حميد بن عبدالله بن حميد بن سرور الجامعي العماني السمائلي، ولد في سمائل عام 1942م ونشأ فيها يتيما فقيرا في كفالة جده لأمه، حيث إن والده توفي وعمره دون الخامسة، تعلم العلم في وطنه سمائل، لقد كان لأمه المثل الأعلى بين مجموع البشر الذين نشأ فيهم، وكم قد عزى الفضل في غير مكان إلى تلكم الأم المربية، والتي نذرت نفسها وحياتها لتربية ابنها الوحيد وتعليمه:
ما دفعتني بالعصا للمدرسة *** أمي وكانت برة وكيسة
كانت تقص لي حديث الفضلا *** والأوفياء والأتقياء النبلا
وكم روت لي سيرة الآباء *** كالشمس إذ تشرق في السماء
كان في بداياته من الطبقة الكادحة فتجده عند منجله ومحراثه والكتاب بين يديه وفي ذلك يقول:
عشت يتيما أكتوي *** للفقر والمسكنةِ
تلفى الصراع دائما*** لِمعولي وورقتي
ونخلة أحرثها *** مستأجرا للقمة
وتارة من سعفها***أصنع للمروحة
كي لا يراني رجلٌ ***أسأل شق تمرة
يهمي جبيني عرقا***على يراع كتبتي
أخذ أصول العربية وأصول الدين من أساتذة بلده، ولا سيما من أبي عبيد السليمي، فأخذ بمجامع العلم، فهو نحوي بلاغي فقيه، وهو إلى جانب ذلك شاعر رقيق، اكتسب ثقافته من الكتب التي كان يقرأها عند حراثته للأرض ومساجلاته مع أقرانه ومراسلاته الأدبية والفقهية لأدباء وعلماء عصره.
عاش أبو سرور في فترة خطرة شكلت تحولا تاريخيا وحضاريا في عمان، وصولا إلى مرحلة الوحدة، ثم مرحلة النهضة القابوسية، فوقف شاهدا -وأحيانا مشاركا- على جوانب التغيير الواضع بين عهود مختلفة، وعايش ثورات متعددة الاتجاهات، متشعبة الأيديولوجيات داخل الوطن وخارجه، ويمثل نتاجه الشعري تراثا، يعبر عن قيم معنوية، وأفكار تحررية وتطلعات وطنية وقومية، تعبر عن مسعى الشاعر، ودعوته إلى إقامة كيان عربي قومي متماسك، يقوم على مبدأ التعاون والشورى بين الجمهور والقيادات.
يقول الدكتور محمود السليمي في رسالته (شعر حميد بن عبدالله الجامعي) -ونحن نستل معظم هذه المقالة منها-«ليست مصادر التجربة الشعورية العامة وحدها التي تركت أثرها فيه، بل إن تجربته الحياتية الذاتية، بكر عافيها من صعوبة الحياة، وعنت الدهر معه، وقسوة الأيام عليه، كل ذلك انطبع على شعره، بحيث يستطيع الباحث أن يقرر أن شعره كان تعبيرا صادقا عن وطنه وعن حياته.
وعلى الرغم من مصادر تجربته المتعددة لكنه لا يصدر عن اتجاه أدبي، أو مدرسة بعينها، فالشعر عنده فطرة حاول صقلها بثقافة محدودة، تقتصر على الجانب التراثي والتمسك به، ونأت -إلى حد بعيد- عن متابعة فروع الثقافة، ومنجزات القصيدة الحديثة على المستوى العربي والعالمي، مما حرم قصيدته من الانعتاق من أسر الدوران في جدران المصدرية التراثية، وبالتالي ضاعت على الأدب العماني فرصة استثمار إمكانية شعرية كان يمكن أن تكون علامة في تطور الحركة الشعرية الحديثة».
أما مهنة التعليم التي مارسها فكان لها أكبر الأثر عل لغته الشعرية، التي تميزت بالسهولة والوضوح والمباشرة في الخطاب، بداعي إيصال الفكرة إلى المتلقين في سهولة ويسر. تلك هي أبرز المؤثرات في شعره وأدبه، حياته وأحداث عصره وعمله معلما ثم قاضيا.
