العالم المعاصر وفقدان العقل (1-2)
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
عندما تتأمل الواقع المعاصر.. وهو واقع بكل المقاييس ردىء وسخيف ومقرف.. ونتساءل ونتعجب.. ترى أين العقل فى كل ما يحدث؟ مجاعات وحروب وأمراض وتهديدات هنا وهناك.. ولماذا كل ذلك؟ الإجابة ببساطة أن العالم فقد عقله ويسير فى طريق الخسران. فالعالم يفقد ويخسر نفسه.. إنه فن التحطيم والقتل والدماء والدمار.. لقد خسر الإنسان نفسه.
فى رواية للعبقرى دوستويفسكى (فى قبوي) يقول:.. نستطيع أن نقول عن تاريخ العالم كل شىء، نستطيع أن نقول عنه كل ما يعن على البال ويدور فى الخيال. ولكن يستحيل علينا أن نقول عنه إنه مطابق للعقل: إن لساننا سيتلعثم منذ ننطق بأول حرف من هذا الكلام. وما الذى نلقاه فى كل يوم أيضاً؟ إننا نلقى كل يوم أناساً يظهرون لنا عقلاء حكماء، أناساً يحبون الإنسانية ويهدفون إلى أن يعيشوا حياة تستوحى العقل وتستلهم مبادئ الشرف بغية أن يؤثروا فى أقرانهم بالقدوة الحسنة، وأن يبرهنوا لهم على أن فى وسع الإنسان أن يلتزم فى حياته جانب الحكمة. ولكن ماذا يحدث عندئذ؟ إنكم تعرفون أن عدداً من محبى الحكمة هؤلاء ينتهى بهم الأمر عاجلاً أو آجلاً إلى أن يخونوا أفكارهم وأن يتورطوا فى قصص فاضحة!.
ينظر دوستويفسكى إلى الإنسان من الجانب الخفى أو المتوارى أو السلبى. فعلينا ألا ننظر أو ينحصر فكرنا فيما هو إيجابى.. بل هناك الجانب السلبى الذى يحلو للإنسان دوماً أن يبديه أو يظهره بشكل جلى بلا مواربة، فالإنسان راغب فى فعل ما هو أحمق وما هو حقير.. لماذا؟ تلك طبيعته.. هو يريد أن يقول إننى لى أكثر من وجه وليس وجهاً واحداً يود الجميع حصره فيه.. ومهما بذلنا أن نجعل الإنسان يعيش فى حالة من السعادة والفخامة إلا أننا نفاجأ بأنه يفعل ما هو شائن وحقير وبغيض كيف ذلك؟ إنه الإنسان!.
الإنسان المعاصر يحلو له أن يفقد ذاته! أن يعيش فى حالة من التعاسة.. إنه الاغتراب والتشيؤ.. يقول هيدجر: اللاماوى أصبح مصير العالم.. أصبح الإنسان بلا جذور، المتجول هو التجسيد الخاص للغريب الذى لم يفقد مأواه فحسب، بل فقد أيضاً وضعه فى الزمان على السواء وهو فى سعيه لكى يستعيد الأرض تخبط: باع روحه من أجل المال تارة، وباع نفسه الحقيقية من أجل أن يشترى نفساً زائفة تارة أخرى، وباع روحه من أجل الملذات الأرضية تارة ثالثة، وباع روحه للشيطان تارة رابعة، وباع نفسه لآلهة غير الله. صار مغترباً وهذا الوجود المغترب صار يتسيده ومن ثم طفق يعبده.. إنه فى هذا البيع قد تنازل عن ملكية ذاته. لقد اغترب.. إنه دخل بنفسه مصيدة اغترابه. وسوف نكمل الحديث عن ذلك الفقدان فى المقال القادم.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أكاديمية الفنون الواقع المعاصر
إقرأ أيضاً:
بنفيكا مع برشلونة.. ماذا يقول التاريخ عن «المواجهة الكلاسيكية» في «أبطال أوروبا»؟
معتز الشامي (أبوظبي)
يواصل برشلونة مشوار المجد الأوروبي، عندما يواجه بنفيكا اليوم الأربعاء في مباراة الذهاب بدور الـ16 من دوري أبطال أوروبا على ملعب «دا لوز» في لشبونة، ويسعى برشلونة للاستفادة من زخم مرحلة الدوري المثيرة، حيث يهدف إلى اتخاذ خطوة حاسمة نحو عودته التي طال انتظارها إلى قمة كرة القدم الأوروبية.
