تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ونحن نودع شهر رمضان الكريم، ونودع معه حكايات أبطال لمسلسلات عشنا معها طيلة 30 يومًا، ولأول مرة لم يكن فيها ابتذال يمنعنا من مشاهدتها، ولأول مرة يخرج كُتاب الدراما جميعًا من فخ العشوائيات.. يجب أن نقول ونؤكد أننا قد بدأنا نستعيد عافيتنا، ونضع أقدامنا على طريق افتقدناه لسنوات، عُدنا إلى دراما تخلق الواقع ولا تنقله، فما جدوى أن ينقل القلم والكاميرا والشخوص سوءات الواقع دون وضع روشتات الإصلاح!

أنا أثق أن ثمة أشخاصًا ما يُدركون أهمية الرسالة، وأن هذا الاختراع العجيب في كل البيوت يُمكن من خلاله شحذ الهمم وتقليل.

. بل والقضاء على معدل الجريمة، ومواجهة قوى الظلام والشر، يُمكنه دفع الروح المعنوية لشبابنا ليعمروا ويتعلموا ويتطوروا.

في دراما المتحدة هذا العام تيمة أساسية، وإن اختلفت الكتابات والكُتاب، ألا وهي انتصار الخير على غير عادة، وما كان الخير في بدايته إلا فكرة لو نمت وطُرحت لكان في ثمارها انتصار الحياة على الموت.
إن خط الدراما هذا العام بقصد دفع الروح للنظر لأعلى بعيدًا عن بحور الدماء.. نقل قضية الخير والشر للسماء.. ذكر المُشاهد بأن هناك قاضي عادل لن يتأخر حُكمه وستُرد الحقوق لأصحابها.

فكرة انتصار الخير هذه كانت ما طعمناه من نهود أمهاتنا، فكرة انتصار الخير هذه كانت حواديتنا ونحن صغار، كانت المصابيح التي تُنير ديارنا قبل قلوبنا وعقولنا، كُنا نراها محفورة في سواعد أجدادنا.. كانت كحجاب يعلق على صدورنا.. فكرة صارت معتقدًا ودينًا خالصًا لنا بأن الله لن يتركنا.. بأن مصر حتى وإن كانت في غرفة الإنعاش ستنهض وتتعافى وتقف شامخة رأسها في سيناء وقدميها ينفجر من تحتها الماء العذب في الجنوب. 

كُنا افتقدنا كل ذلك.. توهنا دون إنكار لذلك.. فقدنا الهوية والطريق ولابد أن نعترف أن شتات سنوات يحتاج إلى جهد مضاعف للعودة لنعوض الوقت الذي أضعناه.. وعزاؤنا أننا بدأنا نعود.. أننا جمعنا أقصوصاتنا التي بعثرها الشر.. ووضعنا أيدينا على خريطة العودة.. وبات لزامًا علينا أن نشجع كل من يحاول.. أن نساند كُل من يضيء مصباحًا في طريقنا ويمهد لنا صعبًا. 

ربما لم يعجب البعض نهايات المسلسلات، كانوا يتصورون نهايات غير ذلك لما اعتدنا عليه من سنوات من انتصار تجار الدم والكيف والسلاح وأصحاب الجبروت وقوى الشر والظلام.. فلم نكن نظن أن حسن الصباح مات.. أبعد هذا الجبروت يموت حسن الصباح ويُلقى كجيفة وتُهدم قلعته.. فسبحان من له الملكوت؟ 
لكن الذي ما كنا نتقبله ولو تقبلنا فناء الجسد أن تموت فكرة الشر.. أن نغير نحن تكتيك المواجهة ولا نخوض في أسواق الكلام.. أن نضع رسالتنا ولا نشترك في الجدال عليها.. أن تعود لنا شخصيتنا المصرية المتفردة.. هذا نحن وهذا رأينا وهذه رؤيتنا.. فليجادل من يُجادل وليناقش من يناقش بعيدًا عنا وليقتتل من يقتتل بعيدًا عن هذا البلد الآمن، الذي لم ينتصر فيه شر من قبل.. الذي لم يجد الشيطان له فيه "غنيمة" ولم يستطع إيهام العوام بسحره.. فركعتين حول أضرحة آل البيت تُمحوان ما يدسونه من سم في العقول لسنوات.. 
غلبة مصر وقوتها في فطرتها في دينها.. في الخير الساكن في قلوب أهلها.. تلك حكمة الله لتبقى حائط الصد الأخير لهذه الأمة.. فليعي من أراد أن المصريين يليق عليهم أن يكونوا أبطالًا في الواقع قبل الدراما وحين يجسدوانعملًا ناجحًا فهم يجسدون أنفسهم.

