البحرُ الأحمر يفضَحُ العجز.. أُورُوبا تتداعى للتسلّح ضد اليمن
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
الجديد برس| تقرير*:
وسّعت الأحداث التي ينخرط فيها الاتّحاد الأُورُوبي حول العالم، ولا سيما الحرب الروسية – الأوكرانية، والعمليات العسكرية في البحر الأحمر، النقاش داخل أروقة الاتّحاد حول الحاجة إلى إعادة التسلّح.
ويحاول الأُورُوبيون استخلاص العبر من تلك الأحداث، ويعملون على استبدال البرامج التي استُخدمت ولم تكن فعّالة بالقدر الكافي، بأُخرى أكثر فعالية على المدى الطويل، مع الأخذ في الحسبان أن المواجهة الحالية والمستقبلية هي مع قوى تمتلك تقنيات حديثة.
وتوصّلت المداولات إلى إقرار الحاجة إلى تسريع تسليح الجيوش الأُورُوبية، غير أن خلافاً وقع في شأن وضع استراتيجية للتسليح، تنهي حالة التشرذم التي تجعل كُـلّ دولة من دول الاتّحاد البالغ عددها 27، تزوّد جيشها بشكل مستقلّ بأسلحة لا تتوافق في كثير من الأحيان مع أسلحة الدول الأُخرى.
ويقول دعاة تلك الاستراتيجية، الذين يقودهم مفوض الاتّحاد إلى السوق الداخلية، تييري بريتون، إنه ينبغي ضمان قدرة صناعة الدفاع الأُورُوبية على الإنتاج بشكل جماعي وسريع، فيما ثمة رأي آخر يتبناه عدد من دول أُورُوبا الشرقية، وكذلك ألمانيا وإيطاليا، التي لديها تقليدياً علاقات تسليح وثيقة مع الولايات المتحدة.
وعليه، يرى خبراء أُورُوبيون أن نجاح الصناعة الدفاعية الأُورُوبية يعتمد على تجاوب الدول الأعضاء، غير أن آخرين يعتقدون أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل أن يتم إقرار استراتيجية جديدة. وكانت العقود التي تلت الحرب الباردة، كشفت ضعف الجيوش الأُورُوبية، والناجم عن اعتماد سياسات الدفاع لديها على القوة العسكرية للولايات المتحدة ضمن «الناتو»، لكن القلق تزايد بعد فشل تحالفَي «حارس الازدهار» الأمريكي – البريطاني و«أسبيدس» الأُورُوبي، في البحر الأحمر.
وفي هذا الإطار، علّق أدميرال بريطاني سابق على عدم قدرة بلاده على ضرب قواعد في اليمن، من السفن الحربية، بالقول إن ذلك يسلّط الضوء على ضعف القوات البحرية البريطانية وعجزها عن منافسة السفن الحربية الصينية أَو الروسية أَيْـضاً، ولا سيما أن الأسلحة الوحيدة الموجودة حَـاليًّا، والتي يمكنها ضرب سفن أُخرى أَو مواقع على الأرض، هي المدافع المتوافرة في مقدمة كُـلّ سفينة.
كما أن صحيفة «وول ستريت جورنال» رأت أن حالة الجيوش الأُورُوبية، التي كانت في يوم من الأيّام تُرهب العالم، مقلقة، وهي الآن تعاني بشكل محرج.
الأُورُوبيون متفقون على الحاجة إلى تسليح جيوشهم ومختلفون حول الاستراتيجية الواجب اعتمادها
وجاء عطل المدمّـرة الدنماركية «إيفر هويتفيلدت»، أخيرًا، ضمن سلسلة من الحوادث التي كشفت ضعف القوات المسلحة الأُورُوبية، ومن بينها فشل صاروخ نووي بريطاني في اختبار ثانٍ، وافتضاح تهالك أنظمة الاتصالات في ألمانيا بعد استخدام خط غير آمن لمناقشة مسائل حساسة، الأمر الذي تمّ استغلاله من قبل الاستخبارات الروسية، وكذلك الفشل الجلي في عمليات البحر الأحمر لرفع الحصار عن الكيان الإسرائيلي.
