الموقع بوست:
2025-02-23@21:27:11 GMT

الطرمبا... الحلوى الأشهر في تعز رغم الأزمات

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

الطرمبا... الحلوى الأشهر في تعز رغم الأزمات

تعتبر الأكلات الشعبية تعبيراً عن طبيعة البيئة والثقافة في أي مجتمع وانعكاساً لهما، وهي تتأثر بالمراحل التاريخية التي يمر بها هذا المجتمع وبالتغييرات المختلفة التي حصلت فيه.

 

لا تذكر المدن العتيقة إلا تذكر معها ثقافاتها وعاداتها وتقاليدها والفلكلور الشعبي الخاص بها، كما لا يمكن تجاهل أطباقها وأكلاتها المتميزة أيضاً، خاصة تلك التي تبقى صناعتها حكراً على أهل هذه المدينة دون سواها، فالطعام الشعبي يعبر عن ثقافة وهوية المجتمع وتأثره بثقافات مجتمعات أخرى وتأثيره فيها، كما يعبر عن تداخل وتمازج الثقافات بعضها ببعض.

 

ولا تذكر مدينة تعز اليمنية إلا يذكر اسم حلواها المعروفة شعبياً باسم "الطرمبا"، فلا يمكن لمن يزور تعز أن يغادرها من دون أن يتناول الطرمبا، وإلا فإن زيارته تظل ناقصة. وتعد هذه الحلوى من أبرز الأطباق على مائدة التعزيين في الأعياد والمناسبات الاجتماعية والوطنية وفي شهر رمضان، وعادة ما تعج شوارع المدينة وأسواقها ببائعي الطرمبا، والتي يزيد الإقبال عليها بشكل ملحوظ في أوقات المناسبات والأعياد.

 

ويذكر مؤرخون أن أصل "الطرمبا" كحلوى شعبية يرجع إلى عصر الحكم العثماني لليمن، والذي ينقسم إلى فترتين، الأولى هي فترة "إيالة اليمن" من عام 1539 حتى عام 1634، والفترة الثانية هي ولاية اليمن من عام 1849 حتى عام 1918، وحين رحل العثمانيون خلفوا وراءهم هذه الحلوى الشعبية ذات الطعم المميز مع أطباق أخرى، مثل الشوربة والسلتة، إضافة إلى مفردات لغوية وعادات وتقاليد وبعض الأسر التي تركوها خلفهم، خصوصا في مدينة تعز.

 

وبقيت صناعة الطرمبا حكراً على المناطق التي سكنها العثمانيون وخلفوا فيها عدداً من الأسر، وتحديداً في المدينة القديمة بوسط تعز، التي يشتهر فيها محل أبو رضوان، ومنطقة الجحملية التي يشتهر فيها محل الهلالي، ويعد الأخير أشهر صانع للطرمبا في تعز وفي اليمن ككل.

 

حرفة متوارثة

 

وقد حاول العديد من الأشخاص في عدد من المدن احتراف صناعة الطرمبا، غير أن إنتاجهم ظل عاجزاً عن نيل رضا الزبائن نتيجة عدم إتقان صناعتها بالشكل المطلوب، إذ تحتاج إلى أيد ماهرة لها باع طويل في ممارسة هذه الصنعة المتوارثة عن الأجداد، كما تحتاج إلى قدرات وخبرات من نوع خاص، خاصة في قياس المقادير والقدرة على عجنها من أجل الحصول على القوام المطلوب، إضافة إلى خبرة قليها في الزيت وصولاً إلى لونها البني المميز المائل للسواد.

 

يقول أبو محمد، وهو أحد صانعي الطرمبا، لـ"العربي الجديد"، إنها "تصنع من الدقيق والسكر والزيت، حيث نقوم بعجن الخليط وعصده على النار في المرحلة الأولى، ثم نقوم بتبريد العجين الذي قمنا بتجهيزه، ونقوم بعد ذلك بعجن الخليط مجددا مع إضافة كميات كبيرة من البيض بالتدريج حتى نحصل على خليط جديد، نقوم بعد ذلك بوضعه داخل الماكينة اليدوية الخاصة، والتي نقوم عبرها بتشكيل الطرمبا بالشكل المتعارف عليه، ومن ثم يتم وضعها في نوعين من الزيت، الأول بارد لنفخ الطرمبا، والثاني ساخن لقليها".

