المدير الإقليمي لـ«إينرايد» لـ«الاتحاد»: الإمارات تتصدر دول العالم في مشاريع السيارات ذاتية القيادة
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تتصدر دولة الإمارات دول العالم في تنفيذ مشاريع السيارات الكهربائية وذاتية القيادة، حسب روبرت زيجلر، المدير العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «إينرايد»، المتخصصة في نقل البضائع وتوفير تكنولوجيا المركبات الرقمية والكهربائية وذاتية القيادة.
وأكد زيجلر لـ «الاتحاد» أن تحقيق مستهدف دولة الإمارات لخفض الانبعاثات في مجال الشحن بنسبة 40% بحلول 2030، يتطلب تشغيل 18 ألف مركبة كهربائية على مستوى الدولة بحلول 2025، وزيادتها إلى 63 ألف مركبة بحلول 2030.
وكشف زيجلر عن أن شركة «إينرايد أي بي» لنقل البضائع التي توفر تكنولوجيا المركبات الرقمية والكهربائية وذاتية القيادة، تعتزم نشر 1000 شاحنة كهربائية ثقيلة و100 مركبة ذاتية القيادة في أبوظبي، ثم التوسع في دبي والشارقة خلال 5 سنوات، عبر توفير بنية تحتية للشحن مدعومة بالذكاء الاصطناعي في مواقع عدة، خلال النصف الأخير من 2024. وقال: إنه سيتم تنفيذ المشروع، بالتعاون مع دائرة البلديات ومركز النقل المتكامل في أبوظبي، لتعزيز كفاءة عمليات الشحن البري، والتحول من وقود الديزل إلى الشحن الكهربائي.
وأوضح أنه سيتم تزويد بعض الطرق التي تستخدمها شركات الشحن بمحطات شحن كهربائية، كما سيتم تحويل الطرق إلى مسارات رقمية، منوهاً بأن الشركة ستقوم أيضاً بإدارة شبكة الشحن الكهربائية الخاصة بها من خلال دمج نظام «إينرايد ساغا» للشحن، والذي يوفر معلومات آنية حول الانبعاثات واستخدام الطاقة وبيانات الموقع، كما يصدر توصيات للأساطيل بهدف تقليل تكلفة التشغيل، وتعزيز الفوائد البيئية.
وأعلنت «إينرايد»، في وقت سابق، تعاوناً مشتركاً مع مركز النقل المتكامل بإمارة أبوظبي ودائرة البلديات والنقل في أبوظبي لتوسيع نطاق كهربة الشاحنات البرية، وبناء الجزء الخاص من المشروع في أبوظبي والمتعلق بشبكة «فالكون رايز»، لتقليص انبعاثات الكربون من النقل البري للبضائع بنسبة 30% بحلول عام 2030.
وتهدف مذكرة التفاهم الموقعة إلى بناء الجزء الخاص بأبوظبي من مشروع شبكة فالكون رايز، (Falcon Rise Grid)، أي ما يعادل نصف إجمالي المشروع، من خلال تنفيذ التكنولوجيا المخصصة لذلك، والعمل على إجراءات التنظيم لتعزيز التحول الإقليمي الفعال.
تقليل الانبعاثات
أعرب زيجلر عن تطلع الشركة إلى التعاون مع حكومة أبوظبي لضمان تنفيذ نظام نقل أكثر مرونة لتحقيق التأثير وتقليل الانبعاثات، حيث تمتد شبكة «فالكون رايز»، لمسافة 550 كيلومتراً عبر أبوظبي ودبي والشارقة، وتضم ما مجموعه 2000 شاحنة كهربائية و200 شاحنة ذاتية القيادة وأكثر من 500 نقطة شحن.
وأوضح أن منظومة الشحن الخاصة بالشركة تعتمد على نظام شبكي تم تخطيطه وتحسينه ومراقبته باستخدام منصة «إينرايد ساغا»، التي تعمل على تبسيط إدارة الشحن دون انقطاع، وتقليل الانبعاثات بشكل كبير.
