يتسم عالم الدراما بتعدد الأذواق وتنوع الثقافات خاصة إذا تعلق الأمر بالأزياء والمظهر العام للممثلين فـ يظهر مصمم الأزياء كمنارة تضيء درب الفن والتعبير الذاتي من خلال القماش والألوان، فـ يتجلى دوره البارز في إبراز الهوية الشخصية وتعبير الشخصيات على شاشات السينما والتلفزيون، حيث تُعتبر الأزياء لغة تُحدث اتصالًا بين المشاهد وشخصيات الدراما خاصة أن الأزياء في الدراما أكثر من مجرد قطعة قماش فهي تشكل جزءًا لا يتجزأ من تقمص الشخصيات وتعزيز معاني التجسيد فهي تعكس العصور والأزمنة، وتسلط الضوء على الخلفيات الاجتماعية والتاريخية لكل شخصية بطريقة ترتقي بتجربة المشاهد إلى مستوى أعمق حيث إنه من خلال استخدام الأزياء، يتمكن الاستايلست من ترجمة شخصيات الدراما إلى لغة بصرية ملهمة تنطق بالمشاعر والتضاريس النفسية.

فتتحول القطع الأنيقة إلى أدوات تعبير تعكس الطموح، اليأس، القوة، أو الضعف، مما يجعل تجربة المشاهدة أكثر إثارة وتأثيرًا.

وبسبب أن مسلسل "المداح" يبرز بفخر في عالم الدراما العربية بأسلوبه الفريد وقصته المثيرة استطاع أن يحقق نجاح أيضًا ويتميز في جزء هام وهو أزياء وملابس الشخصيات الموجودة به حيث تمتاز أزياء مسلسل "المداح" بتنوعها وتعدد أنماطها على مدار الأربع الأجزاء فتم استخدام مجموعة واسعة من التصاميم والألوان والملابس لتجسيد شخصيات مختلفة داخل القصة لتكون ملابس  مبتكرة ومعبرة وليست مجرد ملابس تقليدية، بل تتميز بتفاصيل دقيقة تجذب الانتباه وتجعل الشخصيات تظهر بشكل بارز وجذاب.

وبسبب أهمية هذا الجانب، حرص الفجر الفني على التواصل مع مصمم الأزياء حسن محمود ليحدثنا عن تفاصيل ملابس "صابر المداح" وسر اختيار لملابس الشخصيات التي جذبت الانتباه بشكل كبير خاصة في الجزء الرابع بفضل لمسته الخاصة وإليكم نص الحوار:


مليكة، موت، صخر، وأخيرًا النمرود لكل منهم طابع مختلف وملابس مختلفة ما هي سياستك لوضع الطابع الخاص بك على كل شخصية؟

في البداية سنتحدث عن الشخصيات الأربعة التي ظهرت في القصة، وهما موت وصخر، بالإضافة إلى مليكة والنمرود فكل شخصية منهم لديها طابع خاص وتصميم مختلف فمثلًا صخر هو جن ترابي، ولذلك كان يجب علينا أن نستلهم صورته من الألوان الترابية والتراثية، مما دفعنا للتركيز على اللون البني في تصميم درعه، أما موت فهو جن مائي لذلك يظهر التأثير البحري في تصميمه حتى إن الدرع الخاص به يحتوي على أشكال تشبه الصدف  مما يعكس شخصيته وطبيعته المائية

أما مليكة فتمثل الجن الناري، ولذلك وجب أن يكون تصميمها مليئًا بالحماسة والقوة فاعتمدنا في مظهرها على نفس تفاصيلها في الموسم الثاني مع تعديلات بسيطة وزيادات للمظهر العام خاصة في موضوع التيجان حيث أن التاج عند الجن يرمز إلى الهوية والسلطة الخاصة بالقبيلة.  

 

بينما نمرود هو جن هوائي فتصميمه اعتمد على الانسيابيته طبقًا لصفاته حيث إنه كان من الضروري أن يكون لكل شخصية تصميم خاص بها، مع الأخذ بعين الاعتبار السمات الأساسية التي تمثل طبيعتها ودورها في القصة وعند التنفيذ نعود للاجتماع مع الأستاذ الكبير أحمد سمير فرج وهو في الحقيقة شخص عظيم ويعتبر بشكل أكيد الشخص المناسب لهذا الدور بسبب تركيزه في التفاصيل