وتغنى الشاعر أبو سرور بأهله وقومه ووطنه وأجاد وصف عراقة عمان حتى لقب بـ «عاشق عمان»، يقول في قصيدة هذي عمان:
على قصبات السبق نحن لنا السبقُ *** درى الكل هذا يشهد العرب والشرقُ
نصرنا الهدى والدهر حرب وكائد *** بسيف يشق الطود ليس له رتق
فخرّ لنا من زاغ عن شرعة الهدى *** وليس كحد السيف إن عظم الفتق
وسدنا على الدنيا ولا من منازع ** لقد أخرست من نازعتنا الصبا الرزق
ويخص مدينته «سمائل» بكثير من قصائده ومنها روضة البيان التي يقول فيها:
يا طيف حي من الفيحاء أعاليها *** حي الرياض وحي لي فواعيها
حي المساجد حي القائمين بها *** رهبان ليل أسودا في دواهيها
الرافعين بنود المجد عالية *** والخافضين من الأعدا أعاليها
والفاتحين نوادي الجود مكرمة *** لا يبخلون بما أوتوا لعافيها
هذي سمائل والآثار شاهدة *** والحال أصدق من حب يفديها
أكرم برائدها الطائي مازنها *** زاكي الأرومة من أعلى يمانيها
والشاعر من المتفردين بين أبناء جيله في عمان في الاهتمام بالقضية القومية، إلى جانب القضية الوطنية. وقد احتلت «فلسطين» مساحة واسعة في إبداعه الشعري، وهو متفرد أيضا بين أولئك الشعراء في دعوته إلى اعتماد (الشورى) المستندة إلى التراث، المستمدة من واقع الأمة العربية وحاجاتها في آن معا. وكان في قصائده الوطنية، صريحا مباشرا ولم يتستر بقناعات وأغطية. كما أنه انشغل بالهمّ القومي فقال في العراق والجزائر وفلسطين وغيرها، يقول من قصيدة دمع الأقصى:
يا دار دمع العين فيك صبيبُ *** وأرى المآقي والدماء لهيب
قد قطعت أمعاؤها وتمزّقت *** وقسا الحبيب وأعدم المحبوب
وقضى عليها من يرى يقضي لها *** كيف الخلاص وقد نأى المطلوب
يا دارُ دارَ الكرب حتى ينمحي *** عنك اليهود ويرجع المسلوب لم تبق فيك مسرة غير الهوى *** لولا هواك لما هواك لبيب
كما عبر الشاعر عن تجاربه الوجدانية، ولم يأبه بمنصبه كونه قاضيا فقيها، فصرح بحبه، وكشف الستار عن دخائل نفسه ومكنوناتها. فنادى المحبوبة، وناجى الطبيعة، وفي هذا الاتجاه تنازعه اتجاهان: اتجاه رومانسي، من حيث المعالجة الموضوعية ومناجاة الطبيعة والهروب إليها، وإشارات إلى حالته النفسية البائسة. أما الاتجاه (الكلاسيكي) التراثي فكان وسيلة الشاعر الفنية، التي يعتمدها للتعبير عن هذه الموضوعات. فنجد أبياته تتمتع بالرقة الفائقة والعاطفة الجياشة يقول:
عتابك أحلى من الفستق *** وأندى ذكاء على مِفْرَقِ
وأبرد للقلب من سلسلٍ *** وأحرق للضلع من مُحْرقِ
ولولا عتابك ما لذ لي *** رقيق المعاني ولا منطقي
خلقت لروحي فيا فرحتي *** ولولا غرامك لم أخلقِ
محاسن غيرك لم تسبني *** وغير جمالك لم أعلقِ
أأنسى زمانا سعدنا به *** هياما نشاوى بظل نقي
ندير السرور بأكوابه *** ونسقي الغرام ولم نستقِ
وليل سريت ولم ألتفت *** إلى ما ألاقي ولم أتقِ
أتيت وقد نام عنا الرقيب *** وقام المشوقُ إلى الشيق
بقينا نشاوى ولا نرعوي *** لليل تولى وصبح بقي
نداوي بذلك أشواقنا *** وأهلا بليل كهذا نقي
ويقول في نص آخر:
لم لا أحن وأنت روح حياتي *** هذا الخليج درى مدى أناتي
قلبي المبعثر في حنايا موجه *** قم والتمسني تُلفِ فيه فُتاتي
كان للرؤية التقليدية للشعر، باعتبار وظيفته الاجتماعية سببا آخر في تعامله مع اللغة تعاملا وظيفيا مما أوقعه - أحيانا كثيرة - في اقتصار استخدامه للجانب المعجمي من المفردات، دون استثمار ما في الكلمات من طاقات إيحائية، فشاع شعر المناسبات لديه، فيقول في يوم المعلم:
ذا اليوم أكبر أن نقول العيدا *** يوم المعلم قد أتيت سعيدا
أقبلت في حلل السرور مهنئا *** أولاد وعيك خرَّدا وأسودا
ذكرتني زمنا قضيت معلما *** يا ليته يأتي إليّ معيدا
غير أننا نستثني شعر المراثي من ذلك، فهو يعج بالعاطفة الجياشة، كما في رثائه لأمه، قائلا:
رزءتُ وهل رزءت بغير كرب *** وكسر أضالعي وسقام قلبي
رزءت بهزّ عرشِ علّو قدري *** ولين معيشتي وفسيح رحبي
أصاب الدهر فيّ سمو فخري *** ومأوى رحمتي ورياض حبي
رزءت بفقد أمي خير أم *** عرفت على الحياة ولن أخبي
أأنسى فضلك الفياض أمي *** وهل أنسى عظيم نوال ربي
لقد ربيتني والكل يدري *** يتيما بين أهل غنى ونجب
فقيرا لا ريال له لثوب *** يُستّر جسمه أو صاع حب
ولا من تمرة منها فطوري *** ولا من خبزة جوعا تُلبي
طرق أبو سرور معظم أغراض الشعر العربي التقليدي، عدا المدح والهجاء، فإنه لم يتطرق إليهما. ولعل اعتداده بنفسه كان سببا في ابتعاده عن شعر المديح. يقول:
أتحسبني هشام أبيع شعري *** وربك هل تباع قنا المعالي
فبلّغ بائع الأشعار عني *** بأن مقامه تحت النعال
يمتاز شعر أبي سرور بالوضوح فهو لا ينحت الألفاظ من صخر وإنما يغرفها من بحر عاطفته وانفعالاته وغضبه، ويعد شاعرا مكثرا، وغزارة نتاجه الشعري أدت إلى تكرار معانيه وألفاظه، فظل يعيد الفكرة المرة تلو الأخرى، فيقع في شرك تكرار المعاني في غير موضع من موضوعات قصائده.
واتخذ الشاعر الأسلوب القصصي والحكائي، وسيلة من وسائل التعبير، لتحقيق مآربه الذاتية والوطنية والقومية والاجتماعية، واستفاد من الموروث الشعبي في استيحاء قصصه.
وظل ارتباط أبي سرور بالتراث أقوى من المعاصرة، حين مضى يتمثل الصيغ والتراكيب الجاهزة، فعمد إلى إدخالها في قصيدته، إلا أنه لم يخضع لسيطرتها القاموسية إذ استطاع أن ينقل تجربته -بصدق- من خلالها، فهي في حقيقتها تنتمي إلى التراث من جهة، وتنتمي إلى الشاعر نفسه من جهة أخرى.
أما الصور الشعرية فهي قليلة، وكان يلجأ إليها بعفوية، دون أن يكد ذهنه، أو يشغل خياله في تشكيلها. وكانت الحياة والمرأة والطبيعة هي الأساس الذي يستمد منه الشاعر صوره.
د. سالم البوسعيدي شاعر وكاتب ومؤلف له أكثر من 70 إصدارا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أبو سرور یقول فی ولا من
إقرأ أيضاً:
هات “الجِفت” يا خليل
هات “الجِفت” يا خليل
د. #حفظي_اشتية
العنوان لقاسم حداد شاعر البحرين الأشهر. أما #الجفت فهو #بندقية_صيد ذات فوّهتين. وأما خليل فهو خليل حاوي الشاعر اللبناني الذي انتحر عشية الاجتياح الإسرائيلي لبيروت سنة 1982م.