وقبل أن أختم ما فعله صُناع مسلسل "الحشاشين" إعجاز.. نعم إعجاز أن يأتي كاتب مصري من أقاصي الصعيد بعد كل هذه الكتابات عن ملك الجبل، ويهدم فكرته وفكرة من تبعه لسنوات في 30 حلقة لأمر جلل!.. فلقد أخرجنا حسن الصباح من قبره ومن قلعته وحاكمناه أمام العالم وكشفنا كل أتباعه.  ثم في نهاية ال30 حلقة نفخناه كُتراب ولم يبقَ منه حتى الفكرة، نحن فتحنا الباب لمن أراد البحث والاستزادة وتتبع أثر الضلال من لدن حسن الصباح وأتباعه وصولًا إلى حسن البنا وجماعته.. نجحنا في تحقيق ما لا يحققه مئات الكُتب في سنوات.. إنها إذًا الدراما الأقرب إلى قلوب الناس.. اللغة التي يفهمها العوام.

ولست أغالي في عشقي للفكرة، ولا في يقيني بأن ثمة مَن يُخطط ليس فقط للدراما، ولكن للمنظومة كلها بتوجيه الطاقات المٌهدرة لفعل الخير، وأتمنى أن تستمر تلك التيمة لتستعيد مصر عافيتها وفكرها ليُشرق وجهها من جديد، فلقد اشتقنا إلى صوتها. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: دراما المتحدة اعمال تلفزيونية احداث مسلسل الحشاشين السيناريست عبد الرحيم كمال حسن الصباح

إقرأ أيضاً:

المواجهة الأميركية – الإيرانية… احتمال جدي!