بمعنى آخر أن كل تفصيل وإكسسوار وقطعة لها علاقة بالملابس أو الديكور، كان علينا جميعا الرجوع إليه والتواصل معه سواء عبر الهاتف أو من خلال جلسة بيننا ليبدأ بقراءتها وتوظيفها بشكل جيد وخاصة إن جميع الأمور لم تكن من وحي الخيال بل كانت مستندة إلى الحقيقة، حيث كنا نقرأ الكتب والمراجع ونبحث في الصور ونتطلع إلى التماثيل فـ كنا نقتبس من الواقع ونمزج ونضع لمستنا الخاصة خاصةً في التفاصيل الصغيرة، التي أدرك أنها قد لا تكون واضحة تمامًا، ولكن إذا ركزنا على هذه النقاط مثل تمثال نمرود، سنجد أنها حقًا مستوحاة من ملوك الجن، وخاصةً ملوك الجن الهوائيين وإذا ركزنا مثلًا على تميمة النمرود، سنجد أنها فعلا موجودة في الأساطير القديمة، وفي الحضارات التي كانت تؤمن بالجن، والجان الهوائي بشكل خاص لذا، لم يكن استخدام التميمة مجرد اختيار عشوائي، بل كان مرتبطًا بالتقاليد والثقافة.

وماذا عن اللمسة الخاصة بك في ملابس قزح "سميح الجلاد"؟

بالنسبة لشخصية قزح، فقد اعتمدنا على تفاصيل الموجودة في الجزء الثالث من القصة، وهو الكاب أو الوشاح الأسود بالإضافة إلى ذلك تم تجسيد شخصية قزح بواسطة الأستاذ فتحي عبد الوهاب، وقد جسدها بشكل ممتاز من خلال تقسيمها إلى ثلاث شخصيات مختلفة. 

وعند التركيز على تفاصيل اللباس في كل شخصية سنجد تفاصيل مختلفة فمثلًا الدكتور سميح الذي كان معروفًا بأنه معلم محترم يقدم الدروس والمحاضرات في الدين عادة ما كان يرتدي عباءة فوق البدلة ونظارة شمسية وطاقية ولكنه كان يتغير تمامًا عندما يخرج في الأماكن العامة في البلد، حيث كان يرتدي بدلة تسمى "الكروازيه" مع معطف، وهذا يظهر كيف يمكن تغيير مظهر الشخصية بشكل كبير حتى عندما كان يظهر مع حمادة هلال كان يظهر بشكل مختلف   بالعباءة السوداء والجلباب ويكون شعره مشدود للوراء

بالإضافة إلى إنه عند النظر إلى شخصيته في غرفة الطلاسم، سنجد شكله مختلف تمامًا فهو يرتدي الوشاح الأسود ليخفي تفاصيله فيجعل المشاهد يركز أكثر على تعبيرات وجهه وفي المجمل الأستاذ فتحي شخصية مدهشة، ولا نغفل عن ذكر أن لكل جانب من شخصية سميح مظهر خاص سواء في المكياج والشعر وكل شيء حتى يستطيع الجمهور أن يفرق بالظبط بين كل جانب.


لاحظنا أن المظهر الخاص بـ "النمرود" كان مستوحي من أحدى الثقافات حدثني قليلًا عن هذا الأمر؟


كان هناك طابع خاص في مظهر النمرود مقتبس من الثقافة الآشورية لإننا بحثنا في المراجع والتاريخ قبل أن نبدأ العمل ليتماشى ويكون واقعي، لإننا إذا نظرنا إلى العصر القديم سنجد أنه كانت هناك حضارتان رئيسيتان، الحضارة الفرعونية والحضارة الآشورية، وكانت الآشورية تقريبًا في نفس الفترة الزمنية وترتبط  بشخصية نمرود أو بملوك الجن لديهم فكان هو الاختيار الأنسب.

هل كان يوجد إضافة معينة من أحد أبطال العمل على المظهر الخاص بالشخصية وتم الموافقة عليها؟

الحقيقة أن كل الأبطال في المسلسل متعاونين بشكل كبير ويدركون أننا قدمنا عملًا جيدًا في تشكيل الشخصيات ويحترمون العمل الذي يقوم بيه المصمم لذلك لم يكن هناك أي اعتراض أو مشكلة أو إضافة منهم بسبب ثقتهم بـ إن النتيجة النهائية ستكون جيدة وأن رأيي ورأي المخرج في ملابسهم ومظهرهم لن يعرضهم للسخرية كما يحدث في بعض الأحيان.

