بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
بعمر الثلاثين غادرتني أمه . ولم أكن أستطيع رؤية المستقبل ولم أتخيل أن يكبر الصغير الذي تركته لي ويتعلم نسج العبارات الموجعة على الفيسبوك .
حين رحلت عام 1998 تركت خلفها آلاف الأوجاع ، والطفلة الباكية وإسمها أنس ومصطفى الصغير ، فيما بعد وبعد عشرين عاما كتب مصطفى على صفحة الفيس بوك رسالة إلى والدته التي زار قبرها للمرة الأخيرة جاء فيها ( أمي العزيزة إخلعي روحي إليك كما كنت تخلعين ثيابي المتسخة ) .
عرفت إنها نبوءة وكان يحن إلى قبرها ويذهب إلى زيارتها ويذرف الدموع عندها ويعود مستسلما للوجع وبرغم الإنشغال والبحث عن سبل العيش لم يكن ذلك يشغله عن التفكير بها مطلقاً فكان يناديها من بعيد ويبحث عن رائحتها في كل شيء ويتمنى أن يصل إليها بكل وسيلة ليتخلص من عالمه الموحش والمقفر والكئيب الذي لا مؤنس فيه .
وماذا عني أنا الذي تتناوب الهموم على ضربي وجلد ظهري كل يوم فحين ماتت كان مصطفى صغيراً وحين كبر لم يتسن لي أن أنسى أنه معي يتعذب وأن مواجعه هي الأخرى تكبر وتنتقل معه من مكان إلى آخر موحشة قاسية لا سبيل لوقف جموحها ووحشيتها وإنفلاتها وقدرتها على المناورة والقفز على الحواجز والخوض في كل غمار دون تردد ودون قدرة على منعها من التحرك كيف شاءت .
مات مصطفى وهو في ذات العمر ورحل عن عالمي الفجيع ليجاور أمه في عالم الأرواح ويكون قبره إلى جوار قبرها كما تمنى بينما عدت وحيدا من المقبرة كما عدت حين دفنتها قبل أكثر من عشرين عاماً لا رغبة لي في شيء سوى أن أتخلص من أعبائي وهمومي والكم الهائل من الحزن الذي يرافقني أين توجهت موقناً أن نهايتي أقتربت وأن روحي تستعدد للحاق بهما فلم يعد هذا العالم يتسع لأحزاني وصار الرحيل هو الحل الشافي .
Fialhmdany19572021@gmail.com فراس الغضبان الحمداني
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
البدوي الذي يشتم رائحة الثلج ..!
روى الزميل ماهر ابوطير قصة البدوي والثلج الطريفة عبر صفحته الفيسبوكية وجاء فيها:
ذات مرة قبل سنوات طويلة كنت في مهمة صحفية في البادية الشمالية مع ثلة من الصحفيين ووصلنا الى منطقة ام القطين المجاورة تماما للصحراء السورية.. كان الطقس عاديا والشمس ساطعة والسماء صافية ولا غيم في الافق.
يومها اقترب مني رجل ثمانيني حفرت الدنيا على وجهه قصتها صبرا وكرما ونبلا.. تحادثنا معا عن هموم العيش في تلك المنطقة النائية.
قبل مغادرتنا نظر الرجل الى السماء مرتين وكأنه يتحدث معها.. ثم قال لي بكل ثقة بلهجة بدوية جميلة.. “يا ابني جاية ثلجة قوية ع البلد”.
سألته متأدبا ومشككا في الوقت ذاته ..اين هو الثلج وكيف عرفت وانت هنا في الصحراء…؟
رد علي وقال.. نحن اهل الصحراء نشم الهواء ونعرف الغيم القادم خلفه ونحس برطوبته قبل ان يصبح مطرا وثلجا.. فتذكر!
مر يومان واكتسى كل الاردن بالثلج!..
وكالة عمون الإخبارية
إنضم لقناة النيلين على واتساب