أسفر عن مقتل موظفي إغاثة دوليين.

والاثنين، حث زعماء مصر والأردن وفرنسا على وقف فوري لإطلاق النار في غزة في مقال مشترك نشرته صحيفة واشنطن بوست وغيرها من الصحف، مشيرين إلى "المعاناة الإنسانية الكارثية" و"الخسائر البشرية التي لا تطاق" التي تكبدها القطاع.

ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معا إلى حل الدولتين للفلسطينيين، قائلين إنه السبيل الوحيد الموثوق للسلام، وحذروا إسرائيل من الهجوم على رفح.

وكتبوا في المقال أن "مثل هذا الهجوم لن يؤدي إلا إلى المزيد من الموت والمعاناة، ويزيد من مخاطر وعواقب النزوح الجماعي لسكان غزة ويهدد بالتصعيد الإقليمي".

من جهته، الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة بُثت، الثلاثاء، أن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في غزة "خاطئة"، وحض إسرائيل على الدعوة إلى وقف لإطلاق النار. 

وتعليقات بايدن هذه تعد من أقوى انتقاداته لنتانياهو حتى الآن، وسط تزايد التوتر حيال حصيلة القتلى المرتفعة بين المدنيين بسبب الحرب الإسرائيلية على حماس والظروف الصعبة داخل غزة.

وقال بايدن لشبكة "يونيفيجين" الأميركية الناطقة بالإسبانية عندما سئل عن طريقة تعامل نتانياهو مع الحرب "أعتقد أن ما يفعله هو خطأ. أنا لا أتفق مع مقاربته".

وكرر بايدن خلال المقابلة بأن مقتل سبعة عمال إغاثة الأسبوع الماضي بغارة إسرائيلية في غزة يعملون لصالح مؤسسة خيرية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا الأسبوع الماضي كان "فظيعا".

وأضاف "لذلك ما أدعو إليه أنا هو أن يدعو الإسرائيليون فقط إلى وقف لإطلاق النار، والسماح خلال الأسابيع الستة أو الثمانية المقبلة بالوصول الكامل لجميع المواد الغذائية والأدوية التي تدخل البلاد".

وتمثل تصريحات بايدن بشأن وقف إطلاق النار تحولا عن تصريحاته السابقة التي قال فيها إن العبء يقع على عاتق حماس للموافقة على هدنة واتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

والثلاثاء اجتمع أفراد من عائلات بعض الرهائن الأميركيين الذين تحتجزهم حماس مع نائبة الرئيس كامالا هاريس في البيت الأبيض، وسط استمرار المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين حماس واسرائيل.

وقالت راشيل غولدبرغ والدة هيرش غولدبرغ بولين المحتجز في غزة للصحافيين "نحتاج إلى نتائج. نريد أن يعود أقاربنا إلى بيوتهم".

أما جوناثان ديكيل تشين والد الرهينة الأميركي، ساغوي ديكيل تشين، فقد حض حماس على ابرام اتفاق.

وقال "الكرة في ملعبهم. لا يوجد سبب لعدم المضي قدما في هذه الصفقة".

لكنه حذر من شن هجوم على رفح قبل الإفراج عن الرهائن، مضيفا أن تصرفات إسرائيل "لا ينبغي أن تؤدي إلى التضحية بالرهائن مرة ثانية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: لإطلاق النار فی غزة

إقرأ أيضاً:

عربية وعبرية وإسرائيلية.. رسالة فلسطينية إلى إسرائيل بـ«ثلاث لغات» (صور)

وجهت حركة “حماس” رسالة بثلاث لغات “عربية وعبرية وإنكليزية”، بعنوان “النازية الصهيونية في أرقام”، على لافتات أثناء عملية تسليم جثامين 4 أسرى إسرائيليين إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في منطقة بني سهيلا بمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة.

وخلال عملية تبادل الأسرى، جاء في الرسالة، التي صيغت بثلاث لغات هي العربية والعبرية والإنكليزية، أن “عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة تخطى الـ61 ألف قتيل، وأن نحو 14 ألفا منهم مازالوا تحت الأنقاض”.

ووفق الرسالة، “في الأرقام المذكورة على الملصق الكبير الذي وضع على منصة تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين الأربعة الذين تم تسليمهم إلى الصليب الأحمر اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي ارتكب 9268 مجزرة، أدت إلى إصابة أكثر من 111000 شخص”.