وأشار إلى أن مقترح «إينرايد» لإدراج 2000 مركبة في شبكة «فالكون رايز» يمثل مساهمة كبيرة بحصة سوقية تبلغ نسبتها 11%، لافتاً إلى أن حلول الشحن الخاصة بـ «إينرايد» للتنقل الكهربائي والسيارات ذاتية القيادة تعد الأولى من نوعها، وتعد مركبة «إينرايد» ذاتية القيادة أول مركبة من دون كابلات مصممة خصيصاً لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في نقل البضائع.
وأوضح زيجلر أن الشركة تعتزم استخدام الطاقة المتجددة لشبكة «فالكون رايز» التي ستساهم فيها أسطح الألواح الشمسية المثبتة في محطات الشحن، إلى جانب مصادر أخرى، كما تتم حالياً مراجعة المواقع المرتبطة بشبكات الطرق الحالية. وذكر أن دولة الإمارات قامت بتغييرات وابتكارات كبيرة تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون بنسبة 40% ونشر 4000 مركبة ذاتية القيادة بحلول عام 2030.
وحول مدى مساهمة المشروع في تحقيق هدف دائرة البلديات والنقل المتمثل في تقليل انبعاثات نقل البضائع بنسبة 30% بحلول 2030، قال زيجلر: قدمت دولة الإمارات تجربة جاذبة لتكنولوجيا الكهرباء والقيادة الذاتية.
وأضاف أن المبادرة قادرة على خفض الانبعاثات بتحقيق خفض يصل إلى 95% في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، اعتماداً على مزيج استخدامات الكهرباء المحلية، ويمثل هذا أحد الإجراءات العديدة التي تهدف إلى مساعدة دولة الإمارات على تحقيق هدف الخفض بنسبة 30%، مبيناً أنه فيما يخص إمكانية تقديم جدول زمني لتطوير شبكة «فالكون رايز» على مدى السنوات الـ 5 المقبلة وتوسّعها في أبوظبي ودبي والشارقة، فإنه نظراً لأن الاتفاقيات التي تم الإعلان عنها حتى الآن هي مذكرات تفاهم، فإن مراحل التخطيط الإضافية ستحدد خططاً ملموسة فيما يتعلق بتنفيذ المشروع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات السيارات الكهربائية أوروبا أفريقيا الشحن الجوي الانبعاثات الكربونية ذاتیة القیادة دولة الإمارات نقل البضائع فی أبوظبی
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم الحلقة 3
فبراير 6, 2025آخر تحديث: فبراير 6, 2025
محمد الربيعي
بروفسور متمرس ومستشار دولي، جامعة دبلن
بدأت قصة علاقتي بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك) بدعوة لالقاء محاضرة. حينها، لم اكن اتوقع ان هذه الزيارة ستكون بمثابة رحلة استكشافية في عالم العلم والمعرفة. في اليوم الأول، انصب تركيزي على التعرف على بعض اعضاء هيئة التدريس. لكن مع مرور الوقت، بدأت اكتشف جوانباأخرى لهذا المعهد. في اليوم الثاني، انخرطت في نقاشات مطولة مع باحثين شباب،اأذهلني حماسهم وأفكارهم المبتكرة. في اليوم الثالث، تجولت في أروقة المعهد وتأملت في البيئة التي تشجع على الابداع والابتكار. مع نهاية الزيارة، ادركت انني لم اكن مجرد ضيف، بل كنت جزءاً من تجربة فريدة. لقد كانت رحلة متسلسلة، بدأت بدعوة، ثم تحولت الى سلسلة من العلاقات والتفاعلات المثمرة، لتنتهي بانطباع راسخ عن كالتك كصرح علمي شامخ.
