غزة-يرى مسؤولون ومحللون سياسيون أن إسرائيل تسعى من خلال اغتيال الشخصيات المدنية في قطاع غزة، وآخرها رئيس بلدية مخيم المغازي، إلى إشاعة حالة من الفوضى والانفلات الأمني؛ بغرض مساعدتها في تحقيق أهدافها من الحرب الوحشية التي تشنها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكانت طائرة إسرائيلية قد شنت غارة مساء أمس الاثنين، على مبنى يتبع لمجلس بلديات محافظة وسط القطاع، أدَّت إلى استشهاد رئيس بلدية المغازي حاتم الغمري، وعدد من المواطنين، ‏وأقر جيش الاحتلال باغتيال الغمري، وقال في تصريح إنه "قضى على رئيس لجنة الطوارئ الحكومية التابعة لحركة حماس في مخيمات الوسطى".

جريمة متعمدة

قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة إن "جيش الاحتلال ارتكب جريمة جبانة باغتياله رئيس بلدية المغازي"، وذكر في حديثه للجزيرة نت أن "الغمري كان موجودا مع مجموعة من المواطنين المدنيين في مبنى يتبع لمجلس بلديات المحافظة الوسطى، حين تم قصفهم دون سابق إنذار".

ويرى الثوابتة أن هدف الاحتلال من الاغتيال هو "خلق حالة من الفوضى والفلتان، ومضاعفة الأزمة الإنسانية في مخيمات اللاجئين، وعرقلة الخدمات البلدية للمواطنين بشكل واضح"، مؤكدا أن هذه الجريمة تتنافي مع كافة القوانين الدولية، التي تمنح الشخصيات المدنية الحصانة والحماية من الاستهداف في أوقات الحروب.

وأضاف أن "الاحتلال يعلم أن الغمري شخصية مدنية بحتة، وليس له أي نشاط عسكري أو أمني أو ما شابه ذلك، بل إنه يُقدم الخدمات البلدية المدنية للآلاف من أبناء شعبنا في مخيم المغازي، مثل خدمات توصيل المياه والصرف الصحي والنظافة، إلا أنه استهدفه بالقصف في جريمة واضحة".

وذكر أن "الغمري آثر الاستمرار بتقديم الخدمات لأبناء شعبه، رغم ظروف الحرب الوحشية، ولم يتوقف للحظة واحدة عن أداء واجبه، وكان من المتفانين في عملهم"، ونوّه إلى أن الغمري هو المسؤول البلدي الثاني الذي تم اغتياله بعد رئيس بلدية مدينة الزهراء مروان حمد، الذي تم اغتياله في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكشف الثوابتة أن ضابط مخابرات إسرائيلي كان قد أجرى مكالمة مع الغمري، وطلب منه "ألا يقدم أي خدمة عسكرية"، فرد عليه "أنا أقدم فقط خدمات مدنية وبلدية لأبناء مخيم المغازي، ولا علاقة لي بالعمل العسكري نهائيا".

أهداف سياسية

يرى مدير مركز "يبوس للدراسات" سليمان بشارات أن "اغتيال الغمري يأتي ضمن هدف شمولي وضعه الاحتلال الإسرائيلي من الحرب على قطاع غزة، وهو إعادة هندسة القطاع جغرافيا وسكانيا وإداريا".

وأضاف بشارات للجزيرة نت أن "الاحتلال يسعى من خلال اغتيال الشخصيات المدنية كالغمري إلى إعادة هيكلة البُعد الإداري، وما يرتبط به من إطار سياسي أو مظلة سياسية، وهذا ما يفسر الاستهداف الممنهج لجميع القطاعات المركزية الإدارية، والمؤسسات والمقار الحكومية والأهلية والجامعات".

وأضاف "وفقا للمخطط الإسرائيلي تم تنفيذ المرحلة الأولى، المتمثلة بعملية التدمير المكاني وهندسة الجغرافيا (تدمير المنازل والبنية التحتية)، والآن يأتي استكمال هندسة الواقع الديموغرافي السكاني، وهذا يكون من خلال خلق حالة من الفوضى الشمولية، من خلال استهداف المخاتير وممثلي العائلات والوجهاء، وصولا إلى رؤساء البلديات، باعتبارهم العناوين الرئيسية التي تُشكل خطوط التماسك الاجتماعي المحلي ومرجعيته".

وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل "ستمضي في المنهجية ذاتها، وربما تعمل على تكثيف هذا النوع من الاغتيالات خلال المرحلة المقبلة".

بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة أن "الاحتلال يسعى إلى شلّ قدرات البلديات على القيام بمهامها، خصوصا في المناطق التي عاد إليها النازحون، مشيرا إلى أن بلدية المغازي بذلت مؤخرا جهودا كبيرة في إعادة بعض الخدمات الأساسية، كالمياه والصرف الصحي، بهدف إتاحة الفرصة للسكان للعودة".

وأضاف عفيفة للجزيرة نت "خلال الشهر الأخير لاحظنا أن جرأة الاحتلال باستهداف كل من له علاقة بإعادة تسيير الجوانب الخدماتية والحياتية تزداد، وخصوصا في المناطق التي بها نازحون، وبلغت ذروتها في استهداف الأجهزة الشرطية واللجان التي تؤمن المساعدات في شمالي القطاع".

وأعرب عن اعتقاده بأن الاحتلال يسعى إلى إيجاد "حالة من الفراغ والفوضى، وهي جزء من أهداف حربه على القطاع"، وأضاف "هدف الاحتلال ليس فقط تدفيع السكان ثمنا كبيرا من خلال القتل والتجويع، لكن أيضا خلق أزمات لا تنتهي عند نقطة معينة".

وتابع "اغتيال المسؤولين المدنيين كالغمري يهدف إلى إيجاد حالة من البلبلة في الشارع الفلسطيني، على أمل أن يضطر الشارع في لحظة معينة إلى تقبل وجود جهات مدنية متواطئة مع الاحتلال، لعدم وجود بديل، لكن أعتقد أن هذا مشروع فاشل".

رئيس بلدية المغازي حاتم الغمري استمر في تقديم الخدمات لأهالي القطاع رغم ظروف الحرب (مواقع التواصل) من هو الغمري؟

ولد حاتم الغمري في 21 أغسطس/آب 1981، وعاش فترة من حياته في ليبيا، وبعد أن حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء عمل معلما في إحدى مدارس مدينة دير البلح.

وانتقل الغمري للعمل في التدريس الأكاديمي بعد حصوله على درجة الماجستير في الفيزياء، حيث حاضر في ‏‏‏‏الجامعة الاسلامية بغزة‏‏، وشغل منصب نائب رئيس قسم الفيزياء فيها، كما كان مدرسا في ‏‏الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية وكلية الرباط الجامعية.

وفي يونيو/حزيران 2020 تم تكليف الغمري برئاسة بلدية المغازي، وإبان رئاسته حصلت بلدية المغازي على الترتيب الأول على مستوى المحافظة الوسطى والثالث على مستوى قطاع غزة في الشفافية والنزاهة، حسب تقـرير مؤسسة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، ومقرها رام الله، للعام 2023.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات قطاع غزة من خلال حالة من

إقرأ أيضاً:

اكتشاف أقدم أداة موسيقيّة (الصنج) من النحاس في سلطنة عُمان

"العُمانية" اكتشف قسم الآثار في جامعة السُّلطان قابوس وبإشراف من وزارة التراث والسياحة أثناء أعمال التنقيب الأثري في موقع /دهوى 7/ الذي يقع على أطراف وادي السخن بولاية صحم في محافظة شمال الباطنة زوجًا من الصنجات المكتملة والمصنوعة من النحاس (الصنج هو أداة موسيقية نحاسية).

وقد دلت الشواهد الأثرية المنتشرة بكثافة على السطح على أن الموقع يمثل إحدى مستوطنات ثقافة محلية ازدهرت في المنطقة خلال الفترة الواقعة بين 2700-2000 قبل الميلاد، وبعد انقضاء أكثر من 4000 سنة خلت على طمرها واخفائها من قبل السكان الأوائل في شبه الجزيرة العُمانية، كشفت أعمال التنقيبات الأثرية عنها لأول مرة، وكشفت عن أسرار ثقافية ومعتقدات دينية طواها الزمان لآلاف السنين.

ونقبت البعثة الأثرية من قسم الآثار في عدد من مباني المستوطنة لتؤكد النتائج على أن الموقع كان مزدهرًا جدًا، وأن سكانه اعتمدوا بشكلٍ كبير في اقتصادهم المعيشي على تعدين النحاس، إضافةً إلى الزراعة، خاصةً النخيل، وتربية الماشية، وقد دلت الكميات الكبيرة جدًا من الفخار المستورد من بلاد السند، الذي عثر عليه داخل المستوطنة على أن سكان الموقع كانت تربطهم علاقات تجارية وثيقة مع حضارة "هارابا" التي كانت مزدهرة هناك.