عاد الجزء الرابع لحقبة زمنية معينة في الماضي في بعض المشاهد، فماذا عن التحضيرات لهذة الملابس ؟


نعم، بالطبع، لقد عملنا على تحديد فترة زمنية معينة لإظهار الفلاش باك، وهي الفترة الإسلامية وكنا نتحدث فيها عن الصراع بين البشر والجن على الأرض منذ القدم وقومنا بالحساب زمنيًا حتى ربطناها بالجد غنيم وهو جد جد حمادة هلال والذي كان يشبه قليلًا الفترة التي في عهد صلاح الدين والتي كان فيها صراعات أيضًا ولكنها مختلفة عن المسلسل لإن صراع المداح صراع آخر بين الجن والبشر على الأرض، بالإضافة إلى أننا  نعلم أن الله عز وجل عندما قال للملائكة إنه سيجعل لهم خليفة على الأرض، قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك"، فهذا دليل على وجود الجن على الأرض قبل خلق البشرية وإنهم كانوا دائمًا في صراع وعندما خلق الله البشر، استمر الصراع بين البشر والجن على حقوق الأرض لذا، قررنا العودة إلى الفترة التاريخية التي تشبه فترة صلاح الدين لعدم تشتت المشاهد، ولذا تم تصميم الاكسسوارات بشكل يشبه تلك الفترة" 


علق الرواد على إرتداء صابر المداح ملابس سوداء عندما يحدث مأزق له وعلى النقيض تكون ملابس عادية فهل هذا مقصود أم مجرد صدفة؟


صحيح، حتى إذا تأملنا في الجزء الأول من الأمر لوجدنا صابر  يرتدي العباءة السوداء والمنقرشة في ذلك الوقت وهذة دلالة عن الخير والشر حيث أننا دائمًا نرى الخير والشر كالأبيض والأسود، بمعنى إنك إما تكون في منتصف الطريق أو تتجه نحو الشر بقوة وظلامه، أو تبقى في الأبيض في المنطقة النقية على سبيل المثال حمادة ارتدى في الجزء الأول اللون الأسود ليظهر ولاؤه، مثلما يرتدي قزح الأسود ليعلن انضمامه إلى العشيرة، فأردنا توصيل فكرة بسيطة للمشاهد لتجعله يندمج في الأجواء فالشخص عندما يرتدي الألوان العادية يظل إنسانًا عاديًا، أما الذي يلجأ إلى الأسود فقد يرتبط بكونه في كفة الشر أو الظلام.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: المداح أبطال المداح 4 حسن محمود المداح أسطورة العودة النمرود مليكة صخر موت على الأرض فی الجزء کل شخصیة من خلال

إقرأ أيضاً:

الحقيقة العارية

#الحقيقة_عارية

د. #هاشم_غرايبه

يقع كثيرون من ابناء أمتنا في خديعة توهّم أن هنالك فارق بين سياسة الغرب عموما وأمريكا كقائدة له من جهة، وبين سياسة الكيان اللقيط، وهؤلاء الواهمون يأملون في ان اختلاف المصالح على المدى البعيد سيوقع بين الطرفين أو سيدفع الغرب الى التخلي عن رعاية ذلك الكيان، والذي من المؤكد أنه لو تم ذلك حقيقة فسينهار خلال ايام قليلة.
من رسخ هذا الوهم هم الأنظمة السياسية العربية، وذلك لتبرير انقيادهم وتبعيتهم له، بحجة أقبح من الذنب ذاته، وهي القول بأن اثبات ولائهم المجاني لأمريكا، سيقنعها بأنهم أكثر نفعا لها من الكيان اللقيط العالي المكلف.
يجب أن نعي الحقيقة الجلية، وهي أن حلم الغرب التاريخي منذ القدم كان بالسيطرة على أقليم حوض المتوسط ، شرقه وجنوبه، لمناخه المعتدل الذي يفتقده الأوروبيون في بلادهم، ولموقعه الاستراتيجي الذي يتيح التحكم التجاري، ولغناه بموارده الطبيعية، ومنذ نهضة أوروبا وشعور أممها بالعظمة، نشأ التنافس بينها لاحتلال بقاع منه، لكن وجود الدولة العثمانية كان حائلا دون ذلك، لذلك تركز جهدهم العسكري على مهاجمتها، وكان انتصار الأنجلو سكسونيين منهم في الحرب العالمية الأولى على دول المحور (الذي كان العثمانيون جزءا منه) فرصة ذهبية للقضاء عليها.
لم يشأ الأوروبيون إضاعة تلك الفرصة فقاموا بتقسيم هذه الدولة لشرذمتها ومنع عودتها دولة قوية مرة أخرى، ولإدامة هذه الحالة أنشأوا الكيان اللقيط.
من هنا نفهم معنى قول كل من يصل الى السلطة في أمريكا أنه لو لم يوجد هذا الكيان لأوجدوه، فهو الضمانة الأنجح لإبقاء هذا الإقليم مفككا غير قادر على الوحدة، فلا يمكنه أن يشكل مصدر قوة تخرجه من دائرة التبعية الكاملة للغرب.
لذلك ومنذ انشاء هذا الكيان، لم تنعم المنطقة بأي استقرار، ففي كل عام أو عامين، يفتعل مشكلة ليشن عدوانا، وهو يفعل ذلك لمصلحته، لأنه قلق على الدوام من نوايا أصحاب الأرض باستعادة أرضهم، فيسعى لإبقاء الفارق العسكري بينه وبين عمقهم الاستراتيجي (الأقطار العربية) هائلا.
لكن المستفيد الأكبر من إدامة تلك الحالة هو القوة العظمى زعيمة الغرب، فمصالحها مؤمنة بلا احتلال، وسيطرتها المستتبة على هذه المنطقة تؤمن سيطرتها على العالم، شرقا وغربا، والأكبر من كل ذلك هو استعمارها غير المعلن لأوروبا، فهي مهيمنة عليها اقتصاديا وسياسيا، وبصورة لا تقل عن الهيمنة على بلدان الشرق الأوسط.
هكذا تؤمن زعيمة الغرب مكانتها التي لم تبلغها أية قوة عظمى في التاريخ، وهذه الحالة لا يمكنها التفريط بها، لذلك فدعم هذا الكيان بسخاء وبلا حدود استثمار مربح لأمريكا، وتستغله لمنفعتها، وليس العكس كما يتوهم البعض، فهنالك من يقاتل بالنيابة عنها، فلا تخسر من مواردها البشرية كما كانت أيام استعمارها المباشر، ومثال عليها الحروب الفيتنامية والأفغانية والعراقية، وأما الأموال فسيعوضها تحولها من الاستعمار الى الاستحمار، وذلك يوفر لها الأموال التي تجبيها من الأنظمة الفاسدة، التي هي مجبرة على الدفع لضمان بقائها على الكرسي، فهي لإيغالها في الفساد تفتقر الى ولاء شعبها، فلا يبقيها غير الحماية الأمريكية.
من هنا يمكن تفسير الأحداث بشكل أقرب الى الحقيقة.
العدوان على القطاع والإيغال بدماء المدنيين لم يكن بسبب الحكومة المتطرفة كما تحاول الأنظمة العربية القول، بهدف تبرئة ولي أمرها (أمريكا)، وإظهارها بمظهر المحايد، وأنها مغلوبة على أمرها بسبب سيطرة (الأيباك)، بل هذا العدوان بتحريض ودفع أمريكي، بسبب صدمتهم من اكتتشاف قدرات المقاومين وعزيمتهم في موقعة الطوفان، فأرادوا أن يكون هذا العدوان بأقسى ما يمكن ليخيف المقاومين من عاقبة رفض الخنوع كما خنعت الأنظمة، وكان استهداف المدنيين مقصودا لأجل الايقاع بينهم وبين المقاومة فينفضوا عنها، مثلما كان لإرعاب كل الشعوب العربية ودفعهم الى القنوط والتخلي عن منهج الجهاد الذي تبين أنه الوحيد القادر على قلب معادلة التفوق العسكري.
كما ان استهداف حزب الله والتصعيد باستعمال القنابل الهائلة التدمير في الأحياء السكنية، جاء بتحريض أمريكي، ودعم بالمعلومات الاستخبارية، وليس صحيحا عدم علمها بالأمر، بل أرادته لتخويف الأمة من عاقبة دعم المقاومين أو التعرض لكيانهم الكريه بسوء.
لكن ذلك لن ينفعهم إلا بتأجيل موعد سقوطه، فالباطل زهوق، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة أين الترسانة الأخطر في الحرب؟ 2024/09/28

مقالات مشابهة

  • رعب في قرية يمنية..عائلة تدعي أن الجن طردها من منزلها
  • بين الحقيقة والخرافات.. أغرب وقائع "السحر الأسود" التي طالت نجوم كرة القدم "مؤمن زكريا آخر الضحايا"
  • الحقيقة العارية
  • غادة عبد الرازق تخطف التريند من جورجينا في عرض أزياء ميسيكا (صور)
  • عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي
  • مصمم يتخيل فندق من مكعبات الثلج في وادي طيب اسم بالسعودية
  • هل تورط مكتب الجزيرة برام الله في نقل الحقيقة لذلك أغلقته سلطات الاحتلال؟
  • «راعي مصر» تنظم معرضا للملابس الجاهزة في المنيا ضمن مبادرة «بداية»
  • رياضية أولمبية سابقة تفقد وظيفتها بسبب حادثة سرقة غير مقصودة
  • صباح الكورة.. تعليق شوبير على تسريب مران الزمالك والأهلي يرتدي الأحمر والزمالك بالأسود في السوبر.. وكولر يختار تشكيل الأهلي