في هذه الظروف المريرة التي نعيش، نظن أنّ ” #خليل_حاوي ” يسكن في حنايا كثيرين منا، إذ تمثّل حياته ــ بصدق ــ عذاباتنا وخيبات آمالنا ونهاياتنا الفاجعة.
مقالات ذات صلةوالده من بلدة “الشويّر” الوادعة الواقعة في متن جبل لبنان، المطلّة على جبل “صنّين”. كان يعمل بَنّاءً، ويتنقل بأسرته بين لبنان والجولان وجبل العرب “الدروز” حيثما يُطلب للعمل.
ولد خليل في قرية “الهُوَيّة” في جبل العرب، وفي سن الثالثة عشرة أعاق المرضُ والده عن العمل، فاضطرــ لإعالة أسرته ــ أن يترك الدراسة، ويمارس مهنة والده في رصف الطرق وتبليط البيوت. لكنّ طموحه للتعليم لم ينقطع، فتقدّم لامتحان البكالوريا، ونجح بتفوق، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت ليحصل على الشهادة الجامعية الأولى، ثم أكمل الماجستير، وحصل على الدكتوراة من جامعة “كامبردج” في أطروحة عن جبران خليل جبران، وعاد ليعمل أستاذا جامعيا في دائرة اللغة العربية في الجامعة الأمريكية، وبدأت تصدر دواوينه الشعرية تباعا، وكانت تعبّر عن قضية حياته المركزية وهي الدعوة إلى الانبعاث العربي، وإيقاظ الأمة العربية لتجاوز نكباتها المتتالية منذ بدء الاستعمار الغربي والتغلغل الصهيوني، ونكبة فلسطين 1948م، وما تلاها من نكسات وهزائم تترى حفرت في نفسه الأبية العروبية الحساسة أخاديد الأسى، وثوّرت أعاصير الألم وتباريح الهمّ والجوى، فتساقطت نفسه المعذَّبة أنفسا عديدة، وذبلت صرخاته، وأنّت روحه من ثقل صمته: “طال صمتي… مَن تُرى يسمع صوتا صارخا في صمته؟! يسمع صوتي؟!…. لِأَمُتْ غير شهيد… مفصحا عن غصّة الإفصاح في قطع الوريد…”
ولعل كلامه هذا كان إخطارا خطيرا وإشهارا مريرا بنيّته المبيّتة قبل موته بسنوات.
ثم جاء الهول عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان سنة 1982م، وتقدمت جحافلها نحو بيروت رغم البطولات الخارقة الهائلة للمدافعين الشرفاء، لكنه ميزان القوى الظالم الذي ينحاز دوما للأعداء!!!
غاص الألم عميقا في قلب خليل، وشاهت الدنيا في وجهه، وغار الأمل بعيدا في الدرك الأسفل، وطغى اليأس وادلهمّ.
وفي ليلة 6/6/1982 ذكرى النكسة القديمة الجديدة، عمّ الاضطراب بيروت، ولعلع الرصاص في كل مكان، فأدركَ خليل يقينا أن الحلم الكبير قد ضاع، فصرخ دون أن يكون لصرخته أيّ صدى: “يا لثقل العار!! هل حملته وحدي؟!”
وأسرّ إلى صديقه قائلا: “لم يبقَ أمامي غير الانتحار، فلا معنى لوجودي”.
صعد إلى شقته، وخرج إلى الشرفة قبل منتصف الليل معلنا ولادة قصيدته الخالدة التي كتبها بدمه القاني. صوّب بندقيته صَوْب رأسه، وضغط الزناد، لمعت شعلة البارود في عتمة الليل البهيم، فطار مِحجر العين وجزء من الرأس، وتهاوى الجسم الجريح على البندقية و”درابزين” الشرفة، وبقي كذلك إلى أن أطلّ الصباح البائس، وذاع الخبر الفاجع.