ويمكن إيراد ثلاثة نماذج بارزة من الفشل المشار إليه:
الدنمارك: أَدَّى خلل في النظام الصاروخي للفرقاطة الدنماركية، وارتباك في الإعلان عن الحادثة في وقتها، إلى عاصفة سياسية شارك فيها المستويان السياسي والعسكري.
وكانت مؤسّسة «أولفي» المحلية للإعلام، والمتخصّصة في الشؤون العسكرية، هي التي كشفت عن الواقعة نقلاً عن تقرير سري لقبطان السفينة.
وتسبّب الحادث بإقالة مسؤولين كبار على رأسهم وزير الدفاع، ترويلز لوند بولسن، ورئيس الأركان، الجنرال فليمنيغ لينتفر، الذي فشل في إبلاغ وزارة الدفاع بأن السفينة تعرّضت لعطل لمدة نصف ساعة في أنظمتها الصاروخية ورادارها، خلال هجوم بطائرة مسيّرة يمنية الشهر الماضي.
وأدى هذا الفشل إلى عجزها عن الدفاع عن نفسها بشكل فعّال، ما أثار قلقاً كَبيراً في الدنمارك حول سلامة قواتها البحرية.
وعلى إثر ذلك تمت إعادة الفرقاطة على عجل، فيما أعلن وزير الدفاع أنه فقد الثقة في الجيش، قائلاً: «إننا نواجه حتمية تعزيز قوات الدفاع الدنماركية، وهذا يفرض متطلبات كبيرة علينا».
ألمانيا: بعد أَيَّـام قليلة من وصول الفرقاطة الألمانية «هيسن» لتنفيذ مهامها، تصدّرت أحداث البحر الأحمر عناوين الصحف الألمانية، وخُصُوصاً مع تأكيد الجيش الألماني أن فرقاطته تمكّنت من إسقاط طائرتين مسيرتين أطلقتهما حركة «أنصار الله».
غير أن «فرحة» إسقاطهما لم تدم طويلاً، إذ اعترفت وزارة الدفاع الألمانية بأن «هيسن» أطلقت النار بالخطأ على طائرة مسيّرة أمريكية، من دون أن تتمكّن من إسقاطها.
وجرت عقب الحادث مداولات كثيرة في الأوساط العسكرية الألمانية حول فعالية «هيسن» وجاهزية البحرية الألمانية، إذ وصف نائب الأدميرال، جان كريستيان كاك، الانتشار في البحر الأحمر بأنه الأخطر منذ عقود، مؤكّـداً الحاجة إلى تحديث الأسلحة الألمانية.
وكشف أن البحرية بدأت فعلاً في تحديث رادار سفن «ساكسونيا كلاس» هذا العام، وسيستمر ذلك حتى عام 2028، كما أعلن أن «هيسن» تلقّت نظام سلاح أَسَاسياً جديدًا، طُوّر بعد اختبار إطلاق نار فاشل عام 2019، ظلت على إثره فرقاطة الصواريخ الموجهة مُجَـرّدة من ترسانتها الصاروخية الأكثر أهميّة حتى نهاية 2023، وفقاً لمكتب المشتريات الاتّحادي التابع لوزارة الدفاع.
ورغم الحديث عن التحديثات، فإن الألمان يدركون أنهم أمام مشوار طويل وشاق، وفقاً لما لمّح إليه كاك بالقول إنه «لسوء الحظ، لم نصل بعد إلى المكان الذي نستطيع فيه شراء الذخيرة».
وأضاف: «بمُجَـرّد النظر إلى استهلاك الذخيرة الحالي لشركائنا، أشعر بقلق بالغ بشأن قدرة وحداتنا على التحمّل».
ووفقاً لتقارير ألمانية، فإن سير العمليات في البحر الأحمر يواجه مشكلات منها عدم وجود خط إمدَاد، ما يضطر الفرقاطة للعودة إلى الميناء.
بريطانيا: أما المشاركة البريطانية في «حارس الازدهار»، فقد تعرّضت لانتقادات لاذعة من قبل أعضاء بارزين في مجلس العموم ومسؤولين عسكرين سابقين، حَيثُ تبيّن أن المدمّـرة «إتش أم إس دايموند» المتمركزة في البحر الأحمر، غير قادرة على ضرب أهداف برية في الأراضي اليمنية.
