بوابة الوفد:
2024-12-19@09:20:14 GMT

التنمية المصرية والعوائق الجيوسياسية (٢)

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

تناولنا فى المقال السابق أن الولاية الجديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى تتزامن مع التوجهات العالمية الجديدة المستندة إلى تحويل الحدود إلى صلات وصل بين الدول، أبرزها مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الاقتصادى بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، مع تأكيد أن العالم وهو يسعى لتحقيق التنمية الشاملة إما أن يكون فى إطار من التعاون، أو بانتهاج سياسة عدوانية لا تبنى، بل تهدم حضارات، وفى ظل امتلاك مصر أهم موقع جغرافى فى الشرق الأوسط، فإن الشراكة الاستراتيجية بين مصر وبكين، من المؤكد أنها ستعزز من موقف الصين فى مواجهة الولايات المتحدة، كما أنها ستؤثر فى علاقة القاهرة بواشنطن.

وسيؤدى إلى وأد مبادرة الممر الاقتصادى لاسيما بعد أفول نجم إسرائيل المتوقع نهايته هذا العام على يد المقاومة الفلسطينية الباسلة، وهو ما يدعونا إلى ضرورة الاستعداد نحو الانطلاق لغد أفضل، وهو ما يؤكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة بذل الكثير من الجهود، مع التأكيد بأنه إذا توقفنا عن التنمية والتطوير سنكون بذلك نخالف الواقع الموجود حولنا. وهو ما تم التأكيد عليه أثناء حفل إفطار الأسرة المصرية حيث أكد الرئيس على الأتى أولا– الاستمرار فى تنفيذ إجراءات لإصلاح المسار الاقتصادى القائمة على توطين الصناعة، وخاصة الصناعات التحويلية، والتوسع فى الرقعة الزراعية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ودعم القطاع الخاص مع توفير إجراءات الحماية الاجتماعية اللازمة للطبقات الأولى بالرعاية. ويعتبر هذا تحولاً فى مسار عملية الإصلاح الاقتصادى، حيث تم التركيز على الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعد أن عانت مصر بعد أزمة الأسواق الناشئة وأزمة جائحة كورونا وقيام الفيدرالى الأمريكى برفع أسعار الفائدة وهو ما أدى إلى خروج أكثر من 22 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة سعياً وراء التربح فى أماكن أخرى، وهذا أضر كثيراً بالاقتصاد الوطنى، كذلك سعى مصر عبر برنامجها الاقتصادى إلى تمكين القطاع الخاص بنسبة لا تقل عن 65% من المشروعات التنموية، وهو ما جعل الدولة المصرية تضع سقفاً للاستثمارات الحكومية لا تزيد على تريليون جنيه سنوياً.ثانياً– دعم حالة الإصلاح السياسى التى بدأت منذ إطلاق الحوار الوطنى فى أبريل 2022، مع التأكيد على ضرورة استمراريتها والاستمرار فى دعم الشباب وتمكين المرأة، على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وهو الأمر الذى يتسق تماماً مع الركيزة التالية. ثالثاً– وضع قضية بناء الإنسان المصرى على رأس أولويات العمل الوطنى وفى الصدارة منها: توفير الحياة الكريمة اللازمة له، وسبل جودة الحياة بشكل عام من خلال توفير بيئة التعليم الجيد، والخدمات الصحية اللائقة، والسكن الكريم. وهنا لا بد من التشبث بهذه الركيزة التى أكدت كل النماذج التنموية العالمية أن مسار التعليم والبحث العلمى هما أساس السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادى والتقدم الاجتماعى. ما يعنى أنه يجب علينا التحرك بشكل عاجل لجعل التعليم على قمة الأولويات، لاسيما أن الأبحاث الدولية أظهرت أن الصراع العنيف ينخفض بنسبة تصل إلى 37% عندما يكون للفتيان والفتيات قدرة متساوية على الوصول للتعليم. وبالتالى يجب تثمين دور الدولة الداعى إلى الاهتمام بقطاع التعليم، وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمى والابتكار لتكون فى سلم أولوياتنا الوطنية، ومده بكل أسباب التمكين باعتباره الأساس الذى من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام فى بناء متطلبات المرحلة المقبلة.رابعًا– الاستمرار فى سياسات الاتزان الاستراتيجى، التى تنتهجها الدولة المصرية، تجاه القضايا الدولية والإقليمية التى تحددها محددات وطنية واضحة، وسوف نتناول هذه المحددات الوطنية فى المقال القادم إن شاء الله.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د علاء رزق الولاية الجديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى الحزام والطريق الصينية وهو ما

إقرأ أيضاً:

المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٤- ١٠)