وحقق فريق هانسي فليك نتائج رائعة في مرحلة الدوري، بعد تعافيه من خسارته في المباراة الافتتاحية أمام موناكو، ليحصد 19 نقطة من أصل 21 نقطة متاحة، وكانت قوة الفريق الهجومية لا مثيل لها، حيث 28 هدفاً في 8 مباريات.
و نجح برشلونة في تسجيل هدفين على الأقل في كل من مبارياته السبع الأخيرة في مرحلة الدوري، ما عزز مكانته واحداً من أخطر الفرق في البطولة، ولم يتباطأ معدل الأهداف في المباريات المحلية أيضاً، حيث تبع مباراة الذهاب المثيرة 4-4 ضد أتلتيكو مدريد في نصف نهائي كأس ملك إسبانيا فوز ساحق 4-0 على ريال سوسيداد، ما دفع برشلونة إلى العودة إلى قمة الدوري الإسباني، ويمثل هذا الفوز المباراة الخامسة عشرة على التوالي للفريق، دون هزيمة في جميع المسابقات، مع تسجيل العديد من الأهداف في 11 من آخر 12 مباراة في ملعبه المؤقت «لويس كومبانيس الأولمبي».
أثارت صحوة برشلونة أحلام العودة إلى مجد دوري أبطال أوروبا، بعد عقد من الزمن منذ انتصاره الأخير.
وضعت القرعة الفريق في الجانب الآخر من فرق الوزن الثقيل ليفربول وريال مدريد وأتلتيكو مدريد وباريس سان جيرمان، ما عزز التفاؤل بأن الطريق إلى النهائي في ميونيخ أصبح في متناول اليد، ومع ذلك، تنتظر الفريق اختبارات صعبة محتملة حال تجاوز بنفيكا ضد بايرن ميونيخ أو إنتر ميلان في طريق الفوز بالكأس الأوروبية.
تأهل العملاق البرتغالي إلى الأدوار الإقصائية بعد احتلاله المركز السادس عشر في مرحلة الدوري، ما أهّله لمواجهة مع موناكو في الملحق، حيث تأهل بصعوبة إلى دور الستة عشر، ومنذ ذلك الحين، بدأ بنفيكا في استعادة عافيته، حيث حقق 7 انتصارات وتعادل واحد في آخر 8 مباريات خاضها في المسابقات كافة.
ويتشارك حالياً في قمة الدوري البرتغالي مع سبورتنج لشبونة، وحجز مكاناً في نصف نهائي كأس البرتغال، ولم يكن مشوار بنفيكا في دوري أبطال أوروبا سهلاً، حيث لعب 10 مباريات «5 انتصارات، 2 تعادل، 3 خسائر)، وسجل 20 هدفاً واستقبل 15، إضافة إلى خسارة درامية 5-4 أمام برشلونة في يناير، وهي المرة الوحيدة في 40 مباراة أوروبية على أرضه التي فشل فيها في الفوز بعد تسجيل 4 أهداف على الأقل.
يملك برشلونة سجلاً تاريخياً جيداً أمام بنفيكا في دوري أبطال أوروبا، إذ فاز في 4 من أصل 10 مباريات بين الفريقين، مقابل انتصارين لبنفيكا، وخاض بنفيكا 10 مباريات ضد برشلونة في دوري أبطال أوروبا، وهو ثاني أعلى عدد من المباريات التي خاضها ضد منافس واحد في تاريخ المسابقة، بعد فوزه باثنتين من مبارياته الثلاث الأولى على أرضه ضد منافسين من إسبانيا في المسابقات الأوروبية الكبرى، فاز بنفيكا باثنتين فقط من آخر 12 مباراة.
وخسر برشلونة مباراة واحدة فقط من آخر 10 مباريات خارج أرضه أمام منافسين من البرتغال في المسابقات الأوروبية، وكانت هزيمته الوحيدة من هذا النوع أمام بنفيكا في عام 2021.