واعتُبرت تلك المشكلة في الوسطين السياسي والعسكري «فضيحة مخزية»، ذلك أن لندن مضطرة الآن إلى إرسال طائراتها لآلاف الأميال؛ مِن أجلِ تنفيذ المهمات، ما يترك للولايات المتحدة مهمة تنفيذ غالبية الضربات ضد «أنصار الله».
وحذّر الرئيس السابق للجنة الدفاع في مجلس العموم، توبياس إلوود، من أن الوضع لا يمكن تحمّله، واصفاً إياه بالكارثي، وحث وزير الدفاع، جرانت شابس، على إجراء مراجعة عاجلة.
وقال: «لا يمكننا الاستمرار بأسطول بحري صغير جِـدًّا عاجز عن إطلاق النار على الأرض من مسافة بعيدة».
* الأخبار البيروتية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر الحاجة إلى الات حاد
إقرأ أيضاً:
معركة البحر الأحمر .. واشنطن بلا مخالب
فمنذ منتصف مارس الماضي، كثفت المقاتلات الأمريكية الغارات العدوانية على محافظات عدة، ولكن أهدافها تجمعات سكنية وبقايا ميناء ومستشفى للسرطان وخيام للبدو وكذلك الأسواق والطرقات والمحصلة سقوط المئات من الشهداء والجرحى، أما الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية فصافرات الإنذار وكاميرات الصهاينة المستوطنين تثبت أنها لا تزال بسلام وتؤدي مهامها على أكمل وجه.
هزائم نكراء تتلقها الولايات المتحدة على أكثر من صعيد، ففي سماء اليمن، حققت الدفاعات الجوية نتائج ملموسة في إمكاناتها وفاعلية عملياتها.
فخلال الأسبوع الماضي تمكنت من إسقاط ثلاث طائرات استطلاع مسلحة نوع “إم كيو 9” في أجواء محافظتي صنعاء والحديدة، ليرتفع عدد الطائرات الأمريكية المُسقطة خلال هذا الشهر إلى سبع، وإجمالي الطائرات المُسقطة منذ بداية عمليات الإسناد إلى 22 طائرة، بخسائر تجاوزت 200 مليون دولار، ما يمثل أعلى تكلفة يتكبدها البنتاغون في حملته ضد اليمن.
وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة الطائرة المسيرة المتطورة “ريبر” تبلغ حوالي 30 مليون دولار وتحلق على ارتفاعات تزيد عن 12 ألف متر، ما يجعل إسقاطها إنجازاً عسكرياً نوعياً.  إن اللافت في المشهد هو التطور النوعي في قدرات الدفاع الجوي اليمنية.
فوفقًا لتقارير متطابقة من “فوكس نيوز” و”ذا وور زون” وشبكة (CNN) ووكالة أسوشيتد برس، نجحت القوات اليمنية في إسقاط ما لا يقل عن 7 طائرات أمريكية مُسيّرة من طراز “إم كيو-9 ريبر” المتطورة خلال أسابيع قليلة، والتي تُقدر قيمة الواحدة منها بعشرات الملايين من الدولارات، ليصل إجمالي الخسائر إلى 200 مليون دولار.
المفاجأة المدوية لواشنطن تأتي من قدرة اليمن المتطورة على إسقاط أحدث طائراتها المسيرة. ففي غضون أقل من ستة أسابيع، تمكنت الدفاعات اليمنية الجوية الباسلة من إسقاط سبع طائرات مسيرة أمريكية من طراز “ريبر” المتطور، وفقاً لما كشفته وكالة “أسوشيتد برس” نقلاً عن مسؤولين عسكريين. هذه الخسائر المادية الفادحة، التي تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار، تمثل أغلى فاتورة يتكبدها البنتاغون في حملته العبثية ضد اليمن.
وإذا علمنا أن تكلفة الطائرة المسيرة الواحدة من هذا الطراز تقارب 30 مليون دولار وتحلق على ارتفاعات تزيد عن 12 ألف متر، فإن هذا الإنجاز اليمني يمثل صفعة مدوية للغطرسة الأمريكية وتفوقها التقني المزعوم.
 ويُعد إسقاط هذه الطائرات المُسيّرة، التي تعتمد عليها واشنطن بشكل كبير في عمليات الاستطلاع والمراقبة، خسارة استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، حيث أعاق قدرتها على الانتقال إلى “المرحلة الثانية” من عمليتها التي كانت تهدف إلى تحقيق التفوق الجوي واستهداف قادة “أنصار الله”.