تناولنا فى المقالات السابقة أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الإقتصاد العالمى خاصة فى الدول العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتى انخرطت فى صراعات مدتها 231 عاما من أصل 248 عاما من وجودها، وإستناداً على شعار ترامب «أمريكا أولاً»، فإن توجهاته تعكس هذا الشعار، ففى الولاية السابقة عام 2017 اتسمت السياسات الإقتصادية لترامب بتوجهاتها الداعمة للنمو الاقتصادى المحلى وتعزيز القوة التنافسية، وفى هذه السلسلة من المقالات سوف نتناول تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، وفى هذا المقال سوف نتناول الأثر الاقتصادى على الجانب السورى، الذى يمر بأكبر فوضى فى تاريخه عبر عنها ترامب بأن سوريا فى فوضى، لكنها ليست صديقتنا، وأضاف، لا ينبغى للولايات المتحدة أن يكون لها أى علاقة بما يحدث، هذه ليست معركتنا، لندع الأمور تجرى، دون أن نتدخل، ولكن يجب وضع تعاطف سوريا من إنطلاق عملية «طوفان الأقصى» فى الحسبان، والأخذ فى الاعتبار نجاح سوريا فى حرب عام 2006 عبر حزب الله فى إجهاض ولادة «شرق أوسط جديد»، ما يحدث الآن فى سوريا ما هو إلا تحديد لقواعد جديدة لموازين القوى، تراها مصر بشكل واضح، بعد انتظار أكثر من 400 يوم من حرب ميلاد شرق أوسط جديد، وعمليا تشير كثير من التقارير إلى حاجة الاقتصاد السورى إلى نحو 10 سنوات من أجل العودة إلى مستويات 2011، بعد أن فقد نحو 85% من قيمته خلال 12 عاماً ليصل إلى تسعة مليارات دولار فى 2023 مقابل 67,5 مليار دولار فى 2011، أما الآن فالقيمة تقترب من الصفر، فالنظام السورى دمر الاقتصاد بجعله إحتكاريا محصوراً بعدد من الأفراد، وبذلك تراكمت الأرباح، كما لم يكن هناك سوق اشتراكى ولا سوق حر، كان هناك سوق يمكن تسميته بـ رأسمالية النخبة أو العائلة، وبالتالى لم يكن هناك سياسات مالية أو نقدية بل مجرد اقتصاد حرب يسعى إلى دعم الآلة العسكرية للنظام ضد شعبه، امتزج هذا بدعم بشار الأسد للفساد خاصة الفساد الإدارى الذى استشرى فى النخب السورية والمراكز البحثية والجامعات، عبر تقليد الفاسدين للمناصب، مما نجم عنه ضياع للأمن القومى السورى، وإذا كانت سوريا مع نهاية السنة الثامنة من النزاع السورى، والذى بدأ عام 2011 خسرت إقتصاديا ما يفوق 442 مليار دولار، وهذا الرقم الهائل لا يعبر وحده عن معاناة شعب أصبح 10 مليون منه على الأقل لاجئين، إلا أنه من المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 800 مليار دولار بعد إنهيار نظام بشار والسقوط الإقتصادى لسوريا، وبالتالى نرى أنه من المبكر الحديث عن مستقبل الدولة السورية، ولكن يمكن تحديد سيناريوهات محتملة أبرزها سيناريو استمرار الوضع الراهن مقترنا بفوضى الانقسامات الجغرافية والطائفية، كذلك سيناريو التقسيم الفعلى إلى مناطق نفوذ بين اللاعبين الرئيسيين، وهو ما قد يؤدى إلى تفاقم النزاعات بين الأطراف، خاصة على الحدود والموارد، أيضاً سيناريو التسوية السياسية الشاملة من خلال اتفاقات دولية تقضى بتشكيل حكومة جديدة، وهو سيناريو يتطلب تنازلات كبرى وإصلاحات دستورية كبيرة لإعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة، لكنه يظل الأكثر استدامة، السيناريو الأخير الفوضى الشاملة بانهيار كامل، وفقدان السيطرة، وبروز فصائل جديدة تتقاتل على السيطرة، وهو سيناريو يجعل من سوريا ساحة حرب مفتوحة لجميع الأطراف الدولية، مما سيزيد من التدخلات الأجنبية ويعزز الإرهاب.. وللحديث بقية إن شاء الله.

مقالات مشابهة

  • وفاة الدكتور روفائيل بولس رئيس حزب مصر القومي
  • القليوبية على خريطة الاستثمار العالمي.. القمة المصرية الإندونيسية تدفع بعجلة التنمية
  • وفد من هيئة التعليم بطوكيو يزور الجامعة المصرية اليابانية بالإسكندرية
  • المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٤- ١٠)
  • ضغوط تواجه الأسهم السعودية بسبب المخاطر الجيوسياسية
  • «المشاط»: الشراكات المصرية اليابانية تعكس أهمية العمل المشترك لمواجهة تحديات التنمية
  • التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
  • بالوعى والإصرار هنكمل المشوار .. حملة إعلامية بدمياط
  • هانى أبو الفتوح يشكف مخاطر العملات الرقمية
  • بيت العائلة المصرية بأسيوط يوجه رسالة دعم للرئيس لاستكمال مسيرة التنمية