يتميز معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك) بتركيزه الحصري والدقيق على العلوم والهندسة والتكنولوجيا، مما جعله بحق مركزا عالميا للبحث والابتكار في هذه المجالات الحيوية. هذا التركيز لا يقتصر على تقديم مناهج دراسية متخصصة، بل يتعداه الى توفير بيئة حاضنة للابداع والاكتشاف العلمي. يتميز ايضا بحجمه الصغير نسبيا مقارنة بالجامعات الكبرى، وهذا الحجم يتيح نسبة عالية جدا بين الطلاب واعضاء هيئة التدريس، مما يعزز التفاعل الوثيق والمباشر بين الطرفين، ويضمن توجيها شخصيا فريدا لكل طالب، حيث يحظى الطلاب بفرصة العمل عن كثب مع كبار العلماء والباحثين. تعتبر البيئة البحثية المكثفة والغنية بالفرص من ابرز سمات كالتيك، حيث يشجع الطلاب، من المراحل الجامعية الاولى وحتى الدراسات العليا، على المشاركة الفعالة في ابحاث متطورة ورائدة جنبا الى جنب مع اعضاء هيئة تدريس عالميين معترف بهم دوليا، مما يكسبهم خبرة عملية قيمة ويساهم في تطوير مهاراتهم البحثية. اضافة الى ذلك، يدير كالتيك بكل فخر واقتدار مختبر الدفع النفاث (JPL) التابع لوكالة ناسا، وهو مركز رائد عالميا لابحاث الفضاء واستكشافه وتطوير الروبوتات والمركبات الفضائية، ما يتيح للطلاب فرصة فريدة للمشاركة في مشاريع فضائية حقيقية. واخيرا، خرج كالتيك على مر تاريخه العديد من العلماء والمهندسين ورجال الاعمال البارزين الذين تركوا بصمات واضحة في مجالاتهم، بمن فيهم الحائزون على جائزة نوبل في مختلف فروع العلوم والذي يقدر عددهم بسبعين عالما، ما يؤكد جودة التعليم والبحث في هذه المؤسسة المرموقة.
تاسس معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في عام 1891 باسم متواضع هو “مدرسة ثروب للفنون اليدوية” على يد رجل الاعمال والسياسي اموس جي ثروب. كانت المدرسة في بداياتها تركز على تعليم الحرف اليدوية والمهارات التقنية، ولكنها سرعان ما بدات في التطور والتوسع في مجالات العلوم والهندسة. تطورت المؤسسة عبر السنين بشكل ملحوظ، وشهدت تغيير اسمها عدة مرات قبل ان يعرف باسمه الحالي، معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، في عام 1920، وهو الاسم الذي يعبر بدقة عن طبيعة المؤسسة واهدافها. نما كالتيك تدريجيا ليصبح جامعة بحثية رائدة على المستوى العالمي، واكتسب سمعة مرموقة بفضل مساهماته الهامة والجذرية في مجالات العلوم والهندسة، حيث يعتبر منارة للعلم والمعرفة والتكنولوجيا على مستوى العالم.
يجري معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ابحاثا متطورة ورائدة تتجاوز حدود المعرفة في مجالات متنوعة وشاملة، تشمل الفيزياء النظرية والتجريبية، حيث تجرى دراسات معمقة حول الكون وقوانينه الاساسية، وصولا الى دراسة الجسيمات دون الذرية، وعلم الفلك واستكشاف الفضاء، من خلال دراسة الكواكب والنجوم والمجرات، وتطوير التلسكوبات والمركبات الفضائية، والكيمياء بجميع فروعها، من الكيمياء العضوية وغير العضوية الى الكيمياء الحيوية والفيزيائية، والاحياء الجزيئية والخلوية، التي تركز على دراسة العمليات الحيوية على المستوى الجزيئي والخلوي، والهندسة بفروعها المختلفة من الميكانيكية الى الكهربائية والفضائية، حيث تطور تقنيات جديدة في مجالات الروبوتات والطاقة والنقل، وعلوم الارض والكواكب ودراسة الظواهر الطبيعية، مثل الزلازل والبراكين والتغيرات المناخية. هذه الابحاث لا تثري المعرفة العلمية فحسب، بل تساهم ايضا في حل مشاكل عالمية ملحة.