وأضافت الرسالة “أن 17881 طفلا “قتلهم جيش الاحتلال، بينهم 214 رضيعا ولدوا وماتوا خلال الحرب، وأن 12316 امرأة قتلت خلال الحرب و38000 طفل فلسطيني فقدوا أحد والديهم، بينهم 17 ألفا فقدوا كلا الوالدين”.

وباللغات العربية والعبرية والإنجليزية كتُب على منصة التسليم: “عودة الحرب (تعني) عودة الأسرى في توابيت”، كما كتُب على لافتة في موقع التسليم: “قتلهم مجرم الحرب نتنياهو وجيشه النازي بصواريخ الطائرات الحربية الصهوينية”، في إشارة إلى مصير الأسرى الإسرائيليين الذين أُسروا أحياء، ووضعت هذه العبارة مع صورة ضخمة لنتنياهو على هيئة “دراكولا”، مع صورة أخرى للأسرى الإسرائيليين الأربعة وقد امتص نتنياهو دماءهم”.

وأكدت حركة “حماس”، أن “التبادل هو الطريق الوحيد لإعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء إلى ذويهم”، مشيرة إلى أن أي محاولة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية أو العودة إلى الحرب لن تسفر إلا عن مزيد من الخسائر في صفوفهم”.

وقالت الحركة إن “كتائب القسام وفصائل المقاومة حرصت خلال مراسم تسليم جثامين الأسرى على مراعاة حرمة الموتى، بينما لم يراعِ الاحتلال حياتهم وهم أحياء”.

وأكدت “أنها حافظت على حياة الأسرى الإسرائيليين وقدمت لهم ما تستطيع، وتعاملت معهم بإنسانية، لكن الجيش الإسرائيلي قتلهم مع آسريهم، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي “قتل أسراه بقصف أماكن احتجازهم، وحكومة الاحتلال النازية تتحمّل المسؤولية الكاملة بعد أن عرقلت اتفاق التبادل مرارا”.

وأضاف البيان “يتباكى المجرم نتنياهو اليوم على جثامين أسراه الذين عادوا إليه في توابيت، في محاولة مكشوفة للتنصّل أمام جمهوره من تحمّل مسؤولية قتلهم”.

وقالت “بذلت كتائب القسام والمقاومة كل ما في وسعها لحماية الأسرى والحفاظ على حياتهم، إلا أن القصف الهمجي والمتواصل للاحتلال حال دون تمكّنها من إنقاذ جميع الأسرى”.

 ووجهت “حماس” رسالة إلى ذوي الأسرى الإسرائيليين القتلى، وخصت بالاسم عائلتا “بيباس وليفشتس”، وقالت “كنّا نفضّل أن يعود أبناؤكم إليكم أحياءً، لكن قادة جيشكم وحكومتكم اختاروا قتلهم بدلًا من استعادتهم، وقتلوا معهم: 17881 طفلاً فلسطينياً، في قصفهم الإجرامي لقطاع غزة، ونعلم أنكم تدركون من المسؤول الحقيقي عن رحيلهم، لقد كنتم ضحية لقيادة لا تكترث لأبنائها”.

وكانت حركتا “حماس والجهاد” سلمتا اليوم الخميس 4 جثامين لإسرى إسرائيليين إلى الصليب الأحمر الدولي الذي نقلهم إلى القوات الإسرائيلية، هذا وخلّفت الحرب على غزة، “أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، فضلا عن دمار هائل”.

حماس: “النازية الصهيونية في أرقام”

مقالات مشابهة

  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • باحث: إسرائيل تستغل التفجيرات لتعزيز خططها وتحقيق أهدافها بالضفة
  • شولتس: وقف إطلاق النار في أوكرانيا لا يزال بعيد المنال
  • انفجارات تهزّ تل أبيب.. إسرائيل تعلن: إحدى الجثث التي تم تسليمها «مجهولة الهوية» وتتوعد!
  • في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس!
  • الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث التي تسلمتها إسرائيل من حماس ليست للرهينة شيري بيباس
  • إسرائيل تؤكد هوية أحد الجثامين التي استلمتها من حماس
  • عربية وعبرية وإسرائيلية.. رسالة فلسطينية إلى إسرائيل بـ«ثلاث لغات» (صور)
  • إعلام العدو: التهديد الجديد-القديم “الحوثيون” قد يعودون لمهاجمة “إسرائيل”‎
  • لجنة الطوارئ المركزية في رفح: إسرائيل قتلت 20 فلسطينيا منذ وقف إطلاق النار