وقد اعترف مسؤولون أمريكيون بأن “الخسارة المستمرة للطائرات بدون طيار جعلت من الصعب على الولايات المتحدة تحديد مدى تدهور مخزونات أسلحة الحوثيين بدقة”، مؤكدين أن أداء القوات اليمنية في استهداف هذه الطائرات يتحسن باستمرار.
-إخراج القوة البحرية عن الخدمة
وفي تطور لافت يُنذر بتغيير جذري في موازين القوى البحرية، تُحكم القوات المسلحة اليمنية قبضتها على المياه الإقليمية في البحر الأحمر، مُوسعة نطاق عملياتها لتتجاوز استهداف السفن التجارية التابعة للعدو الإسرائيلي ليشمل القطع البحرية الأمريكية نفسها.
هذا التصعيد، الذي يأتي في سياق الدعم اليمني المتواصل لفلسطين وغزة، يُلقي بظلال قاتمة على قدرة واشنطن على بسط نفوذها وإدارة عملياتها العسكرية في المنطقة الحيوية.
تأثير العمليات العسكرية اليمنية أعاق الخطط الاستراتيجية الأمريكية القائمة على سرعة الانتشار في أي نقطة في البحار الممتدة، إلا أن هذه الميزة فقدتها الولايات المتحدة مع إغلاق اليمن لمضيق باب المندب وهو الشريان الرئيسي للإمدادات العسكرية الأمريكية،
وفي هذا السياق ذكر تقرير صادر عن “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” إلى أن “التهديدات المتزايدة التي تواجه الإمدادات العسكرية الأمريكية بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تُعيق بشكل كبير قدرة واشنطن على نشر قواتها وإدارة العمليات بفاعلية.”
هذا التقييم يعكس حالة الارتباك والقلق المتصاعد داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية إزاء القدرات المتنامية للقوات اليمنية. كما يواصل اليمن إخراج القطع الأمريكية عن الخدمة منها حاملات الطائرات، وأول أمس صرح مسؤولون أمريكيون لقناة الجزيرة أنه سيتم سحب حاملة الطائرات “ترومان” في القريب العاجل،
وهذا التصريح جاء بعد أيام من تأكيد رئيس المجلس السياسي الأعلى بأن “ترومان” خرجت عن الخدمة بفعل الضربات اليمنية عند أول مواجهة لها، كما علّق الرئيس المشاط على التصريح الأمريكي في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن إدارة ترامب تمارس التضليل والكذب منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن، من ضمن ذلك التضليل محاولة العدو الأمريكي عبر وسائله الإعلامية إثبات أن حاملة الطائرات “ترومان” لم تتعرض لعملية بطولية من قواتنا المسلحة الضاربة، أخرجتها عن الجاهزية، وأفقدتها زمام المبادرة في الأيام الأولى من مشاركتها في العدوان على بلدنا.
وقال: “إن من ضمن ذلك التضليل نشر مقاطع بتاريخ 22 أبريل كما يزعم من قام بنشرها”.. داعيا وسائل الإعلام الدولية بما فيها الأمريكية إلى مطالبة المجرم ترامب وقياداته الفاشلة بنشر بيانات الحاملة “ترومان” للفترة من 20 إلى 23 من مارس 2025م، بما فيها تصوير الكاميرات المثبتة على جوانبها وداخل غرفة قيادتها.
ما يعزز مصداقية صنعاء أن الجيش اليمني تمكن من إخراج ثلاث من حاملات الطائرات الأمريكية خلال الفترة الأولى من التصعيد على غزة، منها “آيزنهاور، لينكولين، وروزفلت”، كما أن اضطرار الأمريكي لاستقدام حاملات طائرات جديدة -بالرغم من الحاجة الأمريكية لها في ظل التصعيد مع الصين- يؤكد مدى المأزق الأمريكي في البحر الأحمر.
منصة “باي جياهاو” الصينية من جانبها أكدت أن حاملة الطائرات “كارل فينسون” تعرضت لأضرار بالغة، ما اضطرها للتراجع لمسافة 800 كيلومتر، وهو ما يُعد ضربة موجعة لصورة الأسطول الأمريكي القوي.
