تثير عادة الكثيرين بالأعياد والمناسبات بزيارة قبور الأموات هو ما  التساؤلات عن حكم زيارة المقابر في العيد أول يوم  هل حرام ؟، خاصة وأن الشرع الحنيف قد جاء بأن في العيد يحين وقت الفرح والسرور، وهو ما لا يكتمل للأحياء دون معايدة أحبائهم من الأموات ، ومن هنا ينبغي الوقف عند عادة زيارة المقابر في العيد أول يوم وحكمها ، حيث يرى الأحياء أنهم من خلال  زيارة المقابر في العيد يشاركون أمواتهم أجواء العيد وفرحته، وكما يتزاور الأحياء فيما بينهم فإن البر يمتد لزيارة الموتى، وحيث إنه لا ينبغي للمسلم التخلي عن نفحات رمضان وفضله وألا يضيع صالح عمله ، لذا عليه تحري الحلال والحرام والاستمرار على الفضيلة والفضل في كل قول أو عمل ومن ثم تأتي أهمية معرفة حكم زيارة المقابر في العيد أول يوم هل حرام ؟.

أفضل دعاء للميت في العيد.. بـ12 كلمة تعايده الملائكة وتجعل عيده في الجنة أجمل ماذا يحدث بعد صلاة العيد؟.. الملائكة تبشر المصلين بـ3 أرزاق في الدنيا  زيارة المقابر في العيد أول يوم

قالت دار الإفتاء المصرية، إن زيارة القبور سُنَّةٌ عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لما فيها من عظة وعبرة للأحياء وبر ونفع للأموات.

أوضحت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال : ( هل يجوز زيارة المقابر في العيد ؟)، أنه في حكم زيارة المقابر في العيد في أول يوم ،  ، أنه ليس لزيارة الأموات وقت معين، والأمر في ذلك واسع، إلا أن الله سبحانه وتعالى جعل الأعياد للمسلمين بهجة وفرحة؛ فلا يُستَحبُّ تجديد الأحزان في مثل هذه الأيام، فإن لم يكن في ذلك تجديدٌ للأحزان فلا بَأْسَ بزيارة الأموات في الأعياد، كما كانوا يُزارُون في حياتهم في الأعياد.

واستشهدت بقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «أَلا إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاثٍ ثُمَّ بَدَا لِي فِيهِنَّ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهَا تُرِقُّ الْقَلْبَ وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ فَزُورُوهَا ولا تَقُولُوا هُجْرا... الحديث» (مسند أحمد)؛ منوهًة بأن زيارة القبور فيها انتفاع الميت بثواب القراءة والدعاء والصدقة، وأُنْسِه بالزائر.

وأضافت أن زيارة المقابر مندوب إليها في جميع الأوقات؛ لأن الأمر بها جاء مطلقًا، فشمل ذلك جميع الأوقات، وتزيد أفضلية زيارتها في الأيام المباركة التي يلتمس فيها مزيد العطاء من الله سبحانه وتعالى، ومنها أيام العيدين؛ لما في ذلك من استشعار معاني الصلة والبر، والدعاء بالرحمة والمغفرة لمن توفي من الأهل والأقارب، ولْيُراعَ عدم تعمد إثارة الأحزان، وعدم التلفظ بألفاظ الجاهلية والاعتراض المنهي عنهما.

حكم زيارة القبور في أول أيام العيد

ونبه الشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن زيارة المقابر أول يوم العيد هو خلاف الأولى، فالأولى أن الناس فى هذا اليوم تكون فى حالة فرح أما لو ذهبوا إلى القبور لا يكون "حرام".

وتابع "الورداني"، فى إجابته عن سؤال: «ما حكم الذهاب للقبور فى أول يوم العيد؟»: “الأولى أن الناس لا تذهب للمقابر فى هذا اليوم أنه يوم عيد الفرح والأيام كثيرة من الممكن أن نزور فيها الموتى فى أى يوم، ولكن إذا ذهبوا جزء من اليوم بأن يدخلوا السرور على المتوفى فلا بأس”.

وأشار إلى أن زيارة المتوفى فى أول يوم العيد ليست حراما، ولكنها ليست هي الأولى والأفضل تركها لأن هذا يوم عيد.

حكم زيارة القبور للمرأة الحائض 

وأفاد الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للمرأة الحائض زيارة المقابر، ولكن بشرط الالتزام بالآداب الشرعية.

وأضاف ممدوح فى إجابته عن سؤال: «هل يجوز للمرأة الحائض زيارة الفبور؟»، أنه إذا كانت المرأة مستترة محجبة و آمنة على نفسها ومالها وعرضها وملتزمة بالصبر والسكينة ولا تفعل أفعال الجاهلية يباح لها زيارة القبور والموتى، منوهًا بأن المقابر ليست بمسجد؛ لذا يجوز للمرأة الحائض أن تذهب لزيارة القبور، ولكن تمتنع من قراءة القرآن وهى حائض.