ضم معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا عبر تاريخه كوكبة من اشهر العلماء الذين ساهموا باسهامات جليلة في مختلف المجالات العلمية. من الصعب حصرهم جميعا، لكن ابرزهم ريتشارد فاينمان عالم فيزياء نظرية شهير، حائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1965 عن اعماله في الديناميكا الكهربية الكمية، وموراي جيل مان عالم فيزياء نظرية حائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1969 عن اكتشافاته المتعلقة بتصنيف الجسيمات الاولية وتفاعلاتها، وكارل ساغان عالم فلك وكاتب ومروج للعلوم اشتهر بابحاثه في مجال الكواكب وبرنامجه التلفزيوني “الكون” ، ولينوس باولنغ عالم كيمياء حائز على جائزتي نوبل، الاولى في الكيمياء عام 1954 عن ابحاثه في طبيعة الرابطة الكيميائية، والثانية جائزة نوبل للسلام عام 1962 لنشاطه ضد التجارب النووية، واحمد زويل عالم كيمياء مصري امريكي حائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 عن اختراعه ميكروسكوب الفيمتوثانية الذي يمكن من خلاله رؤية حركة الذرات داخل الجزيئات عند حدوث التفاعلات الكيميائية، وجون فون نيومان عالم رياضيات وفيزياء وحاسوب مجري امريكي، ساهم في تطوير الحاسوب الحديث ونظرية الالعاب.
يولي كالتيك اهمية كبيرة لمشاركة الطلاب في هذه الابحاث، سواء في مرحلة الدراسة الجامعية الاولية او الدراسات العليا. ففي المرحلة الجامعية الاولية، يشجع الطلاب على الانخراط في مشاريع بحثية صغيرة تحت اشراف اعضاء هيئة التدريس، مما يكسبهم خبرة عملية قيمة ويساعدهم على تطوير مهاراتهم البحثية والتفكير النقدي. اما في الدراسات العليا، فيعتبر البحث العلمي جزءا اساسيا من البرنامج الدراسي، حيث يعمل الطلاب على مشاريع بحثية معمقة تساهم في دفع عجلة التقدم العلمي.
يمتلك كالتيك مرافق حديثة ومتطورة على اعلى مستوى عالمي، تساعد الباحثين والطلاب على اجراء ابحاثهم بكفاءة وفعالية. تشمل هذه المرافق المختبرات المجهزة باحدث التقنيات والاجهزة، التي تمكن الباحثين من اجراء تجارب معقدة ودقيقة، والمراصد الفلكية المجهزة باقوى التلسكوبات، التي تتيح رصد ودراسة الاجرام السماوية بدقة عالية، ومراكز الحوسبة عالية الاداء التي تمكن الباحثين من اجراء عمليات محاكاة معقدة وتحليل كميات هائلة من البيانات. هذه المرافق توفر بيئة بحثية مثالية تشجع على الابتكار والاكتشاف.
يتعاون كالتيك بشكل وثيق مع مؤسسات بحثية وجامعات مرموقة في جميع انحاء العالم، مما يعزز تبادل المعرفة والخبرات بين الباحثين والعلماء من مختلف الجنسيات والخلفيات العلمية، ويساهم في تقدم البحث العلمي على المستوى الدولي. هذه الشراكات تتيح للطلاب والباحثين في كالتيك فرصة التعاون مع باحثين من مؤسسات اخرى، والاطلاع على احدث التطورات في مجالاتهم.
يعتبر كالتيك بحق من افضل الجامعات على مستوى العالم للعديد من الاسباب، منها تميزه الاكاديمي ومعاييره الصارمة في اختيار الطلاب واعضاء هيئة التدريس، مما يضمن وجود نخبة من العقول الشابة والخبيرة في مكان واحد، وبحثه الرائد الذي يساهم بشكل فعال في تقدم العلوم والهندسة وخدمة البشرية، من خلال تطوير تقنيات جديدة وحلول مبتكرة لمشاكل عالمية، وبسبب خريجيه المؤثرين الذين يحدثون تغييرا ايجابيا في مجتمعاتهم من خلال ابتكاراتهم واكتشافاتهم، وبسبب تصنيفاته العالمية المتقدمة باستمرار في جميع قوائم تصنيف الجامعات العالمية المرموقة، ما يؤكد جودة التعليم والبحث في هذه المؤسسة المرموقة. هذه العوامل مجتمعة ترسخ مكانة كالتيك كاحدى اهم المؤسسات العلمية والبحثية في العالم، ومساهمته الكبيرة في اعداد جيل جديد من العلماء والمهندسين القادرين على قيادة مستقبل العلوم والتكنولوجيا.