 

يضيف أبو محمد: "بعد الانتهاء من القلي وتغير لون الطرمبا، نقوم بإخراجها من الزيت الساخن لتكون جاهزة للتقديم لمن يحب أن يأكلها بدون تحلية، وقبل تقديمها نكون قد جهزنا (شيرة) التحلية التي تصنع من الماء والسكر والقرفة، والتي نمزجها ونقوم بغليها حتى يتغير لونها، ونستخدمها في (تشريب) الطرمبا، حيث تمنحها الطعم الحلو، وبعد ذلك تكون جاهزة للتقديم".

 

وتؤكل الطرمبا التعزيّة كتحلية بعد وجبة الغداء، ويتم تناولها بشكل شبه يومي من قبل أبناء تعز، كما يكثر تناولها في شهر رمضان وفي الأعياد، كما تؤكل في المناسبات الاجتماعية والعزومات.

 

السلتة والطرمبا

 

ويرتبط أكل الطرمبا بالمأكولات الشعبية مثل السلتة، وهي وجبة ذات أصل تركي أيضاً، إذ لا يوجد مطعم سلتة في تعز تقريباً إلا يوجد أمامه من يبيع الطرمبا للزبائن. يقول أحمد الدعكمي، لـ"العربي الجديد": "أحرص على شراء الطرمبا بشكل يومي، ولا يكتمل يومي إلا بأكل أربع قطع على الأقل منها، لأنه لا يوجد حلوى تمتلك لذتها، وأنا حريص على شراء الطرمبا طوال العام، لكن في رمضان والعيد يصبح الإقبال على شرائها أكبر، وأحلى طرمبا هي الموجودة في منطقة الجحملية وفي المدينة القديمة، لأن صانعي الطرمبا في هاتين المنطقتين لهم باع طويل في هذه الحرفة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم".

 

يضيف الدعكمي: "على الرغم من ارتفاع أسعار الطرمبا، إلا أنه ما زال هناك إقبال كبير عليها، لأنها تعد وجبة التحلية الأولى في تعز بلا منافس بسبب تميزها عن بقية الحلويات، وعادة ما يتم إهداؤها لمن يعيشون خارج تعز تعبيراً عن المحبة والتقدير، وحين تسأل أحداً من خارج تعز ماذا تريد كهدية؟ فإنه يرد قائلاً لا أريد سوى الطرمبا".

 

وتعد الطرمبا من أفضل الهدايا التي يتهادى بها أبناء تعز، كما يتم إرسالها إلى مدن البلاد الأخرى، وإلى المغتربين في الخارج، ووصلت قبل الحرب مع توفر رحلات الطيران إلى المغتربين في الخليج العربي وأوروبا والولايات المتحدة. وكان يتم إرسالها إلى خارج البلاد غير مكتملة القلي وغير محلاة بالشيرة، ليقوم الشخص الذي أهديت إليه بقليها وتحليتها قبل تناولها.

 

وفي الوقت الحالي، يواجه صانعو الطرمبا الكثير من التحديات التي أثرت على عملهم، وفي مقدمتها الارتفاع الكبير في أسعار الدقيق والسكر والزيت والبيض، وهو ما تسبب أيضاً بارتفاع أسعار الطرمبا، التي وصل سعر القطعة منها إلى 200 ريال يمني (الدولار يساوي 1620 ريالاً)، ما يؤثر سلباً على حجم الإقبال على شرائها من قبل اليمنيين مقارنة بالأوضاع في السنوات الماضية.

 

كما أن صناعة حلوى الطرمبا باتت تتنافس مع أصناف أخرى من الحلويات التي تتم صناعتها في معامل الحلويات المحلية، مثل الشعيرية والكنافة والبقلاوة وغيرها، غير أن الطرمبا تظل الحلوى الأولى في تعز رغم كل ذلك.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فی تعز

إقرأ أيضاً:

البرهان يدعو إلى احتواء الأزمات بالبحث… والصفوة في شغل عنه (1-2)