حكم زيارة المرأة الحائض للمقابر

وأفاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بأنه يجوز للمرأة زيارة القبور للعظة والدعاء للمتوفى، ولا فرق في ذلك بين الحائض وغيرها من النساء ولكن بثلاثة شروط، ففي حال أرادت المرأة زيارة القبور أثناء فترة حيضها، فيجوز لها ذلك للعموم قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ». [أخرجه مسلم].

ولفت إلى أنه يشترط مع هذا التزام الآداب الشرعية الواجبة على المرأة أثناء الخروج، وعدم مزاحمة الرجال، أو إحداث أمر منهي عنه كالنواح، أو الاعتراض على قدر الله تعالى، ونسأل المولى-عز وجل- أن يرحم موتانا وموتى المسلمين أجمعين.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: للمرأة الحائض زیارة القبور یجوز للمرأة حکم زیارة أن زیارة فی ذلک

إقرأ أيضاً:

هل التوسل بالنبي في الدعاء حرام شرعا؟.. الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن علماء الأمة من المذاهب الأربعة وغيرها أجمعوا على جواز واستحباب التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد انتقاله صلى الله عليه وآله وسلم، واتفقوا على أن ذلك مشروعٌ قطعًا ولا حرمة فيه، وهو ما ندين الله به؛ أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبٌّ وأحد صيغ الدعاء إلى الله عز وجل المندوب إليها، ولا عبرة بمن شذ عن إجماع العلماء.

وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن القول في التوسل بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأولياء الله الصالحين؛ فإن جمهور العلماء أكدوا على أنه مشروعٌ ولا حرمة فيه.

أدلة جواز التوسل بالنبي من القرآن

وذكرت دار الإفتاء عددا من الأدلة التي تبين جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن، وفي السطور التالية بيانها:

هل صيام 6 أيام من شوال ثوابه يعادل صوم العمر كله؟.. الإفتاء: بشرطهل تصح صلاة المرأة بجوار زوجها بسبب ضيق المكان؟.. الإفتاء توضحهل يتحقق ثواب الجماعة بأداء الرجل الصلوات المفروضة مع زوجته؟.. الإفتاء توضحهل نسيان النية في صيام الست من شوال يبطلها؟.. الإفتاء توضح الحكم

1- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 35]. وفي ذلك أمرٌ للمؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، والتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء من القربات التي ستثبت تفصيلًا في استعراض أدلة السُّنة، وليس هناك ما يُخَصِّصُ وسيلةً عن وسيلة، فالأمرُ عام بكل أنواع الوسائل التي يرضى الله بها، والدعاء عبادة، ويُقبل ما دام أنه لم يكن بقطيعة رحم أو إثم، أو احتوى على ألفاظ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.

2- قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: 57]. وفي هذه الآية يُثنِي الله عز وجل على هؤلاء المؤمنين الذين استجابوا لله، وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء.

3- قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]. وهذه الآية صريحة في طلب الله من المؤمنين الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستغفار الله عند ذاته صلى الله عليه وآله وسلم الشريفة، وأن ذلك أرجى في قبول استغفارهم، وهذه الآية باقية وحكمها باقٍ.

أدلة جواز التوسل بالنبي من السنة النبوية

1- عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلًا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ادعُ الله أن يعافيني، قال: «إن شئتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك»، قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: «اللهم إني أَسألُكَ وأَتَوَجَّه إليكَ بنبيكَ محمدٍ نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجَّهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه فِيَّ» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصحَّحه جماعة من الحفاظ منهم: الترمذي وابن خزيمة والطبراني والحاكم.

وهذا الحديث دليلٌ على استحباب هذه الصيغة من الأدعية؛ حيث علمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأحد أصحابه، وأظهر الله معجزة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حيث استجاب لدعاء الضرير في نفس المجلس، وإذا علَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا من أصحابه صيغةً للدعاء ونُقِلَتْ إلينا بالسند الصحيح دلَّ ذلك على استحباب الدعاء بها في كل الأوقات حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وليس هناك مُخَصِّصٌ لهذا الدعاء لذلك الصحابي وحده، ولا مُقَيِّد لذلك بحياته صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالأصل في الأحكام والتشريعات أنها مطلقة وعامة، إلا أن يثبت المخصِّص أو المقيِّد لها.

قال الشوكاني في "تحفة الذاكرين" (ص: 212، ط. دار القلم): [وفي الحديث دليل جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عز وجل، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، وأنه المعطي المانع، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن] اهـ.