يُضاف إلى الخسائر في الطائرات المسيرة، التكاليف التشغيلية الهائلة للعمليات العسكرية الأمريكية. فالتكلفة التشغيلية لحاملة الطائرات الواحدة تتراوح بين 6 إلى 8 ملايين دولار يومياً، وقد ترتفع إلى 10 ملايين دولار في حالة تنفيذ مهام قتالية، بالإضافة إلى ملايين أخرى لتكاليف التشغيل والصيانة والتدريب.
كما أن استخدام الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن، حيث يتراوح سعر صاروخ “ثاد” الواحد بين 11 إلى 15 مليون دولار، وبطارية “ثاد” بين 800 مليون إلى 1.2 مليار دولار، يؤكد أن الولايات المتحدة تنزلق إلى “حرب استنزاف” مكلفة للغاية في اليمن.
ورغم قدرة واشنطن على الاستمرار لأشهر طويلة، إلا أن هذه التكاليف الباهظة، بالإضافة إلى الخسائر المتزايدة، تثير تساؤلات جدية حول جدوى هذه الحملة.
-تحديات هيكلية وتأخر في تطوير القدرات الأمريكية
يُسلط تقرير لمجلة الدفاع الإيطالية الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه البحرية الأمريكية في سعيها لدمج أنظمة جديدة لاعتراض الطائرات بدون طيار على متن مدمراتها المتطورة، مُشيراً إلى معضلة تقنية وعسكرية معقدة تُعيق قدرتها على مواكبة التهديدات المتسارعة التي تشكلها القوات اليمنية.
كما يُبرز تقرير لمعهد البحرية الأمريكية التحديات الجسيمة التي تعرقل مساعي البحرية الأمريكية لتسريع تطوير ونشر أسطول فعال من السفن السطحية غير المأهولة لمواجهة التهديدات العالمية المتزايدة، مُحذراً من أن الرهان على السفن غير المأهولة لا يزال بطيئاً ومتعثراً وسط تحديات هيكلية وتكتيكية تُعيق هذا التحول الاستراتيجي الحيوي. 
هذه الحقائق تُشير بوضوح إلى أن العدوان الأمريكي الغاشم على اليمن لم يفلح في تحقيق أهدافها في ردع القوات اليمنية أو إضعاف قدراتها. بل على العكس فهذه الضربات قد زادت من تصميم اليمنيين على مواصلة دعمهم لفلسطين ومواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
إن اعترافات وسائل الإعلام الأمريكية والمسؤولين العسكريين بالتحديات المتزايدة التي تواجهها قواتهم في البحر الأحمر، والخسائر الفادحة التي تتكبدها، تُعد بمثابة شهادة على التراجع الأمريكي وتغيير موازين القوى البحرية في المنطقة.
فاليمن، بإمكاناته المتواضعة وإرادته الصلبة، يُعيد رسم قواعد الاشتباك ويُجبر أقوى قوة بحرية في العالم على إعادة حساباتها وتقييم استراتيجياتها في منطقة باتت عصية على الهيمنة الأمريكية المطلقة.
إن هذا الفشل المتواصل للولايات المتحدة في اليمن، وتكبدها خسائر مادية وبشرية متزايدة، سيكون له تداعيات عميقة على الداخل الأمريكي. فالتساؤلات حول جدوى هذه الحرب العبثية ستتعالى، وستزداد الضغوط على الإدارة الأمريكية لوضع حد لهذا النزيف المستمر للموارد.
والأهم من ذلك، أن هذا الفشل العسكري والسياسي يقوض من مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى أمام منافسيها على الساحة الدولية، الذين يراقبون عن كثب هذا التراجع الأمريكي في مواجهة صمود يمني أسطوري.
إن اليمن، بصموده الأسطوري وتضحياته الجسيمة، وبما حققه من تقدم ملحوظ في قدراته العسكرية، قد لقن الولايات المتحدة درساً قاسياً في فنون القتال وإرادة الشعوب.
هذا العدوان لن يزيد شعب الإيمان والحكمة إلا عزة وكرامة وإصراراً على مواصلة طريق الحق ونصرة قضايانا العادلة. وسيظل اليمن، بعون الله، شامخاً عصياً على الانكسار، شاهداً على تهاوي أوهام القوة الأمريكية وتراجع نفوذها في المنطقة