ومنذ ذلك الحين، وعلى مدي أكثر من أربعين عاما، ما زال كثير من الأدباء يستعيدون مرارة الذكرى، يُبدئون ويعيدون في أسباب الانتحار، ويفترقون وفق ذلك في مسالك شتى بين أسباب اجتماعية أو عاطفية أو نفسية أو وطنية….. بعضهم يرى الانتحار مخالفة شرعية عظمى، وبعضهم يراه انهزاما لأن الشاعر رائد أمته وحامل مشعل هدايتها، وعليه الثبات مقاوما في طليعتها.
وآخرون يؤكدون أن الفقيد كان صادقا أمينا مع نفسه، جبليّا صعب المراس، عروبيا منتميا مخلصا لأمته، مواجها شجاعا جبّارا، لا جبانا متهالكا خوّارا، مرهف الإحساس أنوفا، يؤمن بأن الشاعر ضمير الأمة ووعيها المتوهّج، عاش عمره وفيّا لأمله، وصيّا على حلمه. وعندما سُقط في يده فجّر الباقي من هذا العمر في رصاصة لعل ضياها يهدي الحائرين، ولعل صوتها يوقظ الغافلين ليدركوا الأهوال الحتمية القادمة.
وقد أثمر ذلك حركة أدبية نقدية عظيمة ما زالت تتجدّد وتتمدّد…. وكلما استجدّت مناسبة لانكسار عربي، حامت روح خليل في الأفق، وسطعت جذوة رصاصته وردّد المدى صداها، فبعد عقود كتب “قاسم حداد” :
“هات الجفت يا خليل” (إلى الشاعر خليل حاوي بمناسبة الذل العام) فخاطبه بكلمات تقطر أسى وحسرة على واقعنا العربي. منها قوله : “رأيتَ الصرح الشامخة الذي بنيتَه بالمخيّلة لنهضة العرب على شفير الهاوية، وسمعتَ هدير جنازير الدبابات الإسرائيلية قريبا من شارع بَالاس، دون أن تكون لدى العرب قدرة المجابهة والدفاع…. لذلك كله تناولتَ الجفت، وخرجتَ إلى شرفة البيت، وضعتَ الفوّهة في الرأس، وأطلقتَ مثل شخص يصطاد نفسه…. معك حق يا خليل، فمن يحلم بحضارة تنبعث في شرق جديد، ثم يرى حلمه يتعرّض للدمار والانهيار قبل أن يكتمل، فمن حقه علينا أن نصدّق معاناته، ونصقل له الطريق كي ينتحر، ونذهب نحن إلى النوم جريحي القلب، كسيري الروح، مشوَّشي الضمير، وعلى درجة عالية من تورّم الوهم بأنه ثمّة أمل في الأمل….”
ثم مرت سنوات عجاف وسنوات بعد حسرات قاسم حداد، توالت فيها أحداث عصفت ببقايا آمالنا، وزرعت في عالمنا أهوالا ومفاجآت.
تُرى ماذا كان سيفعل خليل حاوي لو شهد نكبة غزة الحرة المقاومة الصامدة العصية؟؟! أو مأساة لبنان الأرز الجميل وشعبه الصابر الوفي النبيل؟؟!
أم تُرى ماذا كان سيفعل لو أطلّ علينا من عُلاه ليرى الأعداء قد توسّدوا سنام جبل الشيخ، وتربّعوا على قمته، وأجالوا النظر إلى منتهاه في أقاصي مشرقنا العربي وأدناه، بينما دباباتهم تجوس القنيطرة وريف دمشق ودرعا…. وتسيطر على ثرواتها ومياهها وحورانها، وتخطب بعاطفة مصطنعة لزجة ماكرة ممقوتة وُدَّ الأحفاد الأحرار لسلطان باشا الأطرش الثائر الأكبر على الاستعمار الفرنسي!!!
صدق من قال :
رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلمّا صرتُ في غيره بكيتُ عليه
ألمْ يحن الأوان لهذه الأمة أن تستشعر الخطر المحدق، فتستنهض طاقاتها الوفيرة، وإمكاناتها العظيمة، وتدرك يقينا أن عدوها الحقيقي الآن واحد لا ثاني له ولا شريك، إنه النظام الرسمي الغربي وذراعه الصهيوني العدواني؟؟؟ وما سوى ذلك، فما هو إلا عداوات مفتعلة جرّاء خلافات حدودية مذهبية حزبية طائفية عبثية غبية.