ومما يدل على أن هذا الدعاء عامٌّ في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد انتقاله الشريف أن ذلك الصحابي الجليل أرشد من له حاجة إلى هذا الدعاء بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك فيما رواه الطبراني في "المعجم الصغير"، والبيهقي في "دلائل النبوة": "أن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف رضي الله عنه، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف رضي الله عنه: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضى لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورُحْ إلي حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قاله له، ثم أتى باب عثمان بن عفان، فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان وأجلسه معه على الطُّنفسة، وقال له: ما حاجتك؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده، فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيرًا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليَّ حتى كلمته، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتاه رجل ضرير ..." ثم ذكر الحديث.

قال العلامة الحافظ السيد عبد الله بن الصديق الغماري: وهذا إسناد صحيح؛ فالقصة صحيحة جدًّا، وقد وافق على تصحيحها أيضًا الحافظ المنذري في "الترغيب"، والحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد". اهـ.

والقصة تدل على ما يدل عليه الحديث مع إغلاق الباب على مَن حاول أن يزعم أن الحديث خاص بحياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مُخَصِّص كما ذكرنا، ولكن ذلك يشد العضد ويؤيد الصواب إن شاء الله تعالى.

2- حديث الخروج إلى المسجد للصلاة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قال حين يخرج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي؛ فإني لم أخرج أشَرًا ولا بَطَرًا ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وكَّل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة، وهو حديث صحيح، صحَّحَهُ كلٌّ من الحافظ البغوي، والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ المنذري، والحافظ الدمياطي، والحافظ العراقي، والحافظ ابن حجر العسقلاني.

والحديث يدل على جواز التوسل إلى الله في الدعاء بالعمل الصالح وهو سير المتوضئ إلى الصلاة، وبحق السائلين لله.

3- حديث أنس رضي الله عنه عند موت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما، وهو حديث طويل، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الله الذي يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين» رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" وأبو نعيم في "الحلية" وغيرهما. والحديث في سنده مقال، إلا أن معناه مُؤَيَّد بما مر من أحاديث صحيحة.

4- توسل آدم عليه السلام بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن يغفر الله له، وذلك في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَمَّا اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت مُحمدًا ولم أخلقه؟ قال: يا رب؛ لأنك لَمَّا خلقتني بيدك، ونفخت فيَّ من روحك، رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا آدم؛ إنه لأحب الخلق إليَّ، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك» رواه الطبراني في "الأوسط" والحاكم في "المستدرك"، وقد صححه الحاكم حيث عقبه بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب.

وقد بالغ الحافظ الذهبي عندما حكم بوضعه؛ لأن في سنده عبد الرحمن، وعبد الرحمن ليس بكذاب ولا متهم، بل هو ضعيف فقط، ومثله لا يجعل الحديث موضوعًا، وأقصى ما فيه أن يكون ضعيفًا، والضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال، وفي الحديث دلالة واضحة على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء.

5- حديث «أعينوا عباد الله»؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من نوى الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فلينادِ: أعينوا عباد الله» رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان"، وقال عن سنده الحافظ الهيثمي: رواه البزار ورجاله ثقات.

وفي الحديث دليل على الاستعانة بمخلوقات لا نراها، قد يسببها الله عز وجل في عوننا ونتوسل بها إلى ربنا في تحقيق المراد كالملائكة، ولا يبعد أن يقاس على الملائكة أرواح الصالحين؛ فهي أجسام نورانية باقية في عالمها.

6- قصة الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند قبره في زمن عمر، فعن مالك الدار وكان خازن عمر قال: "أصابَ الناسَ قحطٌ في زمان عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال: ائتِ عمر، فأقرئه مني السلام، وأخبره أنهم يُسقَون، وقل له: عليك بالكيس الكيس، فأتى الرجل عمر فأخبر عمر فقال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت". رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وهو حديث صحيح صححه الحافظ ابن حجر العسقلاني حيث قال في "فتح الباري" ما نصه: "وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأُتِي الرجل في المنام فقيل له: ائتِ عمر... الحديث، وقد روى سيف في "الفتوح" أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة" اهـ. وهذه الرواية صحح إسنادَها كذلك الحافظُ ابن كثير في "البداية والنهاية"، وصححها أيضًا كبار الحفاظ، فتصلح أن تكون دليلًا على جواز الطلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاستسقاء والدعاء بعد انتقاله الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.

7- قصة الخليفة المنصور مع الإمام مالك رضي الله عنه وهي: "أن مالكًا رضي الله عنه لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي ثاني خلفاء بني العباس: يا أبا عبد الله أَأَستقبلُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله" اهـ.