(لا يفوت على قارئ وثيقة "المشروع الوطني" التي احتفى بها البرهان تشوشها لنقلها من نص قديم نفض أهلها عنها الغبار لتعالج وضعاً ليس مستجداً فحسب بل منذراً بذهاب ريح البلد)
ملخص
لم تترك الصفوة السودانية جنباً من خطاب الفريق الركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، في الـ17 من فبراير (شباط) الجاري، "يرقد عليه" كما نقول عمن تكاثر عليه الطعان. لكنهم أضربوا عن الفقرة التي تخصهم من دون غيرهم إضراباً.
كان البرهان طلب في معرض حديثه أن يخصب الناس بالنقاش بصور ذكرها وثيقة عن خريطة طريق للسودان خلال الحرب وما بعدها. وزاد بطلبه أن نحسن للسياسة بـ"مراكز بحوث ومراكز دراسات أيضاً"، مشيراً إلى أننا ضعيفون في مجال البحوث والدراسات. فعلمنا، في قوله، "من رأسنا لا من كراسنا" ونتكففه من غيرنا. فالمطلوب عمل مراكز دراسات. وكنا بدأنا بعملها وفشلنا وتكررت المحاولة وتكرر الفشل. فالسودان غني بتراثه وتاريخه وتجاربه وخبراته. وأضاف عن الحاجة إلى أبحاث اقتصادية واجتماعية بناءة نمزج فيها ما بين واقعنا وواقع غيرنا.
استدبرت الصفوة هذه الدعوة إلى البحث التي هي من صميم وصفها الوظيفي. فقام الأداء في الدولة على "ممارسة السياسة" لا "إنتاج السياسة" في قول الإعلامي فوزي بشري. وتمثلت ممارسة السياسة في عادة المبادرات التي تتبرع بها جماعة من الصفوة للدولة في بحث الجماعة نفسها عن مكان في دولاب حكومتها. في حين أن إنتاج السياسة، في تعريف فوزي، نشاط متصل بعالم الأفكار والرؤى والتصورات المتجاوزة لركام الأفكار التي صنعت سودان ما قبل الحرب. وكان المثقف غادر معمله في إنتاج الأفكار منذ عقود حين تعاقد طوعاً مع البندقية المعارضة أو الحاكمة في هجرات بدأت للحركة الشعبية لتحرير السودان (1983). ولا تزال الهجرة قائمة كما تراها في مؤتمر الحكومة تحت التكوين في مناطق سيطرة قوات "الدعم السريع". وهي هجرة تخلص المثقف بها من وكد إنتاج المعرفة إلى الخدمة المعرفية لمسلح.
فلا يملك قارئ وثيقة "المشروع الوطني" التي نوه بها البرهان في كلمته إلا التساؤل إن لم تكُن هي من عهد ما قبل الحرب نفض أهلها عنها الغبار. فلا ذكر فيها للحرب الناشبة ليومنا التي ننتظر منها رسم خريطة الطريق لنا بعدها إلا في صفحة 3 (وقف الحرب) ثم صفحة 4 (البدء بالإعمار) وصفحة 7 (ملاحقة من أشعلوا الحرب) وصفحة 8 (إعادة الإعمار) على الأفراد بينما جاء ذكر الحروب المناطقية التي سبقت في مقدمة الوثيقة.
قالت الوثيقة في مقدمتها إن غياب المشروع الوطني ساق إلى "سلسلة من الحروب الأهلية في أطراف البلاد". فلم يتفق للوثيقة، وهي تذكر الحروب التي سبقت من دون ذكر حربنا القائمة، أن هذه الحرب جبت ما قبلها لا بإلغائها، بل لأنها هي جماعها. فيعشعش في الوثيقة لا يزال هاجس قضايا كانت مقدمة في صراعات ما بعد الثورة وقبل الحرب. فتجد فيها ذاكرة حروب دارفور متقدة حية في مثل قولها "تعزيز فرص السلم الاجتماعي في دارفور والمناطق المتأثرة بالنزاعات والحرب" و"توطيد أركان العدالة والسلام والمصالحة لفترة ما بعد النزاعات المسلحة" ورد "الاعتبار الأدبي والمعنوي للضحايا من قبل الدولة" وتنفيذ اتفاق جوبا ومعالجة قضية شرق السودان عبر المنبر التفاوضي الذي قرر قيامه اتفاق جوبا. وتلك معالم خريطة طريق عفا عليها الدهر وصرنا في حال آخر. ومع ذلك لم تمسح الحرب في يومنا هذه المسائل من الخريطة، ولكن بوبتها في أزمة وطنية أعرض لا تنتقص منها مقدار خردلة إن لم تزِدها سطوعاً وإلحاحاً.