آخر تحديث: 26 مارس 2025 - 11:40 صبقلم: خيرالله خير الله راعت الإدارات الأميركية المتلاحقة، منذ عهد جيمي كارتر، “الجمهورية الإسلاميّة” الإيرانيّة إلى أبعد حدود. هذه المرة، يبدو احتمال المواجهة الأميركيّة ـ الإيرانية من النوع الجدي للمرة الأولى منذ قيام النظام المبني على نظرية “الوليّ الفقيه”، الذي أراده الخميني على قياسه، في العام 1979. ما يجعل احتمال المواجهة الأميركية – الإيرانية يرتدي طابعا جدّيا، طبيعة المطالب التي قدمها الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة العليا في إيران، وهي السلطة المتمثلة في شخص “المرشد الأعلى” علي خامنئي.من بين هذه المطالب تخلي “الجمهورية الإسلاميّة” عن دعم أدواتها في المنطقة، بدءا بـ“حزب الله” في لبنان وانتهاء بالحوثيين في اليمن، مرورا بالميليشيات العراقية المنضوية تحت لافتة “الحشد الشعبي”. تطلب أميركا من النظام الإيراني إنهاء نفسه نظرا إلى أنّ هذه الأدوات كانت، ولا تزال، علّة وجود نظام لم يكن لديه في يوم من الأيام ما يقدمّه للإيرانيين في أي مجال من المجالات وأي قطاع من القطاعات. تبخرت كلّ الوعود التي قطعها الخميني للإيرانيين في مرحلة ما قبل قيام “الجمهوريّة الإسلاميّة”. يشمل ذلك الوعد بالاستغناء عن الدخل الذي مصدره النفط والغاز. زاد اعتماد “الجمهوريّة الإسلاميّة” على هذا الدخل في ضوء التجارب الفاشلة التي قام بها النظام منذ لحظة قيامه. اعتمد النظام الإيراني من أجل حماية نفسه على الميليشيات المذهبية التي أنشأها ومولها ونشرها في دول المنطقة معتمدا أساسا على وضع يده على سوريا والنظام العلوي الذي أقامه حافظ الأسد. لم يستطع النظام الإيراني الخروج من شعار “تصدير الثورة” الذي وجد فيه الطريقة الأفضل لحماية نفسه. لكنّ السلوك الإيراني في الأسابيع القليلة الماضية يعبّر عن مخاوف لدى النظام من انتهاء صلاحيته أميركيا وإسرائيليا بعدما غيّرت حرب غزّة، التي تسببت بها “حماس”، النظرة إلى نظام الملالي.ارتدّت اللعبة التي مارستها إسرائيل منذ سقوط الشاه قبل 46 عاما، في نهاية المطاف، عليها. حصل ذلك بعد شنّ “حماس” هجوم “طوفان الأقصى”، وهو هجوم أدّى، بغض النظر عن النتائج التي أدّى إليها على الصعيدين الفلسطيني والإقليمي، إلى جعل المجتمع الإسرائيلي يهتز من الداخل. لا يؤكد ذلك أكثر من الهجرة المعاكسة من دولة إسرائيل، إلى مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك جزيرة قبرص، منطقة بافوس تحديدا. لم يسبق للدولة العبرية أن واجهت مثل هذه الهجرة المضادة منذ قيامها في العام 1948. لكن ما لا مفرّ من ملاحظته في الوقت ذاته، أنّه منذ قيام “الجمهوريّة الإسلاميّة” كان هناك تساهل أميركي مع إيران. يشير إلى ذلك كيفية تعاطي إدارة جيمي كارتر مع أزمة احتجاز موظفي السفارة الأميركية في طهران لمدة 444 يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1979. لم يمتلك كارتر الرغبة في وضع حدّ لعملية الابتزاز التي مارستها “الجمهوريّة الإسلاميّة”. ثمة من يبرّر ذلك بأنّه كان يعاني من عقدة فيتنام التي تحكّمت بتصرفات إدارته.يمكن إيراد أمثلة كثيرة على التواطؤ الأميركي مع إيران بغطاء إسرائيلي. بين هذه الأمثلة، تغاضي الولايات المتحدة عن تفجير سفارتها في بيروت في نيسان – أبريل 1983 ونسف مقر المارينز قرب مطار العاصمة اللبنانية الذي قتل فيه 241 عسكريا أميركيا. كذلك، يمكن الذهاب إلى الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت بين 1980 و1988، والتي تخللتها مواقف أميركية تثير كل أنواع الاستغراب، خصوصا  فضيحة إيران – غيت التي شهدت، بين ما شهدته، تزويد إيران بأسلحة إسرائيلية كانت في حاجة إليها لمتابعة الحرب.في الإمكان التذكير أيضا بالخدمة الكبيرة التي قدمتها حرب الثماني السنوات التي افتعلتها إيران ووقع صدّام حسين، بغبائه السياسي، في فخها. قضت تلك الحرب على ثروات كبيرة عراقيّة وإيرانيّة. أكثر من ذلك، لم تتوقف “الجمهوريّة الإسلاميّة” عن عمل كل ما تستطيعه من أجل إجهاض أي احتمال لقيام سلام فلسطيني – إسرائيلي منذ توقيع اتفاق أوسلو في أيلول – سبتمبر 1993. لم تكن إيران، عبر أدواتها الإقليميّة، بعيدة يوما عن العمليات الانتحاريّة التي نفذتها “حماس” والتي لعبت دورا كبيرا في جعل المجتمع الإسرائيلي يتحول نحو اليمين بشكل شبه نهائي. كان اليمين الإسرائيلي يرد ّ الجميل في كل وقت لما قامت به “الجمهوريّة الإسلاميّة” طوال عقود. شمل ذلك بقاء جنوب لبنان طوال سنوات في عهدة “حزب الله” بعيدا عن وجود الجيش اللبناني. كان مطلوبا في كلّ وقت بقاء الجنوب صندوق بريد وتبادل رسائل بين إيران وإسرائيل التي وجدت نفسها بعد حرب غزّة مضطرة إلى التعاطي بطريقة مختلفة مع إيران.في أساس هذا التغيير الصواريخ التي مصدرها إيران والتي ضربت الدولة العبرية من غزّة واليمن… وجنوب لبنان! أكثر من أي وقت، توجد معادلة جديدة في المنطقة التي عانت أيضا من تصرفات باراك أوباما الذي عمل كلّ ما يستطيع من أجل تفادي أي إزعاج لإيران بغية التوصل إلى الاتفاق في شأن ملفها النووي في العام 2015. بلغ الأمر بأوباما أنّ غض الطرف عن استخدام بشّار الأسد السلاح الكيمياوي في الحرب التي شنها على شعبه، كي لا تنسحب “الجمهوريّة الإسلاميّة” من المفاوضات المتعلّقة بالملف النووي الإيراني.من يستخدم الصواريخ اليوم يمكن أن يستخدم السلاح النووي غدا. هذا هو الموقف المشترك الأميركي – الإسرائيلي. هل تستطيع إيران القيام بالتغيير الداخلي المطلوب؟ الأهم من ذلك كلّه، هل تدرك أن صلاحيتها لدى الإسرائيليين والأميركيين صارت منتهية؟،لا جواب على مثل هذا النوع من الأسئلة، لكنّ الأكيد أن الأيام التي كانت تراعي فيها أميركا إيران ولّت. كذلك الأيام التي كانت إسرائيل ترى أنّ كل ما تقوم به إيران في المنطقة يصبّ في مصلحتها، بطريقة أو بأخرى…

مقالات مشابهة

  • محلل إسرائيلي: عجز الجيش في لبنان يجعل من فكرة ضرب إيران خاطئة
  • قدر الأمة في ليلة القدر.. بين الخلاص الفردي والخلاص الجماعي
  • عُمان والكويت.. «عُقدة 27 عاماً»!
  • غزة مُستمرّة في تغيير وجه العالم
  • مدرب ستيلينبوش: الزمالك أحد عمالقة القارة الإفريقية.. ونحن الفريق الأقل حظًا للتأهل
  • أوروبا حائرة بين العاصفة الفرنسية والبرق الأمريكي! أيّهما الأقوى؟
  • مدرسة الحوليات الفرنسية و فكرة كسر حلقات الدوائر الخبيثة في السودان و الشب عن طوقها
  • المواجهة الأميركية – الإيرانية… احتمال جدي!
  • مبعوث ترامب للمهام الخاصة: الأسلحة النووية التي تخلت عنها كييف كانت ملكا لروسيا
  • رامي عياش: نحن كأولاد جبل يصعب علينا تقبل فكرة المساكنة