ومن ضمن المباني الأربعة التي تم التنقيب بها في الموقع كان هناك مبنى صغير منعزل، يتربع على قمة هضبة مرتفعة ومطلة على باقي مباني المستوطنة الواقعة في المنطقة السلفية من المستوطنة.

وكشفت التنقيبات الأثرية عن المخطط العام للمبنى، الذي يتكون من غرفة مستطيلة الشكل لها مدخل صغير في جدارها الشرقي يتم الوصول له عبر عتبة مستطيلة تمتد على طول الجدار الشرقي للمبنى، وقد عثر داخل المبنى على مجموعة من المرافق المعمارية، أهمها طاولة حجرية صغيرة، تقع مقابل المدخل مبنية من حجارة رقيقة، قطعت بعناية، مغطاة بطبقة من البلاستر صفراء اللون.

وتشير المرفقات المعمارية إلى أن المبنى استعمل مبنى دينيًّا وهو يعد أحد أقدم المعابد المكتشفة حتى الآن، وقد دلت التنقيبات الأثرية أن المبنى شهد مرحلتين رئيسيتين من الاستخدام: مرحلة مبكرة وأخرى متأخرة، فبعد فترة من الاستخدام تم عمل أرضية جديدة للمبنى وضعت تحتها طبقة من الطين.

وتعد الصنجات التي عثر عليها في هذا المعبد الأقدم على الإطلاق على مستوى شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام في حين عثر على أدلة مشابهة لها، وربما مزامنة لها في مدينة موهنجدارو في وادي السند، باكستان حالياً، تعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد وهناك أيضا أدلة تشير إلى استخدام الصنجات في الحضارة السومرية في مدينة أور في جنوب بلاد الرافدين.

كما تشير الأدلة الأثرية إلى أن تقاليد استخدم الصنجات كآلة موسيقية كانت مرتبطة بشكلٍ رئيس بالطقوس الدينية، إذ كانت تستخدم في الترانيم الخاصة التي تقام أثناء ممارسة الطقوس المختلفة منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وهذا مؤشرٌ على أن المجتمعات التي عاشت في سلطنة عُمان كانت تربطها علاقات وثيقة مع الحضارات الكبيرة ليس فقط على المستوى التجاري وإنما على المستوى الديني والفكري. وقد أكدت نتائج التحليل الجيوكيميائي للصنجات من موقع /دهوى/على أنها مصنوعة من نحاس محلي ربما جلب من منطقة بالقرب من مسقط، ويعد هذا الاكتشاف مهمًا ليس فقط بسبب ندرة هذه القطع الأثرية، بل أيضًا بسبب المعلومات التي تقدمها عن التأثيرات الثقافية والتفاعلات التي كانت موجودة بين الحضارات البعيدة.

يذكر أنه تم نشر نتائج هذا الاكتشاف حديثا في مجلة انتيكويتي (Antiquity) في المملكة المتحدة، حيث لاقى هذا الاكتشاف اهتماما كبيرا من المجلات العلمية العالمية.

مقالات مشابهة

  • ستبدأ بجبل لبنان.. بيروت تستعد لإجراء أول انتخابات بلدية منذ 9 سنوات
  • تحذيرات من اغتيال الاحتلال للأسير عبد الله البرغوثي.. حالته خطيرة
  • اغتيال خلف القضبان.. عبدالله البرغوثي يواجه الموت في سجون الاحتلال
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • اكتشاف أقدم أداة موسيقيّة (الصنج) من النحاس في سلطنة عُمان
  • اكتشاف أقدم أداة موسيقية من النحاس في سلطنة عُمان
  • "بلدية ظفار" تكشف عن فعاليات موسم خريف ظفار السياحي 2025
  • في عمليات منفصلة.. الجيش الإسرائيلي يُعلن اغتيال 3 مقاومين فلسطينيين
  • اغتيال رئيس مصنع تطوير قدرات الحرب الإلكترونية الروسية بسيارة مفخخة
  • مسؤول في البنتاغون: نتعامل مع مزاعم الحوثيين بإصابات مدنية في اليمن بجدية مع تقييم أضرار الضربات