وفيه إشارة إلى اعتبار حديث توسل آدم عليه السلام عند الإمام مالك، وأنه يرى أن من الخير استقبال قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاستشفاع به صلى الله عليه وآله وسلم. وقد روى هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه "فضائل مالك" بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في "الشفاء" من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، كذلك ذكره السبكي في "شفاء السقام"، والسمهودي في "وفاء الوفاء"، والقسطلاني في "المواهب اللدنية"، قال ابن حجر الهيثمي في "الجوهر المنظم": قد رُوِيَ هذا بسند صحيح، وقال العلامة الزرقاني في "شرح المواهب": إن ابن فهر ذكر هذا بسند حسن، وذكره القاضي عياض بسند صحيح.

وللعلامة الشوكاني كلام نفيس في هذه المسألة ننقله على طوله لِمَا فيه من الفوائد، يقول رحمه الله تعالى في كتابه "الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد": [وأما التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن صح الحديث فيه، ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في "سننه" والترمذي وصححه وابن ماجه وغيرهم: أن أعمى أتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت في بصري فادعُ الله لي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «توضَّأ وصلِّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد، يا محمد إني أستشفع بك في رد بصري، اللهم شفع النبي فِيَّ، وقال: فإن كان لك حاجة فمثل ذلك»، فَرَدَّ اللهُ بصرَه. وللناس في معنى هذا قولان:

أحدهما: أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لَمَّا قال: كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، وهو في "صحيح البخاري" وغيره، فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته في الاستسقاء، ثم توسل بعمه العباس بعد موته، وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه، فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعًا وداعيًا لهم.

والقول الثاني: أن التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعًا سكوتيًّا؛ لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسل بالعباس رضي الله عنه، وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام، لأمرين؛ الأول: ما عرَّفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم. والثاني: أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسلٌ بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة؛ إذ لا يكون الفاضل فاضلًا إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة؛ أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله، فارتفعت الصخرة"، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركًا كما يزعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم، وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصُّلَحاء من نحو قوله تعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: 3]، ونحو قوله تعالى: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18]، ونحو قوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد:14]، ليس بواردٍ، بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه؛ فإن قولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: 3] مصرِّح بأنهم عبدوهم لذلك، والمتوسل بالعالم مثلًا لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك، وكذلك قوله: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18] فإنه نهيٌ عن أن يُدعَى مع الله غيرُه كأن يقول: بالله وبفلان، والمتوسِّل بالعالم مثلًا لم يَدْعُ إلا الله، فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عَمِلَه بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم، وكذلك قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ [الرعد: 14]. فإن هؤلاء دعوا من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم، والمتوسل بالعالم مثلًا لم يَدْعُ إلا الله ولم يَدْعُ غيرَه دونه ولا دعا غيره معه، وإذا عرفت هذا لم يَخْفَ عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النزاع خروجًا زائدَا على ما ذكرناه كاستدلالهم بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ۝ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ﴾ [الانفطار: 17-19]. فإن هذه الآية الشريفة ليس فيها إلا أنه تعالى المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شيء، والمتوسل بنبي من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين، ومن اعتقد هذا لعبد من العباد سواء كان نبيًّا أو غير نبي فهو في ضلال مبين، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ [الأعراف: 188]. فإن هاتين الآيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، فكيف يملك لغيره، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء، وقد جعل الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم المقام المحمود مقام الشفاعة العظمى، وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه وقال له: "سل تُعطه واشفع تشفع". وقيل ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]: «يا فلان ابن فلان لا أملك لك من الله شيئًا، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئًا». فإن هذا ليس فيه إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلًا عن غيرهم شيئًا من الله، وهذا معلوم لكل مسلم وليس فيه أنه لا يُتوسَّل به إلى الله، فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سببًا للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين] انتهى كلام الشوكاني.

مقالات مشابهة

  • هل تجوز قراءة القرآن في الركوع والسجود؟.. الإفتاء تجيب
  • هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تكشف عن سبب المقولة الخاطئة
  • سمع أذان الفجر ولم يقم للصلاة.. الإفتاء تحذر من هذه العقوبة
  • حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام النفل.. دار الإفتاء تجيب
  • دعاء قبل النوم أمر بترديده الرسول.. اقرأه لأطفالك
  • الإفتاء: الجهاد مفهوم شرعي دقيق وله شروط وأركان ومقاصد واضحة شرعًا
  • حكم زيارة القبور والأضرحة في الإسلام.. أمين الفتوى يجيب
  • هل زيارة قبر النبي من تمام العمرة والحج؟.. دار الإفتاء تجيب
  • صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد
  • هل التوسل بالنبي في الدعاء حرام شرعا؟.. الإفتاء توضح