لا يفوت على قارئ الوثيقة تشوشها لنقلها من نص قديم نفضت عنه الغبار لتعالج وضعاً ليس مستجداً فحسب، بل منذراً بذهاب ريح البلد. فقالت بفترة انتقالية قسمتها إلى فترتين، الفترة التأسيسية الانتقالية والفترة الانتقالية. فتقوم الفترة التأسيسية فينا لعام بعد الحرب ثم تعقبها الانتقالية لمدة من الزمن تتقرر في "الحوار السوداني-السوداني" الذي سيعقد في الفترة التأسيسية.
وهنا يبدأ التشوش لأن الوثيقة ألقت على عاتق الفترة العاقبة للتأسيسية، أي الانتقالية، مهمة عقد المؤتمر الدستوري وصياغة الدستور الدائم للبلاد، ولكنك لو عدت لمهمات الحوار السوداني-السوداني في الفترة التأسيسية الانتقالية لوجدتها هي نفسها ما ينتظر المؤتمر الدستوري تداوله متى انعقد. فمهام مؤتمر الحوار السوداني-السوداني مناقشة طبيعة الدولة وشكل ونظام الحكم والهوية وقضايا الحكم والإدارة وقوام الدولة في الاقتصاد والاستثمار ومبادئ تقاسم الثروة والسياسة الخارجية وكرامة وحقوق الإنسان وغيرها. فماذا ترك الحوار السوداني-السوداني في الفترة التأسيسية من مسائل ليتداول فيها المؤتمر الدستوري المكلف بصياغة دستور البلاد في الفترة الانتقالية؟
من جهة أخرى لم تترك الوثيقة لا شاردة ولا واردة من المبادئ السياسية العامة الغراء لم تذكره. فجاء فيها مثلاً وجوب قيام نظام ديمقراطي يعبر عن إرادة الشعب ويضمن المشاركة السياسية العادلة لجميع المكونات، وهذا التعبير والمشاركة ما وفقت فيه كل الانتخابات البرلمانية منذ عام 1954 إلا اضطراراً في بعض حالات جنوب السودان لظرف اضطراب حبل الأمن فيه خلال انتخابات عام 1965 وعام 1986.
وبالطبع لن تجد من يختلف مع هذه المبادئ إلا أن ما استحق الوقوف عنده حقاً فهو لماذا كان دوام هذا النظام البرلماني فينا محالاً. وهو الإشكال الذي لم يغِب عن الوثيقة نفسها بإشارتها إلى "الدورة الشريرة التي تمثلت في قيام حكومات ائتلافية تعجز عن حسم القضايا الخلافية" فتؤدي إلى انقلابات عسكرية تنتهي بثورة أو انتفاضة شعبية. وصارت هذه "الدورة الشريرة" فينا كدورات الطبيعة لا من ديناميكيات السياسة فنقول بها كأنها مما يستعصي على التشخيص والعلاج معاً. فتقرير مبدأ إحلال الديمقراطية فينا من دارج ممارسة السياسة أما إنتاجها ففي تحليل هذه "الدورة الشريرة".
وسنعرض في الجزء الثاني من المقال لبيان المؤتمر الوطني الذي صدر في أعقاب كلمة البرهان في 17 فبراير الماضي ولمشروع الحكومة الأخرى في مناطق سيطرة الدعم السريع كحالتين دالتين على عقم الصفوة المدنية عن انتاج السياسة كما عرفناها هنا.

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • محافظ الجيزة: "صقر 135" نموذجٌ لقدرة الدولة على مواجهة الأزمات
  • عمرو بدر: دعم الدولة للقطاع العقاري وراء صمود السوق المصرية أمام الأزمات
  • البرهان يدعو إلى احتواء الأزمات بالبحث… والصفوة في شغل عنه (1-2)
  • “حلل يا دويري”.. حاضرة على أسلحة المقاومين أثناء مراسم التسليم / صور
  • ترامب: 70% من الأمريكيين يعتقدون أن ما نقوم به هو الصواب
  • محمد سامي.. "مخرج الأزمات" مع نجمات الدراما المصرية
  • السودان: الأمل الضائع في مواجهة الأزمات المستمرة والحروب المتجددة
  • أفشة يسترجع هدفه الأشهر القاضية قبل ساعات من لقاء القمة.. شاهد
  • نادي أبي الأشهر يتوج بلقب بطولة ليبيا للغولف بملعب نسيم البحر بتاجوراء
  • طريقة عمل المقشوش السعودي