بوابة الوفد:
2024-12-22@07:59:32 GMT

العيد فى غزة صبر وعزة

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

كثيراً منا يتمتع بالأمن والأمان والستر والصحة ولا يفوته أن يتفسلف ويتغنى ببيت الشعر المشهور الذى يقول بأى حال عدت يا عيد، ولكن عندما نجد الوضع يختلف اختلافاً جذرياً مع أهل غزة من عدم وجود الأمن والآمان والصحة والستر، أضف عليها الجوع والعطش والقتل والإبادة الجماعية من عدو بربرى همجى لا يرحم، ورغم ذلك نجد من تفقد أسرتها كاملة، وتؤكد أمام العالم أجمع أن كل هذا فداء لدولة فلسطين الأبية، وأن دموعها ليست قهراً ولا هزيمة ولا استسلاماً بقدر ما هى دموع الهوان على أمة لفظت أنفاسها بعد أن عاشت كغثاء السيل عشرات السنين بعد أن قذف الله الوهن فى قلوب أبنائها، ونزع المهابة من قلوب أعدائهم تجاههم.


عجيب أمر هذا الشعب الذى يتنفس كرامة، وينطق عزة، ويأبى الخنوع والهزيمة رغم تعرضه لحصار لم نرَ مثله منذ قرون، حتى حصار النبى (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين فى شعب أبى طالب الذى تم كسره بنخوة بعض القريشيين المشركين آنذاك الذين قالوا أنهنأ بالعيش وقومنا يموتون جوعاً، إنها جاهلية تتفوق على مدنية هذا الزمان بحقوق إنسانه وحيوانه وجمعياته الحقوقية والبعيدة كل البعد عن أية حقوق سوى حقوق السامية والصهيونية والمصالح الغربية ليس إلا، أبكى وأفرح فى آن واحد عندما أجد نساء الشعب الفلسطينى يصنعن كعك العيد بالماء والدقيق بعد أن أصبح الزبد والسكر والمكسرات من المستحيلات، وفوق هذا كله يتغلبن على الجوع والحزن والقهر بابتسامات تقذف فى قلوب الأعداء والمتخاذلين آلاف الخناجر، لأنهن لم يخضعن ولو لحظة واحدة حزناً على فقد الأزواج والأبناء أو قهراً على فقد الأمن والسكن.
هنيئاً لك أيها الشعب الأبى، فقد اعطيت العالم الإسلامى دروساً بالغة فى الصبر والاحتساب والتضحية والموت دون الأرض والعرض دون كلل أو تردد.
هنيئاً لك يا شعب غزة العزيز الأبى الذى لم يكفر بمقاومته أو يحملها تبعات الموت والخراب ولو للحظة واحدة، ولكنه يقتسم اللقمة وشربة الماء معه ليستمر فى مقاومته هذا الاحتلال الغاشم الذى سيزول إن آجلا أو عاجلاً رغم الخداع الأمريكى بوقف إطلاق النار المصحوب بمساعدات عسكرية قيمتها ١٧ مليار دولار عبارة عن قنابل وصواريخ بالستية زنة الـ٥٠٠ رطل التى ترسلها للكيان ضد شعب ومقاوم يحصل على شربة الماء بأعجوبة، ورغم ذلك يسحب العدو جنوده وآلياته من قطاع غزة عشية السابع والعشرين من شهر رمضان الكريم بفضل المقاومة الباسلة ودعوات الضعفاء والثكالى والصابرين.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: طارق يوسف هموم وطن الأمن والأمان الوضع

إقرأ أيضاً:

الرقيب جل جلاله

يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» (النساء: 1)، فهو سبحانه وتعالى الرقيب الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء، وهو القائم على شئون خلقه، المطلع على ما تكنه صدورهم، القائم على كل نفس بما كسبت، فهو معنا أينما كنَّا، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (المجادلة: 7)، ويقول سبحانه على لسان لقمان (عليه السلام) فى وصيته لابنه: «يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السَّمَاوَاتِ أَوْ فِى الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» (لقمان: 16)، ويقول سبحانه: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا» (الكهف: 49)، ويقول سبحانه: «وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ومَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ» (الأنعام: 59)، ويقول سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق: 16-18)، فهى معية مراقبة، لا يعزب منها عن علمه سبحانه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض.
إن صاحب الضمير الحى اليقظ هو الذى يخاف الله (عز وجل) ويسعى لتحقيق مرضاته سرًّا وعلانية، فإذا غابت عنه رقابة البشر وهمَّت نفسه بالحرام تحرك ضميره؛ فيصده عنه ويحول بينه وبين ما يغضب الله، ويذكره بأن هناك الرقيب الذى لا يغفل ولا ينام، حيث يقول الحق سبحانه: «وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ» (الانفطار: 10)، ويقول جل فى علاه: «وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا» (الإسراء: 13-14)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ; فَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِى السَّبَرَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، وَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَالْعَدْلُ فِى الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدُ فِى الْفَقْرِ وَالْغِنَا، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِى السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ».
بهذا الضمير الإنسانى اليقظ يستطيع الإنسان تأدية العبادات على الوجه الأكمل، فتجده خاشعا لله (عز وجل)، مراقبًا له تمام المراقبة فى صلاته وصيامه وحجه وزكاته، لعلمه أن من أسمائه (عز وجل) الرقيب، ثم يتعدى أثر هذه المراقبة إلى بيعه وشرائه, وعمله وإنتاجه، وسائر تصرفاته، وبذلك ينضبط السلوك والتصرفات، وتُحفظ الحقوق، وتُؤدى الواجبات.
ومن ثم فإنه يجب على الإنسان أن يراقب الله تعالى حق المراقبة فى السر والعلن, وهذه المراقبة هى التى جعلت ابنة بائعة اللبن تقول لأمها التى أمرتها أن تمزج اللبن بالماء: إن كان عمر (رضى الله عنه) قد نام فإن رب العزة لا تأخذه سنة ولا نوم، وجعلت راعى الغنم الأمين يقول: إن كان صاحب الغنم لا يرانا فأين الله الذى لا يعزب عن علمه شىء فى الأرض ولا فى السماء؟.

الأستاذ بجامعة الأزهر

مقالات مشابهة

  • «قلوب صغيرة» يفوز بجائزة البرج الذهبي في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير
  • تصريحات رئيس لجنة حماية التراث عقب احتفالية العيد القومي لمطروح
  • «عاشق سارح في الملكوت».. «قلوب بيضاء» يتفوق على 41 فرقة عالمية في الفنون الشعبية
  • هل يكون انتخاب عون بسترينة العيد؟
  • كأسك يا وطن
  • عندما تسلّط هدية العيد الضوء على مشاكل السمنة.. من دون قصد!
  • افتتاح 4 مساجد جديدة ضمن احتفالات العيد القومي الـ109 لمحافظة مطروح
  • الرقيب جل جلاله
  • وزيرة التنمية المحلية تشهد احتفالية العيد الأربعين لإنشاء مركز تدريب سقارة
  • افتتاح 3 مدارس جديدة بمناسبة العيد القومي الـ109 لمحافظة مطروح